الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
29137 -
عن مجالدٍ، قال: حدثني عون بن عبد الله بن عتبة، عن أبيه، قال: ما مات النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حتى قَرَأ وكتب. =
29138 -
فذكرت هذا الحديثَ للشعبيِّ، فقال: صدَق؛ سمِعتُ أصحابَنا يقولون ذلك
(1)
. (6/ 611)
{الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ}
29139 -
عن رجلٍ مِن الأعراب، قال: جَلَبْتُ جَلُوبةً
(2)
إلى المدينة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فَرَغْتُ مِن بَيْعَتي قلتُ: لأَلْقَيَنَّ هذا الرجلَ، ولأَسمعَنَّ منه. فتَلَقّاني بين أبي بكر وعمر يَمْشُون، فتَبِعْتُهم حتى أتَوا على رجل من اليهود ناشِرًا التوراةَ يَقْرَؤها، يُعَزِّي بها نفسَه عن ابنٍ له في الموت، كأحسن الفِتْيانِ وأجْمَلِه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أنشُدُك بالذي أنزَل التوراةَ، هل تَجِدُ في كتابِك ذا صِفَتي ومَخْرَجي؟» . فقال برأسه هكذا، أي: لا. فقال ابنُه: إي، والذي أنزَل التوراة، إنّا لَنجِدُ في كتابِنا صِفَتَك ومخرجَك، وأشهدُ أن لا إله إلا الله، وأنّ محمدًا رسول الله. فقال:«أقِيموا اليهوديَّ عن أخِيكم» . ثُمَّ ولِي كَفَنَه، والصلاةَ عليه
(3)
. (6/ 611)
29140 -
عن عبد الله بن سَلام، قال: صفةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة: يا أيُّها النَّبيُّ، إنّا أرسلناك شاهدًا ومُبَشِّرًا ونذيرًا، وحِرْزًا للأُمِّيِّين، أنت عبدي ورسولي، سمَّيتُك: المتوكِّلَ، ليس بفظٍّ، ولا غليظٍ، ولا سخّابٍ في الأسواقِ، ولا يجزي
(1)
أخرجه البيهقي 7/ 42. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.
قال البيهقي: «حديث منقطع، وفي رواته جماعة من الضعفاء والمجهولين» .
(2)
الجَلُوبَة -بالفتح-: ما يُجْلَبُ للبيع من كل شيء. لسان العرب (جلب).
(3)
أخرجه أحمد 38/ 476 - 477 (23492).
قال ابن كثير في تفسيره 3/ 483: «هذا حديث جيِّد قوِيٌّ، له شاهد في الصحيح عن أنس» . وقال الهيثمي في المجمع 8/ 234 (13891): «رواه أحمد، وأبو صخر لم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح» . وقال البوصيري في إتحاف الخيرة 1/ 75 (20): «هذا إسناد رجاله ثقات» . وقال ابن حجر في تعجيل المنفعة 2/ 483 - 484 (1314) عن أبي صخر العقيلي: «أبو صخر العقيلي قال: حدثني رجل من الاعراب بحديث قصة إسلام ولد اليهودي، وعنه الجريري، قلت: اسمه عبد الله بن قدامة، وهو مختلف في صحبته، وجزم البخاري ومسلم وابن حبان وغيرهم أنّ له صحبة، واختلف على الجريري في إسناده، فقال ابن علية عنه هكذا عند أحمد
…
». ثم ذكر اضطرابًا في المتن. وقال الألباني في الصحيحة 7/ 799 (3269): «وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير أبي صخر العقيلي» .
بالسيئة مثلَها، ولكن يعفو ويصفح، ولن يقبضَه الله حتى يقيمَ به الملَّةَ العوجاء، حتى يقولوا: لا إله إلا الله. ويفتحَ أعيُنًا عُميًا، وآذانًا صُمًّا، وقلوبًا غُلْفًا
(1)
. (6/ 612)
29141 -
عن عليِّ بن أبي طالب: أنّ يهوديًّا كان له على رسول الله صلى الله عليه وسلم دنانيرُ، فتقاضى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال له:«ما عندي ما أُعطيك» . قال: فإنِّي لا أُفارقُك -يا محمد- حتى تُعطيَني. قال: «إذن أجلِسَ معك» . فجلَس معَه، فصلّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الظهْرَ والعصرَ والمغربَ والعشاءَ والغداةَ، وكان أصحابُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يَتَهَدَّدون اليهوديَّ ويتوعَّدونه، فقالوا: يا رسول الله، يهوديٌّ يَحْبِسُك! قال:«منَعني ربِّي أن أظلِمَ مُعاهِدًا ولا غيرَه» . فلما تَرَجَّلَ
(2)
النهارُ أسلَم اليهوديُّ، وقال: شَطْرُ مالي في سبيلِ اللهِ، أما -واللهِ- ما فعَلتُ الذي فعَلتُ بك إلّا لأنظُرَ إلى نعتِك في التوراةِ: محمد بن عبد الله، مولدُه بمكةَ، ومُهاجَرُه بطَيبةَ، ومُلْكُه بالشامِ، ليس بفظٍّ، ولا غليظٍ، ولا صخّابٍ في الأسواقِ، ولا متزيِّنٍ بالفحشاءِ، ولا قوّالٍ للخَنا
(3)
. (6/ 615)
29142 -
عن الزهريِّ: أنّ يهوديًّا قال: ما كان بَقِيَ شيءٌ مِن نعتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراةِ إلا رأَيتُه، إلا الحِلْمُ، وإنِّي أسْلَفْتُه ثلاثين دينارًا في تمرٍ إلى أجل معلوم، فتركتُه حتى إذا بَقِيَ من الأجلِ يومٌ أتَيْتُه، فقلتُ: يا محمدُ، اقضِني حقِّي، فإنّكم -معاشرَ بني عبد المطلب- مُطُلٌ. فقال عمرُ: يا يهوديُّ الخبيثُ، أما -واللهِ- لولا مكانُه لضَرَبْتُ الذي فيه عيناك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«غفَر الله لك، يا أبا حفصٍ، نُحْنُ كنّا إلى غيرِ هذا منك أحوجَ؛ إلى أن تكونَ أمَرْتَني بقضاءِ ما عَلَيَّ، وهو إلى أن تكون أعَنتَه في قضاءِ حقِّه أحوجُ» . فلم يزِدْه جهلي عليه إلا حِلْمًا، قال:«يا يهوديُّ، إنّما يَحِلُّ حقُّك غدًا» . ثم قال: «يا أبا حفصٍ، اذهَبْ به إلى الحائطِ الذي كان سأل أوَّلَ يومٍ، فإن رَضِيَه فأعطِه كذا وكذا صاعًا، وزِدْه لما قلتَ له كذا وكذا صاعًا، فإن لم يرضَ فأَعْطِه ذلك من حائطِ كذا وكذا» . فأتى به الحائطَ، فرَضِيَ تمرَه، فأعطاه ما قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وما أمَره من الزيادة، فلمّا قبَض اليهوديُّ تمرَه قال: أشهد أن
(1)
أخرجه ابن سعد 1/ 360 - 361، والدارمي في مسنده 1/ 5، والبيهقي في الدلائل 1/ 376، وابن عساكر 3/ 387 - 388.
(2)
ترجل النهار: ارتفع. النهاية (رجل).
(3)
أخرجه الحاكم 2/ 678 (4242).
قال ابن حجر في الإصابة 2/ 148: «من طريق أبي علي بن الأشعث، أحد الضعفاء» . وقال الذهبي في التلخيص: «الحديث منكر بمرة» . وقال الألباني في الضعيفة 4/ 278 (1795): «موضوع» .
لا إله إلا الله، وأنّه رسول الله، وإنّه -واللهِ- ما حَمَلَني على ما رأَيتَني صَنَعتُ -يا عمرُ- إلا أنِّي قد كنتُ رأيتُ في رسول الله صفَتَه في التوراةِ كلَّها إلا الحِلْمَ، فاختبَرْتُ حِلمَه اليومَ، فوجدتُه على ما وُصِف في التوراةِ، وإنِّي أُشهِدُك أن هذا التمرَ وشَطْرَ مالي في فقراءِ المسلمين. فقال عمرُ: فقلتُ: أو بعضِهم؟ فقال: أو بعضِهم. قال: وأسلَم أهلُ بيت اليهوديِّ كلُّهم، إلا شيخًا كان ابن مائةِ سنةٍ، فَعَسا
(1)
على الكفر
(2)
. (6/ 616)
29143 -
عن أبي هريرة، قال: أتى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بيتَ الِمدْراسِ
(3)
، فقال:«أخْرِجُوا إلَيَّ أعلَمَكم» . فقالوا: عبد الله بن صُورِيا. فخلا به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فناشَده بديِنه، وبما أنعَمَ الله به عليهم وأطعَمهم مِن المَنِّ والسلوى، وظلَّلهم به من الغَمامِ:«أتعلَمُ أنِّي رسولُ الله؟» . قال: اللَّهُمَّ، نعم، وإنّ القومَ لَيَعرِفون ما أعرِفُ، وإنّ صِفَتَك ونعتَك لَمُبيَّنٌ في التوراة، ولكنهم حسَدوك. قال:«فما يمنعُك أنت؟!» . قال: أكرهُ خلافَ قومي، وعسى أن يتَّبِعوك ويُسلِموا فأُسلِمَ
(4)
. (6/ 617)
29144 -
عن الفَلَتانِ بن عاصم، قال: كُنّا مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فجاء رجلٌ، فقال له النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أتقرأُ التوراة؟» . قال: نعم. قال: «والإنجيل؟» . قال: نعم. فناشَده: «هل تجدُني في التوراةِ والإنجيلِ؟» . قال: نجدُ نعتًا مثلَ نعتِك، ومثلَ هيئتِك ومخرجِك، وكُنّا نرجو أن تكونَ منا، فلمّا خرَجتَ تخوَّفْنا أن تكونَ أنت هو، فنظَرْنا فإذا ليس أنت هو. قال:«ولِمَ ذاك؟» . قال: إنّ معه مِن أُمَّتِه سبعينَ ألفًا ليس عليهم حسابٌ ولا عذابٌ، وإنّما معك نفرٌ يسيرٌ. قال:«والذي نفسي بيدِه، لأنا هو، إنّهم لَأُمَّتي، وإنّهم لَأكثرُ من سبعينَ ألفًا وسبعين ألفًا»
(5)
. (6/ 618)
(1)
عَسا: كَبِرَ وأَسَنَّ. النهاية (عَسا).
(2)
أخرجه ابن سعد في الطبقات 1/ 361، وابن الجوزي في المنتظم في تاريخ الأمم والملوك 2/ 255 - 256.
(3)
المدراس: البيت الذي يدرس فيه اليهود. النهاية (درس).
(4)
أخرجه ابن سعد في الطبقات 1/ 164، ومن طريقه ابن الجوزي في تلبيس إبليس ص 66، من طريق علي بن مجاهد، عن محمد بن إسحاق، عن سالم مولى عبد الله بن مطيع، عن أبي هريرة به.
إسناده ضعيف جِدًّا؛ فيه علي بن مجاهد، قال عنه ابن حجر في التقريب (4790):«متروك» .
وأخرجه ابن إسحاق -كما في سيرة ابن هشام 1/ 564 - 565 - ، والبيهقي في الكبرى 8/ 430 - 431 (17119)، وابن جرير 8/ 414 - 415، من طريق الزهري، عن رجل من مزينة، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة به.
إسناده ضعيف؛ فيه رجلٌ مبهم، وهو الرجل المزني.
(5)
أخرجه الطبراني 18/ 332، 334 (854، 855) بلفظ مقارب، وابن حبان 14/ 541 - 542 (6580).
قال ابن كثير في البداية 3/ 541: «هذا حديث غريب من هذا الوجه، ولم يخرجوه» . وقال الهيثمي في المجمع 8/ 242 (13904): «رواه الطبراني، ورجاله ثقات من أحد الطريقين» . وقال أيضًا في 10/ 407 - 408 (18699): «رواه البزار، ورجاله ثقات» . وقال البوصيري في إتحاف الخيرة 1/ 134 (122): «قال أبو بكر بن أبي شيبة
…
» -وذكر الحديث- ثم قال: «ورجاله ثقات» . وقال الألباني في الصحيحة 7/ 1572 بعد ذكره لكلام الهيثمي في الموضعين: «فالإسناد حسن» .
29145 -
عن عبد الله بن عباس، قال: قدِم الجارودُ بنُ عبد الله على النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فأسلم، وقال: والَّذي بعَثك بالحقِّ، لقد وجَدتُ وصفَك في الإنجيلِ، ولقد بشَّر بك ابنُ البَتُولِ
(1)
. (6/ 619)
29146 -
عن عائشة -من طريق العَيْزارِ بن حُرَيْثٍ- قالت: إنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مكتوبٌ في الإنجيل: لا فَظٌّ، ولا غليظٌ، ولا سَخّاٌب في الأسواقِ، ولا يَجْزِي بالسيئةِ مثلَها، ولكن يعفُو ويَصْفَحُ
(2)
. (6/ 619)
29147 -
عن عطاءِ بن يسار، قال: لَقِيتُ عبدَ الله بن عمرو بن العاصي، قلتُ: أخبِرْني عن صفةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: أجَلْ، واللهِ، إنّه لَمَوْصوفٌ في التوراةِ ببعض صفتِه في القرآنِ: يا أيُّها النَّبِيُّ، إنّا أرسلناك شاهِدًا، ومُبشِّرًا، ونذيرًا، وحِرْزًا للأُمِّيِّين، أنت عبدي ورسولي، سَمَّيْتُك: المُتَوَكِّل، ليس بفَظِّ، ولا غليظٍ، ولا سَخّابٍ في الأسواق، ولا يَجْزِي بالسيئة السيئةَ، ولكن يَعْفو ويصفحُ، ولن يَقْبِضَه اللهُ حتى يُقِيمَ به المِلَّةَ العَوْجاء، بأن يقولوا: لا إله إلا الله. ويفتحَ به أعْيُنًا عُمْيًا، وآذانًا صُمًّا، وقلوبًا غُلْفًا. =
29148 -
قال عطاء: ثم لقيت كعبًا، فسألته عن ذلك، فما اختلفا حرفًا، إلا أن كعبا قال بِلُغَتِه: قلوبًا غلوفيا، وآذانًا صموميا، وأعينًا عموميا
(3)
[2654]. (6/ 612)
29149 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق الكلبي، عن أبي صالح- قال: بعَثَتْ قريشٌ النضرَ بن الحارث، وعُقبةَ بن أبي مُعَيطٍ، وغيرَهما إلى يهود يثربَ، وقالوا
[2654] علَّق ابنُ جرير (10/ 492)، على قول كعب، فقال:«وهذه لغة حِمْيَريَّة» .
وعلَّق ابنُ عطية (4/ 63) بقوله: «وأظُنُّ هذا وهْمًا وعُجمةً» .
_________
(1)
عزاه السيوطي إلى البيهقي.
(2)
أخرجه ابن سعد 1/ 363، والحاكم 2/ 614، والبيهقي في الدلائل 1/ 377 - 378. وعزاه السيوطي إلى أبي نعيم في الدلائل.
(3)
أخرجه البخاري (2125، 4838)، وابن سعد 1/ 362، وابن جرير 10/ 491 - 492، والبيهقي في الدلائل 1/ 373 - 375.
لهم: سَلُوهم عن محمد. فقَدِموا المدينةَ، فقالوا: أتَيْناكم لأمرٍ حدَث فينا؛ مِنّا غلامٌ يتيمٌ يقولُ قولًا عظيمًا؛ يزعُمُ أنّه رسول الرحمنِ! قالوا: صِفُوا لنا نعتَه. فوصَفوا لهم، قالوا: فمَن تَبِعَه منكم؟ قالوا: سَفِلَتُنا. فضَحِك حَبْرٌ منهم، وقال: هذا النَّبِيُّ الذي نجدُ نعتَه، ونجدُ قومَه أشدَّ الناسِ له عداوةً
(1)
. (6/ 618)
29150 -
عن كعب الأحبار -من طريق ذكوان- قال: في السَّطر الأوَّلِ: محمدٌ رسول الله، عبدِي المختارُ، لا فظٌّ، ولا غليظٌ، ولا سخّابٌ في الأسواقِ، ولا يَجزِي بالسيئةِ السيئةَ، ولكن يَعْفو ويغفِرُ، مولدُه بمكَّةَ، وهجرتُه بطَيبة، وملكُه بالشّام. وفي السَّطرِ الثاني: محمدٌ رسول الله، أُمَّتُه الحمّادون، يحمَدُون الله في السرّاءِ والضرّاءِ، يحمدُون الله في كلِّ منزلةٍ، ويُكَبِّرونَه على كلِّ شَرف، رُعاةُ الشَّمس، يُصَلُّون الصلاةَ إذا جاء وقتُها ولو كانوا على رأسِ كُناسةٍ، ويأتزرُونَ على أوساطِهم، ويُوَضِّئونَ أطرافَهم، وأصواتُهم بالليلِ في جوِّ السماءِ كأصواتِ النحلِ
(2)
. (6/ 613)
29151 -
عن أبي فروةَ، عن ابن عباس، أنّه سألَ كعب الأحبار: كيف تجدُ نَعْتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة؟ فقال كعبٌ: نجِدُه: محمد بن عبد الله، يُولَدُ بمكَّةَ، ويُهاجِرُ إلى طابةَ، ويكون ملكُه بالشامِ، وليس بفحّاشٍ، ولا سخّابٍ في الأسواقِ، ولا يكافئُ بالسيئةِ السيئةَ، ولكن يعفُو ويغفرُ، أُمَّتُه الحمّادون، يحمَدونَ الله في كلِّ سرّاء، ويكبِّرونَ الله على كلِّ نجْدٍ، ويُوَضِّئونَ أطرافَهم، ويَأْتَزِرُون في أوساطِهم، يَصفُّون في صلاتهم كما يَصفُّون في قتالهم، دويُّهم في مساجدهم كدويِّ النحل، يُسمَعُ منادِيهم في جوِّ السماءِ
(3)
. (6/ 613)
29152 -
عن أمِّ الدرداء، قالت: قلتُ لكعبٍ: كيف تجدُون صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة؟ قال: نَجِدُه موصوفًا فيها: محمدٌ رسول الله، اسمُه: المُتَوَكِّلُ، ليس بفظٍّ، ولا غليظٍ، ولا سخّابٍ في الأسواقِ، وأُعطيَ المفاتيحَ ليُبصِّرَ اللهُ به أعينًا عُورًا، ويُسمِعُ به آذانًا صُمًّا، ويُقيمَ به ألسنةً مُعْوَجَّةً، حتى يُشْهَدَ: أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. يُعِينُ المظلومَ، ويمنعُه من أن يُستضعَفَ
(4)
. (6/ 614)
29153 -
عن ثعلبة بن مالك، عن عمر بن الخطاب: أنّه سأل أبا مالك عن صفة
(1)
أخرجه ابن سعد 1/ 165.
(2)
أخرجه الدارمي 1/ 5 - 6.
(3)
أخرجه ابن سعد 1/ 360، والدارمي 1/ 6، وابن عساكر 1/ 185 - 186.
(4)
أخرجه البيهقي 1/ 376 - 377. وعزاه السيوطي إلى أبي نعيم في الدلائل.
النبي صلى الله عليه وسلم في التوراة -وكان من علماء اليهود-، فقال: صفته في كتاب بني هارون الذي لم يُغَيَّر ولم يُبَدَّل: أحد من ولد إسماعيل بن إبراهيم، ومن آخر الأنبياء، وهو النبيُّ العربيُّ الذي يأتي بدين إبراهيم الحنيف، يأْتَزِر على وسطه، ويغسل أطرافه، في عينيه حُمْرَة، وبين كتفيه خاتم النبوة مِثْلُ زِرِّ الحَجَلَة
(1)
، ليس بالقصير ولا بالطويل، يلبس الشَّملة، ويجري بالبغلة، ويركب الحمار، ويمشي في الأسواق، مَعَه حربٌ وقتلٌ وسَبْيٌ، سيفه على عاتقه، لا يُبالي مَن لَقِيَ مِن الناس، معه صلاةٌ لو كانت في قوم نوح ما أُهلِكوا بالطوفان، ولو كانت في عاد ما أُهلِكوا بالريح، ولو كانت في ثمود ما أُهلِكوا بالصيحة. مولده بمكة، ومنشأه بها، وبدء نبوته بها، ودار هجرته يثرب بين حَرَّةٍ
(2)
ونَخْلٍ وسَبَخَة
(3)
، وهو أُمِّيٌّ لا يكتب بيده، هو بجهاد، يحمد الله على كُلِّ شِدَّة ورخاء، سلطانه الشام، صاحبه من الملائكة جبرئيل، يلقى من قومه أذًى شديدًا، ويجبهونه جبهًا شديدًا، ثم يُدال على قومه، يحصرهم حصر الجَرِين
(4)
، يكون له وقَعات في يثرب، منها له، ومنها عليه، ثم يكون له العاقبة بَعْدُ، ومعه أقوامٌ هُمْ إلى الموت أسرعُ من الماء من رأس الجبل إلى أسفله، صدورهم أناجيلُهم، قُربانُهم دِماؤُهم، ليوث النهار ورهبان بالليل، يُرْعَبُ منه عدوُّه بمسيرة شهر، يُباشِر القتال بنفسه حتى يُجرَح ويُكلَم، لا شُرْطَةَ معه، ولا حرس يحرُسه
(5)
. (ز)
29154 -
عن كثير بن مُرَّةَ -من طريق خالد بن معدان- قال: إنّ الله يقولُ: لقد جاءكم رسولٌ ليس بوَهِنٍ ولا كَسِلٍ، يَفتَحُ أعينًا كانت عُمْيًا، ويُسمِعُ آذانًا صُمًّا، ويختِنُ قلوبًا كانت غُلْفًا، ويُقيمُ سُنَّةً كانت عوجاءَ، حتى يُقال: لا إله إلا الله
(6)
.
(6/ 617)
29155 -
عن وهب بن منبه -من طريق إدريس بن سنان- قال: كان في بني إسرائيلَ رجلٌ عصى الله تعالى مائتي سنةٍ، ثم مات، فأخَذوه، فألقَوْه على مَزْبَلَةٍ، فأوحى الله إلى موسى عليه السلام: أن اخرُجْ فصَلِّ عليه. قال: يا ربِّ، بنو إسرائيل شهِدوا أنّه عصاك مائتي سنةٍ! فأوحى اللهُ إليه: هكذا كان، إلا أنّه كان كُلَّما نَشَر التوراةَ ونظَر إلى اسمِ
(1)
الحَجَلَةُ -بالتحريك-: بيت كالقُبَّة يُستر بالثياب وتكون له أزرار كبار، وتجمع على حِجال. النهاية (حجل).
(2)
الحَرَّة: هي الأرض ذات الحجارة السُّود. النهاية (حرر).
(3)
السَّبَخةُ: الأرض المالحة. لسان العرب (سبخ).
(4)
الجَرِينُ: هو موضع تجفيف التَّمْرِ. النهاية (جرن).
(5)
أخرجه الثعلبي 4/ 293.
(6)
أخرجه ابن سعد 1/ 362.