الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قول ضعيف عندهم: أنَّها واجبة، ولهذا قال ابن بطال المالكي:(وفي الحديث: أنَّ النجاسات ليست إزالتها بفرض، ولو كانت فرضًا؛ لما أجاز عليه السلام للجريح أن يسكن في المسجد) انتهى.
فهذا -كما رأيت- نص على أنَّ المعتمد عند مالك عدم الوجوب، وصاحب الدار أدرى، ثم رأيت القرطبي المالكي صرَّح بذلك، فما زعمه العجلوني فاسد.
وقوله: (ولا نعرف
…
) إلى آخره: انظر هذا القائل هل أحاط علمه بمذهب الشَّافعي الجديد حتى يكون أحاط علمه بمذهبه القديم، وهل أحاط بمذهب أحمد بعد الإحاطة بمذهبه، على أنَّ قول إمام الشَّارحين معتمد، بل هو أوثق من غيره من الشراح، فإنَّ عدم معرفة هذا القائل بمذهبه
(1)
القديم لا ينفي معرفته عن غيره، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، والمثبِت مقدَّم على النافي، وكون الرواية عن أحمد: أنَّها واجبة؛ ضعيفة، وكون الصَّحيح: أنَّها شرط عندهم؛ إنَّما هو عند المتأخرين، أمَّا عند المتقدمين؛ فليست بشرط، وهو الصَّحيح كما نص عليه في «الغاية» و «شرحها» ؛ فانظر تعصب العجلوني البارد، ولا غروًا، فإن الشَّافعية هذا حالهم.
واعلم أنِّي أكثر النقل عن إمام الشَّارحين لا للتبري، بل لكونه أوثق من غيره من الشراح، وحتى يعرف الحاسدون أنَّ جميع الشراح عيال على شرحه، ألا ترى أنَّك إذا نظرت إلى الشروح الموجودة؛ تجدها كلها مأخوذة منه، وهذا شيء محقق؛ لأنَّه مبني على المشاهدة والعيان، فلله دره من إمام، والله تعالى أعلم.
(78)
[باب إدخال البعير في المسجد للعلة]
هذا (باب) حكم (إدخال البعير) يشمل الجمل والناقة؛ كالإنسان للرجل والمرأة (في المسجد) اللَّام فيه للجنس، فيشمل كل مسجد (للعلة)؛ أي: الحاجة، وهي أعم من أن يكون الضعف أو غيره، وقيل: المراد بالعلة: الضعف.
واعترض عليه بأنَّ هذا ظاهر في حديث أم سلمة دون حديث ابن عبَّاس.
وأجيب: بأنَّ أبا داود روى عنه: أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قدم مكة، وهو يشتكي فطاف على راحلته، ومع هذا كله؛ فتقييد العلة بالضعف لا وجه له؛ لأنَّا قلنا: إنَّها أعم، فيتناول الضعيف، وأن يكون طوافه على بعيره؛ ليراه الناس، كما جاء عن جابر: أنَّه إنَّما طاف على بعيره؛ ليراه الناس وليسألوه، فإنَّ الناس غشوه، كذا قرره إمام الشَّارحين.
(وقال ابن عبَّاس) هو عبد الله المطلبي، حبر هذه الأمة، وترجمان القرآن:(طاف النَّبي) الأعظم صلى الله عليه وسلم على بَعيره)؛ بفتح أوله يشمل الجمل والناقة؛ كالإنسان للرجل والمرأة، وإنما سمي بعيرًا إذا أجدع، والجمع أبعرة، وأباعر، وبعران، كذا في «مختصر الصِّحاح» ، وفي رواية:(على بعير)؛ أي: في المسجد؛ لأنَّه لا يصح الطواف خارجه.
وقال إمامنا الشَّارح: (ومطابقته للتَّرجمة ظاهرة؛ لأنَّ فيه إدخال البعير في المسجد للعلة؛ لأنَّه عليه السلام لما قدم مكة؛ كان يشتكي على ما رواه أبو داود عنه، فذكره البخاري معلقًا، وذكره مسندًا في باب «من أشار إلى الركن» في كتاب «الحج») انتهى.
[حديث: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة]
464 -
وبالسند إلى المؤلف قال: (حدثنا عبد الله بن يوسف) هو التنيسي المنزل
(2)
، الدمشقي الأصل (قال: أخبرنا مالك) هو ابن أنس الأصبحي المدني، (عن محمَّد بن عبد الرحمن) هو ابن الأسود (ابن نَوفَل) بفتح النُّون والفاء، المعروف بيتيم عروة بن الزُّبير، (عن عروة) زاد ابن عساكر:(ابن الزُّبير) هو ابن العوام المدني، (عن زينب) وفي رواية:(بَرة)؛ بفتح الموحَّدة، وتخفيف الرَّاء، وهو اسمها الأصلي قبل تغيير النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم له (بنت أبي سَلَمَة)؛ بفتحات: هو عبد الله بن عبد الأسد المخزومي، (عن) أمها (أم سلمة) هي أم المؤمنين هند بنت أبي أمية.
قال إمام الشَّارحين: (وفي إسناده رواية تابعي عن تابعي، وهما: محمَّد وعروة، ورواية عروة عن صحابية، وهي زينب؛ لأنَّها سمعت النَّبي صلى الله عليه وسلم عند البخاري، وفيه رواية صحابية عن صحابية، وهما: زينب وأم سلمة، وفيه أنَّ رواته مدنيون ما خلا شيخ البخاري) انتهى.
أنَّها (قالت) أي: أم سلمة: (شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله: (إنِّي أَشتكي)؛ بفتح الهمزة، محله نصب؛ لأنَّه مفعول (شكوت)، يقال: اشتكى عضوًا من أعضائه؛ إذا توجع منه، وشكوت فلانًا؛ إذا خبرت عنه بسوء فعله بك، قاله إمامنا الشَّارح، (قال) أي: النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم لها: (طوفي) أي: حول الكعبة (من وراء الناس وأنتِ) بكسر التَّاء (راكبة) الواو للحال، والجملة حالية؛ والمعنى: طوفي من ورائهم حال كونك راكبة على البعير، وإنَّما أمرها بالطواف من وراء الناس؛ لأنَّها إذا طافت معهم ربما تؤذي الدَّابة أحدًا أو تدوس عليه، والإيذاء حرام، قالت:(فطفت) أي: كما أمرها عليه السلام؛ أي: راكبة على بعير من وراء الناس، قال إمام الشَّارحين:(ففيه المطابقة للتَّرجمة، وفيه: جواز إدخال البعير في المسجد لعلة الضعف) انتهى، وجملة:(ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي) أي: الصبح -كما في الكفيري- (إلى جنب) وفي نسخة: (جانب)(البيت)؛ أي: الكعبة، محلها نصب؛ لأنَّها حالية، والواو للحال.
وزعم العجلوني أنها مستأنفة.
قلت: وهو بعيد، كما لا يخفى.
و (البيت) : عَلَم على الكعبة شرفها الله تعالى، قال الكرماني:(وفائدة ذكر البيت: أنَّه كان يصلِّي منها إلى الجَنْب؛ يعني: قريبًا من البيت لا بعيدًا منه).
وقال ابن عبد البر: (وصلاته إلى جنب البيت من أجل أنَّ المقام كان حينئذٍ ملصقًا بالبيت قبل أن ينقله عمر رضي الله عنه من ذلك المكان إلى صحن المسجد) انتهى.
وردَّه إمام الشَّارحين فقال: (والوجه في ذلك أنَّ البيت كله قبلة، فحيث صلى المصلي منه إذا جعله أمامه؛ كان حسنًا جائزًا) انتهى.
قلت: فإن الذي يفهم من كلام ابن عبد البر تخصيص الصلاة، وتعيينها إلى المقام، ولا وجه له؛ لأنَّ البيت كله قِبلة؛ فافهم.
وزعم العجلوني أنَّه لا يفهم من كلامه تعيين الصلاة إلى المقام، انتهى.
قلت: لا يخفى على أولي الأفهام والبصائر أنَّ كلامه يفيد تخصيص الصلاة وتعيينها إلى المقام، كما هو ظاهر؛ لأنَّه جعل علة صلاته إلى جانب البيت من أجل أن المقام كان ملصقًا بالبيت، وهو ظاهر في التَّعيين، كما لا يخفى على من له أدنى ذوق في العلم، ولا عبرة بما يفهمه الغبي صاحب الفهم القاصر؛ فافهم.
وجملة (يقرأ) أي: النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم (بالطور وكتاب مسطور) محلها نصب على الحال من فاعل (يصلِّي)، ويحتمل أنَّ محلها رفع خبر بعد خبر، ويحتمل كونها مستأنفة، لكنه بعيد، والأول أظهر، وقولها:(بالطور)؛ أي: بسورة {والطور} ، ولعلها لم تذكر واو القسم؛ لأنَّ لفظ (الطور) كأنَّه صار علمًا للسورة، قاله إمام الشَّارحين، ومثله في «الكرماني» .
قال العجلوني: (ولعل مراده: كالعَلَم الأصلي، وإلا؛ فهو علم لها بالغلبة) انتهى.
قلت: وكلامه يحتمل أنَّه صار عَلَمًا أصليًّا للسورة، ويحتمل أنَّه صار علمًا بالغلبة على السورة، وكل منهما محتمل، وهو ظاهر، فلا حاجة لما زعمه هذا القائل؛ فافهم.
و {الطور} معناه -كما قاله البيضاوي وغيره-: طور سينين، جبل بمدين، سمع موسى فيه كلام الله، والطور: الجبل بالسريانية، أو ما طار من أوج الإبعاد إلى حضيض المواد أو وقف عالم الغيب إلى عالم الشهادة، و {كتاب} : المكتوب، و (المسطور) : ترتيب الحروف المكتوبة، والمراد بـ (الكتاب) : القرآن، أو ما كتبه الله في اللوح المحفوظ، أو ألواح موسى، أو في مكتوب
(1)
في الأصل: (بمذهب)، ولعل المثبت هو الصواب.
(2)
في الأصل: (الأصل)، وليس بصحيح.
أوليائه من المعارف والحكم، أو ما يكتبه الحفظة، انتهى.
قال ابن بطال: (وفي الحديث: جواز دخول الدَّواب التي يؤكل لحمها المسجد إذا احتيج لذلك؛ لأنَّ بولها ليس بنجس، بخلاف غيرها من الدَّواب؛ فلا يجوز، وهو قول مالك).
واعترضه ابن حجر بأنه ليس في الحديث دلالة على عدم الجواز في غيرها عند الحاجة، بل الأمر دائر على التلويث وعدمه، فحيث خيف التلويث؛ امتنع الإدخال، وإلا؛ فلا.
وردَّه إمام الشَّارحين فقال: (وفيه نظر؛ لأنَّ قوله عليه السلام: «طوفي وأنت راكبة» لا يدل على أنَّ الجواز وعدمه دائران مع التلويث، بل ظاهره يدل على الجواز مطلقًا عند الضرورة) انتهى.
واعترضه العجلوني بأنه مصروف عن الظَّاهر؛ لدلائل أخرى؛ منها: الخبر المار: «جنبوا مساجدكم..» ؛ فتأمل، انتهى.
قلت: هذا الحديث مقيد بالضرورة، وأمَّا:«جنبوا مساجدكم» ؛ فليس مقيدًا بالضرورة، فيحمل المطلق على المقيد على القاعدة المشهورة، وعلى هذا؛ فالحديث ليس مصروفًا عن الظَّاهر كما زعمه هذا القائل، على أنَّه قد جاء عند البخاري: (أنه عليه السلام أمر أناسًا
(1)
من عكل بلقاح وأن يشربوا من أبوالها
…
)؛ الحديث، وهو ظاهر في أنَّه يدل على الطهارة، لكنه مقيد بالضرورة كما هنا.
والحاصل: أنَّ حديث الباب يدل على الجواز مطلقًا عند الضرورة، وكذا حديث عكل، وكذلك حديث:«جنبوا مساجدكم» ، فإنَّه محمول على المنع إلا للضرورة، وهذا توفيق حسن بين الأحاديث، فلا تعارض؛ فافهم ولا تكن من الغافلين.
وزعم ابن حجر أنَّ ناقته عليه السلام كانت مدربة معلمة، فيؤمن منها ما يخاف من التلويث وهي سائرة، فيحتمل أنَّ بعير أم سلمة كان كذلك، انتهى.
وردَّه إمام الشَّارحين فقال: (سلمنا هذا في ناقة النَّبي صلى الله عليه وسلم، ولكن ما يقال في الناقة التي كانت عليها أم سلمة وهي طائفة، ولئن قيل: إنَّها كانت ناقته عليه السلام؛ قيل له: يحتاج إلى بيان ذلك بالدليل) انتهى.
قلت: واحتمال كون بعير أم سلمة كان معلمًا بعيد عن الظَّاهر؛ لأنَّه ليس جميع الإبل معلمة، ومع هذا يحتاج ذلك إلى دليل وبرهان، وإلا؛ فهو مردود لا يقبله النعسان.
وزعم العجلوني أنَّه غير وارد لمن تأمل.
قلت: بل هو وارد عليه؛ لأنَّه قائل بالاحتمال بلا دليل، فهو قول بالرأي؛ فاجتنبه.
وقال إمام الشَّارحين: (ومن فوائده: أنَّ النساء ينبغي لهنَّ أن يطفن من وراء الرجال؛ لأنَّ للطواف شبهًا للصلاة، ومن سنن النساء فيها أن يكنَّ خلف الرجال، فكذلك في الطواف.
ومنها: أنَّ راكب الدَّابة ينبغي له أن يجتنب ممر الناس ما استطاع، ولا يخالط الرجالة.
ومنها: جواز الطواف راكبًا للمعذور، ولا كراهة فيه، فإن كان غير معذور؛ يعتبر عندنا، وعند الشَّافعي: لا يجوز؛ لقوله عليه السلام: «الطواف بالبيت صلاة» ، ولنا إطلاق قوله تعالى:{وَلْيَطَّوَّفُوا} [الحج: 29]، وهو مطلق، والحديث للتشبيه، فلا عموم له، وبقولنا قال ابن المنذر وجماعة، وقال القرطبي: الجمهور على كراهة ذلك، قلنا: نحن أيضًا نقول بالكراهة حتى إنَّه يعيده ما دام بمكة، وسيجيء مزيد لذلك في «الحج» ) انتهى.
قلت: وهذه العبارة بتمامها لإمامنا الشَّارح، فذكرها شيخ عجلون، ونسبها لنفسه، واعترضه: بأنَّ عند الشَّافعي إن ركب بلا عذر؛ لم يكن، قال: ولعله قول ضعيف لم أقف عليه، انتهى.
قلت: فقد نص الإسنوي وجماعة: على أنَّه مكروه، وبحث الأذرعي واعتمد أنَّه لا يجوز كما ذكره في «التحفة» ، فقد حفظ شيئًا وغاب عنه أشياء، وهو وإن كان لم يقف عليه؛ لقصور علمه؛ فقد وقفنا عليه ونص عليه أصحاب الشَّافعي؛ فليحفظ، ولا تكن من الغافلين؛ فافهم.
(79)[بابٌ]
هذا (باب) بالتنوين من غير ترجمة، وبهذا التقدير صار معربًا، ولهذا قال إمام الشَّارحين: (إن لم نقدِّر شيئًا
(2)
قبل لفظ: «باب» أو بعده؛ لا يكون معربًا؛ لأنَّ الإعراب لا يكون إلا بعد العقد والتركيب، ثم إنَّ البخاري جرت له عادة، وهي أنَّه إذا ذكر لفظ:«باب» مجردًا عن التَّرجمة؛ يدل ذلك على أنَّ الحديث الذي يذكره بعده يكون له مناسبة بأحاديث الباب الذي قبله، وههنا لا مناسبة بينهما أصلًا بحسب الظَّاهر على ما لا يخفى، لكن تُكُلِّف في ذلكفقيل: تعلقه بأبواب المساجد من جهة أنَّ الرجلين تأخرا مع النَّبي صلى الله عليه وسلم في المسجد في تلك الليلة المظلمة؛ لانتظار صلاة العشاء معه، وقال بعضهم: فعلى هذا كان يليق أن يترجم له: فضل المشي إلى المسجد في الليلة المظلمة، قلت: كل واحد من الكلامين غير موجه؛ لأنَّ حديث الباب لا يدل عليهما أصلًا؛ لأنَّ حديث الباب في الرجلين اللذين خرجا من عند النَّبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة حتى أتيا أهلهما) انتهى كلام إمام الشَّارحين.
ومراده بقوله: (فقيل) هو قول ابن رشيد، وبقوله:(بعضهم) ابن حجر، واعترضه العجلوني، فزعم أنَّه لا وجه لاعتراضه عليهما، فإنَّهما أبديا مناسبة لذكره في أبواب المساجد أخذًا من كلام ابن بطال، انتهى.
قلت: ليس كل من أبدى
(3)
مناسبة يقبل منه، وأي مناسبة ههنا، والحديث الذي ذكره في الباب لا يدل عليها، فإنَّ الباب الذي قبله في إدخال البعير المسجد، وههنا في الرجلين الذين خرجا من عنده عليه السلام في ليلة مظلمة حتى أتيا أهلهما، فما المناسبة بينهما؟ كما لا يخفى، على أنَّ كلام ابن بطال فيه بُعد كما ستقف عليه قريبًا.
وزعم ابن حجر أنَّ المؤلف بيَّض لهذا الباب، فاستمر كذلك، وكأنَّه تلجج بحديث أبي داود وغيره عن بريدة من قوله عليه السلام:«بشر المشائين في الظُّلَم إلى المساجد يوم القيامة بالنور التام» انتهى.
قلت: كون المؤلف بيَّض له فاستمر كذلك يدل على أنَّ المؤلف لم ير مناسبة لحديث الباب مع أحاديث الباب الذي قبله؛ لأنَّه لو كان فيه أدنى مناسبة؛ لذكر ترجمة تناسبه، وكونه تلجج بحديث أبي داود بعيد عن الأفهام؛ لأنَّه لو كان مراده هذا؛ لترجم له وذكره تحت ترجمته، ومن البعيد أن يترجم لشيء من الأحاديث ولم يذكرها؛ لأنَّه معيب عند المؤلفين، كما لا يخفى، ولأنَّ فيه تشتيت الأذهان بلا برهان؛ لأنَّ عادته ذكر الأحاديث حتى يستدل بها، وما لم يذكره يكون غير موافق لشرطه، فلا يعتمد عليه، فكيف يترجم أو يجنح إليه، وهو لا يستدل به؛ فافهم ذلك.
وقال ابن بطال: (إنَّما ذكر البخاري هذا الحديث في باب أحكام المساجد؛ لأنَّ الرجلين كانا مع النَّبي صلى الله عليه وسلم في المسجد، وهو موضع جلوسه مع أصحابه، وأكرمهما الله بالنور في الدنيا ببركته عليه السلام، وفضل مسجده وملازمته، وذلك آية للنبي عليه السلام وكرامة له) انتهى.
وردَّه إمام الشَّارحين فقال: (هذا أيضًا فيه بُعد، والوجه أن يقال: إنَّهما لما كانا في المسجد مع النَّبي صلى الله عليه وسلم وهما ينتظران صلاة العشاء معه؛ أُكرما
(1)
في الأصل: (أناس)، وليس بصحيح.
(2)
في الأصل: (شيءٌ).
(3)
في الأصل: (أيد)، ولعل المثبت هو الصواب.