الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مشهور بها، وكان له أربع نسوة، ودفع الثلث فأصاب كل امرأة منهن ألف ألف ومئتا ألف، فجميع ماله خمسون ألف ألف ومئة ألف.
(إنِّي لأسمعك تحدث)؛ أي: لأسمع تحديثك، وحذف مفعوله، وفي رواية إسقاط:(إنِّي)، (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث) : الكاف للتشبيه، و (ما) : مصدرية؛ أي: كتحديث (فلان وفلان) : سمَّى منهما في رواية ابن ماجه: عبد الله بن مسعود، (قال)؛ أي: الزبير: (أَمَا)؛ بفتح الهمزة وتخفيف الميم، حرف تنبيه (إِنِّي)؛ بكسر الهمزة (لم أفارقه) عليه السلام، جملة من الفعل والفاعل والمفعول، محلها الرفع خبر:(إنَّ)، زاد في رواية:(منذ أسلمت)، وأراد به عدم المفارقة الصرفية؛ أي: ما فارقته سفرًا وحضرًا، وهجرته إلى الحبشة كانت قبل ظهور شوكة الإسلام؛ أي: ما فارقته عند ظهوره، أو المراد في أكثر الأحوال.
(ولكني) : وفي رواية: (لكنني)؛ بنونين، ويجوز في (أن) وأخواتها إلحاق نون الوقاية بها وعدم الإلحاق، وهي للاستدراك، وشرطه التوسط بين كلامين متغايرين، وهما هنا لازم عدم المفارقة السماع، ولازم السماع التحديث عادة، ولازم الحديث الذي ذكره في الجواب عدم التحديث، والمناسب لـ (سمعت)(قال)؛ ليوافقا ماضيًا لكن عدل
(1)
إلى المضارع؛ استحضارًا لصورة القول للحاضرين والحكاية عنها كأنه يريهم أنه قائل به الآن.
(سمعته) عليه السلام (يقول: من) : موصولة تتضمن معنى الشرط، وقوله:(كَذب)؛ بفتح الكاف وتخفيف الذال (عليَّ)؛ بفتح التحتية، أو لي صلة الموصول، وقوله:(فليتبوأ) : جواب الشرط، فلذا دخلته الفاء بكسر اللام هو الأصل، وبالسكون هو المشهور، وهو أمر من التبوُّء؛ وهو اتخاذ المباءة
(2)
؛ أي: المنزل؛ أي: فليتخذ.
(مقعدَه)؛ بالنصب مفعول لـ (يتبوأ)(من) : هي بمعنى (في)؛ كما في قوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ} [الجمعة: 9]؛ أي: في (النار) : والأمر هنا معناه الخبر، يريد: أن الله يبوِّئه مقعده من النار، وقيل: الأمر بالتبوء تهكم وتغليظ، وقيل: الأمر على حقيقته؛ أي: من كذب فليأمر نفسه بالتبوء، والظاهر والأولى أن يكون الأمر أمر تهديد، أو يكون دعاء على معنى بوأه الله مكانًا في النار.
واختلف في الكذب؛ فقيل: معناه الخصوص؛ أي: الكذب في الدين، كأن ينسب إليه تحريم حلال أو تحليل حرام، وقيل: كان ذلك في رجل بعينه كذب عليه عليه السلام، واحتجاج الزبير ينفي التخصيص، فهو عام في كل كذب في الدين والدنيا، ومن قصد الكذب على النبي الأعظم عليه السلام ولم يكن في الواقع كذبًا؛ فإنَّه يأثم بسبب قصده للكذب لا بسبب الكذب؛ لأنَّ قصد المعصية معصية، وإنما توقف الزبير في الرواية والإكثار منها؛ لأجل خوفه الغلط والنسيان، والغالط والناسي وإن كان لا إثم عليه فقد ينسب إلى تفريط؛ لتساهله، وأمَّا من أكثر منهم؛ فمحمول على أنهم كانوا واثقين من أنفسهم بالتثبت وإطالة أعمارهم فسئلوا فلم يمكنهم الكتمان.
والحديث بعمومه يتناول العامد، والساهي، والناسي في إطلاق اسم الكذب عليهم، غير أن الإجماع انعقد على أن الناسي لا إثم عليه، كذا قرره الشيخ الإمام بدر الدين العيني في «عمدة القاري» قدس سره.
[حديث: من تعمد علي كذبًا فليتبوأ مقعده من النار]
108 -
وبه قال: (حدثنا أبو مَعْمَر)؛ بفتح الميمين وسكون العين: عبد الله بن عمرو، المشهور بالمقعد المنقري البصري (قال: حدثنا عبد الوارث) : بن سعيد التميمي البصري، (عن عبد العزيز) : بن صهيب البصري (قال: قال أنس) : هو ابن مالك رضي الله عنه، وفي رواية: بإسقاط (قال) الأولى.
(إنَّه)؛ بكسر الهمزة والتشديد؛ أي: الشأن (ليمنعني) : اللام للتأكيد، والجملة محلها الرفع خبر (إنَّ) (أَنْ)؛ بفتح الهمزة وتخفيف النون (أحدثكم) : فهي ومعمولها في محل نصب مفعول أول (ليمنعني)؛ لأنَّ منع يتعدى لمفعولين، و (أن) : مصدرية؛ والتقدير: ليمنعني تحديثكم (حديثًا)؛ بالنصب مفعول مطلق، والمراد به الجنس (كثيرًا) : صفة له (أنَّ)؛ بفتح الهمزة وتشديد النون (النبي) الأعظم صلى الله عليه وسلم قال) : فـ (أن) واسمها وخبرها في محل رفع فاعل (يمنعني)(من تعمد عليَّ كذبًا) عام في جميع أنواع الكذب؛ لأنَّ النكرة في سياق الشرط كالنكرة في سياق النفي تعم، فـ (من) : موصولة تتضمن معنى الشرط، وقوله:(تعمد عليَّ كذبًا) : صلته، والمراد من قوله:(أحدثكم حديثًا) : هو حديث النبي الأعظم عليه السلام؛ لأنَّه هو المراد في عرف الشرع عند الإطلاق، كما أنه إذا أطلق الإمام الأعظم؛ فالمراد به هو أبو حنيفة النعمان التابعي الجليل رأس المجتهدين.
وقوله: (فليتبوأ) : جواب الشرط؛ أي: فليتخذ (مقعدَه)؛ بالنصب مفعوله (من)؛ أي: في (النار) : أمر تهديد أو دعاء كما مر، وكثرة الحديث وإن كان صادقًا فيه ينجر إلى الكذب غالبًا عادة، ومن حام حول الحمى؛ أوشك أن يقع فيه، فالتعليل للاحتراز عن الانجرار إليه، ولو كان وقوعه على سبيل الندرة، فأفاد أنس أن توقيه من التحديث لم يكن للامتناع من أصل التحديث للأمر بالتبليغ، وإنما هو لخوف الإكثار المفضي إلى الخطأ.
[حديث: من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار]
109 -
وبه قال: (حدثنا المكي) : وفي رواية: بالإفراد والتنكير (بن إبراهيم) : البلخي (قال: حدثنا يزيد بن أبي عبيد)؛ بالتصغير: أبو خالد الأسلمي مولى سلمة بن الأكوع، المتوفى سنة ست أو سبع وأربعين ومئة، (عن سَلَمَة)؛ بفتح المهملات (ابن الأكوع) : سنان بن عبد الله الأسلمي المدني، المتوفى سنة أربع وسبعين عن ثمانين سنة، المدفون بالمدينة، الذي كلَّمه الذئب، قال سلمة: رأيت الذئب قد أخذ ظبيًا فطلبته حتى نزعته منه، فقال: ويحك ما لي وما لك، عمدت إلى رزق رزقنيه الله ليس من مالك فنزعته مني، قال: قلت: أيا عباد الله إن هذا لعجب ذئب يتكلم، فقال الذئب: أعجب منه أن رسول الله عليه السلام في أصول الحل يدعوكم إلى عبادة الله وتأبون إلا عبادة الأوثان، قال: فلحقت برسول الله عليه السلام فأسلمت.
(قال سمعت النبي) الأعظم صلى الله عليه وسلم؛ أي: كلامه حال كونه (يقول: من) : موصولة تتضمن معنى الشرط (يقل) : أصله: يقول، حذفت الواو؛ للجزم لأجل الشرط، (ما لم أقل)؛ أي: الذي لم أقله، وهذا اللفظ خاص بالقول، لكن لا شك أن الفعل في معناه؛ لاشتراكهما في علة الامتناع وهو الجسارة على الشريعة، ومشرعها عليه السلام.
(فليتبوَّأ) : جواب الشرط؛ أي: فليتخذ (مقعدَه) : مفعوله (من) في (النار) : واحتج بظاهره من منع رواية الحديث بالمعنى، والجمهور على عدم المنع؛ لأنَّ المراد من النهي الإتيان بلفظ يوجب تغيير الحكم، على أن الإتيان باللفظ أولى بلا شك.
[حديث: تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي]
110 -
وبه قال: (حدثنا)؛ بالجمع، وفي رواية: بالإفراد (موسى) : هو ابن إسماعيل المنقري التبوذكي البصري (قال: حدثنا أبو عَوانة)؛ بفتح العين: الوضاح اليشكري، (عن أبي حَصِين)؛ بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين: عثمان بن عاصم الكوفي، المتوفى سنة سبع أو ثمان وعشرين ومئة، (عن أبي صالح) : ذكوان السمان الزيات المدني، (عن أبي هريرة) : عبد الرحمن بن صخر، (عن النبي) الأعظم صلى الله عليه وسلم قال: تَسَمُّوا)؛ بفتح التاء والسين وتشديد الميم، أمر بصيغة الجمع من باب التفعل (باسمي) : محمد وأحمد، (ولا تَكْتَنوا)؛ بفتح التائين، بينهما كاف ساكنة، وفي رواية الأربعة:(ولا تكَنُّوا)؛ بفتح الكاف وتشديد النون بدون تاء ثانية، من باب التفعل، وأصله: لا تتكنوا، فحذفت أحد التائين، أو بضم التاء، وفتح الكاف، وضم النون المشددة، من باب التفعيل، أو بفتح التاء وإسكان الكاف، والكل من الكناية، وهي في الأصل: أن يتكلم بشيء ويريد
(3)
به غيره.
والاسم العلم إما أن يكون مشعرًا بمدح أو ذم، وهو اللقب، وإما ألَّا يكون، فإما أن يصدر؛ بنحو الأب أو الأم وهو الكنية، أو لا وهو الاسم، فاسم النبي الأعظم عليه السلام: محمد، وكنيته: أبو القاسم، ولقبه: رسول الله وسيد المرسلين مثلًا عليه السلام.
(بكنيتي) : وهو من عطف المنفي على المثبت، واستدل بهذا أهل الظاهر على منع التكني بكنيته عليه السلام مطلقًا، قال الشافعي: ليس لأحد أن يكتني بأبي القاسم، سواء كان اسمه محمدًا أم لا، ومنع قوم تسمية الولد بالقاسم كيلا يكون سببًا للتكنية، وقال قوم: يجوز التكني بأبي القاسم لغير من اسمه محمد أو أحمد، ويجوز التسمية بأحمد ومحمد ما لم يكن له كنية بأبي القاسم.
وقال إمامنا الإمام الأعظم والجمهور: إن النهي منسوخ في الإباحة، وبه قال مالك لما في «أبي داود» من حديث محمد بن الحنفية قال: قال علي: قلت: يارسول الله؛ إنْ وُلِدَ لي وَلَدٌ من بعدك أنسميه باسمك ونكنيه بكنيتك؟ قال: «نعم» .
وقال أحمد بن عبد الله: ثلاثة تكنوا بأبي القاسم محمد بن الحنفية، ومحمد بن أبي بكر، ومحمد بن طلحة بن عبيد الله، وقال ابن جرير: النهي في الحديث للتنزيه والأدب لا للتحريم، وقيل: النهي مقصور على حياة النبي الأعظم؛ لأنَّه ذكر أن سبب الحديث أن رجلًا نادى: يا أبا القاسم، فالتفت النبي الأعظم، فقال: لم أعنك وإنما دعوت فلانًا، وقيل:
(1)
في الأصل: (عدم).
(2)
في الأصل: (المناءة).
(3)
في الأصل: (وتريد).
إن سبب النهي أن اليهود تكنوا به وكانوا ينادون: يا أبا القاسم، فإذا التفت النبي الأعظم؛ قالوا: لم نعنك؛ إظهارًا للإيذاء، وقد زال ذلك المعنى.
(ومن) : موصولة تتضمن معنى الشرط (رآني في المنام) : وهو ثلاثة أقسام: رؤيا من الله تعالى، ورؤيا من الشيطان، ورؤيا مما حدث به المرء نفسه، والأحاديث في هذا الباب نفت القسم الثاني، وكذا لا يجوز أن تكون رؤيته عليه السلام من القسم الثالث؛ لأنَّ الاجتماع بين الشخصين يقظة ومنامًا؛ لحصول الاتحاد إما في الذات، أو في الصفة، أو في الأحوال، أو في الأفعال، أو في المراتب، فمن حصل له هذه؛ ثبتت المناسبة بينه وبين الأرواح الماضية فيجتمع بهم، ولا كذلك النبي الأعظم؛ لأنَّ حديث المرء نفسه ليس مما يقدر أن يحصل مناسبة بينه وبين النبي الأعظم عليه السلام، فثبتت أن رؤياه عليه السلام من الله تعالى.
وقوله: (فقد رآني) : جواب الشرط، وفي رواية:(فقد رأى الحق)، وفي أخرى:(فسيراني في اليقظة)، وفي أخرى:(فكأنما رآني في اليقظة)، وحقيقة الرؤيا: إدراكات يخلقها الله في قلب العبد على يد الملك أو الشيطان، ونظيره في اليقظة: الخواطر، وقيل: هي اعتقادات فما يريه الملك الموكل بها يطلعه على قصص بني آدم من اللوح، فهو ينسخ منها ويضرب لكل على قصته مثلًا، فإذا نام؛ تمثل له تلك الأشياء على طريق الحكمة؛ ليكون له بشارة، أو نذارة، أو معاينة؛ ليكون على بصيرة من الأمر.
(فإنَّ الشيطان) : الفاء للتعليل، و (الشيطان) : اسم (إنَّ)، وخبرها قوله:(لا يتمثل في صورتي) : وفي رواية: (فإنَّه لا ينبغي للشيطان أن يتشبه بي)، وهذا تفسير للأول؛ لأنَّ معنى قوله:(فقد رآني)؛ أي: رأى الحق، ورؤياه ليست بأضغاث أحلام ولا من تشبيه الشيطان، فرؤياه حق صحيحة.
الحديث على ظاهره، والمراد: أن من رآه؛ فقد أدركه عليه السلام ولا مانع منه، وقيل: إن رآه بصفته المعلومة؛ فهو إدراك الحقيقة، وإن رآه على غير صفته؛ فهو إدراك المثال، فتكون رؤيا تأويل، والصحيح الثاني.
فمعنى قوله: (فقد رآني)؛ أي: فقد رأى مثالي في الحقيقة؛ لأنَّ المرئي في المنام مثاله، وليس المراد أنه رأى جسمي وبدني، بل رأى مثالًا
(1)
، صار ذلك المثال آلة يتأدى بها المعنى، فالملك الموكل يمثل بالموجود ما في اللوح المحفوظ من المناسبة، ومعنى قوله:(فسيراني في اليقظة) : وكأنما رآني في اليقظة سيرى تفسير ما رأى؛ لأنَّه حق، وقيل: سيراه في القيامة، وقيل: أهل عصره بمن لم يهاجر، فتكون الرؤية في المنام علمًا له على رؤيته في اليقظة.
وقوله: (فإنَّ الشيطان لا يتمثل بصورتي)؛ أي: في صفتي، وهي صفة الهداية، وقيل: هي على الحقيقة، وهي التخطيط
(2)
المعلوم المشاهد له عليه السلام، وهذا ظاهر، فقالوا: رؤيته عليه السلام هي أن يراه الرائي بصورة شبيهة لصورته الثابتة حليتها بالنقل الصحيح، حتى لو رآه في صورة مخالفة لصورته التي كان عليها في الحسن؛ لم يكن رآه عليه السلام، كأن يراه طويلًا، أو قصيرًا، أو أشقر، أو شيخًا، أو شديد السمرة، ونحو ذلك.
ومثله عليه السلام بقية الأنبياء والملائكة؛ فإنَّها حق لا يتمثل الشيطان بهم، وقد منَّ الله علي في رؤيتي له عليه السلام، ورؤيتي لموسى عليه السلام، ورؤيتي لعلي بن أبي طالب، والحمد [لله] تعالى على ذلك.
(ومن كذب عليَّ متعمدًا؛ فليتبوأ مقعده من النار) : ومقتضى الحديث استواء تحريم الكذب عليه في كل حال، سواء كان في اليقظة أو في النوم، وإذا كانت رؤياه حقًا فهل يطلق [عليه] الصحابي؟
أجيب: بأنه لا يطلق عليه ذلك؛ لأنَّ المراد من الرؤية المعهودة الجارية على العادة أو الرؤية في حياته في الدنيا فلا يصدق عليه الصحابي إلا وهو مسلم رآه عليه السلام، وأما الحديث المسموع في المنام؛ فهو ليس بحجة؛ لأنَّه يشترط في الاستدلال به أن يكون الراوي ضابطًا عند السماع، والنوم ليس حاله الضبط، وحديث:(من كذب عليَّ) في غاية الصحة حتى أطلق عليه جماعة: أنه متواتر، ونوزع بأن شرط التواتر استواء طرفيه وما بينهما في الكثرة وليست موجودة في كل طريق بمفردها.
أجيب: بأن المراد من إطلاق كونه متواترًا رواية المجموع عن المجموع من ابتدائه إلى انتهائه في كل عصر، وهذا كاف في إفادة العلم، والله أعلم.
(39)
[باب كتابة العلم]
هذا (باب كتابة العلم) : ولا يخفى أنه مستحب، بل واجب في زماننا؛ لقلة اهتمام الناس بالحفظ، كما في «عمدة القاري» .
[حديث أبي جحيفة: قلت لعلي: هل عندكم كتاب]
111 -
وبه قال: (حدثنا ابن سلَام) : محمد أبو عبد الله البيكندي، وهو بتخفيف اللام، وقد تشدد، وفي رواية:(محمد بن سلام)(قال: أخبرنا وكيع) : بن الجراح بن مليح الكوفي المفتي على مذهب إمامنا رئيس المجتهدين الإمام الأعظم، قال حماد بن زيد: إنَّه أرجح من سفيان، المتوفى يوم عاشوراء سنة تسع وتسعين ومئة عن إحدى وسبعين سنة، (عن سفيان) : ابن عُيينة -بضم العين- أو الثوري، وجزم بالأول في «عمدة القاري» ، وجزم بالثاني ابن حجر؛ لشهرة وكيع بالرواية عنه، وردَّ بأن وكيعًا مشهور بالرواية عن السفيانين كليهما، ونص في «الأطراف» على أنَّه ابن عيينة؛ فليحفظ.
(عن مُطَرِّف)؛ بضم الميم، وفتح الطاء، وكسر الراء المشددة، آخره فاء: ابن طَريف -بطاء مهملة مفتوحة-، أبو بكر الكوفي الحارثي، المتوفى سنة ثلاث وثلاثين ومئة، (عن الشَّعْبي) : عامر؛ بفتح المعجمة وسكون المهملة، (عن أبي جُحَيْفة)؛ بضم الجيم، وفتح المهملة، وسكون التحتية، واسمه وهب بن عبد الله السُّوائي -بضم السين المهملة، وتخفيف الواو وبالمد-، الكوفي، وكان علي رضي الله عنه يكرمه ويحبه، وجعله على بيت المال، وهو من صغار الصحابة، المتوفى سنة اثنين وسبعين، (قال: قلت لعلي) : الصديق الأصغر، زاد الأصيلي: (ابن أبي طالب رضي الله عنه.
(هل) : للاستفهام (عندكم) : الخطاب لعلي إما للتعظيم، أو لإرادته مع سائر أهل البيت النبوي، أو للالتفات من خطاب المفرد إلى خطاب الجمع (كتاب)؛ بالرفع مبتدأ، وخبره:(عندكم) مقدمًا؛ أي: مكتوب أخذتموه عن النبي الأعظم عليه السلام مما أوحي إليه، ويدل لهذا ما عند المؤلف في (الجهاد) :(هل عندكم شيء من الوحي)، وإنما سأله أبو جحيفة؛ لأنَّ الشيعة كانوا يزعمون أن النبي عليه السلام خص أهل البيت، لا سيما علي بأسرار من علم الوحي لم يذكرها لغيره.
(قال) علي: (لا) كتاب عندنا (إلا كتاب الله)؛ بالرفع بدل من المستثنى منه، وهو استثناء متصل؛ لأنَّ المفهوم من الكتاب كتاب أيضًا؛ لأنَّه من جنسه، وما زعمه ابن حجر من أنه منقطع؛ رده في «عمدة القاري» ؛ فليحفظ.
(أو فهم)؛ بالرفع عطفًا على (كتاب)، ولو كان الاستثناء منقطعًا كما زعمه؛ لكان قوله:(أو فهم) منصوبًا، والرواية بالرفع؛ فليحفظ، والفهم: جودة الذهن بمعنى العلم (أعطيَه)؛ بفتح التحتية على صيغة المجهول، أسند إلى قوله:(رجل) : مفعول أول نائب عن الفاعل، والضمير المنصوب مفعول ثان (مسلم)؛ بالرفع صفة لـ (رجل) من فحوى الكلام ويدركه من بواطن المعاني التي هي غير الظاهر من نصه، كوجوه الأقيسة والمفاهيم وسائر الاستنباطات، وما قاله ابن المنير رده في «عمدة القاري» .
ويدل لهذا قوله: (أو ما) : عطف على (كتاب الله)، و (ما) : موصولة مبتدأ بمعنى الذي، وقوله:(في هذه الصحيفة) : خبره؛ وهي الورقة المكتوبة، وكانت معلقة بقبضة سيفه إما احتياطًا أو استحضارًا، وإما لكونه منفردًا بسماع ذلك، وفي «النسائي» :(فأخرج كتابًا من قراب سيفه)، واقتران الصحيفة بالسيف الإشعار بأن مصالح الدين ليست بالسيف وحده؛ بل بالقتل تارة، وبالدية أخرى، وبالعفو تارة أخرى.
(قال) أبو جحيفة: (قلت: وما) : وفي رواية: (فما)، وكلاهما للعطف استفهام مبتدأ؛ أي: أي شيء (في هذه الصحيفة) : خبر المبتدأ (قال) الصديق الأصغر: (العقل)؛ بالرفع مبتدأ حذف خبره؛ أي: فيها العقل، والمضاف فيه محذوف أيضًا؛ أي: حكم العقل؛ أي: الدية، وإنما سميت به؛ لأنَّهم كانوا يعطون فيها الإبل ويربطونها بفناء دار المقتول بالعقال؛ وهو الحبل، والمراد أحكامها، ومقاديرها، وأصنافها، وأسنانها، كما في «عمدة القاري» .
وفي رواية «الصحيحين» من طريق يزيد التيمي: فإذا فيها: «المدينة حرام
…
»؛ الحديث، ولمسلم عن أبي الطفيل: فأخرج صحيفة مكتوب فيها: «لعن الله من ذبح لغير الله
…
»؛ الحديث، وللنسائي من طريق الأشتر: فإذا فيها: «المؤمنون يتكافأ دماؤهم يسعى بذمتهم أدناهم
…
»؛ الحديث، ولأحمد من طريق ابن شهاب: فإذا فيها: (فرائض الصدقة)، والجمع بين هذه الأحاديث أنَّ الصحيفة كانت واحدة وكان جميع ذلك مكتوبًا فيها فنقل كل من
(1)
في الأصل: (مثال).
(2)
في الأصل: (التخلطيط).