الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1121 -
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- قال: قال الله للملائكة: إنِّي أُريدُ أن أخلق في الأرض خَلْقًا، وأجعل فيها خليفة. وليس لله يومئذ خَلْقٌ إلا الملائكة، والأرض ليس فيها خَلْق
(1)
. (ز)
{قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ}
1122 -
عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ أوَّلَ من لَبّى الملائكةُ، قال الله: {إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء}. قال: فَرادُّوه، فأعرض عنهم، فطافوا بالعرش ست سنين يقولون: لبيك لبيك اعتذارًا إليك، لبيك لبيك نستغفرك ونتوب إليك»
(2)
. (1/ 246)
1123 -
عن عبد الله بن عمر، أنّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنّ آدم لَمّا أهبطه الله إلى الأرض قالت الملائكة: أيْ رَبّ، {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك}. قال:{إني أعلم ما لا تعلمون} . قالوا: ربنا، نحن أطوعُ لك من بني آدم. قال الله للملائكة: هَلُمُّوا مَلَكَيْن من الملائكة حتى نُهْبِطهما إلى الأرض، فننظر كيف يعملان؟ فقالوا: ربنا، هاروت وماروت
…
(3)
»
(4)
. (11/ 230)
(1)
أخرجه ابن جرير 1/ 479.
(2)
أخرجه الأصبهاني في الترغيب والترهيب 1/ 440 (776) من طريق ابن أبي الدنيا. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي الدنيا في كتاب التوبة.
وفي إسناده جهالة، فقد رواه فضيل بن يونس، عن شيخ من أهل البصرة، عن أنس.
(3)
ينظر تتمة الأثر عند تفسير قوله تعالى: {وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت} .
(4)
أخرجه أحمد 10/ 317 - 318 (6178)، وابن حبان 14/ 63 - 64 (6186)، والحاكم 4/ 650 (8796).
وفيه يحيى بن سلمة، قال الحاكم:«هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وترك حديث يحيى بن سلمة عن أبيه من المحالات التي يردها العقل؛ فإنه لا خلاف أنه من أهل الصنعة، فلا ينكر لأبيه أن يخصه بأحاديث يتفرد بها عنه» . وقال الذهبي في التلخيص: «قال النسائي: متروك» . وقال ابن أبي حاتم في العلل 4/ 640 - 641: «قال أبي: هذا حديث منكر» . وقال البزار في مسنده 12/ 248 (5996): «وهذا الحديث رواه غير موسى بن جبير، عن نافع، عن ابن عمر موقوفًا. وموسى بن جبير ليس به بأس، وإنما أتى رفعُ هذا الحديث عندي من زهير بن محمد؛ لأنه لم يكن بالحافظ، على أنه قد روى عنه: عبد الرحمن بن مهدي، وابن وهب، وأبو عامر وغيرهم» . وقال ابن كثير في تفسيره 1/ 353: «وهذا حديث غريب من هذا الوجه، ورجاله كلهم ثقات من رجال الصحيحين، إلا موسى بن جبير هذا» . وقال المنذري في الترغيب والترهيب 3/ 179 - 180 (3575): «قد قيل: إن الصحيح وقْفُه على كَعْب» . وقال ابن حجر في القول المسدد ص 39: «له طرق كثيرة، جمعتها في جزء مفرد، يكاد يكون الواقف عليه أن يقطع بوقوع هذه القصة؛ لكثرة الطرق الواردة فيها، وقوة مخارج أكثرها» . وقال الهيثمي في المجمع 5/ 68 (8175)، 6/ 313 - 314 (10832):«رجاله رجال الصحيح، خلا موسى بن جبير، وهو ثقة» . وقال الهيتميُّ في الزواجر عن اقتراف الكبائر 2/ 252 - 253: «وقيل: الصحيح وقفه على كعب، عن ابن عمر» . وقال الألباني في الضعيفة 1/ 314 - 315 (170): «باطل مرفوعًا» .
1124 -
عن عبد الله بن مسعود، وناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم -من طريق السدي، عن مُرَّة الهمداني- = (1/ 245)
1125 -
وعبد الله بن عباس -من طريق السدي، عن أبي مالك وأبي صالح-: لَمّا فرغ الله من خلق ما أحبَّ؛ اسْتَوى على العرش، فجعل إبليسَ على مُلْك سماء الدنيا، وكان من قبيلة من الملائكة يقال لهم: الجن. وإنما سُّمُوا الجِنَّ لأنهم خزانُ الجنة، وكان إبليس مع مُلْكِه خازِنًا، فوقع في صدره كِبْر، وقال: ما أعطاني الله هذا إلا لمزيد
(1)
لي على الملائكة. فلما وقع ذلك الكِبْر في نفسه؛ اطَّلَع الله على ذلك منه، فقال الله للملائكة:{إني جاعل في الأرض خليفة} . قالوا: ربَّنا، وما يكون ذلك الخليفة؟ قال: يكون له ذرية، يفسدون في الأرض، ويتحاسدون، ويقتل بعضهم بعضًا. قالوا: ربنا، {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء}
(2)
. (ز)
1126 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق أبي رَوْق، عن الضحاك- قال: كان إبليس من حَيٍّ من أحياء الملائكة يقال لهم: الجن، خُلِقوا من نار السموم من بين الملائكة. قال: وكان اسمه الحارث. قال: وكان خازنًا من خُزّان الجنة. قال: وخُلِقَت الملائكة كلهم من نورٍ غير هذا الحي. قال: وخلقت الجن الذين ذكروا في
(1)
قال ابن جرير 1/ 486: «هكذا قال موسى بن هارون [شيخ ابن جرير]، وقد حدثني به غيره، وقال: لمزية لي» .
(2)
أخرجه ابن جرير 1/ 487 - 488، وابن عساكر 7/ 377.
القرآن من مارِج من نار -وهو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا أُلهِبَت-. قال: وخُلِق الإنسان من طين، فأول من سكن الأرضَ الجنُّ، فأفسدوا فيها، وسفكوا الدماء، وقتل بعضهم بعضًا. قال: فبعث الله إليهم إبليسَ في جُندٍ من الملائكة -وهم هذا الحي الذين يقال لهم: الجن-، فقتلهم إبليس ومَن معه، حتى ألحقهم بجزائر البحور وأطراف الجبال، فلما فعل إبليس ذلك اغْتَرَّ في نفسه، وقال: قد صنعت شيئًا لم يصنعْه أحد. قال: فاطَّلع الله على ذلك من قلبه، ولم تطَّلع عليه الملائكة الذين كانوا معه، فقال الله للملائكة الذين معه:{إني جاعل في الأرض خليفة} . فقالت الملائكة مجيبين له: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} ، كما أفسدت الجن، وسفكت الدماء، وإنما بعثتنا عليهم لذلك
(1)
. (ز)
1127 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق مجاهد- قال: لقد أخرج الله آدمَ من الجنة قبل أن يدخلها؛ قال الله: {إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} . وقد كان فيها قبل أن يُخْلَق بألفي عام الجِنُّ؛ بنو الجان، فأفسدوا في الأرض، وسفكوا الدماء، فلَمّا أفسدوا في الأرض بعث عليهم جنودًا من الملائكة، فضربوهم، حتى ألحقوهم بجزائر البحور، فلما قال الله:{إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} ، كما فعل أولئك الجان. فقال الله:{إني أعلم ما لا تعلمون}
(2)
. (1/ 241)
1128 -
وعن عبد الله بن عمرو -من طريق مجاهد-، مثله
(3)
. (1/ 241)
1129 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق السدي، عَمَّن حدثه- في قوله:{وإذ قال ربك للملائكة} الآية، قال: إنّ الله قال للملائكة: إنِّي خالقٌ بشرًا، وإنهم يتحاسدون، فيقتل بعضهم بعضًا، ويفسدون في الأرض. فلذلك قالوا:{أتجعل فيها من يفسد فيها}
(4)
. (1/ 245)
1130 -
عن عبد الله بن عباس، قال: إيّاكم والرَّأْيَ؛ فإن الله تعالى رد الرَّأْيَ على الملائكة، وذلك أن الله تعالى قال:{إني جاعل في الأرض خليفة} . قالت الملائكة:
(1)
أخرجه ابن جرير 1/ 482 - 485. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(2)
أخرجه الحاكم 2/ 261.
وقال: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخَرِّجاه» . ووافقه الذهبي.
(3)
أخرجه ابن أبي حاتم 1/ 77 (321).
(4)
أخرجه ابن أبي حاتم 1/ 77.
{أتجعل فيها من يفسد فيها} . قال: {إني أعلم ما لا تعلمون}
(1)
. (1/ 246)
1131 -
عن قتادة -من طريق سعيد-: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} وقد علِمَت الملائكة من عِلْمِ الله أنّه لا شيء أكره إلى الله من سفك الدماء والفساد في الأرض، {ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون} . فكان في علم الله -جَلَّ ثناؤُه- أنّه سيكون من ذلك الخليفة أنبياء، ورسل، وقوم صالحون، وساكنو الجنة. =
1132 -
قال قتادة: وذُكِر لنا أنّ ابن عباس كان يقول: إنّ الله لَمّا أخذ في خلق آدم قالت الملائكة: ما الله خالقٌ خَلْقًا أكرم عليه مِنّا، ولا أعلم مِنّا. فابْتُلُوا بخلق آدم، وكل خَلْقٍ مُبْتَلًى، كما ابتُلِيَت السموات والأرض بالطاعة، فقال الله:{ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين} [فصلت: 11]
(2)
[140]. (ز)
1133 -
عن أبي العالية -من طريق الربيع بن أنس- قال: إنّ الله خلق الملائكة يوم الأربعاء، وخلق الجن يوم الخميس، وخلق آدم يوم الجمعة، فكَفَر قوم من الجن، فكانت الملائكة تهبط إليهم في الأرض فتقاتلهم، فكانت الدماء، وكان الفساد في الأرض، فمن ثَمَّ قالوا:{أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء}
(3)
. (1/ 243)
1134 -
عن مجاهد -من طريق ابنه عبد الوهاب- قال: كان إبليس على سُلْطان سماء الدنيا وسُلْطان الأرض، وكان [مكتوبًا] في الرفيع الأعلى عند الله أنه سيجعل في الأرض خليفة، وأنه سيكون دمًا و [أحداثًا]، فوجد ذلك إبليس، فقرأه أو أبصره دون الملائكة، فلمّا ذكر أمرَ آدم للملائكة أخبر إبليسُ الملائكةَ أنّ هذا الخليفة الذي يكون ستسجد له الملائكة، وأسَرَّ إبليس في نفسه أن لن يسجد له، وأخبر الملائكةَ
[140] عَلَّقَ ابنُ جرير (1/ 492) على قول قتادة هذا بقوله: «وهذا الخبر عن قتادة يدل على أن قتادة كان يرى أن الملائكة قالت ما قالت على غير يقين علمٍ تَقَدَّم منها بأنّ ذلك كائن، ولكن على الرأي منها والظنّ، وأن الله -جَلَّ ثناؤه- أنكر ذلك من قِيلِها، وردّ عليها ما رأت بقوله: {إني أعلم ما لا تعلمون} من أنه يكون من ذرية ذلك الخليفة الأنبياء، والرسل، والمجتهد في طاعة الله» .
_________
(1)
عزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وابن بطة في أماليه.
(2)
أخرجه ابن جرير 1/ 491، وابن عساكر في تاريخ دمشق 7/ 399 من طريق شَيْبان.
(3)
أخرجه ابن أبي حاتم 1/ 77، وهو عند ابن جرير وأبي الشيخ من قول الربيع، كما سيأتي.
أن الله سيخلق خلقًا، وأنه يسفك الدماء، وأنه سيأمر الملائكة يسجدون لذلك الخليفة، قال: فلما قال الله عز وجل: {إني جاعل في الأرض خليفة} حَفِظُوا ما كان قال لهم إبليس قبل ذلك، فقالوا:{أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون}
(1)
. (ز)
1135 -
عن الحسن البصري -من طريق جرير بن حازم، ومبارك، وأبي بكر- =
1136 -
وقتادة -من طريق أبي بكر- قالا: قال الله لملائكته: {إني جاعل في الأرض خليفة} . قال لهم: إني فاعِل. فعَرَضوا برأيهم، فعلَّمهم عِلْمًا، وطوى عنهم عِلمًا عَلِمه لا يعلمونه. فقالوا بالعلم الذي عَلَّمهم:{أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} وقد كانت الملائكة عَلِمَت من عِلْمِ الله أنه لا ذنب أعظم عند الله من سفك الدماء، {ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون}
(2)
. (ز)
1137 -
عن أبي جعفر محمد بن علي -من طريق معروف المَكِّيّ عمَّن سمع أبا جعفر- قال: السِّجِلُّ مَلَكٌ، وكان هاروت وماروت من أعوانه، وكان له كل يوم ثلاث لَمَحات ينظرهن في أُمِّ الكتاب، فنظر نظرة لم تكن له، فأبصر فيها خَلْق آدم وما فيه من الأمور، فأسرَّ ذلك إلى هاروت وماروت وكانا من أعوانه، فلما قال:{إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} . قالا ذلك استطالة على الملائكة
(3)
[141]. (10/ 396)
1138 -
عن قتادة -من طريق مَعْمَر- {أتجعل فيها من يفسد فيها} ، قال: كان الله أعْلَمَهُم إذا كان في الأرض خَلْقٌ أفسدوا فيها، وسفكوا الدماء، فذلك قوله:{أتجعل فيها من يفسد فيها} . يعنون: الناس
(4)
. (ز)
[141] انتقد ابن كثير (1/ 342) هذه الرواية بقوله: «هذا أثر غريب. وبتقدير صحته إلى أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين الباقر، فهو نقله عن أهل الكتاب، وفيه نكارة توجب رده، والله أعلم. ومقتضاه: أن الذين قالوا ذلك إنما كانوا اثنين فقط، وهو خلاف السياق» .
_________
(1)
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق 7/ 398.
(2)
أخرجه ابن جرير 1/ 492، وابن أبي حاتم 1/ 77 عن الحسن فقط من طريق مبارك. كما ذكر نحوه يحيى بن سلام مختصرًا -كما في تفسير ابن أبي زمنين 1/ 131 - .
(3)
أخرجه ابن أبي حاتم 1/ 78 (327). وقد أورده السيوطي عند تفسير آية سورة الأنبياء: {يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب} [104].
(4)
أخرجه عبد الرزاق 1/ 42، وابن جرير 1/ 492، وابن أبي حاتم 1/ 78.
1139 -
عن عبد الرحمن بن سابط -من طريق عطاء بن السائب- قوله: {أتَجْعَلُ فِيها مَن يُفْسِدُ فِيها ويَسْفِكُ الدِّماءَ} ، قال: يعنون الناس
(1)
. (ز)
1140 -
قال إسماعيل السّدي: لما قال الله لهم ذلك قالوا: وما يكون من ذلك الخليفة؟ قال: تكون له ذرية، يفسدون في الأرض، ويتحاسدون، ويقتل بعضهم بعضًا. قالوا عند ذلك:{أتَجْعَلُ فِيها مَن يُفْسِدُ فِيها ويَسْفِكُ الدِّماءَ}
(2)
. (ز)
1141 -
عن يحيى بن أبي كثير -من طريق ابنه عبد الله- قال: إنّ الملائكة الذين قالوا: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك} كانوا عشرة آلاف، فخرجت نارٌ من عند الله، فأَحْرَقَتْهُم
(3)
. (ز)
1142 -
عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- في قوله: {إني جاعل في الأرض خليفة} الآية، قال: إنّ الله خلق الملائكة يوم الأربعاء، وخلق الجِنَّ يوم الخميس، وخلق آدم يوم الجمعة. قال: فكفر قوم من الجِنّ، فكانت الملائكة تهبط إليهم في الأرض، فتقاتلهم، فكانت الدماء، وكان الفساد في الأرض، فمِن ثَمَّ قالوا:{أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} الآية
(4)
. (ز)
1143 -
قال مقاتل بن سليمان: {قالُوا أتَجْعَلُ فِيها} يقول: أتجعل في الأرض {مَن يُفْسِدُ فِيها} يعني: من يعمل فيها بالمعاصي، {ويَسْفِكُ الدِّماءَ} بغير حقٍّ، كفِعْلِ الجِنِّ
(5)
. (ز)
1144 -
عن ابن جُرَيْج -من طريق حَجّاج- قال: إنّما تَكَلَّمُوا بما أعْلَمَهم أنّه كائنٌ مِن خَلْقِ آدم، فقالوا:{أتَجْعَلُ فِيها مَن يُفْسِدُ فِيها ويَسْفِكُ الدِّماءَ}
(6)
. (ز)
1145 -
عن محمد بن إسحاق -من طريق سَلَمَة بن الفضل- قال:
…
ثم أخبرهم بعلمه فيهم، فقال: يفسدون في الأرض، ويسفكون الدماء، ويعملون بالمعاصي. فقالوا جميعًا:{أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك}
(7)
.
1146 -
قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب-: لَمّا خلق الله النارَ
(1)
أخرجه ابن جرير 1/ 491، وفي لفظ آخر 1/ 479: يعنون به: ابن آدم، وابن أبي حاتم 1/ 78، وفي لفظ آخر عنده 1/ 77: يعنون: الحرام.
(2)
تفسير الثعلبي 1/ 175.
(3)
أخرجه ابن أبي حاتم 1/ 78 (327). وقد أورده السيوطي عند تفسير آية سورة الأنبياء.
(4)
أخرجه ابن جرير 1/ 494، وأبو الشيخ في العظمة (882).
(5)
تفسير مقاتل بن سليمان 1/ 96 - 97.
(6)
أخرجه ابن جرير 1/ 498.
(7)
أخرجه ابن جرير 1/ 496.
ذُعِرَتْ منها الملائكةُ ذُعْرًا شديدًا، وقالوا: ربَّنا، لِمَ خلقتَ هذه النار، ولأيِّ شيء خلقتَها؟ قال: لِمَن عصاني مِن خلقي. قال: ولَمْ يكن لله خلق يومئذ إلا الملائكة، والأرض ليس فيها خلق، إنما خلق آدم بعد ذلك. وقرأ قول الله:{هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا} [الإنسان: 1]. قال: قال عمر بن الخطاب: يا رسول الله، ليت ذلك الحين
(1)
. ثم قال: قالت الملائكة: يا رب، أوَيأتي علينا دهرٌ نعصيك فيه! لا يرون له خلقًا غيرهم، قال: لا، إنِّي أُريد أن أخلق في الأرض خلقًا، وأجعل فيها خليفة، يسفكون الدماء، ويفسدون في الأرض. فقالت الملائكة: أتجعل في الأرض من يفسد فيها ويسفك الدماء، وقد اخْتَرْتَنا؟ فاجعلنا نحن فيها، فنحن نُسَبِّح بحمدك ونُقَدِّس لك، ونعمل فيها بطاعتك. وأَعْظَمَتِ الملائكةُ أن يجعل الله في الأرض من يعصيه، فقال:{إني أعلم ما لا تعلمون} ، {يا آدم أنبئهم بأسمائهم}. فقال: فلان، وفلان. قال: فلما رَأَوْا ما أعطاه الله من العلم عليهم، أقرُّوا لآدم بالفضل عليهم، وأبى الخبيثُ إبليسُ أن يُقِرَّ له، قال:{أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين* قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها} [الأعراف: 12 - 13]
(2)
[142][143]. (1/ 244)
[142] علَّقَ ابنُ جرير (1/ 479) على قول ابن زيد بقوله: «وهذا القول يَحْتَمِل ما حُكِي عن الحسن [من أنّ المراد بالخليفة: هم ولد آدم الذين يخلفون أباهم، ويخلف كل قرن منهم القرن الذي سلف قبل]، ويَحْتَمِل أن يكون أراد ابنُ زيد أنّ الله أخبر الملائكة أنّه جاعِلٌ في الأرض خليفة له، يَحْكُم فيها بين خلقه بحُكْمِه» . وقال في (1/ 500): «وغيرُ خطإٍ أيضًا ما قاله ابن زيد من أن يكون قيلُ الملائكة ما قالَتْ من ذلك على وجه التَّعَجُّب منها من أن يكون لله خَلْقٌ يعصي خالقه» .وعلَّق ابن عطية (1/ 167) على قول ابن زيد بقوله: «فهذا إما على طريق التعجب من استخلاف الله من يعصيه، أو من عصيان من يستخلفه الله في أرضه وينعم عليه بذلك، وإما على طريق الاستعظام والإكبار للفصلين جميعًا: الاستخلاف، والعصيان» .
وقال ابن عطية (1/ 168): «قال قوم: معنى الآية: ونحن لو جعلتنا في الأرض واستخلفتنا نسبح بحمدك. وهذا أيضًا حسن مع التعجب والاستعظام في قولهم: أتَجْعَلُ» .
[143]
رَجَّحَ ابن جرير (1/ 498 - 501) بدلالة ظاهر الآية، ونظائرها أن الله عز وجل أخبر الملائكة بأن ذرية خليفته في الأرض يفسدون فيها، ويسفكون فيها الدماء. وأنّ قول الملائكة له:{أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك} استخبارٌ منها لربها، لا إنكار منها لما أعلمها ربها أنه فاعل. وقال (1/ 500 - 501):«فإن قال قائل: فإن كان أوْلى التأويلات بالآية هو ما ذكرت، من أنّ الله أخبر الملائكة بأن ذرية آدم خليفته في الأرض يفسدون فيها، ويسفكون فيها الدماء، فمن أجل ذلك قالت الملائكة: {أتجعل فيها من يفسد فيها}، فأين ذكر إخبار الله إياهم في كتابه بذلك؟ قيل له: اكتفى بدلالة ما قد ظهر من الكلام عليه عنه، فقوله: {قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها}؛ لِما كان فيه دلالة على ما تُرِك ذِكْرُه بعد قوله: {إني جاعل في الأرض خليفة} من الخبر عَمّا يكون من إفساد ذريته في الأرض، اكتفى بدلالته، وحذف وترك ذِكْرَه، ونظائر ذلك في القرآن، وأشعار العرب، وكلامها أكثر من أن يحصى» .
_________
(1)
قوله: ليت ذلك الحين، يعني: ليت الإنسان بقي شيئًا غير مذكور، قالها خوفًا من عذاب الله. وبنحو هذا المعنى ما أخرجه ابن المبارك (235)، وأبو عبيد في فضائله (70) عن عمر بن الخطاب أنه سمع رجلًا يقرأ:{هل على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئًا مذكورًا} ، فقال: ليتها تمت. وسيأتي في تفسير الآية.
(2)
أخرجه ابن جرير 1/ 495 - 496.