الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نزول الآية:
2069 -
عن سلمان -من طريق مجاهد- قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أهل دين كنت معهم، فذكَر من صلاتِهم وعبادتهم؛ فنزلت:{إن الذين آمنوا والذين هادوا} الآية
(1)
. (1/ 389)
2070 -
عن عبد الله بن مسعود، وناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم -من طريق السُّدِّي، عن مُرَّةَ الهمداني- =
2071 -
وعبد الله بن عباس -من طريق السُّدِّي، عن أبي مالك وأبي صالح- نزلت هذه الآية في سلمان الفارسي، وكان من أهل جُنْديسابور، من أشرافهم، وما بعد هذه الآية نازلة في اليهود
(2)
. (ز)
2072 -
عن مجاهد، قال: لَمّا قصَّ سلمانُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم قصة أصحابه؛ قال: «هم في النار» . قال سلمان: فأظلمت عَلَيَّ الأرضُ. فنزلت: {إن الذين آمنوا والذين هادوا} إلى قوله: {يحزنون} . قال: فكأنما كُشِف عَنِّي جبلٌ
(3)
. (1/ 389)
2073 -
عن مجاهد، قال: سأل سلمان الفارسيُّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن أولئك النصارى، وما رأى أعمالهم، فقال:«لم يموتوا على الإسلام» . قال سلمان: فأظلمت عَلَيَّ الأرض، وذكرت اجتهادهم؛ فنزلت هذه الآية:{إن الذين آمنوا والذين هادوا} ، فدعا سلمان، فقال:«نزلت هذه الآية في أصحابك» . ثم قال: «مَن مات على دين عيسى قبل أن
(1)
أخرجه ابن أبي عمر في مسنده -كما في المطالب العالية 15/ 62 (3667) -، ومن طريقه ابن أبي حاتم 1/ 126 (634).
قال البوصيري في إتحاف الخيرة 6/ 246 (5765): «هذا إسناد رواته ثقات» . وقال ابن حجر في العُجاب في بيان الأسباب 1/ 256: «بسند صحيح» . وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى 14/ 68: «بالأسانيد الثابتة عن سفيان عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد» فذكره.
(2)
أخرجه الواحدي في أسباب النزول ص 25 - 26، وابن عساكر في تاريخه 21/ 418 دون آخره.
قال ابن حجر في العُجاب 1/ 256: «وأخرج الواحدي أيضًا من تفسير إسحاق بن راهويه بسنده القوي» ثم ذكره.
(3)
أخرجه الواحدي في أسباب النزول ص 24 مرسلًا.
قال ابن حجر في العجاب في بيان الأسباب 1/ 255: «بسند له صحيح إلى ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد» .
يسمع بي فهو على خير، ومَن سمع بي ولم يؤمن بي فقد هلك»
(1)
. (1/ 394)
2074 -
عن السُّدِّي، في قوله:{إن الذين آمنوا والذين هادوا} الآية، قال: نزلت هذه الآية في أصحاب سلمان الفارسي، وكان رجلًا من جُندَيْسابورَ، وكان من أشرافهم، وكان ابن الملك صديقًا له مُؤاخيًا، لا يقضي واحدٌ منهما أمرًا دون صاحبه، وكانا يركبان إلى الصيد جميعًا، فبينما هما في الصيد إذ رُفع لهما بيت من عباءةٍ، فأتياه، فإذا هما فيه برجل بين يديه مصحف يقرأ فيه، وهو يبكي، فسألاه: ما هذا؟ فقال: الذي يريد أن يعلم هذا لا يقف موقفكما، فإن كنتما تريدان أن تعلما ما فيه فانزلا حتى أُعْلِمَكما. فنزلا إليه، فقال لهما: هذا كتاب جاء من عند الله، أمر فيه بطاعته، ونهى عن معصيته، فيه: أن لا تسرق، ولا تزني، ولا تأخذ أموال الناس بالباطل. فقَصَّ عليهما ما فيه، وهو الإنجيل الذي أنزل الله على عيسى، فوقع في قلوبهما، وتابعاه، فأسلما، وقال لهما: إن ذبيحة قومكما عليكما حرام. فلم يزالا معه كذلك يتعلمان منه، حتى كان عيدٌ للملك، فجمع طعامًا، ثم جمع الناس والأشراف، وأرسل إلى ابن الملك رسولًا، فدعاه إلى صنيعه ليأكل مع الناس، فأبى الفتى، وقال: إني عنك مشغول، فكل أنت وأصحابك. فلما أكثر عليه من الرسل أخبرهم أنه لا يأكل من طعامهم، فبعث الملك إلى ابنه، ودعاه، وقال: ما أمرك هذا؟ قال: إنا لا نأكل من ذبائحكم، إنكم كفار ليس تَحِلُّ ذبائحُكم. فقال له الملك: مَن أمرك هذا؟ فأخبره أنّ الراهب أمره بذلك، فدعا الراهب، فقال: ماذا يقول ابني؟ قال: صدق ابنك. قال له: لولا أن الدم فينا عظيم لقتلتك، ولكن اخرج من أرضنا. فأَجَّلَه أجلًا، فقال سلمان: فقمنا نبكي عليه، فقال لهما: إن كنتما صادقين فأنا في بِيعَة بالموصل مع ستين رجلًا نعبد الله، فائتونا فيها. فخرج الراهب، وبقي سلمان وابن الملك، فجعل سلمان يقول لابن الملك: انطلق بنا. وابن الملك يقول: نعم. وجعل ابن الملك يبيع متاعه، يريد الجهاز، فلما أبطأ على سلمان خرج سلمان حتى أتاهم، فنزل على صاحبه، وهو رب البِيعَة، وكان أهل تلك البِيعة أفضل مرتبة من الرهبان، فكان سلمان معه يجتهد في العبادة، ويتعب نفسه، فقال له سلمان: أرأيت الذي تأمرني به، هو أفضل أو الذي أصنع؟ قال: لا، بل الذي تصنع. قال: فخَلِّ عني. ثم إن صاحب البِيعة دعاه، فقال: أتعلم أن
(1)
أخرجه ابن جرير 2/ 45 مرسلًا.
وينظر: تخريج الحديث السابق.
هذه البِيعة لي، وأنا أحق الناس بها، ولو شئت أن أُخْرِج منها هؤلاء لفعلت، ولكني رجل أضعف عن عبادة هؤلاء، وأنا أريد أن أتحول من هذه البِيعة إلى بِيعة أخرى، هم أهون عبادةً من هؤلاء، فإن شئت أن تقيم ههنا فأقم، وإن شئت أن تنطلق معي فانطلق. فقال له سلمان: أي البِيعتين أفضل أهلًا؟ قال: هذه. قال سلمان: فأنا أكون في هذه. فأقام سلمان بها، وأوصى صاحب البِيعة بسلمان، فكان سلمان يتعبد معهم، ثم إنّ الشيخ العالم أراد أن يأتي بيت المقدس، فدعا سلمان، فقال: إني أريد أن آتي بيت المقدس، فإن شئت أن تنطلق معي فانطلق، وإن شئت أن تقيم فأقم. قال له سلمان: أيهما أفضل؛ أنطلق معك أو أقيم؟ قال: لا، بل تنطلق معي. فانطلق معه، فمَرُّوا بمُقْعَد على ظهر الطريق مُلْقًى، فلما رآهما نادى: يا سيد الرهبان، ارحمني رحمك الله. فلم يكلمه، ولم ينظر إليه، وانطلقا حتى أتيا بيت المقدس، وقال الشيخ لسلمان: اخرج فاطلب العلم، فإنه يحضر هذا المسجد علماء الأرض. فخرج سلمان يسمع منهم، فرجع يومًا حزينًا، فقال له الشيخ: ما لك، يا سلمان؟ قال: أرى الخير كله قد ذهب به مَن كان قبلنا من الأنبياء وأتباعهم. فقال له الشيخ: لا تحزن، فإنّه قد بقي نبيٌّ ليس مِن نبيٍّ بأفضلَ تبعًا منه، وهذا زمانه الذي يخرج فيه، ولا أراني أدركه، وأمّا أنت فشابٌّ، فلعلك أن تدركه، وهو يخرج في أرض العرب، فإن أدركته فآمِن به، واتَّبِعْه. قال له سلمان: فأخبرني عن علامته بشيء. قال: نعم، وهو مختوم في ظهره بخاتم النبوة، وهو يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة. ثم رجعا حتى بلغا مكان المُقْعَد، فناداهما، فقال: يا سيد الرهبان، ارحمني رحمك الله. فعَطَف إليه حماره، فأخذ بيده فرفعه، فضرب به الأرض، ودعا له، وقال: قم بإذن الله. فقام صحيحًا يشتدُّ، فجعل سلمان يتعجب وهو ينظر إليه يشتد، وسار الراهب فتغيب عن سلمان، ولا يعلم سلمان، ثم إنّ سلمان فَزِع، فطلب الراهب، فلقيه رجلان من العرب من كَلْب فسألهما: هل رأيتما الراهب؟ فأناخ أحدهما راحلته، قال: نِعْمَ راعي الصِّرْمَة
(1)
هذا! فحمله فانطلق به إلى المدينة، قال سلمان: فأصابني من الحزن شيء لم يصبني مثله قط. فاشترته امرأة من جُهَينَة، فكان يرعى عليها هو وغلام لها، يَتَراوَحان الغنم، هذا يومًا وهذا يومًا، وكان سلمان يجمع الدراهم، ينتظر خروج محمد صلى الله عليه وسلم، فبينما هو يومًا يرعى إذ أتاه
(1)
الصِّرْمة: القطيع من الإبل والغنم. لسان العرب (صرم).
صاحبه يَعْقُبُه، فقال له: أشعرت أنه قد قدم اليوم المدينة اليوم رجل يزعم أنه نبي؟ فقال له سلمان: أقِمْ في الغنم حتى آتيك. فهبط سلمان إلى المدينة، فنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ودارَ حوله، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم عرف ما يريد، فأرسل ثوبه حتى خرج خاتمه، فلما رآه أتاه وكلَّمه، ثم انطلق، فاشترى بدينار؛ ببعضه شاة فشواها، وببعضه خبزًا، ثم أتاه به، فقال:«ما هذا؟» . قال سلمان: هذه صدقة. قال: «لا حاجة لي بها، فأخرجْها فليأكُلْها المسلمون» . ثم انطلق فاشترى بدينار آخر خبزًا ولحمًا، ثم أتى به النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:«ما هذا؟» . قال: هذه هدية. قال: «فاقعد فكل» . فقعد، فأكلا منها جميعًا، فبينما هو يحدثه إذ ذكر أصحابه، فأخبره خبرهم، فقال: كانوا يصلون، ويصومون، ويؤمنون بك، ويشهدون أنك ستبعث نبيًّا. فلما فرغ سلمان من ثنائه عليهم قال له نبي الله صلى الله عليه وسلم:«يا سلمان، هم من أهل النار» . فاشتد ذلك على سلمان، وقد كان قال له سلمان: لو أدركوك صدَّقوك واتَّبعوك. فأنزل الله هذه الآية: {إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر}
(1)
[268]. (1/ 389)
2075 -
قال مقاتل بن سليمان: وذلك أنّ سلمان الفارسي كان من جندسابور، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم، وذكر سلمان أمر الراهب وأصحابه، وأنهم مجتهدون في دينهم يصلون ويصومون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«هُمْ فِي النار» . فأنزل الله عز وجل فيمن صدق منهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به: {إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر}
(2)
. (ز)
[268] علَّقَ ابنُ جرير (2/ 46 - 48) على قول مجاهد والسدي بقوله: «تأويل الآية إذًا على ما ذكرنا عن مجاهد والسدي: إن الذين آمنوا من هذه الأمة، والذين هادوا، والنصارى، والصابئين -من آمن من اليهود والنصارى والصابئين بالله واليوم الآخر- فلهم أجرهم عند ربهم، ولا خوف عليهم، ولا هم يحزنون» .
_________
(1)
أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان 1/ 31، والواحدي في أسباب النزول ص 25 مختصرًا، وابن جرير 2/ 40 - 44، وابن أبي حاتم 1/ 127 (636) مختصرًا.
(2)
تفسير مقاتل بن سليمان 1/ 112.