الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن ينتظر المصلي حتى يفرغ من صلاته أو يضع هو له سترة ثم يمر، وقد يقال: إنَّه في أمر مهم يخاف فوته إن انتظر، ولم يجد شيئًا يضعه سترة؛ فحينئذ لا يأثم للحرج، والأعمال بالنيات، والله يعفو عن الزلات، ويثيب على الحسنات، ويغفر السيئات.
(102)
[باب استقبال الرجل صاحبه أو غيره في صلاته وهو يصلي]
هذا (باب) حكم (استقبال الرجل الرجل) وفي (الفرع) من غير تكرار (وهو يصلِّي)؛ أي: والحال أنَّه يصلِّي، فالواو للحال، والسين والتَّاء للطلب؛ أي: إقبال، وعلى الأولى هو من إضافة المصدر إلى فاعله، و (الرجل) مفعوله، وعلى الثانية من إضافة المصدر إلى مفعوله أو فاعله، وعليهما؛ فجملة:(وهو يصلِّي) : محلها نصب على الحال من الفاعل المذكور أو المحذوف لا من المفعول فيهما، وقال الكرماني: يحتمل عود لفظ (هو) إلى الرجل الثاني، فيكون الرجلان متواجهين، وإلى الأول فلا يلزم التواجه، وذلك يتصور في الصلاة عند الكعبة، وللأربعة زيادة:(هل يكره أم لا؟)، وفي نسخة الصغاني:(استقبال الرجل صاحبه أو غيره في صلاته وهو يصلِّي)، وكذا في أصل الفرع.
وظاهر التَّرجمة يدل على أنَّ الاستقبال مكروه مطلقًا سواء شغل بال المصلي أو لا.
وزعم ابن حجر إلى التفصيل بين ما إذا ألهاه؛ فيكره، أو عدمه؛ فلا يكره، وإلى هذا جنح المصنف، وجمع بين ما ظاهره الاختلاف، انتهى.
قلت: هذا التفصيل لا دليل عليه وليس في التَّرجمة ولا في الآثار وغيرها ما يدل عليه ولا إشارة إليه، وإنما الذي جنح إليه البخاري ودلت ترجمته والآثار عليه؛ هو أنَّ الاستقبال في الصلاة مكروه مطلقًا شغل البال أو لا، ويدل عليه أنَّه يفيد التعظيم له، وهو يشبه الصلاة إليه، فيكون تشبهًا بأهل الكتاب، وهو مكروه؛ فافهم.
وعلل بعض أئمتنا الأعلام الكراهة بأنَّه تشبه بعبادة الصورة، قال القاضي عياض: وهو قول عامة العلماء، وقد روى البزار عن علي رضي الله عنه:(أن النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يصلِّي إلى رجل، فأمره بإعادة الصلاة)، قال أئمتنا الأعلام: إنَّما أمره بالإعادة؛ لإزالة الكراهة لا لفساد الصلاة، فما زعمه ابن حجر فاسد الاعتبار؛ فافهم، وسيأتي بقية الكلام عليه.
(وكره) بالتشديد والتخفيف (عثمان) هو ابن عفان، أحد الخلفاء الراشدين، الأموي شهيد الدار، القائم بالأسحار، الذي تستحي منه ملائكة الغفار رضي الله تعالى عنه (أن يُستقبل)؛ بِضَمِّ التحتية مبنيًّا للمفعول (الرجلُ)؛ بالرفع نائب فاعل، وقوله:(وهو يصلِّي) : جملة اسمية محلها نصب على الحال من (الرجل)، ويجوز أن يكون قوله:(يَستقبل)؛ بفتح التحتية مبنيًّا للفاعل، و (الرجلُ) : فاعله، والمفعول محذوف؛ تقديره: شخصًا آخر، وجملة:(وهو يصلِّي) : محلها نصب على الحال من المفعول، وعلى الأول اقتصر الكرماني، وذكر الوجهين إمامنا الشَّارح، وتبعه القسطلاني، والعجلوني، وغيرهما.
ومطابقة هذا الأثر للتَّرجمة ظاهرة؛ لأنَّه دال على كراهة استقبال الرجل الرجل، وهو يصلِّي.
وزعم ابن حجر: أن هذا الأثر عن عثمان لم أره، وإنما رأيت في «مصنف ابن أبي شيبة» و «مصنف عبد الرزاق» وغيرهما من طريق هلال بن يسار عن عمر بن الخطاب:(أنه زجر عن ذلك)، وفيهما أيضًا عن عثمان ما يدل على عدم كراهته ذلك؛ فليتأمل؛ لاحتمال أن يكون فيما وقع في الأصل تصحيف من (عمر) إلى (عثمان) انتهى.
وردَّه إمام الشَّارحين، فقال: (لا يلزم من عدم رؤيته هذا الأثر عن عثمان ألَّا يكون منقولًا عنه، وليس بسديد زعم التصحيف بالاحتمال الناشئ عن غير دليل.
فإن قلت: روايةُ عبد الرزاق وابن أبي شيبة عن عثمان بخلاف ما ذكره البخاري عنه دليلُ الاحتمال.
قلت: لا نسلم ذلك؛ لاحتمال أن يكون المنقول عنه آخرًا بخلاف ما نُقِل عنه أولًا؛ لقيام الدليل عنده بذلك) انتهى كلامه.
وقد نقل العجلوني عبارة إمامنا الشَّارح هنا باختصار مخل، ثم قال: ولو اعترض قوله: (لاحتمال أن ما وقع هنا تصحيف)؛ لكان أقوى مع أن الشَّارح قد اعترض قوله ذلك كما علمت، وإنما أوقع العجلوني اختصاره المخل؛ فافهم؛ يعني: أنَّ دعوى التصحيف لا دليل عليها، ولا ينبغي التكلم بها؛ لما يلزم منها سوء الأدب مع الرواة، ووقوع الخلل في كلامهم وروايتهم، وهو قول صادر من غير تأمل؛ فاجتنبه.
وقوله: (وهذا) كذا في رواية أبوي ذر والوقت، والأصيلي، ولغيرهم:(وإنَّما هذا)؛ أي: الذي كرهه عثمان رضي الله عنه (إذا اشتغل)؛ أي: المستقبل المصلي (به)؛ أي: بالرجل الآخر مطلقًا سواء كان مصليًا أو لا، فلا وجه لما زعمه العجلوني من التقييد بالمصلي؛ لأنَّ المصلي لا يشتغل بالمصلي، كما لا يخفى، وذلك عن الخشوع، وحضور القلب، ونحوهما من آداب الصلاة، (فأمَّا إذا لم يشتغل به)؛ أي: فلا بأس، فالجواب محذوف؛ لدلالة ما بعده عليه.
قال الشَّارح: (هو من كلام البخاري يشير به إلى التفصيل؛ وهو أن استقبال الرجل الرجل في الصلاة إنَّما يكره إذا اشتغل المستقبل المصلي؛ لأنَّ علة الكراهة هي كف المصلي عن الخشوع وحضور القلب، وأمَّا إذا لم يشغله؛ فلا بأس به) انتهى.
قلت: والغالب أن المستقبل المصلي يشتغل بالرجل الآخر الذي أمامه، وسواء كان مصليًا أو لا، ومن غير الغالب قد لا يشتغل، لكنه نادر، وهو لا حكم له، فبقيت الكراهة؛ فليحفظ.
واستدل البخاري لما ذكره بقوله: (فقد قال زيد بن ثابت) هوالأنصاري النجاري الفرضي، كاتب وحي النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم:(ما باليت)؛ أي: ما أكترث
(1)
بالاستقبال المذكور، يقال: لا أباليه؛ أي: لا أكترث له، وقوله:(إنَّ) بكسر الهمزة (الرجل لا يقطع صلاة الرجل) : استئناف ذكر لتعليل عدم المبالاة.
وأقول: ما ذكره البخاري من أثر زيد بن ثابت لا ينهض دليلًا لما قاله؛ لأنَّ المراد بالقطع: الفساد لا الكراهة، ويدل عليه أنهم استعملوا القطع بمعنى الفساد في الأحاديث والآثار؛ فقد روى عبد الرزاق عن الحَكَم بن عمرو الغفاري الصَّحابي:(أنَّه صلى بأصحابه في سفر وبين يديه سترة، فمرت حَميرٌ بين يدي أصحابه، فأعاد لهم الصلاة، ثم قال لهم: لم تقطع صلاتي، ولكن قطعت صلاتكم)، وروى مسلم في «صحيحه» عن أبي ذر:(أن مرور الحمار يقطع الصلاة)، وفي حديث أبي داود:(أن الحمار والغلام يقطعان الصلاة)، فهذا يدل على أنَّ المراد بالقطع: الفساد لا الكراهة؛ لأنَّ الحَكَم قد أعاد الصلاة بأصحابه وعبَّر بالقطع، كما لا يخفى.
على أنَّه روى أبو نعيم في كتاب «الصلاة» : حدثنا مسعر قال: أراني أول من سمعه من القاسم قال: (ضرب عمر رضي الله عنه رجلين؛ أحدهما مستقبل، والآخر يصلِّي)، ثم روى عن سعيد بن جبير:(أنه كره أن يصلِّي وبين يديه مخنث محدث)، وقد ذكرنا عن عمر: أنه زجر عن ذلك، كما رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة، ولا يخفى أن الضرب والزجر لا يكون إلا لأمر مكروه تحريمًا، وقدمنا عن البزار عن علي:(أن النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يصلِّي إلى رجل، فأمره بإعادة الصلاة)، وإنما أمره بذلك لإزالة الكراهة؛ لأنَّ كل صلاة أُديت مع الكراهة يطلب إعادتها، كما نص عليه أئمتنا الأعلام رضي الله عنهم أجمعين.
وكره ابن مسعود رضي الله عنه الصلاة خلف المتحدثين، وقال نافع:(كان ابن عمر إذا لم يجد سبيلًا إلى سارية المسجد؛ قال لي: ولِّ ظهرك)، وهو قول مالك، وقال ابن سيرين: لا يكون الرجل سترة للمصلي، وكان ابن عمر لا يستقبل من يتكلم إلا بعد الجمعة.
والإمام الأعظم
(1)
في الأصل: (أكثرت)، وهو تصحيف، وكذا في الموضع اللاحق.
وأصحابه والجمهور على كراهة استقباله بوجهه، وقال في «الدر المختار» :(وتكره صلاته إلى وجه إنسان ككراهة استقباله، فالاستقبال لو من المصلي؛ فالكراهة عليه، وإلا؛ فعلى المستقبل، ولو كان بعيدًا ولا حائل) انتهى.
وفي «الذخيرة» قال محمَّد: (وإن شاء الإمام استقبل الناس بوجهه إذا لم يكن بحذائه رجل يصلِّي، ولم يفصِّل بين ما إذا كان المصلي في الصف الأول أو الأخير، وهذا ظاهر المذهب) انتهى.
وأجاز الثَّوري والأوزاعي الصلاة خلف المتحدثين، وقال الحسن وقتادة: يستره إذا كان جالسًا، وعن الحسن: يستره، ولم يشترط الجلوس ولا تولية الظَّهر، وتمامه في «عمدة القاري» .
[حديث: قد جعلتمونا كلابًا؟! لقد رأيت النبي يصلي وإني لبينه وبين]
511 -
وبالسند إلى المؤلف قال: (حدثنا إسماعيل بن خليل) هو أبو عبد الله الخزاز -بمعجمات- الكوفي (قال: حدثنا) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر: (أخبرنا)(علي بن مُسهِر) بِضَمِّ الميم، وسكون المهملة، وكسر الهاء: الكوفي، كلاهما قد ذُكرا في باب (مباشرة الحائض)(عن الأعمش) هو سليمان بن مهران الكوفي، وسمي بذلك؛ لعمش كان في عينيه (عن مسلم) بِضَمِّ الميم، وكسر اللَّام المخففة، كذا لأبي ذر وابن عساكر، وعند غيرهما:(يعني: ابن صُبيح) بالتصغير.
وزعم الكرماني: أنَّه مسلم البطين، وردَّه الشَّارحفقال:(الظَّاهر أنَّه مسلم بن صبيح أبو الضُّحى) انتهى.
قلت: ويدل لما قاله رواية أبي الوقت والأصيلي، فإنَّها صرحت بأنه ابن صبيح؛ فافهم.
(عن مسروق) هو ابن الأجدع الكوفي، وسمي مسروقًا؛ لأنَّه سرقه سارق في صغره (عن عائشة) هي أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق الأكبر رضي الله عنهما:(أنَّه) بفتح الهمزة؛ أي: الشأن (ذُكر) بِضَمِّ أوله؛ مبني للمجهول (عندها) أي: ذكر بعض الصَّحابة بحضرة عائشة (ما يقطع الصلاة)؛ أي: المار الذي يقطعها، وكلمة (ما) موصولة، أو نكرة موصوفة، ومحلها رفع نائب الفاعل، والجملة حال أو صفة، (فقالوا) أي: الذاكرون، ولأبي ذر:(قالوا) : (يقطعها) أي: الصلاة (الكلب والحمار والمرأة)؛ أي: مرورها بين يدي المصلي، ولم يذكر إمام الشَّارحين ولا غيره أسماء الذين ذكروا ذلك عندها، والظَّاهر أنهم: أبو هريرة وعروة وأبو ذر، يدل عليه أنَّه روى مسلم من رواية عروة: (قالت عائشة: ما يقطع الصلاة؟ قال: قلت: المرأة والحمار
…
)؛ الحديث، وفي «مصنف ابن عبد البر» من رواية القاسم قال:(بلغ عائشة أنَّ أبا هريرة يقول: إنَّ المرأة تقطع الصلاة)، وروى مسلم من حديث أبي ذر: (يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب
…
)؛ الحديث، فهذا يدل على [ما] قلناه؛ فافهم.
(قالت)؛ أي: عائشة، ولأبوي ذر والوقت:(فقالت)؛ أي: عائشة لهم: (قد جعلتمونا كلابًا؟!)؛ أي: كالكلاب في حكم قطع الصلاة بمرورنا بين يدي المصلي، وظاهر كلام السيدة عائشة يفيد أنَّها تقول: بأنَّ الكلب والحمار يقطعان الصلاة، وإنَّما أنكرت عليهم تسويتهم المرأة بهما مع شرفها وخسَّتهما، وهذا الحديث تقدم في باب (الصلاة على السرير) وفيه قالت لهم:(أعدلتمونا بالكلب والحمار؟!)، وهذا من التشبيه البليغ، (لقد رأيت) أي: أبصرت (النَّبي) الأعظم وللأصيلي: (رسول الله) صلى الله عليه وسلم وجملة (يصلِّي) : محلها نصب مفعول ثان، والظَّاهر أنها النافلة؛ للقرينة الحالية والمقالية [الدَّالة] على ذلك (وإني لبينه) بكسر الهمزة؛ أي: بين النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم (وبين القبلة) والجملة محلها نصب على الحال، وقوله:(وأنا مضطجعة) جملة حالية (على السرير) جمعه
(1)
أسرَّة وسُرُر: بِضَمِّ الرَّاء، وقيل بفتحها؛ وهو التخت المعروف المتخذ في زمان النَّبي الأعظم وأصحابه صلى الله عليه وعليهم وسلم من الخوص، وفي زماننا من الخشب والدف والحديد، كما لا يخفى، (فتكون لي الحاجة)؛ أي: فتعرض لي حاجة الإنسان، ويحتمل الأعم منها، (فأكرَه) بالفاء رواية الكشميهني، وفي رواية الأكثرين:(وأكره) بالواو العاطفة، أوالحالية، كذا ذكر الروايتين هكذا إمام الشَّارحين، وعكس في ذلك العجلوني فجعل الواو رواية الكشميهني، والفاء للأكثرين، وهو غير مصيب؛ فافهم، (أن أستقبله)؛ أي: لا أحب استقباله وهو في الصلاة (فأنسَلُّ انسلالًا) بقطع الهمزة وفتح السين المهملة، وتشديد اللَّام على صيغة المتكلم من المضارع، وهو عطف على قوله (فأكره)؛ أي: أخرج بخفية أو برفق.
(وعن الأعمش) هو سليمان، وهذا معطوف على الإسناد الذي قبله، فهو موصول كما في «عمدة القاري» و «الفتح» ، وليس هو معلق كما زعمه الكرماني، (عن إبراهيم) هو النخعي، (عن الأسود) هو ابن يزيد النخعي أيضًا، (عن عائشة) قال الشَّارح: ونبَّه به على أنَّ ابن مسهر قد روى هذا الحديث عن الأعمش بإسنادين إلى عائشة؛ أحدهما: عن مسلم، عن مسروق، عنها باللَّفظ المذكور، والآخر: عن إبراهيم، عن الأسود، عنها بالمعنى، وأشار إليه بقوله:(نحوَه) بالنصب مفعول (أخبرنا).
فإن قلت: لفظ (نحو) يقتضي المماثلة بينهما من كل الوجوه، وليس ههنا كذلك.
قلت: لا نسلم أنَّه كذلك، بل يقتضي لفظ (نحو) المشاركة في أصل المعنى المقصود فقط، وعلى هذا يحمل لفظ:(مثل) الواقع في بعض النُّسخ على لفظ: (نحو)؛ فليحفظ.
واعلم أنَّ مطابقة الحديث للتَّرجمة مختلف فيها، والصَّواب ما ذكره إمام الشَّارحين في «عمدة القاري» : أنَّ عائشة رضي الله عنها كانت مضطجعة على السرير، وكانت بين النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم، وبين القبلة فيكون استقبال الرجل المرأة في الصلاة، ولم تكن تشغله عليه السلام، فدل على عدم الكراهة، ولا يقال: التَّرجمة في استقبال الرجل الرجل، وفيما ذكر استقبال الرجل المرأة؛ لأنَّا نقول: حكم الرجال والنساء واحد في الأحكام الشرعيةإلا ما خصه الدليل، وقد ذكرنا أن التَّرجمة رويت على ثلاثة أوجه، وهذا الوجه الواحد، وأما الأخريين؛ فالتطابق فيهما ظاهر، انتهى.
وزعم ابن المُنَيِّر لا مطابقة بين حديث
(2)
عائشة والتَّرجمة، لكنه يدل على المقصود بالأولى وإن لم يكن فيه تصريح بأنها كانت مستقبلة، فلعلها كانت منحرفة أو مستديرة، انتهى.
قلت: المطابقة بينهما ظاهرة، ولم يذكر وجه الأولوية، وعائشة كانت مستقبلة؛ لأنَّ قولها:(وإني لبينه وبين القبلة وأنا مضطجعة) يدل عليه، كما لا يخفى.
وزعم ابن رشيد: (غرض البخاري أن شُغْل المصلي بالمرأة في قبلته على أي حال كان أشد من شغله بالرجل، ومع ذلك فلم تضر صلاته عليه السلام؛ لأنَّه غير مشتغل بها، فكذلك لا تضر صلاة من لم يشتغل بها، فالرجل من باب أولى) انتهى.
قلت: وفيه أن هذا يدل على الكراهة؛ لأنَّ المرأة إذا كانت في قبلة المصلي ومثلها الرجل؛ فيخشى اشتغال المصلي بالنَّظر إليها عن صلاته، ولا يقدر أحد ما كان يقدر عليه النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم من حفظ النَّظر والخاطر، وذكر نحوه الكرماني.
والحاصل: أن المطابقة فيه ظاهرة على الوجه الذي ذكرناه عن إمامنا في «عمدة القاري» ، والله الهادي.
(103)
[باب الصلاة خلف النائم]
هذا (باب) حكم (الصلاة) فرضها، وواجبها، ونفلها (خلف) الشخص (النائم) هل يكره أم لا؟ وتقدير الحكم أولى من تقدير الجواز؛ لأنَّه أعم؛ فافهم.
ويجوز تنوين (باب) ويكون (الصلاة) مبتدأ والخبر محذوف؛ تقديره
(3)
: جائزة، والمراد بالشخص: الرجل والمرأة والصبي والصبية، فهو أعم.
[حديث: كان النبي يصلي وأنا راقدة معترضة على فراشه]
512 -
وبالسند إلى المؤلف قال: (حدثنا مُسدد) بِضَمِّ الميم: هو ابن مُسرهد البصري (قال: حدثنا يحيى) هو ابن سعيد القطان (قال: حدثنا هشام)؛
(1)
في الأصل: (جمع)، وليس بصحيح.
(2)
في الأصل: (الحديث)، ولعل المثبت هو الصواب.
(3)
في الأصل: (تقدير).