الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يدع اللهُ شيئًا من خلقه إلا ابتلاه بالطاعة، فما زال البلاءُ بآدم حتى وقع فيما نُهِي عنه
(1)
. (ز)
27219 -
قال مقاتل بن سليمان: {ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة} في التقديم، {فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة} وهي السُّنبُلَة؛ الحنطة، وقالوا: هي الشجرة التي تَحْتَكُّ بها الملائكة للخلود، {فتكونا من الظالمين} لأنفسكم
(2)
. (ز)
{فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا}
27220 -
عن وهبِ بن مُنَبِّه -من طريق عمرو- في قوله: {ليُبدي لهُما ما وُري عنهُما من سوآتهما} ، قال: كان على كلِّ واحدٍ منهما نورٌ، لا يُبصِرُ كلُّ واحدٍ منهما عَوْرَةَ صاحبِه، فلمّا أصابا الخطيئةَ نُزِع عنهما
(3)
. (6/ 344)
27221 -
عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- في الآية، قال: لِيَهْتِك لباسَهما، وكان قد علم أنّ لهما سوأةً؛ لِما كان يقرأُ مِن كتب الملائكة، ولم يكنْ آدمُ يعلم ذلك، وكان لباسُهما الظُّفُرَ
(4)
. (6/ 344)
27222 -
عن محمد بن قيسٍ - من طريق أبي معشر - قال: نهى الله ُآدمَ وحوّاء أن يأكُلا من شجرةٍ واحدةٍ في الجنة، فجاء الشيطانُ فدخَل في جوف الحيَّة، فكلَّم حوّاءَ، ووَسوس إلى آدم، فقال:{ما نهاكُما ربُّكما عَنْ هذهِ الشَجَرةِ إلَّآ أن تكُونا مَلَكَيْن أو تكُونا من الخالدين * وقاسمهُما إني لكُما لمن النّاصحين} . فقطعت حوّاء الشجرةَ، فدَمِيَتِ الشجرةُ، وسقط عنهما رِياشُهما الذي كان عليهما، {وطَفقا يخصفان عليهما من ورق الجنَّة وناداهُما ربُّهما ألمْ أنهكُما عن تِلكُما الشجرة وأقُل لكمآ إنّ الشيطانَ لكما عدوٌ مبينٌ} ، لِمَ أكَلتها وقد نهيتُك عنها؟ قال: يا ربِّ، أطْعَمَتْني حواءُ. قال لحوّاء: لِمَ أطْعَمْتِيه؟ قالتْ: أمَرَتْنِي الحيَّةُ. قال للحيَّة: لِمَ أمَرْتِها؟ قالتْ: أمرَني إبليسُ. قال: ملعونٌ مَدْحورٌ، أمّا أنتِ يا حواءُ كما أدْمَيْتِ
(1)
أخرجه ابن أبي حاتم 5/ 1449 - 1450.
(2)
تفسير مقاتل بن سليمان 2/ 31.وقد تقدمت آثارُ تفسير الآية في سورة البقرة [35]، وقد كررها ابن أبي حاتم هنا كعادته.
(3)
أخرجه الحكيم الترمذيُّ في نوادر الأصول 2/ 206، وابن جرير 10/ 114، وابن أبي حاتم 5/ 1459، وابن عساكر 7/ 401. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.
(4)
أخرجه ابن أبي حاتم 5/ 1450.
الشجرةَ تَدْمَيْنَ في كلِّ هلالٍ، وأمّا أنتِ يا حيَّةُ فأقطعُ قوائِمَك، فتمشين جرًّا على وجهك، وسيشدَخُ رأسَك مَن لَقِيَك بالحجر، {اهبطُوا بعضُكم لبعضٍ عدوٌ}
(1)
[2470]. (6/ 341)
27223 -
قال مقاتل بن سليمان: {فوسوس لهما الشيطان} يعني: إبليس وحده، {ليبدي لهما ما ووري عنهما} يعني: ما غُطِّي عنهما {من سوآتهما} يعني: لِيُظْهِر لهما عورتَهما، وقال إبليس لهما: إنِّي خُلِقْت قبلكما، وإنِّي أعلمُ منكما، فأطِيعاني تَرْشُدا
(2)
[2471]. (ز)
27224 -
عن أبي غُنَيمٍ سعيد بن حُدَيرٍ الحضْرميِّ، قال: لَمّا أسْكَنَ اللهُ آدمَ وحواءَ الجنةَ خرَج آدمُ يطوفُ في الجنة، فاغْتنم إبليسُ غَيْبتَه، فأقبَل حتى بلغ المكان الذي فيه حوّاء، فصفَّر بقصبةٍ معه صفيرًا سَمِعَتْه حوّاء، وبينها وبينه سبعون قُبَّةً، بعضُها في جوفِ بعض، فأَشْرَفَتْ حوّاء عليه، فجعل يُصَفِّرُ صفيرًا لم يَسمع السّامعون بمثلِه من اللذَّةِ والشهوةِ والسَّماع، حتى ما بَقِي مِن حوّاء عُضْوٌ مع آخر إلا تَخَلَّج، فقالت: أنشُدُك بالله العظيم لَما أقْصَرْتَ عنِّي؛ فإنّك قد أهلكتني. فنَزع القَصَبة، ثم قلبها، فصفَّر صفيرًا آخرَ، فجاش البكاءُ والنَّوح والحزنُ بشيءٍ لم يَسْمعِ السامعون بمثلِه، حتى قطَّع فؤادَها بالحزن والبكاء، فقالت: أنشُدُك بالله العظيم لَما أقْصَرْتَ عنِّي. ففعل، فقالت له: ما هذا الذي جئتَ به، أخَذتني بأَمْرِ الفرح، وأخذتني بأَمْرِ
[2470] نقل ابن عطية (3/ 532) روايتين -غير ما ذُكِر- في صورة الوسوسة: الأولى: «روي أنّ آدم وحواء كانا يخرجان خارج الجنة، فيتمَكَّنُ إبليسُ منهما» . والثانية: «أنّ الله تعالى أقدره على الإلقاء في نَفْسَيْهِما، فأغواهما، وهو في الأرض» . ثم انتقدها مستندًا إلى لفظ القرآن قائلًا: «وهذا قول ضعيف، يَرُدُّه لفظُ القرآن» .
[2471]
نقل ابن عطية (3/ 533) في قوله تعالى: {لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِن سَوْآتِهِما} عن طائفة أنّ «هذه العبارة إنما قُصِد بها أنّها كَشَفَت لهما معانيهما، وما يسوءهما، ولم يقصد بها العورة» . ثم انتقد قولهم مستندًا إلى لفظ الآية قائلًا: «وهذا قولٌ كان اللفظ يحتمله، إلا أنّ ذِكْرَ خَصْفِ الورق يردُّه» . غير أنّه ذكر لقولهم وجْهًا يمكن أن يُحْمَل عليه، فقال:«إلّا أن يُقَدَّر الضمير في {عَلَيْهِما} عائد على بدنيهما إذ تمزقت عنهما ثياب الجنة، فيصِحُّ القول المذكور» .
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 1/ 567.
(2)
تفسير مقاتل بن سليمان 2/ 31 - 32.
الحزن. قال: ذَكرتُ منزلتكما من الجنة، وكرامةَ اللهِ إيّاكما، ففرحتُ لكما بمكانكما، وذكرتُ أنكما تخرجان منها، فبكيتُ لكما، وحزنتُ عليكما، ألم يقل لكما ربُّكما: متى تأكلان من هذه الشجرةِ تموتانِ وتخرجانِ منها. انظري إلَيَّ، يا حواءُ، فإذا أنا أكلْتُها؛ فإنْ أنا مُتُّ أو تغيَّر من خلقي شيءٌ فلا تأكُلا منها، أقسمُ لكما باللهِ إنِّي لكما لمن الناصحين. فانطلق إبليسُ حتى تناول من تلك الشجرة، فأكل منها، وجعل يقولُ: يا حواءُ، انظُري هل تغيَّر مِن خلْقي شيءٌ؟ هل متُّ؟ قد أخبرتُكِ ما أخبرتُكِ. ثم أدْبَر مُنطَلِقًا، وأقبل آدمُ من مكانه الذي كان يطُوفُ به مِن الجنة، فوجدها مُنكَبَّة على وجهها حزينةً، فقال لها آدمُ: ما شأنُكِ؟ قالت: أتاني الناصحُ المشفق. قال: ويْحك، لعله إبليسُ الذي حذَّرَناه اللهُ. قالت: يا آدمُ، واللهِ، لقد مضى إلى الشجرة فأكل منها وأنا أنظرُ، فما مات، ولا تغيَّر من جسده شيء. فلم تَزَلْ به تُدَلِّيه بالغُرور، حتى مضى آدمُ وحواءُ إلى الشجرة، فأهوى آدمُ بيده إلى الثمرة ليأخُذَها من الشجرة، فناداه جميعُ شجرِ الجنة: يا آدمُ، لا تأكُلْها؛ فإنّك إن أكلتها تخرج منها. فعَزَم آدمُ على المعصية، فأخذ ليتناول الشجرة، فجعلت الشجرةُ تَتَطاوَل، ثم جعل يمد يده ليأخُذها، فلما وضع يده على الثمرةِ اشْتَدَّت، فلما رأى اللهُ منه العزم على المعصية أخذها وأكل منها، وناول حواءَ فأكلت، فسقط منهما لباسُ الجمالِ الذي كان عليها في الجنة، {وبدت لهما سوأتهما} ، وابتدَرا يَسْتَكِنّان بورق الجنةِ؛ {يخصفان عليهما من ورق الجنة} ، ويعلمُ أن ّالله ينظرُ إليهما، فأقبل الربُّ في الجنة، فقال: يا آدمُ، أين أنت؟ اخْرُجْ. قال: يا ربِّ، أنا ذا أستحي أخرج إليك. قال: فلعلَّك أكَلتَ من الشجرةِ التي نَهيتُك عنها! قال: يا ربِّ، هذه التي جَعَلْتَها معي أغْوَتْني. قال: فمِنِّي تَخْتَبِئُ، يا آدم؟! أوَلَم تعلمْ أنّ كلَّ شيءٍ لي، يا آدمُ؟ وأنّه لا يخفْى عليَّ شيءٌ في ظلمةٍ ولا في نهار؟ قال: فبعث إليهما ملائكةً يدْفعان في رِقابِهما حتى أخرجوهما من الجنةِ، فأُوقِفا عُرْيانَيْن، وإبليسُ معهما بينَ يدي الله، فعند ذلك قضى عليهما وعلى إبليسَ ما قَضى، وعند ذلك أُهبِط إبليسُ معهما، وتلقّى آدمُ من ربِّه كلماتٍ فتاب عليه، وأُهبِطوا جميعًا
(1)
. (6/ 342)
(1)
عزاه السيوطي إلى ابن المنذر.