الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سورة الزخرف (43) : الآيات 57 الى 66]
وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَاّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58) إِنْ هُوَ إِلَاّ عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (59) وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (61)
وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (62) وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63) إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (64) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (65) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَاّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (66)
«1» «2» «3» «4» [الزخرف: 43/ 57- 66] .
المعنى: لقد انتهز مشركو مكة ولا سيما ابن الزّبعرى مسألة عيسى ابن مريم الذي عبد من دون الله تعالى، وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما أخبر عنه القرآن الكريم: إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ [الأنبياء: 21/ 98] وحاولوا أن يقولوا: كل معبود في النار، فأوضح القرآن العظيم أن المقصود الأصنام والأوثان، ولا تتناول الآية عيسى والعزير والملائكة، فهؤلاء كلهم عباد موحدون الله عز وجل. فتبدد ما قالت قريش، بعد أن ضجوا وضحكوا وجادلوا. وقال كفار قريش مجادلين بالباطل: آلهتنا ليست خيرا من عيسى، فإن كان كل معبود من غير الله في النار، فنحن نرضى أن تكون آلهتنا مع عيسى والعزير والملائكة، ولم يضربوا هذا المثل في عيسى إلا بقصد الجدل بالباطل، فإنهم قوم شديد والخصومة والجدل. وذلك أنه لما نزلت: إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ [الأنبياء: 21/ 98] جاء عبد الله بن الزّبعرى ونظراؤه، فقالوا: نحن نخصم محمدا، أآلهتنا خير أم عيسى؟
وعلموا أن الجواب أن يقال لهم: عيسى، أي ما مثّلوا لك هذا التمثيل إلا جدلا
(1) أي يضجون ويضحكون.
(2)
فلا تشكن فيها.
(3)
أي أصول الدين العامة.
(4)
أي تأتيهم فجأة.
منهم ومغالطة، ونسوا أن عيسى عليه السلام لم يعبد برضا منه ولا عن إرادة، وليس له في ذلك ذنب.
ثم أخبر الله تعالى: أن عيسى ما هو إلا عبد من عبيد الله، أكرمه الله، وأنعم عليه بالنبوة والرسالة، وجعله الله آية وعبرة لبني إسرائيل، فخلقه أسهل من خلق آدم، ومعجزاته كإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص بإذن الله.
ولو يشاء الله أهلك أولئك الكفرة المجادلين، وجعل بدلا منهم ملائكة في الأرض يعمرونها، يخلفونهم فيها.
وإن نزول عيسى في آخر الزمان وخروجه أمارة على وقوع القيامة، لكونه من علاماتها، لأن الله تعالى ينزله من السماء قبيل الساعة، كما أن خروج الدجال قبله من أمارات الساعة، فلا تشكّوا أيها البشر في وقوعها، ولا تكذبوا بها، فإنها كائنة لا محالة، واتبعوا هدى الله فيما أمر به من التوحيد وإبطال الشرك.
ولا يصرفنكم الشيطان عن اتباع الحق، بوساوسه التي يلقيها في نفوسكم أيها البشر، إن الشيطان لكم عدو ظاهر العداوة، من عهد أبيكم آدم عليه السلام.
ولما جاء عيسى بالمعجزات الدالة على صدقه، وبالشرائع الإلهية، قال لبني إسرائيل: قد جئتكم بالشرائع الصالحة التي ترغّب في فعل الخير والجميل، وتكف عن الفعل القبيح، وجئتكم بأصول الدين العامة، من توحيد الله والإيمان بكتبه ورسله واليوم الآخر، ولأوضح لكم بعض ما تختلفون فيه من أحكام التوراة، فاتقوا الله وخافوه بامتثال أوامره ونواهيه، وأطيعوني فيما آمركم به من توحيد الله وشرائعه وتكاليفه.
إن الله عز وجل هو ربي وربكم، وإلهي وإلهكم، فأخلصوا العبادة له، فإن تخصيص العبادة بالله هو الطريق القويم.