الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عدوهم
(1)
. (ز)
{إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا}
30322 -
عن بعض بني ساعدة قال: سمِعتُ أبا أُسَيدٍ مالك بن ربيعة [الساعدي] بعدَما أُصِيب بصرُه يقول: لو كنتُ معكم ببدرٍ الآن ومعي بصرى لأخبَرْتُكم بالشِّعْبِ الذي خرَجتْ منه الملائكة، لا أشكُّ ولا أتمارى، فلما نزلت الملائكة ورآها إبليس وأوحى الله إليهم:{أني معكم فثبتوا الذين آمنوا} ، وتثبيتُهم: أن الملائكة تأتي الرجل في صورة الرجل يعرِفُه، فيقول: أبشِروا، فإنهم ليسوا بشيءٍ والله معكم، كُرُّوا عليهم. فلما رأى إبليس الملائكة نكَص على عَقِبَيه، وقال: إني بريءٌ منكم. وهو في صورة سُراقة، وأقبَل أبو جهل يُحَضِّضُ أصحابَه، ويقول: لا يَهُولَنَّكم خِذلانُ سُراقةَ إيّاكم، فإنه كان على موعدٍ من محمد وأصحابه. ثم قال: واللاتِ والعزّى لا نرجعُ حتى نُقَرِّنَ محمدًا وأصحابَه في الحبال، فلا تقتُلوا، وخذوهم أخذًا
(2)
. (7/ 62)
30323 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- قال: إن المشركين من قريش لما خرجوا لِيَنصروا العِير ويُقاتِلوا عليها، نزلوا على الماء يوم بدر، فغلَبوا المؤمنين عليه، فأصاب المؤمنين الظَّمَأ، فجعلوا يصلون مُجْنِبِين ومُحْدِثين، فألقى الشيطان في قلوب المؤمنين الحزنَ، فقال لهم: أتزعُمون أن فيكم النبي، وأنكم أولياء الله، وقد غُلِبتم على الماء، وأنتم تصلون مُجْنِبِين ومُحْدِثين؟! حتى تعاظمَ ذلك في صدور أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله من السماء ماءً حتى سال الوادي، فشَرِب المؤمنون، وملئوا الأسقية، وسقَوُا الركاب، واغتسلوا من الجنابة، فجعل الله في ذلك طَهورًا، وثَبَّت الأقدام، وذلك أنه كانت بينَهم وبين القوم رَمْلَةٌ، فبعث الله المطرَ عليها، فضربها حتى اشتدَّت وثبَت عليها الأقدام، ونفَر النبي صلى الله عليه وسلم بجميع المسلمين، وهم يومئذ ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلًا؛ منهم سبعون ومائتان من الأنصار، وسائرُهم من المهاجرين، وسيِّد المشركين يومئذ عتبة بن ربيعة لكِبَر سِنِّه، فقال عتبة: يا معشر
(1)
أخرجه ابن جرير 11/ 67.
(2)
أخرجه البيهقي في الدلائل 3/ 53، 81. وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه.
قريش، إني لكم ناصح، وعليكم مشفق، لا أدَّخِرُ النصيحة لكم بعد اليوم، وقد بلغتم الذي تريدون، وقد نجا أبو سفيان، فارجعوا وأنتم سالمون، فإن يكن محمد صادقًا فأنتم أسعدُ الناس بصدقه، وإن يكُ كاذبًا فأنتم أحقُّ مَن حقَن دمه. فالتفتَ إليه أبو جهل، فشَتمه، وقَبَّح وجهه، وقال له: قد امتلأتْ أحشاؤك رعبًا. فقال له عتبة: ستَعلَمُ اليوم مَن الجبان المفسد لقومه. فنزَل عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة، حتى إذا كانوا قُرْبَ أسِنَّة المسلمين قالوا: ابعثوا إلينا عِدَّتَنا منكم نقاتلْهم. فقام غِلْمَةٌ من بني الخزرج، فأجلسهم النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال:«يا بني هاشم، أتبعثون إلى إخوتكم -والنبي منكم- غِلْمَة بني الخزرج؟» . فقام حمزة بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب، وعبيدة بن الحارث، فمشَوا إليهم في الحديد، فقال عتبة: تكلَّموا نعرفْكم، فإن تكونوا أكفاءَنا نقاتِلْكم. فقال حمزة: أنا أسدُ الله، وأسدُ رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال له عتبة: كُفْءٌ كريم. فوثَب إليه شيبة، فاختلفا ضربتين، فضربه حمزة فقتله، ثم قام علي بن أبي طالب إلى الوليد بن عتبة، فاختلفا ضربتين، فضرَبه عليٌّ فقتَله، ثم قام عبيدة، فخرَج إليه عتبة، فاختلفا ضربتين، فجرَح كلُّ واحد منهما صاحبَه، وكَرَّ حمزة على عتبة فقتله، فقام النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:«اللهمَّ ربَّنا، أنزَلتَ عَلَيَّ الكتاب، وأَمَرْتني بالقتال، ووَعَدتني النصر، ولا تخلفُ الميعاد» . فأتاه جبريل، فأنزَل عليه:{ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين} [آل عمران: 124]. فأوحى الله إلى الملائكة: {أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان} . فقُتل أبو جهل في تسعةٍ وستين رجلًا، وأُسرَ عُقْبَة بن أبي مُعَيطٍ فقُتل صبرًا، فوفّى ذلك سبعين، وأُسِر سبعون
(1)
. (7/ 59)
30324 -
عن عروة بن الزبير -من طريق محمد بن جعفر بن الزبير- قال: {فثبتوا الذين آمنوا} ، أي: وآزِروا الذين آمنوا
(2)
. (ز)
30325 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن خُثَيْمٍ- قال: لم تُقاتلِ الملائكةُ إلا يومَ بدر
(3)
. (7/ 59)
30326 -
عن محمد ابن شهاب الزهري -من طريق موسى بن عقبة- قال: ثم أخْبَرهم بما أوحى إلى الملائكة من نصرهم، فقال: {إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني
(1)
عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.
(2)
أخرجه ابن أبي حاتم 5/ 1667.
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة 14/ 354.
معكم} الآية والتي بعدها
(1)
. (7/ 46)
30327 -
قال مقاتل بن سليمان: {إذْ يُوحِي رَبُّكَ} ولَمّا صَفَّ القوم أوحى الله عز وجل {إلى المَلائِكَةِ أنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا} فبشروا {الَّذِينَ آمَنُوا} بالنصر، فكان الملَك في صورة بشر في الصف الأول، فيقول: أبشروا، فإنكم كثير وعددهم قليل؛ فالله ناصركم. فيرى الناس أنه منهم
(2)
. (ز)
30328 -
عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- {فثبتوا الذين آمنوا} ، أي: فآزِروا الذين آمنوا
(3)
[2756]. (ز)
[2756] قال ابن عطية (4/ 149 - 150 بتصرف): «قوله: {فثبتوا} يحتمل أن يكون بالقتال معهم على ما روي، ويحتمل بالحضور في حَيِّزهم والتأنيس لهم بذلك، ويحتمل أن يريد: فَثَبِّتوهم بأقوال مُؤْنِسَة مُقَوِّيَة للقلب، وروي في ذلك أن بعض الملائكة كان في صورة الآدميين، فكان أحدهم يقول للذي يليه من المؤمنين: لقد بلغني أن الكفار قالوا: لئن حمل المسلمون علينا لننكشفن. ويقول آخر: ما أرى الغلبة والظفر إلا لنا. ويقول آخر: أقدِمْ يا فلان. ونحو هذا من الأقوال المثبتة
…
، ويحتمل أيضًا أن يكون التثبيت الذي أمر به ما يلقيه الملك في قلب الإنسان بلمته مِن تَوَهُّم الظَّفَر واحتقار الكفار، ويجري عليه من خواطر تشجيعه، ويقوِّي هذا التأويل مطابقة قوله تعالى:{سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب} ، وإن كان إلقاء الرعب يطابق التثبيت على أي صورة كان التثبيت، ولكنه أشبه بهذا؛ إذ هي من جنس واحد
…
، وعلى هذا التأويل يجيء قوله:{سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب} مخاطبة للملائكة، ثم يجيء قوله تعالى:{فاضربوا فوق الأعناق} لفظه لفظ الأمر، ومعناه الخبر عن صورة الحال، كما تقول -إذا وصفت حربًا لمن تخاطبه-: لقينا القوم وهزمناهم، فاضرب بسيفك حيث شئت، واقتل، وخذ أسيرك. أي: هذه كانت صفة الحال
…
، ويحتمل أن يكون {سألقي} إلى آخر الآية خبرًا يخاطب به المؤمنين عما يفعله في الكفار في المستقبل كما فعله في الماضي، ثم أمرهم بضرب الرقاب والبنان تشجيعًا لهم وحضًّا على نصرة الدين».
وبنحوه قال ابنُ جرير (11/ 69)، وابنُ كثير (7/ 32).
وقال ابنُ القيم (1/ 438): «قيل في تفسيرها: قَوُّوا قلوبهم، وبَشِّروهم بالنصر. وقيل: احضروا معهم القتال. والقولان حقّ؛ فإنهم حضروا معهم القتال، وثبتوا قلوبهم» .
_________
(1)
أخرجه ابن أبي حاتم 5/ 1667، والبيهقي في الدلائل 3/ 101 - 119. وتقدم بتمامه مطولًا في سياق قصة بدر.
(2)
تفسير مقاتل بن سليمان 2/ 104. وفي تفسير البغوي 3/ 334 بنحوه منسوبًا إلى مقاتل دون تعيينه.
(3)
أخرجه ابن جرير 11/ 69.