الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمراد منه: الحدث الناقض للوضوء؛ كالريح ونحوه، قاله إمام الشَّارحين.
قلت: الحدث لغة: الشيء الحادث، وأمَّا شرعًا؛ فمانعية شرعية رافعة للطهارة إلى استعمال المطهر؛ كالريح ونحوه، وزعم العجلوني أنَّ الحدث يُطلق شرعًا على أمور؛ منها: الأمر الناقض للوضوء، انتهى.
قلت: وهو فاسد؛ فإن الحدث هو المعنى الحالُّ بصاحبه، الرَّافعُ للطهارة إلى استعمال المطهِّر، وليس له إطلاقات، بل هو أصل وتحته أمور معنوية، وليست هي أمورًا
(1)
حقيقية؛ فافهم.
وقال المازري: أشار البخاري إلى الرد على مَنْ مَنَع المُحدِث من دخول المسجد والجلوس فيه، وجعله كالجُنُب، وهو مبني على أنَّ الحدث ههنا الريح ونحوه، وبذلك فسره أبو هريرة، كما سبق في كتاب (الطهارة)، وزعم ابن حجر: قيل: المراد بالحدث هنا أعم؛ أي: مالم يحدث سواء، ويؤيده رواية مسلم:«ما لم يحدث فيه، ما لم يؤذ فيه» على أنَّ الثانية تفسير للأولى، وردَّه إمام الشَّارحين فقال:(لا نسلِّم أنَّ الثانية تفسير للأولى؛ لعدم الإبهام، غاية ما في الباب ذكر فيه شيئين؛ أحدهما: حدث الوضوء، والآخر: حدث الإثم، على أنَّ مالكًا وغيره قد فسَّروا الحدث بنقض الوضوء) انتهى.
ثم قال: فإن قلت: قد ذكر ابن حبيب عن إبراهيم النخعي: أنه سمع عبد الله بن أبي أوفى يقول: «هو حدث الإثم» ، قلت: لا منافاة بين التفسيرين؛ لكونهما مصرحين في رواية مسلم، وروايةالبخاري مقتصرة على تفسير مالك وغيره، ولهذا جاء في رواية أخرى للبخاري:«ما لم يُؤذِ؛ يُحدِث فيه» ؛ فهذه تصرِّح بأن المراد من الأذى: هو الحدث الناقض للوضوء، ومن هذا قالوا: إنَّ رواية الجمهور: (ما لم يحدث) في الحديث؛ بالتخفيف: من الإحداث، لا بالتشديد: من التحديث، كما رواه بعضهم، وليست بصحيحة، ولهذا قال السفاقسي:(لم يذكر التشديد أحد) انتهى.
قلت: ومراده بقوله: (بعضهم) : ابن حجر العسقلاني؛ فإنَّه قد زعم أن (يحدِّث) بالتشديد، ولا معنى له ههنا، وهو كلام من لم يذق شيئًا من الفهم، ولهذا قال الزركشي:(المراد به: الحدث الناقض للوضوء)، وهو تفسير أبي هريرة راوي الحديث، انتهى.
يعني: فلا عبرة بتفسير غيره؛ فافهم
[حديث: الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه]
445 -
وبالسند إلى المؤلف قال: (حدثنا عبد الله بن يوسف) : هو التنيسي المنزل، الدمشقي الأصل (قال: أخبرنا مالك) : هو ابن أنس الأصبحي المدني، (عن أبي الزِّنَاد)؛ بكسر الزاي، وفتح النون: هو عبد الله بن زكوان المدني، (عن الأعرج) : هو عبد الرحمن بن هرمز المدني، (عن أبي هريرة) : هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي الصحابي رضي الله عنه: (أنَّ)؛ بفتح الهمزة، وتشديد النون (رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؛ بالنصب اسمها، وخبرها جملة قوله: (قال: الملائكة) وفي رواية الكشميهني: (أنَّ الملائكة) وهي جمع (ملاك)، على الأصل؛ كالشمائل جمع (شمال)، وهو مقلوب (مألك) من (الألوكة)؛ وهي الرسالة؛ لأنَّهم وسائط بين الله وبين الناس، فهم رسل الله أو كالرسل إليهم، كذا قيل.
والمشهور: أن أصل ملائكة: ملأك على وزن (فعلل)، نقلت حركة الهمزة إلى اللام، وحذفت الهمزة تخفيفًا؛ فصار ملك، فلما رجع؛ ردت الهمزة المحذوفة، فقيل: ملائك، والتاء فيه؛ لتأنيث الجمع؛ لكونه بمعنى: الجماعة، كما في الصياقلة في جمع (صيقل)، وإنَّ أصله: مألك على وزن (مفعل) من (ألك)؛ بمعنى: أرسل، وفاؤه همزة، وعينه لام، و (الألوكة) : الرسالة، و (مألك) : موضع الرسالة أو مصدر بمعنى المفعول؛ فيكون (ملاك) مقلوبًا من (ملأك) نقلت همزة (مألك) إلى مكان اللام وقدمت اللام، فقيل:(ملأك) على وزن (مفعل)، ثم نقلت حركة الهمزة إلى اللام، وحذفت الهمزة تخفيفًا؛ لكثرة الاستعمال، فصار:(ملك) على وزن (معل)؛ بحذف الفاء، فلما جمع؛ ردت الهمزة المحذوفة، فقيل:(ملائك) على وزن (معافل) بالقلب؛ لأنَّ التكسير يردُّ الأشياء إلى أصولها، فعلى هذا؛ تكون ميم (ملك) زائدة ويكون وزنه (معلًا)، وذهب بعضهم إلى أنَّ الميم في (ملك) : أصلية والهمزة زائدة، واختاره ابن كيسان.
واختلف الناس في حقيقتهم بعد اتفاقهم على أنَّها ذوات موجودة قائمة بأنفسها؛ فذهب أكثر المسلمين إلى أنَّها أجسام لطيفة هوائية قادرة على التشكل بأشكال مختلفة، مستدلِّين بأنَّ الرسل كانوا يرونهم كذلك، وقالت طائفة من النصارى: هي النفوس الفاضلة البشرية المفارقة للأبدان، وزعم الحكماء أنَّها جواهر مجردة مخالفة للنفوس الناطقة في الحقيقة، منقسمة إلى قسمين:
قسم: شأنهم الاستغراق في معرفة الله والتنزُّه عن الاشتغال بغيره، كما وصفهم في محكم التنزيل فقال:{يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 20] : وهم العليون والمقربون.
وقسم: يدبِّر الأمر من السماء إلى الأرض على ما سبق به القضاء، وجرى به القلم الإلهي، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وهم المدبِّرات أمرًا؛ فمنهم سماوية، ومنهم أرضية على تفصيل في ذلك مذكور في كتاب «الطوالع» .
(تصلي على أحدكم) : قال إمامنا الشَّارح: («الملائكة» : جمع محلًّى باللام؛ فيفيد الاستغراق) انتهى؛ يعني: يشمل الحفظة، والسيارة، وغيرهما، وتبعه الكرماني، والقسطلاني، وغيرهما، وخالفهم ابن حجر فقال:(المراد بالملائكة الحفظة أو السيارة، أو أعم من ذلك) انتهى.
قلت: وفيه قصور؛ لأنَّ لفظ: (الملائكة) جمع محلًّى باللام؛ فيفيد العموم ولا مخصص، ولا وجه لتخصيص العام من غير مخصص؛ فيشمل جميع الملائكة الذين قدمنا ذكرهم؛ لأنَّ اللفظ عام؛ فافهم.
(مادام) أي: أحدكم؛ أي: مدة دوامه (في مُصلاه)؛ بضمِّ الميم، وهو اسم مكان، قاله إمام الشَّارحين؛ يعني: في مكان صلاته (الذي صلى فيه) وهو المسجد يدلُّ على ذلك رواية البخاري، فيما يتعلق بالمساجد على ما يأتي، ولفظه: «فإنَّ أحدكم إذا توضأ فأحسن الوضوء، وأتى المسجد لا يريد إلا الصلاة؛ لم يخط خطوة إلا رفعه الله بها درجة أو حطَّ عنه بها خطيئة، حتى يدخل المسجد؛ كان في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه، وتصلي عليه الملائكة ما دام في مجلسه الذي يصلي فيه
…
»؛ الحديث.
والأحاديث تفسِّر بعضها بعضًا، فعلم أنَّ المراد بقوله:(في مصلاه) : هو المكان الذي يصلَّى فيه في المسجد، وإن كان بحسب اللغة يطلق على المُصلَّى الذي في غير المسجد، كذا قاله إمام الشَّارحين في «عمدة القاري» .
قلت: وعلى هذا؛ يقال فيما رواه المؤلف في باب (من جلس في المسجد ينتظر الصلاة) ولفظه: «ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة» ؛ فإن المراد: مكان الصلاة؛ وهو المكان الذي يصلِّي
(1)
في الأصل: (أمور)، وليس بصحيح.
فيه، فقوله:«ما دام في مصلاه الذي يصلي فيه» ؛ قيد؛ لصلاة الملائكة عليه، ومفهومه: إذا انصرف من مكانه الذي يصلي فيه في المسجد؛ لا تصلي عليه الملائكة، وليس كذلك؛ لأنَّه صرح في الحديث، كما نقله إمامنا الشَّارح قريبًا ولفظه: «كان في صلاة ما كانت تحبسه
…
»؛ الحديث، وعلى هذا؛ فالمراد به: أنَّه تصلي عليه الملائكة ما دام منتظرًا للصلاة، سواء ثبت في مجلسه ذلك من المسجد، أو تحوَّل إلى غيره ما لم يخرج من المسجد، فإذا خرج منه؛ فلا تصلي عليه؛ فالمراد بقوله:«في مصلاه» : إنَّما هو المسجد، كما قرره إمام الشَّارحين قريبًا.
وقال ابن حجر: (يمكن حمل «في مصلاه» ههنا على المكان المُعدِّ للصلاة لا الموضع الخاص بالسجود، فلا تخالف بين حديث الباب والحديث
(1)
الأتي في باب «من جلس في المسجد» ) انتهى.
قلت: إن كان مراده بالمكان المعد للصلاة: المسجد؛ فمسلَّم، كما ذكرناه، وإن كان مراده غير ذلك؛ فغير مسلَّم، كما بيناه قريبًا، والله أعلم.
وقوله: (ما لم يُحْدِث) : قيد ثان لصلاة الملائكة عليه، وهو بضمِّ التحتية أوله، وسكون الحاء المهملة، والمراد به: الحدث الناقض للوضوء، والمعنى: تصلِّي عليه مدة دوامه في المسجد، ومدة دوامه لم يحصل منه حدث.
قال إمام الشَّارحين: (رواية الجمهور؛ بالتخفيف من الإحداث، لا بالتشديد من التحديث، كما رواه بعضهم وليست بصحيحة، ولهذا قال السفاقسي: «لم يذكر التشديد أحد») انتهى.
قلت: مراده بقوله: (بعضهم) : ابن حجر العسقلاني؛ فإنَّه رواها بالتشديد من التحديث، وليست هذه الرواية بصحيحة؛ لأنَّ المراد بالحدث: الناقض للوضوء، ولهذا نفى السفاقسي عن جميع الرواة ذكرها.
وقال الزركشي في «التنقيح» : (قصد البخاري بهذا الباب تفسير الحدث بالناقض للطهارة، وهو تفسير أبي هريرة راوي الحديث، وفسره غيره بالحديث في غير ذكر الله) انتهى.
قلت: ولا ريب أن تفسير أبي هريرة هو الصواب؛ لأنَّ صاحب الدار أدرى، ولهذا قال الداودي:(روي: «يحدِّث»؛ بتشديد الدال، وهو غريب) انتهى.
وقوله: (تقول) أي: الملائكة: (اللهم؛ اغفر له)؛ يعني: يا ألله؛ اغفر له ذنوبه (اللهم؛ ارحمه)؛ يعني: يا ألله؛ أنزل عليه رحمتك؛ بيان وتفسير لقوله: (تصلي) السابق.
قال إمام الشَّارحين: (والفرق بين المغفرة والرحمة أن المغفرة: ستر الذنوب، والرحمة: إفاضة الإحسان إليه) انتهى.
وقال العجلوني: (وذكر غيره أنَّ المغفرة لا تستدعي سبق ذنب) انتهى.
قلت: وهو ممنوع، ويردُّه قوله تعالى:{لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2]؛ فإنَّه يدلُّ على أن المغفرة ستر الذنوب الحاصلة سابقًا ولاحقًا؛ لأنَّ معنى الآية قيل: (ما تقدم) : قبل الوحي (وما تأخر) : بعد الوحي، وقيل: قبل الهجرة وبعدها، وقيل: قبل المعراج، وقيل:(ما تقدم) : من ذنب آدم وحواء، (وما تأخر) : من ذنب الأُمَّة، وقيل: ما كان قبل النبوة، (وما تأخر) : عصمته من ذلك، وقيل: المراد ذنوب أمته، وعلى كل حالٍ؛ فهو دليل على أن المغفرة لا تكون إلا بعد سبق الذنوب؛ فالمغفرة سترها.
ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرة مما سبق، والحاصل في معناه: أنَّ الملائكة تصلي على العبد ما دام في المسجد متوضئًا، فإذا خرج من المسجد؛ فلا تصلي عليه، وإنَّهم يصلون عليه ما لم تُنقض طهارته، فإذا أحدث؛ حُرِم صلاتهم، ولو كان مستمرًّا جالسًا ينتظر الصلاة.
وقال السفاقسي: (الحدث في المسجد خطيئة يُحرَم به المُحدِث الاستغفار من الملائكة، ولما لم يكن الحدث فيه الكفارة ترفع أذاه عنهم، كما يرفع الدفن أذى النخامة فيه؛ عوقب العبد بحرمان الاستغفار من الملائكة؛ لما آذاهم به من الرائحة الخبيثة).
وقال ابن بطال: (من أراد أن تحطَّ عنه الذنوب بغير تعب؛ فليغتنم ملازمة مصلاه بعد الصلاة؛ ليستكثر من دعاء الملائكة واستغفارهم له، فهو مرجوٌّ إجابته؛ لقوله تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَاّ لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: 28]).
وقال إمام الشَّارحين: (وفي الحديث بيان فضيلة من انتظر الصلاة مطلقًا، سواء ثبت في مجلسه ذلك من المسجد، أو تحول إلى غيره، وفيه: أن الحدث في المسجد يبطل ذلك ولو استمر جالسًا، وفيه أن الحدث في المسجد أشد من النخامة فيه) انتهى.
قلت: إنَّما كان أشد؛ لأنَّ النخامة كفارتها دفنها، وأما الحدث؛ فلا كفارة له.
وقال إمام الشَّارحين: (اختلف السلف في جلوس المحدث في المسجد؛ فروي عن أبي الدرداء: أنَّه خرج من المسجد فبال، ثم دخل وتحدث مع أصحابه ولم يمس ماء، وعن عليٍّ مثله، وروي ذلك عن عطاء، والنخعي، وابن جبير، وكَرِه ابن المسيب والحسن البصري أن يتعمد الجلوس في المسجد على غير وضوء) انتهى.
قلت: وهل إذا أحدث في المسجد، ثم توضأ وانتظر، يعود استغفار الملائكة عليه أم لا؟ والظاهر: أنَّه يعود؛ لأنَّ المراد: انتظاره متطهرًا وقد حصل وإن كان قد وقع منه الحدث؛ لأنَّ هذا من باب زوال المانع؛ فتأمل، والله أعلم.
(62)
[باب بنيان المسجد]
هذا (باب) بيان صفة (بُنيان)؛ بضمِّ أوله: مصدر (المسجد)؛ أي: النبوي، فاللام فيه للعهد، وجوَّز البرماوي كونها للجنس، قال العجلوني:(وهو غير ظاهر).
قلت: بل الظاهر: كونها للعهد؛ فافهم.
قال في «القاموس» : (البني: نقيض الهدم
(2)
، بناه يبنيه بنيًا، وبناءً، وبنيانًا، وبنيةً، وبنايةً، والبناء: المبني والجمع «أبنية» ، وجمع الجمع:«أبنيات» ، والبُِنية -بالكسر والضم-: ما بنيته، والجمع «بُِنًى» ؛ بالضم والكسر، ثم قال: والبنية؛ كغنية: الكعبة، وبنى فلانًا: اصطنعه
(3)
، وعلى أهله، وبها: زفها؛ كابتنى) انتهى.
وقال الجوهري: (البنيان: الحائط يقال: بنى فلانٌ
(4)
بيتًا، من البنيان، وبنى على أهله بناء؛ أي: زفها، والعامة تقول: بنى بأهله، وهو خطأ) انتهى.
(وقال أبو سعيد) : هو سعْد -بسكون العين- ابن مالك بن سنان بن عبيد بن ثعلبة بن عبيد بن الأبجر -بالموحدة والجيم- وهو خدرة الذي ينسب إليه أبو سعيد، فيقال: الخدري، وهو ابن عوف بن الحارث بن الخزرج الأنصاري الخزرجي الخدري، وغزا أبو سعيد أُحدًا، وبعد ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثنتي عشرة غزوة، وكان أبوه سعد بن مالك صحابيًّا استشهد يوم أُحد، ولم يكن في أصحابه أفقه أو أعلم من أبي سعيد، كذا قاله سهل بن سعد، كما رواه حنظلة الجمحي، توفي بالمدينة يوم الجمعة سنة أربع وستين، أو أربع وسبعين، ودفن بالبقيع (كان سقف المسجد)؛ أي: مسجد النبيِّ الأعظم صلى الله عليه وسلم في زمنه، فاللام فيه للعهد، وزعم الكرماني أنَّها للجنس، قال إمام الشَّارحين:(وهو بعيد) انتهى.
قلت: ووجهُ بعده أنَّ هذا التعليق رواه المؤلف مسندًا في (الاعتكاف)، وأبواب (صلاة الجماعة)، فهو مختصر من مطول، ولفظه: (قال أبو سعيد: جاءت سحابة فمطرت حتى سال السقف
…
) إلى أن قال: (فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين حتى رأيت أثر الطين في جبهته)؛ فهذا يدلُّ على أن المسجد إنَّما هو المسجد النبوي المدني؛ فافهم.
(من جَريد النخل)؛ بفتح الجيم: هو الذي يجرد عنه الخوص، فإن لم يجرد؛ يسمى سعفًا، ومطابقة
(1)
في الأصل: (حديث)، وليس بصحيح.
(2)
في الأصل: (العدم)، والمثبت موافق لما في «القاموس» .
(3)
في الأصل: (اصطفه)، وهو تحريف.
(4)
في الأصل: (فلانًا)، وليس بصحيح.
هذا التعليق للترجمة ظاهرة، كذا قاله إمام الشَّارحين في «عمدة القاري» .
(وأَمَرَ) بفتحات (عمر) : هو ابن الخطاب أمير المؤمنين رضي الله عنه؛ أي: في زمن خلافته (ببناء المسجد)؛ أي: مسجد النبيِّ الأعظم صلى الله عليه وسلم (وقال)؛ أي: عمر للصانع الذي يبنيه: (أكِنَّ الناس من المطر) : قال إمام الشَّارحين: فيه أوجه:
الأول: (أَكِنَّ)؛ بفتح الهمزة، وكسر الكاف، وفتح النون، على صورة الأمر: من الإكنان، وهي رواية الأصيلي؛ يعني: اصنع لهم كنًّا يسترهم عن المطر والشمس، وهذه الرواية هي الأظهر، يدلُّ عليه أنَّه ذكر قبله قوله:(أمر عمر) وقوله بعده: (وإياك) وذلك؛ لأنَّه أولًا أمَر بالبناء، وخاطب أحدًا بذلك، ثم حذَّره من التَّحمير والتصفير بقوله:«وإياك أن تحمِّر أو تصفِّر» والإكنان: من أكننت الشيء إذا صنته وسترته، وحكى أبو زيد والكسائي: كننته من الثلاثي؛ بمعنى أكننته، وقال ثعلب:(أكننت الشيء إذا أخفيته، وكننته: إذا سترته بشيء، ويقال: أكننت الشيء: سترته وصنته من الشمس، وأكننته في نفسي: أسررته)، وقال أبو عبيدة:(قالت تميم: كننت الجارية أكِنها كِنًّا -بكسر الكاف- وأكننت العلم والسر، وقالت قيس: كننت السر والعلم؛ بغير ألف، وأكننت الجارية؛ بالألف)، وقال ابن الإعرابي:(أكننت السر وكننت وجهي من الحر وكننت سيفي، قال: وقد يكون هذا بالألف أيضًا).
الوجه الثاني: (أُكِنُّ الناس) : بضمِّ الهمزة، وكسر الكاف، وتشديد النون المضمومة، بلفظ المتكلم من المضارع، قال ابن التين:(هكذا رويناه، وهي رواية أبي ذر عن الحموي والمستملي)، وفي هذا الوجه التفات، وهو أنَّ عمر أخبر عن نفسه، ثم التفت إلى الصانع، فقال:(وإياك)، ويجوز أن يكون تجريدًا، فكأن عمر بعد أن أخبر عن نفسه جرَّد عنها شخصًا؛ ثم خاطبه بذلك.
الوجه الثالث: قاله القاضي عياض: (كِنَّ الناس) : بحذف الهمزة، وكسر الكاف، وتشديد النون من: كنَّ يكن وهو صيغة أمر، وأصله:(أكن)؛ بالهمزة، لكنها حذفت تخفيفًا على غير قياس، وهذه رواية غير أبي ذر، والأصيلي.
الوجه الرابع: (كُنَّ) بضمِّ الكاف: من (كنَّ) فهو مكنون وهذا له وجه، ولكن الرواية لا تساعده، انتهى كلام إمام الشَّارحين في «عمدة القاري» .
قلت: وهذا الوجه الأخير ذكره أيضًا ابن مالك، ومعناه: صانه، لكن الرواية لا تساعده، كما قال؛ فافهم.
واعترض العجلوني الوجه الثاني؛ فقال: التجريد ذكره ابن حجر، وأما الالتفات؛ فليتأمل في صحته، انتهى.
قلت: واعتراضه مردود عليه؛ فإن ما ذكره ابن حجر من التجريد هو قد أخذه من كلام إمام الشَّارحين ونسبه لنفسه، فلله درُّ إمامنا الشَّارح ما أغزر علمه وفهمه! وقوله: (وأما الالتفات
…
) إلخ: ممنوع؛ لأنَّ معناه صحيح، كما لا يخفى على أهل التحقيق، ولا يلزم من عدم ذكر ابن حجر للالتفات ألا يكون صحيحًا؛ لأنَّ ابن حجر ليس عنده إحاطة بجميع المعاني، بل ما ذكره هو مَبْلَغه من العلم، على أنَّ وجه الالتفات ظاهر لمن له أدنى ذوق في العلم، وليس للعجلوني كلام مع إمام الشَّارحين؛ فافهم.
(وإياك) تحذير للصانع (أن تُحَمِّر أو تُصَفِّر)؛ بضمِّ أولهما، وفتح ثانيهما، وتشديد الثالث مكسورًا، ومفعولهما محذوف؛ أي:(احذر من أن تحمِّر المسجد، أو تصفِّره)؛ فكلمة: (أن) مصدرية، ومراده: الزخرفة، وروى ابن ماجه من طريق عمرو بن ميمون عن عمر مرفوعًا:«ما ساء عملُ قومٍ قط إلا زخرفوا مساجدهم» ، كذا قاله إمام الشَّارحين.
(فَتَفْتِن الناس)؛ بفتح المثناة الفوقية، وسكون الفاء من (فتن يفتن)، من باب ضرب يضرِب، فتنًا وفتونًا؛ إذا امتحنه.
وضبطه ابن التين؛ بضمِّ المثناة الفوقية من (أفتن)، والأصمعي أنكر هذا، وأبو عبيدة أجازه وقال: فتن وأفتن بمعنًى وهو قليل، والفتنة: اسم وهو في الأصل من الافتتان والاختبار، ثم كثر استعمالها؛ بمعنى: الإثم والكفر، والقتال، والإحراق، والإزالة، والصَّرف عن الشيء، كذا في «عمدة القاري» .
قلت: وقد تبع ابن التين الزركشي، فضبطه بضمِّ الفوقية.
وقال الكرماني: وتفتن من «الفتنة» ، وفي بعضها من «التفتين» .
واعترضه إمام الشَّارحين فقال: إذا كان من (التفتين)؛ يكون من باب التفعيل، وماضيه فتَّن بتشديد التاء الفوقية، وعلى ضبط ابن التين يكون من باب الإفعال وهو: الإفتتان بكسر الهمزة، وعلى كل حال؛ فهو بفتح النون؛ لأنَّه معطوف على منصوب بكلمة (أن)، انتهى.
ومطابقته للترجمة ظاهرة، والمراد بالمسجد: مسجده عليه السلام، ويأتي في هذا الباب: أنه روي من حديث نافع إلى آخره ورواه أبو داود، قاله إمام الشَّارحين.
قلت: يعني أنَّ هذا الأثر المروي عن عمر طرفٌ من قصة في ذكر تجريده المسجد؛ فافهم.
وقال ابن بطال: (كأنَّ عمر فهم ذلك من الشَّارع؛ حيث ردَّ خميصة أبي جهم من أجل أعلامها، وقوله فيها: «إنها ألهتني عن صلاتي»، ويحتمل أن يكون عند عمر من ذلك علم خاص بهذه المسألة؛ فقد روى ابن ماجه بسنده إلى عمر مرفوعًا: «ما ساء عمل قوم قطٌّ إلا زخرفوا مساجدهم»، ورجاله ثقات إلا شيخه جبارة بن المفلس، ففيه مقال) انتهى.
قلت: فعلى الأول: يكون عمر قاس أعلام الخميصة على زخرفة المساجد بجامع الإلهاء في كلٍّ عن الخشوع في الصلاة، وعلى الثاني: يكون الاستدلال من الحديث، لكن الاحتمال الأول أظهر؛ لأنَّ حديث أبي جهم مذكور في «الصحيحين» ؛ فافهم. والله أعلم.
(وقال أنس) : هو ابن مالك الأنصاري خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يَتباهَون)؛ بفتح أوله والهاء: من المباهاة، وهي المفاخرة؛ أي: يتفاخرون (بها)؛ أي: بالمساجد، والسياق يدلُّ عليه؛ يعني: أنَّهم يزخرفون المساجد ويزيِّنونها بأنواع البناء والزينة، ثم يتعدون فيها ويتمارون، (ثم لا يُعمِّرونها)؛ بضمِّ أوله، وتشديد الميم، ويجوز فتح أوله التحتية، وضم الميم، ويجوز كسرها: من التعمير، والضمير يرجع إلى المساجد؛ يعني: لا يشتغلون بما بنيت المساجد له من الصلاة، وتلاوة القرآن، والذكر، والتدريس، ونحوها (إلا قليلًا)؛ بالنصب على الاستثناء، ويجوز الرفع من جهة النحو على أنَّه بدل من ضمير الفاعل، قاله إمام الشَّارحين.
قلت: ضمير الفاعل يرجع إلى الناس؛ كالضمير في (يتباهون) المدلول عليه، وضمير (بها) يرجع إلى المساجد، كما قدمنا؛ للقرينة الحالية والمقامية، وأفاد إمامنا الشَّارح أنَّ الرفع يجوز من جهة القواعد النحوية، ولكن الرواية لا تساعده؛ لأنَّها بالنصب؛ فافهم.
وقال إمام الشَّارحين: (وهذا التعليق مرفوع في «صحيح ابن خزيمة» عن محمد: حدثنا سعيد عن أبي عامر قال: قال أبو قلابة: انطلقنا مع أنس نريد الزاوية-يعني: قصر أنس- فمررنا بمسجد، فحضرت صلاة الصبح، فقال أنس: لو صلينا في هذا المسجد، فقال بعض القوم: نأتي المسجد الآخر، فقال أنس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يأتي على الناس زمان يتباهون بالمساجد، ثم لا يعمِّرونها إلا قليلًا أو قال: يعمِّرونها قليلًا» ، ورواه أبو يعلى الموصلي أيضًا في «مسنده» ، وروى أبو داود في «سننه» عن أنس:
أنَّ النبيَّ الأعظم صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد» ، وأخرجه ابن ماجه، والنسائي أيضًا، وروى أبو نعيم في كتاب «المساجد» من حديث علي بن حرب عن سعد بن عامر عن الخزاز:«يتباهون بكثرة المساجد» ، ومن حديث محمد بن مصعب القرقساني عن حماد:«يتباهى الناس ببناء المساجد» ) انتهى.
قلت: والحديث الأول أولى، وأنسب بمراد البخاري، وروى البغوي عن أنس بلفظ:«سيأتي على أمتي زمان يتباهون في المساجد، ولا يعمِّرونها إلا قليلًا» .
قلت: وفي حديث أنس عَلَمٌ من أعلام نبوته؛ لإخباره عليه السلام بما سيقع في أمته، فوقع كما قال، والله أعلم، وفيه: أن نقش المسجد وتزيينه مكروه، وهو قول الإمام الأعظم رأس المجتهدين رضي الله عنه، وتمامه سيأتي، والله أعلم.
(وقال ابن عبَّاس) : هو عبد الله أحد العبادلة الأربعة، وحَبْرُ هذه الأمة وترجمان القرآن رضي الله عنهما:(لِتُزَخْرِفُنها)؛ باللام المكسورة أو المفتوحة، وضم الفوقية وفتح الزاي، وسكون المعجمة، وكسر الراء، وضم الفاء؛ لإسناده إلى واو الضمير المحذوفة؛ لالتقائها ساكنة مع نون التأكيد، والضمير المنصوب يعود على المساجد، والضمير المرفوع إلى المذكورين، وهو من التزخرُّف، وهو التزين، يقال: زخرف الرجل كلامه: إذا موَّهه وزيَّنه بالباطل، والزُّخرف: الذهب ونحوه.
وأما اللام فيه؛ فذكر الطيبي في «شرح المشكاة» فيه وجهين؛ الأول: أن تكون مكسورة، وهي لام التعليل؛ للنفي قبله والمعنى: ما أُمرت بتشييد المساجد لأجل زخرفتها، والتشييد: -من شيَّد
(1)
يشيِّد- رفع البناء والإحكام، ومنه قوله تعالى:{وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ} [النساء: 78]، والوجه الثاني: فتح اللام على أنها جواب القسم، انتهى.
واعترضه ابن حجر فزعم أنَّ هذا الوجه الثاني هو المعتمد، والأول لم تثبت به الرواية أصلًا.
وردَّه إمام الشَّارحين فقال: (الذي قاله الطيبي هو الذي يقتضيه الكلام ولا وجه لمنعه، ودعوى عدم ثبوت الرواية يحتاج إلى برهان) انتهى.
واعترضه العجلوني بأنَّ ما قاله الطيبي محتمل إن جعله من كلام ابن عبَّاس تعليلًا للحديث قبله، وإن ادَّعى أنَّه من كلام النبيِّ عليه السلام؛ فلا وجه له، انتهى.
قلت: واعتراضه مردود عليه، ولا يذهب عليك أن كلام الطيبي مبني على كلام ابن عبَّاس؛ لأنَّه صرَّح بقوله؛ تعليلًا للنفي قبله، وليس الطيبي يدَّعي أنَّه من كلام النبيِّ الأعظم صلى الله عليه وسلم، على أنه إذا كان من كلامه؛ فما المانع من عدم وجهه؟ لأنَّ كلام ابن عبَّاس وإن كان في الظاهر مفعولًا؛ إلا أنه متعلق بما قبله وعلى الانفعال يظهر المعنى أيضًا؛ فافهم، ولا تغترَّ بما زعمه العجلوني؛ لأنَّه مشهور بالتعصُّب، والمعنى ههنا: تمويه المساجد بالذهب، ونحوه.
(كما زخرفت)؛ أي: زينت (اليهود)؛ أي: كنائسهم (و) زخرفت (النصارى)؛ أي: بيعهم؛ فالمفعول في كلٍّ منهما محذوف للعلم به، قال الخطابي:(إنَّما زخرفت اليهود والنصارى كنائسهم وبيعهم حين حرَّفت الكتب وبدَّلتها؛ فضيَّعوا الدين وعرَّجوا على الزخارف والتزين) انتهى.
وقال البغوي: (إنَّهم زخرفوا المساجد عندما بدَّلوا دينهم، وأنتم تصيرون إلى مثل حالهم وسيصير أمركم إلى المراءاة بالمساجد والمباهاة بتزبينها) انتهى.
قلت: وقول الخطابي والبغوي: (إنَّ التَّزخرف وقع حين تبديل الكتب والدين)؛ يحتاج إلى حجة وبرهان؛ لأنَّه لا يلزم من تبديل الكتب زخرفة معابدهم، وقول البغوي:(بالمساجد) : غير مناسب؛ لأنَّ المساجد للمسلمين، ولليهود الكنائس، وللنصارى البيع، فكان عليه أن يقول: زخرفوا معابدهم، كما لا يخفى.
وقال إمام الشَّارحين: (وهذا التعليق رواه أبو داود موصولًا عن ابن عبَّاس هكذا موقوفًا، وروى معه مرفوعًا من حديث الثوري عن يزيد بن الأصم عن ابن عبَّاس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أُمرت بتشييد المساجد»، قال ابن عبَّاس: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى، وإنما اقتصر البخاري على الموقوف منه ولم يذكر المرفوع منه؛ للاختلاف على يزيد بن الأصم في وصله، وإرساله، ويزيد هذا روى له مسلم والأربعة) انتهى.
وزعم ابن حجر -بعد أن ذكر مثل هذا آخذًا من كلام إمام الشَّارحين- فزعم أن كلام ابن عبَّاس فيه مفصول من كلام النبيِّ عليه السلام في الكتب المشهورة، انتهى.
قلت: وهو ممنوع؛ فإن ظاهر اللفظ يدل على أنه موصول بكلام النبيِّ الأعظم صلى الله عليه وسلم، كما صرح به أبو داود، كما قدمناه.
وقد روي الحديث من طريقين عن ابن عبَّاس موقوفًا ومرفوعًا، فالموقوف مفصول ظاهرًا، لكنه متعلق بما قبله، والمرفوع موصول، وقد خفي هذا على ابن حجر حتى زعم هذا الكلام.
وفي الحديث المرفوع وهذه الآثار المذكورة دليلٌ واضح لمذهب أئمتنا الأعلام حيث قالوا: إن نقش المسجد وتزيينه مكروه، ولا يجوز من مال الوقف، فإن فعل؛ يغرم الذي يخرجه سواء كان ناظرًا أو غيره، ووجه الكراهة إذا كان من مال الناظر شيئان؛ أحدهما: اشتغال المصلين بذلك، فيُخل بالخشوع، وربما يجرهم إلى فساد الصلاة، وثانيهما: إخراج المال في غير وجهه، فيكون تبذيرًا وإسرافًا وهو مكروه، وعند الشافعي كذلك، قال في «الروض» و «شرحه» :(ويُكره نقش المسجد واتخاذ الشرفات له؛ للأخبار الصحيحة في ذلك، فإن كان ذلك من ريع الوقف؛ فحرام) انتهى.
وقد خفي على ابن حجر الحكم عند الشافعي؛ فزعم في «المنحة» أنه لا بأس بنقش المسجد إذا كان المال من غير بيت المال على سبيل التعظيم، واعترضه العجلوني فقال:(هذا جارٍ على غير مذهبه) انتهى.
قلت: بل هو ليس جاريًا على مذهبه، ولا على مذهب غيره، بل هو قول بالرأي، ولعله جَنَح إلى قول بعض أئمتنا الأعلام:(لا بأس بنقش المسجد للتعظيم)، وهذا القول معناه: أن تركه أولى؛ كما صرَّح به الشراح، ومنهم إمام الشَّارحين؛ فابن حجر قد خفي عليه هذا المعنى، وخفى الصحيح في مذهب الإمام الأعظم، وخفي عليه أيضًا مذهب إمامه الشافعي، فلا تغترَّ بكلامه، وعرِّج عنه، وانظر الصحيح
(1)
في الأصل: (شدَّ)، والمثبت هو الصواب.