الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نزول الآية وتفسيرها
30406 -
عن أبي أيوب الأنصاري: [أن رسول الله صلى الله عليه وسلم] أخَذ قبضة من التراب، فرمى بها في وجوه القوم؛ فانهزَمُوا، فأنزل الله:{وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} . فقَتَلنا، وأَسَرنا
(1)
. (7/ 25)
30407 -
عن حَكِيم بن حِزام، قال: لما كان يوم بدر، سَمِعْنا صوتًا وقَع مِن السماء إلى الأرض، كأنه صوت حَصاة وقَعتْ في طَسْتٍ، ورمى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك الحَصَيات، وقال: «شاهَتِ
(2)
الوُجُوهُ». فانْهَزَمْنا. فذلك قول الله: {وما رميت إذ رميت} الآية
(3)
. (7/ 73)
30408 -
عن جابر بن عبد الله، قال: سمعت صوت حَصَياتٍ وقَعْنَ من السماء يوم بدر، كأنّهُنَّ وقَعْنَ في طَسْتٍ، فلَمّا اصْطَفَّ الناس أخَذَهُنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرمى بهنَّ في وجوه المشركين، فانهَزَموا، فذلك قوله:{وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى}
(4)
. (7/ 73)
30409 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- في قوله: {وما رميت إذ رميت} ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ: «ناوِلْني قَبْضَةً مِن حَصْباءَ» . فناوَلَه، فرَمى بها في وجوه القوم، فما بَقِيَ أحد من القوم إلا امتلأت عيناه من الحَصْباء، فنزلت هذه الآية:{وما رميت إذ رميت}
(5)
. (7/ 74)
30410 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- قال: رفع
(1)
تقدم بتمامه مع تخريجه في نزول قوله تعالى: {كما أخرجك ربك من بيتك بالحق} الآية.
(2)
أي: قَبُحَت. النهاية (شوه).
(3)
أخرجه الطبراني في الكبير 3/ 203 (3128)، وأبو القاسم الأصبهاني في دلائل النبوة ص 227 (331)، وابن جرير 11/ 84 - 85، وابن أبي حاتم 5/ 1672 (8906). وأورده الثعلبي 4/ 338.
قال ابن كثير في تفسيره 4/ 31: «غريب من هذا الوجه» . وقال الهيثمي في المجمع 6/ 84 (9998): «إسناده حسن» .
(4)
أخرجه إسماعيل الأصبهاني في دلائل النبوة ص 227 (330)، من طريق إبراهيم بن يحيى بن عباد بن هانئ، حدثني أبي، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عروة، عن جابر به.
إسناده ضعيف، إبراهيم بن يحيى بن عباد هو الشجري، قال عنه ابن حجر في التقريب (268):«ليّن الحديث» . وقال عن أبيه يحيى بن عباد (7637): «ضعيف، وكان يتلقّن» .
(5)
أخرجه الطبراني في الكبير 11/ 285 (11750).
قال الهيثمي في المجمع 6/ 84 (9999): «رجاله رجال الصحيح» .
رسول الله صلى الله عليه وسلم يده، فقال:«يا رب إنك إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبدًا» . فقال له جبريل عليه السلام: خذ قبضة من التراب. فأخذ قبضة من التراب، فرمى بها في وجههم، فما بقي من المشركين أحد إلا أصاب عينه ومِنخَرَيْهِ وفمه تراب من تلك القبضة؛ فوَلَّوا مدبرين
(1)
. (ز)
30411 -
عن سعيد بن المسيب -من طريق ابن شهاب- قال: لما كان يوم أُحُد أخَذ أُبَيُّ بن خلف يَرْكُضُ فرسَه، حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، واعترض رجال من المسلمين لأُبَيِّ بن خلف لِيقتلوه، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:«اسْتَأْخِروا» . فاسْتَأْخَروا، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حَرْبَتَه في يده، فرَمى بها أُبَيَّ بن خلف، وكَسَر ضِلَعًا من أضلاعه، فرجع أبيُّ بن خلف إلى أصحابه ثقيلًا، فاحْتَمَلُوه حين ولَّوْا قافِلِين، فطَفِقوا يقولون: لا بأس. فقال أُبَيٌّ حينَ قالوا ذلك له: واللهِ لو كانت بالناس لَقَتَلَتْهم، ألم يَقُلْ:«إني أقْتُلُك -إن شاء الله-؟» . فانطَلَق به أصحابه يُنْعِشُونَهُ حتى مات ببعض الطريق، فدفنوه. قال ابن المسيب: وفي ذلك أنزل الله: {وما رميت إذ رميت} الآية
(2)
. (7/ 74)
30412 -
عن سعيد بن المسيب -من طريق مَعْمَر- =
30413 -
ومحمد ابن شهاب الزهري -من طريق معمر-، قالا: أُنْزِلَتْ في رمية رسول الله صلى الله عليه وسلم يومَ أُحُد أُبَيَّ بن خلف بالحَرْبَة وهو في لَأْمَتِهِ
(3)
، فخَدَشَه في تَرْقُوَتِه
(4)
، فجعل يَتَدَأْدَأُ
(5)
عن فرسه مرارًا، حتى كانت وفاته بها بعد أيام قاسى فيها العذاب الأليم، مَوْصولًا بعذاب البَرْزَخ المتصل بعذاب الآخرة
(6)
[2768]. (7/ 75)
[2768] علَّقَ ابن كثير (7/ 43) على قول ابن المسيب، والزهري، بقوله:«هذا القول عن هذين الإمامين غريب أيضًا جدًّا، ولعلهما أرادا أن الآية تتناوله بعمومها، لا أنها نزلت فيه خاصة كما تقدم» .
واسْتَدْرَكَ ابن عطية (4/ 158) على هذا القول لدلالة السياق بقوله: «هذا ضعيف؛ لأن الآية نزلت عقب بدر، وعلى هذا القول تكون أجنبية مما قبلها وما بعدها، وذلك بعيد» .
_________
(1)
أخرجه البيهقي في القضاء والقدر ص 175 (145)، وأبو نعيم في دلائل النبوة ص 469 - 470 (400) مطولًا، وابن جرير 11/ 86، وابن أبي حاتم 5/ 1673 (8907).
إسناده جيد. وينظر: مقدمة الموسوعة.
(2)
أخرجه ابن سعد في الطبقات 2/ 35، وابن أبي حاتم 5/ 1673 (8910) مرسلا. وأورده الثعلبي 4/ 338. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(3)
اللامَة: الدِّرْع، جمعها لُؤَمٌ. اللسان (لأم).
(4)
التَّرْقُوِة: هي العظم الذي بين ثُغْرَة النحر والعاتق، وهما ترقوتان من الجانبين. النهاية (ترق).
(5)
أي: يتدحرج. القاموس (دأدأ).
(6)
عزاه السيوطي إلى ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم مرسلًا. وفي ابن أبي حاتم 5/ 1673 عن ابن وهب عن يونس عن الزهري عن سعيد بن المسيب بنحوه بلفظ أطول. وعند ابن جرير 11/ 87 عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري دون سعيد بسياق مختلف! قال فيه: جاء أُبَي بن خلف الجُمَحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعظم حائل، فقال: الله محيي هذا يا محمد وهو رميم؟ وهو يفُتُّ العظم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يحييه الله، ثم يميتك، ثم يدخلك النار» قال: فلما كان يوم أحد قال: والله لأقتلن محمدا إذا رأيته، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال:«بل أنا أقتله إن شاء الله» . وكذا أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2/ 256.
30414 -
عن محمد ابن شهاب الزهري: في قوله: {وما رميت إذ رميت} ، قال: حيث رَمى أُبيَّ بن خلف يوم أُحُدٍ بحربته، فقيل له: إن يَكُ إلا جَحْشٌ
(1)
. قال: أليس قال: «أنا أقتلك؟» . والله لو قالها لجميع الخَلْق لَماتوا
(2)
. (7/ 76)
30415 -
قال عروة بن الزبير -من طريق هشام-: لَمّا ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرًا قال: «هذه مَصارِعهم» . ووجد المشركون النبي صلى الله عليه وسلم قد سبقهم إليه، ونزل إليه، فلما طلعوا عليه زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«هذه قريش قد جاءت بجلبتها وفخرها، تحادك وتكذب رسولك، اللهم إني أسألك ما وعدتني» . فلما أقبلوا استقبلهم، فحثا في وجوههم، فهزمهم الله عز وجل
(3)
. (ز)
30416 -
عن عروة بن الزبير -من طريق ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر- في قوله:{ولكن الله رمى} ، أي: لم يكن ذلك برَمْيَتِك؛ لولا الذي جعل الله من نَصْرِك، وما ألْقى في صدور عدوِّك منها حتى هَزَمْتَهم
(4)
. (7/ 76)
30417 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- في قوله: {فلم تقتلوهم} ، قال: لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حين قال هذا: قتَلتُ. وهذا: قتَلتُ {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} . قال: لمحمد صلى الله عليه وسلم حين حَصَبَ الكفارَ
(5)
. (7/ 72)
(1)
أي: خَدْشٌ، والجحش: سَحْجُ الجلد وقَشْرُهُ من شيء يصيبه. التاج (جحش).
(2)
عزاه السيوطي إلى ابن جرير، وابن المنذر مرسلًا.
(3)
أخرجه ابن جرير في تفسيره 11/ 84، وفي تاريخه 2/ 421 مطولًا مرسلًا.
(4)
أخرجه ابن إسحاق -كما في سيرة ابن هشام 1/ 668 - ، وابن أبي حاتم 5/ 1674.
(5)
تفسير مجاهد (ص 352)، وأخرجه ابن جرير 11/ 83، وابن أبي حاتم 5/ 1672 مرسلا. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ. وفي تفسير البغوي 3/ 339 بلفظ: سبب هذه الآية أنهم لما انصرفوا عن القتال كان الرجل يقول: أنا قتلت فلانًا. ويقول الآخر مثله؛ فنزلت الآية.
30418 -
عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق أيوب- قال: ما وقَع من الحَصْباء شيءٌ إلا في عَيْن رجلٍ
(1)
. (7/ 72)
30419 -
قال صفوان بن عمرو: حدثنا عبد الرحمن بن جُبير: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يومَ ابن أبي الحُقَيقِ دعا بقَوس، فأُتِيَ بقوس طويلة، فقال:«جِيئُوني بقوسٍ غيرها» . فجاءوه بقوس كَبْداءَ
(2)
، فرمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحصن، فأقبل السهم يَهْوِي حتى قتل ابن أبي الحُقيق في فراشه، فأنزل الله:{وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى}
(3)
[2769]. (7/ 76)
30420 -
عن مكحول الشامي، قال: لما كَرَّ عليٌّ وحمزة على شَيْبَة بن ربيعة غضِب المشركون، وقالوا: اثنان بواحد! فاشْتَعَل القتال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«اللهمَّ إنك أمَرْتَني بالقتال، ووَعَدْتني النصر، ولا خُلْفَ لوَعْدِك» . وأخذ قبضة مِن حَصًى، فرمى بها في وجوههم، فانْهَزَموا بإذن الله، فذلك قوله:{وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى}
(4)
. (7/ 73)
30421 -
عن محمد بن كعب القُرَظي =
[2769] علَّقَ ابن كثير (7/ 42) على قول عبد الرحمن بن جبير بقوله: «وهذا غريب، وإسناده جيد إلى عبد الرحمن بن جبير بن نفير، ولعله اشتبه عليه، أو أنه أراد أن الآية تعمّ هذا كله، وإلا فسياق الآية في سورة الأنفال في قصة بدر لا محالة، وهذا مما لا يخفى على أئمة العلم» .
واسْتَدْرَكَ ابن عطية (4/ 158 بتصرف) على هذا القول بقوله: «هذا فاسدٌ
…
، والصحيح في قتل ابن أبي الحقيق غير هذا».
_________
(1)
أخرجه عبد الرزاق 1/ 256، وابن جرير 11/ 84، وابن أبي حاتم 5/ 1674. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.
(2)
قوس كبداء: شديدة. النهاية (كبد).
(3)
أخرجه ابن جرير -كما في تفسير ابن كثير 4/ 31 - ، وابن أبي حاتم 5/ 1673 - 1674 (8911) مرسلًا. وأورده الواحدي في أسباب النزول ص 233، والثعلبي 4/ 338 - 339. ولم يرد الأثر في نُسخ تفسير ابن جرير المطبوعة، وقد تنبه إلى ذلك العلامة شاكر في تحقيقه لتفسير ابن جرير 13/ 447، هـ 1.
(4)
أخرجه ابن عساكر في تاريخه 41/ 456 (8329) مرسلًا.
30422 -
ومحمد بن قيس -من طريق أبي مَعْشَرٍ- قالا: لما دنا القوم بعضهم مِن بعض، أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبضة مِن تراب، فرمى بها في وجوه القوم، وقال:«شاهَتِ الوجوه» . فدَخَلتْ في أعْيُنِهم كلِّهم، وأقبل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقْتُلُونهم ويأسِرونَهم، وكانت هزيمتُهم في رَمْيَة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله:{وما رميت إذ رميت} إلى قوله: {سميع عليم}
(1)
. (7/ 74)
30423 -
عن قتادة بن دِعامة -من طريق معمر- في قوله: {وما رميت إذ رميت} ، قال: رماهم يوم بدر بالحَصْباء
(2)
.
(7/ 72)
30424 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قوله: {وما رميت إذ رميت} الآية، ذُكِر لنا: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أخذ يوم بدر ثلاثة أحجار، ورمى بها وجوه الكفار، فهُزِموا عند الحجر الثالث
(3)
. (ز)
30425 -
عن إسماعيل السدي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين التقى الجمعان يوم بدر لعلي: «أعطِني حصًى من الأرض» . فناوله حصى عليه تراب، فرمى به وجوه القوم، فلم يبق مشرك إلا دخل في عينيه من ذلك التراب شيء، ثم رَدِفَهُمُ
(4)
المؤمنون يقتلونهم ويأسِرونهم. فذكر رمية النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:{فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى}
(5)
. (ز)
30426 -
عن محمد بن السائب الكلبي: {فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} ، قال: لَمّا صافَّ رسول الله المشركين، دعا بقبضة من حَصْباء الوادي وترابه، فرمى بها في وجوه المشركين، فملأ الله منها وجوههم وأعينهم ترابًا، وقذف في قلوبهم الرعب؛ فانهزموا، واتَّبَعَهم المؤمنون يقتلونهم ويأسِرونهم
(6)
. (ز)
30427 -
قال مقاتل بن سليمان: {فلم تقتلوهم} يعني: ما قتلتموهم، وذلك أن الرجل من المؤمنين كان يقول: فعلت وقتلت؛ فنزلت: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ ولَكِنَّ اللَّهَ
(1)
أخرجه ابن جرير 11/ 85.
(2)
أخرجه عبد الرزاق 1/ 255، 256، وابن جرير 11/ 84. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(3)
أخرجه ابن جرير 11/ 85 مرسلًا.
(4)
رَدِفَه: تَبِعَه. القاموس (ردف).
(5)
أخرجه ابن جرير 11/ 85 - 86 مرسلًا.
(6)
ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين 2/ 171 - .
قَتَلَهُمْ وما رَمَيْتَ إذْ رَمَيْتَ ولَكِنَّ اللَّهَ رَمى}، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم حين صافَّ المشركين، دعا بثلاث قبضات من حصى الوادي ورَمْلِه، فناوله عليُّ بن أبي طالب، فرمى بها في وجوه العدو، وقال:«اللهم أرْعِب قلوبهم، وزلزل أقدامهم» . فملأ الله وجوههم وأبصارهم من الرمية، فانهزموا عند الرمية الثالثة، وتبعهم المسلمون يقتلونهم ويأسرونهم، فذلك قوله:{ولِيُبْلِيَ المُؤْمِنِينَ مِنهُ بَلاءً حَسَنًا إنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}
(1)
. (ز)
30428 -
عن سفيان الثوري، {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} ، قال: رمى الرمي بالتراب حين قال: «شاهت الوجوه»
(2)
. (ز)
30429 -
عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- قال: قال الله عز وجل في رمي رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين بالحصباء من يده حين رماهم: {ولكن الله رمى} . أي: لم يكن ذلك برميتك، لولا الذي جعل الله فيها من نصرك، وما ألقى في صدور عدوك منها حين هزمهم
(3)
. (ز)
30430 -
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {وما رميت إذ رميت} ، قال: هذا يوم بدر، أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثَ حَصَيات، فرَمى بحَصاةٍ في ميمنة القوم، وحصاةٍ في ميسرة القوم، وحصاةٍ بين أظْهُرِهم، فقال:«شاهَتِ الوجوه» . فانْهزَموا
(4)
[2770]. (7/ 72)
وقال ابنُ القيم (1/ 439): «اعتقد جماعةٌ أن المراد بالآية سلب فعل الرسول عنه، وإضافته إلى الرب تعالى، وجعلوا ذلك أصلًا في الجبر وإبطال نسبة الأفعال إلى العباد، وتحقيق نسبتها إلى الرب وحده، وهذا غلط منهم في فهم القرآن، فلو صح ذلك لوجب طرده في جميع الأعمال، فيقال: ما صليت إذ صليت، وما صمت إذ صمت، وما ضحيت إذ ضحيت، ولا فعلت كل فعل إذ فعلته، ولكن الله فعل ذلك، فإن طردوا ذلك لزمهم في جميع أفعال العباد طاعتهم ومعاصيهم؛ إذ لا فرق، فإن خصوه بالرسول وحده وأفعاله جميعها أو رميه وحده تناقضوا، فهؤلاء لم يوفقوا لفهم ما أريد بالآية. وبعد، فهذه الآية نزلت في شأن رميه المشركين يوم بدر بقبصة من الحصباء، فلم تدع وجه أحد منهم إلا أصابته، ومعلوم أن تلك الرمية من البشر لا تبلغ هذا المبلغ، فكان منه مبدأ الرمي، وهو الحذف، ومن الله? نهايته، وهو الإيصال، فأضاف إليه رمي الحذف الذي هو مبدؤه، ونفى عنه رمي الإيصال الذي هو نهايته، ونظير هذا قوله في الآية نفسها: {فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم}، ثم قال: {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى}، فأخْبَرَه أنه هو وحده هو الذي تفرد بقتلهم، ولم يكن ذلك بكم أنتم، كما تفرد بإيصال الحصى إلى أعينهم، ولم يكن ذلك من رسوله، ولكن وجه الإشارة بالآية أنه سبحانه أقام أسبابًا ظاهرة؛ كدفع المشركين، وتولى دفعهم وإهلاكهم بأسباب باطنة غير الأسباب التي تظهر للناس، فكان ما حصل من الهزيمة والقتل والنصرة مضافًا إليه به، وهو خير الناصرين» .وبنحوه قال ابنُ جرير (11/ 82 - 83)، وكذا ابنُ عطية (4/ 156 - 157).وذكر ابنُ عطية أن قوله:{وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} يحتمل احتمالات: الأول: أن يكون مرادًا به ما أيضًا ما في قوله: {فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم} . الثاني: أن يريد، وما رميت الرعب في قلوبهم إذ رميت حصياتك، ولكن الله رماه، وذكر أنه منصوص في المهدوي وغيره. الثالث: أن يريد: وما أغنيت إذ رميت حصياتك، ولكن الله رمى، أي أعانك وأظفرك، والعرب تقول في الدعاء: رمى الله لك، أي: أعانك وصنع لك. وذكر أن أبا عبيدة حكاه في كتاب المجاز.
_________
(1)
تفسير مقاتل بن سليمان 2/ 105 - 106.
(2)
تفسير سفيان الثوري ص 117.
(3)
أخرجه ابن جرير 11/ 86.
(4)
أخرجه ابن جرير 11/ 86.