الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الماء فهو حرام، فمِن ثَمَّ قال:{طيبا} ، يعني: حلالًا، مِن {ما رزقناكم} من السلوى
(1)
. (ز)
{وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
(57)}
1872 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق عمرو بن عطية، عن أبيه- في قوله:{وما ظلمونا} ، قال: نحن أعزُّ مِن أن نُظْلَم
(2)
. (1/ 376)
1873 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق أبي رَوْقٍ، عن الضحاك- في قوله:{ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} ، قال: يَضُرُّون
(3)
. (1/ 377)
1874 -
قال مقاتل بن سليمان: {وما ظلمونا} يعني: وما ضَرُّونا، يعني: ما نقصونا من مُلْكِنا بمعصيتهم شيئًا حين رفعوا وقَدَّدوا
(4)
منه في غد، {ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} يعني: أنفسهم يضرون. نظيرها في الأعراف [160] قوله سبحانه: {من طيبات ما رزقناكم} إلى آخر الآية
(5)
. (ز)
ذكر قصة ذلك:
1875 -
عن وهْب بن مُنَبِّه -من طريق عبد الصمد بن مَعْقِل- قال: إنّ بني إسرائيل لما حرّم الله عليهم أن يدخلوا الأرض المقدسة أربعين سنة يتيهون في الأرض؛ شَكَوْا إلى موسى، فقالوا: ما نأكل؟ فقال: إنّ الله سيأتيكم بما تأكلون. قالوا: مِن أين لنا إلا أن يمطر علينا خبزًا؟! قال: إنّ الله عز وجل سينزل عليكم خبزًا مخبوزًا. فكان ينزل عليهم المَنّ -سئل وهْب: ما المَنُّ؟ قال: خبز الرُّقاق مثل الذرة، أو مثل النَّقِيّ-، قالوا: وما نَأْتَدِم؟ ولا بُدَّ لنا من لحم؟ قال: فإنّ الله يأتيكم به. فقالوا: من أين لنا إلا أن تأتينا به الريح؟! قال: فإنّ الله يأتيكم به. فكانت الريح تأتيهم بالسلوى -فسُئِل وهب: ما السلوى؟ قال: طير سمين مثل الحمام، كانت يأتيهم فيأخذون منه من السبت إلى السبت-، قالوا: فما نلبس؟ قال: لا يَخْلَقُ
(6)
لأحد
(1)
تفسير مقاتل بن سليمان 1/ 109.
(2)
أخرجه ابن أبي حاتم 1/ 116 (566).
(3)
أخرجه ابن جرير 1/ 712، وابن أبي حاتم 1/ 116 (567). وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.
(4)
التقديد: فعل القديد. والقديد: اللحم المملوح المجفف في الشمس. لسان العرب (قدد).
(5)
تفسير مقاتل بن سليمان 1/ 109.
(6)
أي: لا يبلى. لسان العرب (خلق).
منكم ثوب أربعين سنة. قالوا: فما نحتذي؟ قال: لا ينقطع لأحدكم شِسْعٌ أربعين سنة. قالوا: فإنّ فينا أولادًا، فما نكسوهم؟ قال: ثوب الصغير يشِبُّ معه. قالوا: فمن أين لنا الماء؟ قال: يأتيكم به الله. قالوا: فمن أين إلا أن يخرج لنا من الحَجَر؟! فأمر الله تبارك وتعالى موسى أن يضرب بعصاه الحجر. قالوا: فبِمَ نُبصِرُ إذ تَغْشانا الظلمة؟ فضرب لهم عمودًا من نور في وسط عسكرهم أضاء عسكرهم كله. قالوا: فبم نستظل؛ فإنّ الشمس علينا شديدة؟ قال: يظلكم الله بالغمام
(1)
. (ز)
1876 -
عن إسماعيل السُّدِّيِّ -من طريق أسْباط- قال: لما تاب الله على قوم موسى، وأحيا السبعين الذين اختارهم موسى بعد ما أماتهم؛ أمرهم الله بالمسير إلى أريحا، وهي أرض بيت المقدس، فساروا، حتى إذا كانوا قريبًا منها بعث موسى اثني عشر نقيبًا، وكان من أمرهم وأمر الجَبّارِين وأمر قوم موسى ما قد قَصَّ الله في كتابه، فقال قوم موسى لموسى:{فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون} [المائدة: 24]. فغضب موسى، فدعا عليهم، قال:{رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين} [المائدة: 25]. فكانت عجلة من موسى عَجِلَها، فقال الله تعالى:{فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض} [المائدة: 26]. فلما ضرب عليهم التِّيه ندم موسى، وأتاه قومه الذين كانوا معه يطيعونه، فقالوا له: ما صنعت بنا، يا موسى؟ فلما نَدِم أوحى الله إليه: أن لا تَأْسَ على القوم الفاسقين. أي: لا تحزن على القوم الذين سميتهم فاسقين، فلم يحزن، فقالوا: يا موسى، كيف لنا بماء ههنا؟! أين الطعام؟ فأنزل الله عليهم المن، فكان يسقط على الشجر الزنجبيل، والسلوى، وهو طير يشبه السُّمانى، فكان يأتي أحدهم، فينظر إلى الطير إن كان سمينًا ذبحه، وإلا أرسله، فإذا سمن أتاه، فقالوا: هذا الطعام، فأين الشراب؟ فأُمر موسى، فضرب بعصاه الحجر، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينًا، فشرب كل سِبْط من عين، فقالوا: هذا الطعام والشراب، فأين الظِلُّ؟ فظَلَّل عليهم الغمام، فقالوا: هذا الظل، فأين اللباس؟ فكانت ثيابهم تطول معهم كما تطول الصبيان، ولا يتخرَّق لهم ثوب، فذلك قوله:{وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى} ، وقوله:{وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم} [البقرة: 60]
(2)
. (ز)
(1)
أخرجه ابن جرير 1/ 709.
(2)
أخرجه ابن جرير 1/ 707.
1877 -
عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- =
1878 -
وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب-، نحو ذلك
(1)
. (ز)
1879 -
قال مقاتل بن سليمان: {وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم} ، وذلك أنّ موسى عليه السلام قالت له بنو إسرائيل وهم في التِّيه: كيف لنا بالأبنية، وقد نزلنا في القَفْر
(2)
، وخرجنا من العُمْران، مِن حَرِّ الشمس؟!. فظلل الله عز وجل عليهم الغمام الأبيض يقيهم حر الشمس، ثم إنهم سألوا موسى عليه السلام الطعام، فأنزل الله عليهم طعام الجنة، وهو المن والسلوى، أما المن فهو التُّرَّنجَبِين، فكان ينزل بالليل على شجرهم، أبيض كالثلج، حلو مثل العسل، فيغدون عليه، لكل إنسان صاع لكل ليلة، فيغدون عليه، فيأخذون ما يكفيهم ليومهم ذلك، لكل رجل صاع، ولا يرفعون منه في غد، ويأخذون يوم الجمعة ليومين؛ لأنّ السبت كان عندهم لا يشخصون فيه ولا يعملون، كان هذا لهم في التِّيه، وتنبت ثيابهم مع أولادهم، فأما الرجال فكانت ثيابهم عليهم، لا تبلى، ولا تنخرق، ولا تَدَنَّس، وأما السلوى فهو الطير، وذلك أنّ بني إسرائيل سألوا موسى اللحم، وهم في التِّيه، فسأل موسى ربه عز وجل، فقال الله: لأطعمنهم أقل الطير لحمًا. فبعث الله سبحانه السماء، فأمطرت لهم السلوى، وهي السمانى، وجمعتهم ريح الجنوب، وهي طير حمر تكون في طريق مصر، فأمطرت قدر ميل في عرض الأرض، وقدر رمح في السماء بعضه على بعض، فقال الله عز وجل لهم:{كلوا من طيبات} يعني: من حلال -كقوله: {فتيمموا صعيدا طيبا} [المائدة: 6]، يعني: حلالًا طيبًا في غير مأثم، وإذا وجدوا الماء فهو حرام، فمِن ثَمَّ قال:{طيبًا} ، يعني: حلالًا-، {من ما رزقناكم} من السلوى، {ولا تطغوا فيه} [ط: 81] يعني: تعصوا الله في الرزق فيما رزقكم، ولا ترفعوا منه لغد، فرفعوا وقَدَّدُوا مخافة أن ينفد، ولو لم يفعلوا لدام لهم ذلك، فقدَّدُوا منه، ورفعوا، فدَوَّد، وتغير ما قَدَّدوا منه وما رفعوا، فعصوا ربهم، فذلك قوله سبحانه:{وما ظلمونا} ، يعني: وما ضرونا، يعني: ما نقصونا من ملكنا بمعصيتهم شيئًا حين رفعوا وقَدَّدوا منه في غد، {ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} يعني: أنفسهم يضرون. نظيرها في الأعراف [160] قوله سبحانه: {من طيبات ما رزقناكم} إلى آخر الآية
(3)
. (ز)
(1)
أخرجه ابن جرير 1/ 708، 710. وقد أورد السيوطي بعضا مما سبق عند تفسير قوله تعالى:{يتيهون في الأرض} [المائدة: 26].
(2)
القَفْر: الخلاء من الأرض. لسان العرب مادة (قفر).
(3)
تفسير مقاتل بن سليمان 1/ 108 - 109.