الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ}
29014 -
عن عليِّ بن أبي طالب -من طريق عمارة بن عبد السلولي- قال: لَمّا حضر أجَلُ هارون أوحى الله إلى موسى: أنِ انطلق أنت وهارونُ وابنُ هارونَ إلى غارٍ في الجبل، فأنا قابِضٌ رُوحَه. فانطلق موسى وهارونُ وابن هارونَ، فلما انتهوا إلى الغار دخلوا، فإذا سريرٌ، فاضطَجَع عليه موسى، ثم قام عنه، فقال: ما أحسنَ هذا المكان، يا هارون! فاضطَجَع هارون، فقبض روحه، فرجع موسى وابنُ هارون إلى بني إسرائيل حزينَينِ، فقالوا له: أين هارون؟ قال: مات. قالوا: بل قتلته، كنتَ تعلم أنّا نُحِبُّه. فقال لهم موسى: ويلكم، أقتل أخي وقد سألتُه الله وزيرًا؟! ولو أنِّي أردت قتله أكان ابنُه يدعُني؟! قالوا له: بلى، قتَلْتَه، حَسَدْتَناهُ. قال: فاختاروا سبعين رجلًا. فانطَلَق بهم، فمرِض رجلان في الطريق، فخطَّ عليهما خطًّا، فانطلق موسى وابنُ هارون وبنو إسرائيل حتى انتهوا إلى هارون، فقال: يا هارون، مَن قتلك؟ قال: لم يقتلني أحدٌ، ولكني متُّ. قالوا: ما نقضي، يا موسى؟ ادعُ لنا ربَّك يجعلنا أنبياء. قال: فأخذتهم الرجفة، فصعقوا، وصعق الرجلان اللذان خُلِّفوا، وقام موسى يدعو ربَّه:{لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا} . فأحياهم اللهُ، فرجعوا إلى قومهم أنبياءَ
(1)
[2645]. (6/ 599)
[2645] ذكر ابنُ عطية (4/ 56) في معنى الآية: «أنّ موسى عليه السلام اختار من قومه هذه العِدَّة ليذهب بهم إلى موضع عبادة وابتهال ودعاء؛ ليكون منه ومنهم اعتذار إلى الله عز وجل من خطأ بني إسرائيل في عبادة العجل، وطلب لكمال العفو عمَّن بقي منهم» . وذكر أنه «روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما أنّ اختيارهم إنّما كان بسبب قول بني إسرائيل: أنّ موسى قتل هارون حين ذهب معه ولم يرجع. فاختار هؤلاء ليذهبوا فيكلمهم هارون بأنّه مات بأجله» .
ثم رَجَّح القولَ الأول مستندًا إلى دلالة لفظ الآية، واللغة، وانتقد قولَ علي رضي الله عنهما قائلًا:«وقوله: {لِمِيقاتِنا} يؤيد القول الأول، وينافر هذا القول؛ لأنّها تقتضي أنّ ذلك كان عن توقيت من الله عز وجل وعِدَة في الوقت الموضع، وتقدير الكلام: واختار موسى من قومه. فلما انحذف الخافضُ تَعَدّى الفعلُ فنَصَب، وهذا كثير في كلام العرب» .
ونقل (4/ 57) في سبب الرجفة التي حلَّت بهم عن السدي قوله: «كانت على عبادتهم العجل بأنفسهم، وخفي ذلك عن موسى في وقت الاختيار حتى أعلمه الله» .
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 10/ 470، وابن أبي حاتم 5/ 1573. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت، وأبي الشيخ.
29015 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق علي- في قوله: {واختار موسى قومه} الآية، قال: كان اللهُ أمره أن يختار من قومه سبعين رجلًا، فاختار سبعين رجلًا، فبَرَزَ بهم ليدعوا ربَّهم، فكان فيما دعوا اللهَ أن قالوا: اللهمَّ، أعطِنا ما لم تُعْطِه أحدًا مِن قبلنا، ولا تُعْطِه أحدًا بعدنا. فكره اللهُ ذلك من دعائهم، فأخذتهم الرجفة، قال موسى: ربِّ، لو شئت أهلكتهم من قبل
(1)
.
(6/ 597)
29016 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن حيان- قال: إنّ السبعين الذين اختارهم موسى من قومه إنّما أخذتهم الرَّجفة لأنهم لم يرْضَوْا بالعجل، ولم يَنْهَوا عنه
(2)
. (6/ 602)
29017 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جبير-: فأخذتهم الرجفة، وكان فيهم مَن قد اطَّلَع الله منه على ما أُشْرِب قلبُه مِن حُبِّ العجل، والإيمان به؛ فلذلك رَجَفَتْ بهم الأرض
(3)
. (ز)
29018 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- {فَلَمّا أخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} ، قال: رُجِف بهم
(4)
. (ز)
29019 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جبير- قال: ثُمَّ انصرف -يعني: موسى- إلى السامريِّ، فقال له: ما حَمَلَك على ما صنعت؟ قال: قبضتُ قبضة من أثر رسول الله، فَطِنتُ، وعَمِيَت عليكم، فقذفتها، {وكذلك سولت لي نفسي} إلى قوله:{ثم لننسفنه في اليم نسفا} [طه: 96 - 97]، ولو كان إلهًا لم يخلص إلى ذلك منه. فاستيقن بنو إسرائيل بالفتنة، واغتبط الذين كان رأيُهم فيه رأيَ هارون، قالوا بجماعتهم لموسى: سلْ ربَّك أن يفتح لنا بابَ توبةٍ نصنعها؛ تُكَفِّر لنا ما عملنا. فاختار موسى من قومه سبعين رجلًا لذلك، لا يألون الخير، خيار بني إسرائيل ومَن لم يشرك في العجل، فانطلق يسأل ربَّه عز وجل لقومه التوبة، فرجفت به الأرض
(5)
. (ز)
(1)
أخرجه ابن جرير 10/ 469، وابن أبي حاتم 5/ 1574. وعزاه السيوطي إلى المنذر.
(2)
أخرجه ابن أبي عمر -كما في المطالب العالية (3981) -، وابن جرير 10/ 472. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وأبي الشيخ.
(3)
أخرجه ابن أبي حاتم 5/ 1575.
(4)
أخرجه ابن جرير 10/ 475.
(5)
أخرجه ابن أبي حاتم 5/ 1573 - 1574.
29020 -
عن قتادة -من طريق سعيد- {واخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا} فقرأ حتى بلغ: {السُّفَهاءُ مِنّا} ، ذُكر لنا: أنّ ابن عباس كان يقول: إنّما تناولتهم الرجفة لأنهم لم يُزايِلوا القومَ حين نصبوا العجل، وقد كَرِهوا أن يجامعوهم عليه
(1)
. (ز)
29021 -
عن سعيد بن جبير -من طريق عطاء بن دينار- في قول الله: {واختار موسى قومه سبعين رجلا} ، قال: اختار موسى من قومه اثني عشر نقيبًا، مِن اثني عشر سِبْطًا، لِكُلِّ سبطٍ رَجُلًا، يعني بالنقيب: النافذ في الأمر، وأخذه له
(2)
. (ز)
29022 -
عن نوف الحِمْيرِيِّ -من طريق شهر بن حوشب- قال: لَمّا اختار موسى قومه سبعين رجلًا لميقات ربِّه قال اللهُ لموسى: أجْعَلُ لكم الأرض مسجدًا وطهورًا، وأَجْعَلُ السكينةَ معكم في بيوتكم، وأجعلكم تقرءون التوراة عن ظهور قلوبكم، فيقرؤها الرجل منكم والمرأة والحرُّ والعبد والصغيرُ والكبيرُ. فقال موسى: إنّ الله قد جعل لكم الأرض مسجدًا وطهورًا. قالوا: لا نريد أن نصلِّي إلا في الكنائس. قال: ويجعل السكينة معكم في بيوتكم. قالوا: لا نريد إلا كما كانت في التابوت. قال: ويجعلكم تقرءون التوراةَ عن ظهور قلوبكم، فيقرؤها الرجل منكم والمرأةُ والحرُّ والعبدُ والصغيرُ والكبيرُ. قالوا: لا نريد أن نقرأها إلا نظرًا. قال الله: {فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة} إلى قوله: {المفلحون} . قال موسى: أتيتُك بوفدِ قومي، فجعلت وِفادتهم لغيرِهم! اجعلني نبيَّ هذه الأمة. قال: إنّ نبَّيهم منهم. قال: اجعلني مِن هذه الأمة. قال: إنّك لن تُدركهم. قال: ربِّ، أتيتك بوفد قومي، فجعلت وفادتهم لغيرهم! قال: فأوحى الله إليه: {ومن قوم موسى أمةٌ يهدون بالحق وبه يعدلونَ} [الأعراف: 159]. قال: فرضِيَ موسى. قال نوفٌ: ألا تحمدون ربًّا شهد غيبتكم، وأخذ لكم بسمعكم، وجعل وِفادةَ غيرِكم لكم!
(3)
.
(6/ 600)
29023 -
عن نوف البِكاليِّ -من طريق أبي هارون العبدي-: إنّ موسى لَمّا اختار من قومه سبعين رجلًا قال لهم: فِدُوا إلى الله، وسَلُوه. فكانت لموسى مسألةٌ، ولهم مسألةٌ، فلما انتهى إلى الطور -المكان الذي وعده الله به- قال لهم موسى: سلوا اللهَ. قالوا: أرِنا الله جهرةً. قال: ويحكم، تسألون الله هذا! مرتين. قالوا: هي مسألتنا، أرِنا اللهَ جهرةً. فأخذتهم الرجفة، فصعقوا، فقال موسى: أيْ ربِّ، جئتُك
(1)
أخرجه ابن جرير 10/ 471.
(2)
أخرجه ابن أبي حاتم 5/ 1574.
(3)
أخرجه ابن جرير 10/ 489 - 490، وابن أبي حاتم 5/ 1579. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.
بسبعين مِن خيار بني إسرائيل، فأرجع إليهم وليس معي منهم أحدٌ؟! فكيف أصنع ببني إسرائيل؟ أليس يقتلوني؟ فقيل له: سلْ مسألتَك. قال: أيْ ربِّ، إنِّي أسألُك أن تبعثهم. فبعثهم الله، فذهبت مسألتُهم ومسألتُه، وجُعِلت تلك الدعوة لهذه الأُمَّة
(1)
.
(6/ 600)
29024 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق أبي سعد-: {واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا} ، فلما أخذتهم الرجفة بعد أن خرج موسى بالسبعين من قومه يدعون الله، ويسألونه أن يكشف عنهم البلاء، فلم يستجب لهم؛ علِم موسى أنّهم قد أصابوا من المعصية ما أصاب قومهم. =
29025 -
قال أبو سعد: فحدثني محمد بن كعب القرظيُّ، قال: لم يستجبْ لهم من أجل أنهم لم ينهوهم عن المنكر، ولم يأمروهم بالمعروف، فأخذتهم الرجفة فماتوا، ثم أحياهم الله
(2)
. (6/ 598)
29026 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في قوله: {واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا} قال: لتمام الموعدِ. وفي قوله: {فلمّا أخذتهم الرجفة} قال: ماتوا ثم أحياهم
(3)
. (6/ 601)
29027 -
عن أبي سعيد الرَّقاشِي -من طريق الربيع بن حبيب- في قوله: {واختارَ موسى قومهُ سبعين رجلا} ، قال: كانوا قد جاوَزوا الثلاثين ولم يبلغوا الأربعين، وذلك أنّ من جاوز الثلاثينَ فقد ذهب جهله وصِباه، ومَن بلغ الأربعين لم يفقِدْ مِن عقله شيئًا
(4)
. (6/ 601)
29028 -
قال وهب بن منبه: قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام: إنّ طائفةً يزعمون أنّ الله لا يكلمك، ولو كلَّمك ما قمت لكلامه، ألم ترَ أنّ طائفةً مِنّا سألوه النظر إليه فماتوا؟!، أفلا تسأله أن يُنزِل طائفة مِنّا حتى يكلمك، فيسمعوا كلامه؛ فيُؤمنوا، وتذهب التهمة. فأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام: أنِ اختر من خيارهم سبعين
(1)
أخرجه ابن أبي حاتم 5/ 1574 - 1575. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.
(2)
أخرجه ابن جرير 10/ 472. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(3)
أخرجه ابن جرير 10/ 472، وابن أبي حاتم 5/ 1575 بشطره الأخير. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ. وينظر: تفسير مجاهد ص 344.
(4)
أخرجه ابن أبي حاتم 5/ 1574. وفيه: جاوزوا العشرين فلم يبلغوا الأربعين، وذلك أنّ ابن العشرين قد ذهب جهله وصباه .... وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وأبي الشيخ.
رجلًا، ثم ارتقِ بهم إلى الجبل أنت وهارون. واستخلف على بني إسرائيل يوشع بن نون، يقول كما أمر الله تعالى: واختار
…
سبعين رجلًا
(1)
. (ز)
29029 -
قال وهب بن منبه: لم تكن الرَّجفةُ صوتًا، ولكنَّ القوم لَمّا رأوا تلك الهيبة أخذتهم الرعدة، وقَلِقُوا، ورَجَفُوا، حتى كادت أن تَبِين مفاصلُهم، فلمّا رأى موسى ذلك رَحِمَهم، وخاف عليهم الموت، فاشتد عليه فقدُهم، وكانوا له وزراء على الخير، سامعين مطيعين، فعند ذلك دعا، وبكى، وناشد ربه، فكشف الله عنهم تلك الرجفة، فاطمأنُّوا، وسمعوا كلام ربهم، فذلك قوله عز وجل:{قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أهْلَكْتَهُمْ مِن قَبْلُ وإيّايَ أتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنّا}
(2)
. (ز)
29030 -
عن قتادة بن دعامة: {واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا} ، قال: اختارهم ليقوموا مع هارون على قومه بأمر الله، فلمّا أخذتهم الرجفة تناولتهم الصاعقة حين أخذت قومهم
(3)
. (6/ 598)
29031 -
عن قتادة بن دعامة، قال: ذُكِر لنا: أنّ أولئك السبعين كانوا يلبسون ثياب الطُّهْرَةِ؛ ثيابٌ يغزِله وينسِجُه العَذارى، ثم يتبرَّزون صَبيحةَ ليلة المطر إلى البَرِّيَّةِ، فيدعون الله فيها، فواللهِ، ما سأل القومُ يومئذ شيئًا إلا أعطاه اللهُ هذه الأُمَّةَ
(4)
. (6/ 602)
29032 -
عن ابن أبي نجيح، عن الرقي وقتادة بن دعامة، في قوله:{واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا} ، قال: اختارهم لتمام الموعد
(5)
. (ز)
29033 -
عن ميمون بن مهران -من طريق جعفر بن بُرْقانَ- {واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا} ، قال: لموعدهم الذي وعَدهم
(6)
. (ز)
29034 -
عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- قال: إنّ الله أمر موسى عليه السلام أن يأتيه في ناسٍ من بني إسرائيل يعتذرون إليه مِن عبادة العجل، ووعدهم موعدًا، فاختار موسى قومه سبعين رجلًا على عينه، ثم ذهب بهم ليعتذروا، فلما أتوا ذلك
(1)
تفسير الثعلبي 4/ 288.
(2)
تفسير الثعلبي 4/ 289، وتفسير البغوي 3/ 286.
(3)
عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(4)
عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وأبي الشيخ.
(5)
تفسير مجاهد ص 344، وهوكذا فيه: عن ابن أبي نجيح عن الرقي وقتادة، ولم يتبين لنا مَن الرقي.
(6)
أخرجه ابن جرير 10/ 469.
المكان قالوا: لن نؤمن لك -يا موسى- حتى نرى الله جهرةً، فإنّك قد كلمته؛ فأرِناه. فأخذتهم الصاعقة، فماتوا، فقام موسى يبكي، ويدعو الله، ويقول: ربِّ، ماذا أقول لبني إسرائيل إذا أتيتُهم وقد أهلكت خيارهم؟! لو شئتَ أهلكتهم من قبل وإياي
(1)
[2646]. (ز)
29035 -
عن سعيد بن حيّان -من طريق عوف- قال: إنّ السبعين إنّما أخذتهم الرجفة لأنّهم لم يأمروا بالعجل، ولم يَنْهَوْا عنه
(2)
. (ز)
29036 -
عن الفضل بن عيسى ابن أخي الرَّقاشِيِّ: أنّ بني إسرائيل قالوا ذات يوم لموسى: ألستَ ابن عمِّنا ومِنّا، وتزعم أنّك كلَّمت ربَّ العزة؟ فإنّا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرةً. فلمّا أن أبَوْا إلا ذلك أوحى الله إلى موسى: أنِ اختر من قومك سبعين رجلًا. فاختار موسى من قومه سبعين رجلًا خيرة، ثم قال لهم: اخرُجوا. فلمّا برزوا جاءهم ما لا قِبَل لهم به، فأخذتهم الرجفة، قالوا: يا موسى، رُدَّنا. فقال لهم موسى: ليس لي من الأمر شيءٌ، سألتم شيئًا فقد جاءكم. فماتوا جميعًا. قيل: يا موسى، ارجِعْ. قال: ربِّ، إلى أين الرجعة، {رب لو شئتَ أهلكتهم من قبلُ وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا} إلى قوله:{فسأكتبُها للذين يتقون} الآية. قال عكرمة: كُتِبتِ الرحمةُ يومئذ لهذه الأمة
(3)
. (6/ 598)
[2646] قال ابنُ عطية (4/ 57): «ورُوِي: أنّهم ماتوا في رجفتهم هذه. ويحتمل أن كانت كالإغماء ونحوه» . وذكر أنّ موسى عليه السلام لما رأى رجفتهم «أسِف عليهم، وعلم أنّ أمر بني إسرائيل سيتشعب عليه إذا لم يأت بالقوم، فجعل يستعطف ربَّه: أيْ ربِّ، لو أهلكتهم قبل هذه الحال وإيّاي لكان أحقَّ عَلَيَّ، وهذا وقتٌ هلاكهم فيه مُفْسِدٌ عليَّ، مؤذٍ لي. ثم استفهم على جهة الرغبة والتضرع والتذلل» . وذكر احتمالًا آخر، فقال:«ويحتمل قوله: {رَبِّ لَوْ شِئْتَ أهْلَكْتَهُمْ مِن قَبْلُ وإيّايَ} أن يريد وقتَ إغضائهم على عبادة العجل، أي: وقت عبادتهم -على القول بذلك -، وفي نفسه هو وقت قتله القبطي، أي: فأنت قد سترت وعفوت حينئذ، فكيف الآن إذ رجوعي دونهم فسادٌ لبني إسرائيل» . ثم وجَّههما بقوله: «فمنحى الكلام -على هذا- محضُ استعطاف، وعلى التأويل الأول منحاه الإدلاءُ بالحُجَّة في صيغة استعطاف» .
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 1/ 671، 10/ 468.
(2)
أخرجه ابن أبي حاتم 5/ 1575.
(3)
عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
29037 -
قال محمد بن السائب الكلبي: إنّ السبعين [قالوا] لموسى حين كلمه ربه: يا موسى، لنا عليك حقٌّ؛ كُنّا أصحابك، ولم نختلف، ولم نصنع الذي صنع قومُنا؛ فأرِنا الله جهرة كما رأيته، فقال موسى: لا، واللهِ، ما رأيته، ولقد أردتُّه على ذلك، فأبى، وتجلّى للجبل، فكان دكًّا، وهو أشدُّ مِنِّي، وخررت صعِقًا، فلمّا أفقتُ سألتُ اللهَ، واعترفتُ بالخطيئة. فقالوا: إنّا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة. فأخذتهم الصاعقة؛ فاحترقوا مِن آخرهم، فظنَّ موسى أنّهم إنما احترقوا بخطيئة أصحاب العِجْل، فقال موسى:{رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا} يعني: أصحاب العجل، {إن هي إلا فتنتك} إلى آخر الآية، ثُمَّ بعثهم الله من بعد موتهم
(1)
. (ز)
29038 -
قال مقاتل بن سليمان: {واخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا} من اثني عشر سِبْطًا سِتَّةً سِتَّةً؛ فصاروا اثنين وسبعين رجلًا، قال موسى: إنما أمرني ربي بسبعين رجلًا، فمَن قعد عَنِّي فلم يجئْ فله الجنة. فقعد يوشع بن نون، وكالب بن يوقنا {لِمِيقاتِنا} يعني: لميعادنا، يعني: الأربعين يومًا، فانطلق بهم، فتركهم في أصل الجبل، فلمّا نزل موسى إليهم قالوا: أرِنا الله جهرة. فأخذتهم الرجفة -يعني: الموت- عقوبةً لِما قالوا، وبقي موسى وحده يبكي
(2)
. (ز)
29039 -
عن عبد الملك ابن جُرَيْج -من طريق حجّاج- قوله: {واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا} مِمَّن لم يكن قال ذلك القولَ على أنّهم لم يُجامعوهم عليه، فأخذتهم الرجفة من أجل أنّهم لم يكونوا باينوا قومهم حين اتخذوا العجل، فلما خرجوا ودَعَوْا أماتهم الله، ثم أحياهم، {فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا}
(3)
. (ز)
29040 -
عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- قال: اختار موسى من بني إسرائيل سبعين رجلًا الخيِّرَ فالخيِّرَ، وقال: انطلقوا إلى الله، فتوبوا إليه مما صنعتم، واسألوه التوبةَ على مَن تركتم وراءكم من قومكم، صوموا، وتطَهَّروا، وطَهِّروا ثيابَكم، فخرج بهم إلى طور سينا لميقاتٍ وقَّته له ربُّه، وكان لا يأتيه إلا بإذنٍ منه وعلمٍ، فقال السبعون -فيما ذُكِر لي- حين صنعوا ما أمرهم به، وخرجوا معه للقاء
(1)
ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين 2/ 145 - .
(2)
تفسير مقاتل بن سليمان 2/ 66.
(3)
أخرجه ابن جرير 10/ 472.