الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كُفّار مكة، {ونطبع على قلوبهم} بالكفر {فهم لا يسمعون} بالإيمان
(1)
. (ز)
{تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا}
28351 -
عن أبي مالك غزوان الغفاري -من طريق السدي- قوله: {أنباء} [آل عمران: 44]، يعني: أحاديث
(2)
. (ز)
28352 -
قال مقاتل بن سليمان: رجع إلى القرى الخالية التي عُذِّبت، فقال:{تلك القرى نقص عليك من أنبائها} يعني: حديثها
(3)
. (ز)
{وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ
(101)}
نزول الآية:
28353 -
قال مقاتل بن سليمان: {ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات} يعني: بيان العذاب؛ فإنّه نازل بهم في الدنيا، وذلك أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أخبر كُفّار مكة بأنّ العذاب نازل بهم، فكذَّبوه بالعذاب؛ فأنزل الله:{فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل}
(4)
. (ز)
28354 -
عن أُبَيِّ بن كعب -من طريق أبي العالية- في قوله: {فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل} ، قال: كان في عِلْم الله يوم أقرُّوا له بالميثاق مَن يُكذِّبُ به، ومَن يُصَدِّق
(5)
[2594]. (6/ 488)
[2594] نقل ابنُ جرير اختلاف السلف في تفسير قوله تعالى: {فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل} على ثلاثة أقوال: الأول: أنّ ذلك كان يوم أخذ ميثاقهم حين أخرجهم من ظهر أبيهم آدم. الثاني: أنّ معناه: ما كانوا ليؤمنوا عند مجيء الرسل بما سبق في علم الله أنّهم يُكَذِّبون به يوم أخرجهم من صلب آدم عليه السلام. الثالث: أنّ معنى الآية: ما كانوا لو أحييناهم بعد هلاكهم ومعاينتهم ما عاينوا من عذاب الله لِيؤمنوا بما كذبوا من قبل هلاكهم.
وقد رجّح ابنُ جرير (10/ 338) مستندًا إلى الدلالة العقلية القول الثاني الذي هو قول أبي بن كعب، والربيع، مُعَلِّلًا ذلك بقوله:«وذلك أنّ مَن سبق في علم الله تبارك وتعالى أنّه لا يؤمن به فلن يؤمن أبدًا، وقد كان سبق في علم الله تعالى لمن هلك من الأمم التي قصَّ نبأَهم في هذه السورة أنّه لا يؤمن أبدًا، فأخبر -جلَّ ثناؤه- عنهم أنّهم لم يكونوا ليؤمنوا بما هم به مكذبون في سابق علمه قبل مجيء الرسل وعند مجيئهم إليهم. ولو قيل: تأويله: فما كان هؤلاء الذين ورثوا الأرض -يا محمد- من مشركي قومك من بعد أهلها الذين كانوا بها من عاد وثمود ليؤمنوا بما كذب به الذين ورثوها عنهم من توحيد الله ووعده ووعيده. كان وجهًا ومذهبًا، غير أني لا أعلم قائلًا قاله مِمَّن يُعْتَمد على علمه بتأويل القرآن» .
وهذا القول الذي جوّز صوابَه ابنُ جرير غيرَ ألاّ قائل له من أهل التأويل الذين يُعتمدُ على قولِهم قال به مقاتل بن سليمان، كما سيأتي في آثار تفسير الآية.
وقد أشار ابنُ عطية (4/ 11) إلى قول أبي كعب، ثم علَّق عليه قائلًا:«فجعل سابق القدر عليهم بمثابة تكذيبهم بأنفسهم، لا سيما وقد خرج تكذيبهم إلى الوجود في وقت مجيء الرسل» .
_________
(1)
تفسير مقاتل بن سليمان 2/ 51.
(2)
أخرجه ابن أبي حاتم 5/ 1530.
(3)
تفسير مقاتل بن سليمان 2/ 51.
(4)
تفسير مقاتل بن سليمان 2/ 52.
(5)
أخرجه ابن جرير 10/ 337، وابن أبي حاتم 5/ 1530. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وأبي الشيخ.
28355 -
قال عبد الله بن عباس: يعني: فما كان هؤلاء الكفار الذين أهلكناهم ليؤمنوا عند إرسال الرسل بما كذبوا من قبل؛ يوم أخذ ميثاقهم حين أخرجهم من ظهر آدم، فأقرُّوا باللسان، وأضمروا التَّكذيب
(1)
. (ز)
28356 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في قوله: {فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل} ، قال: مثل قوله: {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه} [الأنعام: 28]
(2)
[2595]. (6/ 488)
[2595] علَّق ابنُ عطية (4/ 11 بتصرف) على قول مجاهد قائلًا: «وهذه صِفَةٌ بليغة في اللِّجاج والثبوت على الكفر، بل هي غاية في ذلك» .
وانتقد ابنُ جرير (10/ 339) قول مجاهد؛ لعدم استناده لدليل يقوم عليه، قال:«وأمّا الذي قاله مجاهد مِن أنّ معناه: لو رُدُّوا ما كانوا ليؤمنوا. فتأويلٌ لا دلالة عليه من ظاهر التنزيل، ولا من خبر عن الرسول صحيح» .
_________
(1)
تفسير الثعلبي 4/ 265، وتفسير البغوي 3/ 261.
(2)
تفسير مجاهد ص 340، وأخرجه ابن جرير 10/ 338، وابن أبي حاتم 5/ 1530. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر.
28357 -
عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- في قوله: {فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل} ، قال: ذلك يوم أخَذ منهم الميثاق فآمَنوا كَرْهًا
(1)
. (6/ 488)
28358 -
عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- في قوله: {ولقد جاءتهم رُسُلُهُم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين} ، قال: نَفَذ عِلْمُه فيهم أيُّهم المطيع مِن العاصي، حيثُ خلَقهم في زمان آدم. قال: وتصديقُ ذلك حين قال لنوح: {يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم} [هود: 48]. ففي ذلك قال: {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون} [الأنعام: 29]. وفي ذلك: {وما كُنّا معذبين حتىَّ نبعث رسولا} [الإسراء: 15]
(2)
. (6/ 488)
28359 -
قال مقاتل بن سليمان: {فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل} يقول: {فما كان} كفار مكة {ليؤمنوا} يعني: لِيُصَدِّقوا أنّ العذاب نازِل بهم في الدنيا {بما} كذَّبت به أوائلهم من الأمم الخالية {من قَبْل} كفار مكة حين أنذرتهم رسلهم العذاب. يقول الله: {كذلك يطبع الله} يعني: هكذا يختم الله بالكفر {على قلوب الكافرين}
(3)
[2596]. (ز)
[2596] علَّق ابنُ عطية (4/ 11) على ما أفاده قولُ مقاتل بن سليمان من أنّ معنى الآية: {فما كانوا} أي: الكفار المتأخرين في الزمان {ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل} : أي بما كذّب به أوائلهم وأسلافهم في الكفر قديمًا، فقال:«فكأنّ الضمير في قوله: {كانُوا} يختص بالآخرين، والضمير في قوله: {كَذَّبُوا} يختص بالقدماء منهم» .
هذا، وقد ذكر ابن عطية في تفسير الآية الكريمة احتمالًا آخر لم نقف عليه في الآثار، وهو قوله:«ويحتمل أن يريد: أنّ الرسول جاء لكل فريق منهم، فكذبوه لأول أمره، ثم استبانت حُجَّته، وظهرت الآياتُ الدالَّة على صدقه، مع استمرار دعوته، فلَجُّوا هم في كفرهم، ولم يؤمنوا بما تبين به تكذيبهم من قبل» . وعَلَّق (4/ 10) عليه قائلًا: «وكأنّه وصفهم على هذا التأويل باللجاج في الكفر والصرامة عليه، ويؤيد هذا قوله: {كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى قُلُوبِ الكافِرِينَ}. ويحتمل في هذا الوجه أن يكون المعنى: {فما كانوا ليؤمنوا} أي: ما كانوا ليوفقهم الله إلى الإيمان بسبب أنّهم كذبوا قبل فكان تكذيبهم سببًا لأن يمنعوا الإيمان بعد» .
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 10/ 337، وابن أبي حاتم 5/ 1530. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.
(2)
أخرجه ابن جرير 10/ 337 - 338. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.
(3)
تفسير مقاتل بن سليمان 2/ 52.