الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المشيئة وأخلف؛ لا بأس بذلك؛ لأنَّ الأشياء كلها بمشيئة الله تعالى.
العاشر: وجوب إكرام العلماء العاملين؛ لأنَّهم ورثة الأنبياء عليهم السلام بالطعام وشبهه إذا دعوا إلى ذلك.
الحادي عشر: استحباب التنبيه على أهل الفسق والنفاق عند السلطان؛ لما في «الصحيح» : «اذكروا الفاجر بما فيه؛ ليحذره الناس» .
الثاني عشر: أنَّ السلطان يجب عليه أن يستثيب في أمر من يذكر عنده بفسق، ويوجه له أجمل الوجوه.
الثالث عشر
(1)
: استحباب السؤال عمَّن لم يحضر الجماعة مع القوم إذا كانت عادته الحضور معهم، فإذا كان له عذر؛ وإلا؛ فهو من أهل الشَّر.
الرابع عشر: جواز استدعاء المفضول للفاضل؛ لمصلحة.
الخامس عشر: جواز استتباع الإمام والعالم أصحابه إذا علم أنَّ الطعام يكفيهم.
السادس عشر: وجوب الاستئذان على الرجل في منزله، وإن كان قد تقدم منه استدعاء.
السابع عشر: استحباب اجتماع أهل المحلة إذا ورد إلى منزل بعضهم رجل صالح، فيحضروا مجلسه؛ لزيارته، وإكرامه، والاستفادة منه.
الثامن عشر: استحباب الذبِّ عمَّن ذكر بسوء، وهو بريء منه.
التاسع عشر: أنَّه لا يخلد في النار من مات على التوحيد.
قلت: ظاهر الحديث يدل على أنَّ من قال: لا إله إلا الله مخلصًا؛ تُحرَّم عليه النار.
العشرون: جواز إسناد المسجد إلى القوم.
الحادي والعشرون: جواز إمامة الزائر والمَزُورِ برضاه.
وقال ابن بطال: (وفي الحديث ردٌّ على من قال: «إذا زار قومًا؛ فلا يؤمهم»؛ مستدلًّا بما روى وكيع، عن أبان بن يزيد، عن بديل بن ميسرة، عن أبي عطية، عن رجل منهم: كان مالك بن الحويرث يأتينا في مصلَّانا، فحضرت الصلاة، فقلنا له: تقدم، فقال: لا، ليقدم بعضكم، فإنَّ النبيَّ الأعظم صلى الله عليه وسلم قال: «من زار قومًا؛ فلا يؤمهم، وليؤمهم رجل منهم»).
قال ابن بطال: (وهذا إسناد ليس بقائم، وأبو عطية مجهول يروي عن مجهول، وصلاة النبيِّ عليه السلام في بيت عتبان مخالفة له)، وكذا ذكره السفاقسي.
قال إمام الشَّارحين: (وفيه نظر في مواضع:
الأول: رواه أبو داود عن مسلم بن إبراهيم، وابن ماجه عن سويد عن عبد الله، وأبو الحسين المعلم عن محمد بن سليمان الباغندي
(2)
: حدثنا محمد بن أبان الواسطي قالوا: حدثنا أبان.
الثاني: قوله: «إسناده ليس بقائم» ، يردُّه قول الترمذي:«هذا حديث حسن» .
الثالث: الذي في «أبي داود» ، و «الترمذي» ، و «النسائي» ، و «المصنف» أن أبا عطية قال: كان مالك بن الحويرث يأتينا
…
؛ فذكره من غير واسطة).
وقال الترمذي: (والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبيِّ الأعظم صلى الله عليه وسلم وغيرهم، قالوا: صاحب المنزل أحق بالإمامة من الزائر)، وقال بعض أهل العلم:(إذا أُذِنَ له؛ فلا بأس أن يصلي بهم).
وقال إسحاق: (لا يصلي أحد بصاحب المنزل وإن أَذِنَ له صاحب المنزل، وكذلك في المسجد لا يصلي بهم في المسجد إذا زارهم يقول: ليُصلِّ بهم رجل منهم).
وقال مالك: (يستحب لصاحب المنزل إذا حضر فيه من هو أفضل منه أن يقدمه للصلاة).
وقد روي عن أبي موسى: أنه أمر ابن مسعود وجذبه في داره.
وقال أبو البركات ابن تيمية: (أكثر أهل العلم على أنه لا بأس بإمامة الزائر بإذن رَبِّ المنزل) انتهى.
ومذهب الإمام الأعظم رئيس المجتهدين: أنَّه يستحبُّ لصاحب المنزل أن يأذن لمن هو أفضل منه، والمراد بصاحب المنزل: الساكن فيه، سواء كان بإجارة أو عارية، وصاحب المنزل يُقدَّم على المالك، فإذا اجتمع قوم في منزل؛ فصاحبه أحق بالإمامة، وإذا اجتمع قوم وفيهم السلطان وغيره؛ فيقدَّم السلطان، ثم الأمير، ثم القاضي، ثم صاحب المنزل، ويقدَّم القاضي على إمام المسجد، وهذا واجب؛ لأنَّ في تقديم غيره عليه إهانة له، ثم الأعلم بأحكام الصلاة صحةً وفسادًا، ثم الأقرأ، وإنَّما قدَّم الأعلم على الأقرأ؛ لأنَّ القراءة إنَّما يحتاج إليها؛ لإقامة ركن واحد، والفقه يحتاج إليه؛ لجميع الأركان، والواجبات، والسنن، والمستحبات
(3)
على أنَّ الزائد على حفظ ما به سنة القراءة غير محتاج إليه، والخطأ المفسد للصلاة في القراءة لا يُعرف إلا بالعلم، وكم من قارئ لم يحفظ شيئًا في الفقه، فكيف يقدَّم على الفقيه الحافظ لأحكام الله تعالى؟ كذا في «إمداد الفتاح» ، والله تعالى أعلم؛ فافهم.
(47)
[باب التيمن في دخول المسجد وغيره]
هذا (باب التيمُّن) أي: بيان البداءة باليمين (في دخول المسجد)؛ فـ (أل) للجنس، فيشمل كل مسجد، ولو مصلَّى جنازة أو عيدين (وغيره)؛ بالجرَّ عطفًا على المسجد؛ يعني: وغير المسجد مثل البيت والمنزل وغيرهما، قاله إمام الشَّارحين.
وزعم الكرماني أنه معطوف على الدخول، وتبعه ابن حجر.
قلت: وهو غير ظاهر، فإنَّ المراد بالغيريَّة؛ أي: غير المسجد، ولا معنى لغيرية الدخول؛ فافهم.
(وكان ابن عمر)؛ هو عبد الله بن عمر بن الخطاب، القرشي العدوي رضي الله عنهما (يبدأ) أي: في دخول المسجد (برجله اليمنى) وذكر الخروج في مقابلة قرينة دالَّة على ذلك، (فإذا خرج) أي: من المسجد؛ (بدأ برجله اليسرى)، ومطابقة هذا الأثر للترجمة ظاهرة، ويؤيِّد فعل ابن عمر ما رواه الحاكم في «المستدرك» من طريق معاوية بن قرة عن أنس رضي الله عنه أنَّه كان يقول:(من السنَّة إذا دخلت المسجد؛ أن تبدأ برجلك اليمنى، وإذا خرجت؛ أن تبدأ برجلك اليسرى)، وقول الصحابي: من السنة كذا، محمول على أنَّه مرفوع إلى النبيِّ الأعظم صلى الله عليه وسلم، وهو الصحيح، قاله إمام الشَّارحين.
قلت: وظاهر كلامه أنَّه لم يقف
(1)
سقط من الأصل: (عشر).
(2)
في الأصل: (الباعندي)، وهو تصحيف.
(3)
في الأصل: (والمستحباب)، وهو تصحيف.
على هذا الأثر موصولًا عن ابن عمر؛ حيث لم يتعرض لذلك، ولهذا قال ابن حجر: لم أره موصولًا عنه.
قلت: وعدم رؤيته له لا ينفي رؤيته لغيره على أنَّه المؤلف حافظ أجمع على جلالته المسلمون، فلا ينقل شيئًا يكون غير ثابت، وقد جنح لهذا إمام الشَّارحين حيث أيَّد فعل ابن عمر بما رواه الحاكم في «المستدرك» عن أنس، وعليه؛ فلا كلام؛ فافهم.
[حديث: كان النبي يحب التيمن ما استطاع في شأنه كله]
426 -
وبالسند إلى المؤلف قال: (حدثنا سليمان بن حرب) بحاء، وراء مهملتين، ثم موحدة (قال: حدثنا شعبة)؛ هو ابن الحجاج، (عن الأَشْعَث) بفتح الهمزة، وسكون المعجمة، وفتح العين المهملة، آخره مثلثة (بن سُليم)؛ بضمِّ السين المهملة؛ مصغَّرًا، (عن أبيه)؛ هو سليم بن الأسود المُحاربي -بضمِّ الميم- الكوفي، (عن مسروق)؛ هو ابن الأجدع الكوفي أبو عائشة، أدرك الصدر الأول من الصحابة، وأسلم قبل وفاته عليه السلام، وسمي مسروقًا؛ لأنَّه سرقه سارق في صغره، (عن عائشة) هي الصديقة بنت الصديق الأكبر رضي الله عنهما أنَّها (قالت: كان النبيُّ) الأعظم صلى الله عليه وسلم أفادت (كان) الدَّوام والاستمرار (يحب التيمُّن)؛ بالنصب على المفعولية؛ أي: البداءة باليمين لحسنه.
إن قلت: المحبَّة أمر باطني، فمن أين علمت عائشة محبته؟
قلت: قد علمت محبَّته عليه السلام لهذه الأشياء إمَّا بالقرائن، أو بإخباره عليه السلام لها بذلك، انتهى.
قلت: ويقال: علمت ذلك بسبب مداومته واستمراره على فعله ذلك، كما أفاده تعبيرها بـ (كان)؛ فافهم.
(ما استطاع) يجوز أن تكون كلمة (ما) موصولة، فتكون بدلًا من التيمُّن، ويجوز أن تكون بمعنى: ما دام، وبه احترز عمَّا لا يستطيع فيه التيمُّن شرعًا؛ كدخول الخلاء، والخروج من المسجد، قاله إمام الشَّارحين (في شأنه كلِّه) الجار والمجرور يتعلق بالتيمُّن، ويجوز أن يتعلق بالمحبة أو بهما، على سبيل التنازع، وتأكيد الشأن بقولها:(كلِّه) يدلُّ على التعميم، فيدخل فيه نحو: لبس الثوب، والخفَّ، والسراويل، ودخول المسجد، والصلاة على ميمنة الإمام وميمنة المسجد، والأكل، والشرب، والاكتحال، وتقليم الأظفار، وقصِّ الشارب، ونتف الإبط، وحلق الرأس، والخروج من الخلاء، وغير ذلك، إلا ما خُصَّ بدليل؛ كدخول الخلاء، والخروج من المسجد، والامتخاط، والاستنجاء، وخلع الثوب والسراويل، فاستحب فيها التياسر؛ لأنَّه من باب الإزالة، والقاعدة:(أنَّ كل ما كان من باب التكريم والتزين؛ فاستحب فيه اليمين، وكل ما كان من باب الإزالة؛ فاستحب فيه التياسر)، لا يقال: حلق الرأس من باب الإزالة، فيبدأ فيه بالأيسر؛ لأنَّا نقول: هو من باب التزين، وقد ثبت الابتداء فيه بالأيمن.
(في طُهوره) بضمِّ الطاء المهملة؛ لأنَّ المراد: تطهره، وتفتح؛ أي: البداءة بالشق الأيمن في الغسل، وباليمين في اليدين والرجلين على اليسرى في الوضوء، وروى أبو داود في «سننه» من حديث أبي هريرة مرفوعًا:«إذا توضأتم؛ فابدؤوا بميامنكم» ، فإن قَدَّم اليسرى؛ جاز، ولكنَّه يكره تنزيهًا، وأمَّا الكَفَّان والخدان والأذنان؛ فيُطهرَان دفعة واحدة، نصَّ أئمتنا الأعلام عليه، (وترجله) بالجيم؛ أي: الابتداء بالشق الأيمن في تسريح لحيته ورأسه، ومن المستحبات جمع الشعر والظفر ونحوهما من أجزاء البدن ودفنها، وألا يقطع شيئًا إلا وهو متوضئ، وروى الترمذي في «الشمائل» من حديث عبد الله بن معقل قال:(نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الترجل إلا غبًّا؛ أي: وقتًا بعد وقت)، وظاهره: أنَّه يُرجل بعد كلِّ وضوء، وقيل: إنَّه يفعل يومًا ويترك يومًا، ونقل عن الحسن: أنَّه في كل أسبوع، ولعله محمول على تمشيط شعر الرأس.
قلت: وظاهر الحديث: يدل على أنَّه بعد كل وضوء؛ لحديث الباب وحديث أنس قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه من الليل وُضع له سواكه وطهوره ومشطه، فإذا هيئه الله من الليل؛ استاك وتوضأ وامتشط» ، رواه ابن الجوزي في كتاب «الوفاء» ، وفي حديث أُبي بن كعب قال: قال عليه السلام: «من سرَّح لحيته كلَّ يوم؛ عوفي من أنواع البلاء، وزيد في عمره» ، وعنه عليه السلام:«من مرَّ المشط على حاجبيه، عوفي من البلاء» ، وعن علي بن أبي طالب مرفوعًا:«عليكم بالمشط؛ فإنَّه يذهب الفقر، ومن سرَّح لحيته حين يصبح؛ كان له أمانًا حتى يمسي» ، وعن وهب بن منبه:(من سرَّح لحيته بلا ماء؛ زاد همُّه، أو بماء؛ نقص همُّه، ومن سرَّحها قائمًا؛ ركبه الدين، أو قاعدًا؛ ذهب عنه الدين، ومن سرَّحها يوم الأحد؛ زاده الله نشاطًا، أو الاثنين؛ قضى حاجته، أو الثلاثاء؛ زاده الله رخاءً، أو الأربعاء؛ زاده الله نعمة، أو الخميس؛ زاد الله في حسناته، أو الجمعة؛ زاده الله سرورًا، أو السبت؛ طهر قلبه)، كذا في «نزهة المجالس» لعبد الرحمن الصفوري.
قلت: وهذا يدل لما قلناه، ويدل عليه أيضًا ما في «الشمائل» عن أنس قال:(كان عليه السلام يكثر دهن رأسه وتسريح لحيته)، وفي «الإحياء» في حديث غريب:(أنَّه عليه السلام كان يسرح لحيته في اليوم مرتين)، وقد أوضح المقام الإمام المحقق خاتمة المحدثين منلا علي القاري في رسالة خاصة في تسريح اللحية، والله أعلم.
(وتنعله)؛ بفتح الفوقية والنون، وتشديد العين المهملة المضمومة؛ أي: الابتداء بلبس اليمين من نعليه، وموقع (في طهوره) من الإعراب: البدل من قوله: (في شأنه) بدل بعض من كلٍّ.
فإن