الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أشد منهم قوة وأكثر جمعا، وقد أبادهم الله بالريح الصرصر العاتية، فهل من عاقل متعظ؟ هذا ما ذكرته الآيات الآتية:
[سورة الأحقاف (46) : الآيات 21 الى 28]
وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَاّ تَعْبُدُوا إِلَاّ اللَّهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) قالُوا أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (22) قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ (23) فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَاّ مَساكِنُهُمْ كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25)
وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (26) وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (27) فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْباناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذلِكَ إِفْكُهُمْ وَما كانُوا يَفْتَرُونَ (28)
«1» «2» «3» «4» «5» «6» «7» [الأحقاف: 46/ 21- 28] .
أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بذكر قصة هود عليه السلام مع قومه عاد، على جهة المثال لقريش وأشباهها. اذكر أيها النبي لقومك أخا عاد: وهو هود عليه السلام، وهذه الأخوة هي أخوة القرابة، لأن هودا عليه السلام كان من أشراف قبيلته عاد، وليست أخوة في الدين، وذلك حين أنذر، أي خوّف قومه في وادي الأحقاف بحضرموت، وأخبرهم أن الرسل قبله وبعده أنذروا مثل إنذاره، وهو ألا يعبدوا غير الله تعالى، ولا يشركوا به شيئا، فإني أخشى أن يحل بكم عذاب شديد عظيم الأهوال، والنذر: جمع نذير، اسم فاعل، أي منذر.
(1) واد باليمن كما ذكرت.
(2)
لتصرفنا عن عبادة الآلهة. [.....]
(3)
سحابا عرض في أفق السماء.
(4)
نزل بهم.
(5)
بيّناها لهم.
(6)
كذبهم.
(7)
أي وافتراؤهم بجعل (ما) مصدرية، أو يفترونه بجعل (ما) بمعنى الذي.
فأجابوه بقولهم: لقد أتيتنا لتصرفنا عن عبادة آلهتنا إلى عبادة الله، فأتنا بما تعدنا من العذاب العظيم، إن كنت صادقا في قولك ووعيدك.
فرد هود عليه السلام قائلا: إنما العلم بوقت نزول العذاب محصور بالله تعالى، لا عندي، وشأني مقصور على أن أبلغكم ما أرسلت به من ربكم من الإنذار والتحذير من العذاب، لا أن آتي به، فليس ذلك في مقدوري، ولكني أراكم قوما تجهلون المخاطر في المستقبل، إذا أصررتم على الكفر، ولم تهتدوا بما جئتكم به.
وجاءت أمارات العذاب، حيث رأوا سحابا متجها نحو أوديتهم، فقالوا: هذا سحاب ممطر، ففرحوا به واستبشروا، بعد أن امتنع عنهم المطر، فلم يكن مطر رحمة، وإنما مطر عذاب، وهذا هو العذاب الذي تعجلتم بطلبه، وهو ريح سموم فيها عذاب أليم، وهو المذكور في الآية السابقة حين قلتم: فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ وضمير (رأوه) عائد على غير مذكور، دل عليه قوله: عارِضاً وهو الشيء المرئي الطالع عليهم، فصار في حكم المعلوم.
وتلك الريح تخرب وتهلك كل شيء مرت به، من نفوس وأموال، بإذن الله في ذلك، فأصبح قوم عاد جثثا هامدة، وبادوا عن آخرهم، ولم تبق لهم بقية، وأصبحوا لا يرى إلا آثار مساكنهم، وهذا الحكم كحكم كل من كذب رسلنا وخالف أمرنا، ومثل هذا الجزاء نجازي كل قوم أجرموا، فلم يؤمنوا بالله، والمقصود: تخويف أهل مكة وأمثالهم.
وقوله: تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ ظاهره العموم، ومعناه الخصوص في كل ما أمرت بتدميره.
ولقد مكنا قوم عاد والأمم السالفة في الدنيا، من الأموال والأولاد، وقوة الأبدان، وطول العمر، بمقدار لم نجعل لكم يا أهل مكة مثله ولا نحوه، فقد كانوا