الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أي: المني (من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس معناه: أغسل أثر المني، ولا أغسل أثر الجنابة؛ لأنَّ تذكير الضمير باعتبار معنى الجنابة؛ لأنَّ معناها المني ههنا كما قدمناه؛ فليحفظ، (ثم يخرج) أي: النبيُّ الأعظم عليه السلام من الحجرة (إلى الصَّلاة)؛ أي: في مسجده الشريف (وأثر الغَسل) بفتح الغين المعجمة (فيه)؛ أي: في ثوبه الشريف (بقع الماء)؛ يعني: أنه لم يجفَّ، وهو بالرفع على جواب سؤال مقدر؛ تقديره: أن يقال ما ذلك الأثر؟ فأجاب: بقع الماء؛ أي: هو بقع الماء، فيكون خبرًا لمبتدأ محذوف، ويجوز النصب فيه على الاختصاص؛ أي: أعني بقع الماء، وزعم ابن حجر أنه بدل، وهو ليس بشيء، كما لا يخفى، وفي الحديث: أيضًا كالأحاديث السابقة دليل ظاهر على أن المني نجس؛ كالبول؛ لأنَّه دم استحال بالنضج من حرارة الشهوة، ولهذا من جماعه حتى فترة شهوته يخرج دمًا أحمر، ونجاسة المني مغلَّظة، وكذا مني كلِّ حيوان، ولا فرق فيه بين الذكر والأنثى، هذا مذهب الإمام الأعظم، ومالك، وأصحابهما، وهو رواية عن أحمد، وبه قال الأوزاعي، والثوري، والحسن ابن حيٍّ، والليث بن سعد، وغيرهم، وخالفهم الشافعي وقال: إنه طاهر، وهو رواية عن أحمد، والحديث والأحاديث الدالة على ما قلناه حجة على الشافعي، ولا دليل يدل لما قاله.
قال في «الدر المختار» : (ولا يضر بقاء أثر؛ كلون وريح لازم، فلا يكلف في إزالته إلى ماء حار، أو صابون ونحوه، بل يطهر ما صبغ، أو خضب بنجس بغسله ثلاثًا) انتهى.
أقول: والكاف في قوله: (كلون) استقصائية؛ لأنَّ المراد بالأثر هو ما ذكره فقط، كما فسره به في «فتح القدير» ، و «البحر» ، وغيرهما، وأما الطعم؛ فلا بد من زواله؛ لأنَّ بقاءه يدل على بقاء العين، كما نقله البرجندي، واقتصر القهستاني على تفسير الأثر بالريح فقط، وظاهره: أنه يعفى عن الرائحة بعد زوال العين وإن لم يشق زوالها، وفي «البحر» : أنه ظاهر ما في غاية البيان، وهو صريح ما نقله شيخ الإسلام نوح أفندي عن «المحيط» حيث قال:(لو غسل الثوب عن الخمر ثلاثًا ورائحتها باقية؛ طهر، وقيل: لا يطهر ما لم تزل الرائحة)، كذا في حواشي شيخ شيخنا.
فإن قلت: في حديث أم قَيْس بنت محصن عند ابن خزيمة: «واغسليه بالماء والسدر، وحكيه ولو بضلع» ، وعند أبي أحمد العسكري:«حكيه بضلع، وأتبعيه بالماء والسدر» ، وعند أبي داود عن امرأة من غفار: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى ثيابها من الدم؛ قال: «أصلحي من نفسك، ثم خذي إناء من ماء واطرحي فيه ملحًا، ثم اغسلي ما أصاب [حقيبة] الرحل من الدم، ثم عودي لمَرْكبِك
(1)
».
قلت: ذكر السدر والحك بالضلع والملح أمر محمول على الندب والإرشاد، قال ابن القطان: الأحاديث الصحاح ليس فيها ذكر الضلع والسدر، ويدل لذلك حديث خولة بنت يسار المتقدم، وفيه:«يكفيك الماء، ولا يضرك أثره» ، رواه أبو داود، وكذا رواه أحمد، وابن أبي خيثمة في «الكبير» ، والطبراني، وغيرهما.
وعند الدارمي عن أم سَلَمَة قالت: إن إحداهن تسبقها القطرة
(2)
من الدم، فقال عليه السلام:«إذا أصاب إحداكن ذلك؛ فلتقصعه بريقها» ، وعند ابن خزيمة:(وقيل لها كيف كنتن تصنعن بثيابكنَّ إذا طمثن على عهد رسول الله عليه السلام؟ قالت: إن كنا لنطمث في ثيابنا، أو في دروعنا فما نغسل منه إلا أثر ما أصابه الدم)، وفي حديث مُجَاهِد عن عائشة عند البخاري:(ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد تحيض فيه، فإذا أصابه شيء من دم؛ قالت بريقها فمصعته بظفرها)؛ أي: عركته، فهذا كله يدل على أن ذكر السدر، والحك، والملح أمر ندب للتنظيف، وأن الأحاديث الأولى ضعيفة، ولهذا لم يذكرها المؤلف، بل اكتفى بالإشارة من حديث عائشة المذكور في الباب، ولأن ذهاب الأثر بالكلية لا يمكن؛ لأنَّ فيه حرجًا وهو مدفوع بالنص، ولأن تكلف السدر والضلع أمر عسر؛ لاحتياجه إلى تسخين الماء، والدلك الشديد، وربما يتمزع الثوب من ذلك، ففيه عسر، وقد أمرنا عليه السلام بالتسهيل، وفيه إضاعة الأموال، وهو سرف وتبذير، وقد نهى عنه عليه السلام، والله تعالى أعلم.
اللهم؛ فرج عنا وعن المسلمين يا أرحم الراحمين.
[حديث عائشة: أنها كانت تغسل المني من ثوب النبي ثم أراه
فيه بقعة]
232 -
وبه قال: (حدثنا عمرو) بفتح العين المهملة (بن خالد) قال في «عمدة القاري» : (وليس في شيوخ البخاري عُمر بن خالد، بضمِّ العين)(قال: حدثنا زهير) بضمِّ الزاي؛ مصغرًا، هو ابن معاوية (قال: حدثنا عَمرو) بفتح العين (بن مَيمُون)؛ بفتح الميم الأولى، وضم الثانية (بن مِهرانَ)؛ بكسر الميم، غير منصرف، ولم يذكر المؤلف جد عمرو في هذا الحديث الذي رواه عن عائشة من خمسة أوجه إلا في هذا الوجه، وفي هذا الوجه نكتة أخرى؛ وهي أن فيه الإخبار عن سليمان، عن عائشة: أنها كانت تغسل، على سبيل الغيبة، وفي الأوجه الأربعة المتقدمة الإخبار عنها على سبيل التكلم عنها، أفاده في «عمدة القاري» ، (عن سُليمان) بضمِّ السين (بن يَسار)؛ بفتح التحتية، وتخفيف السين المهملة، مولى ميمونة أم المؤمنين رضي الله عنها، (عن عائشة) أم المؤمنين رضي الله عنها:(أنها كانت تغسل المني) أي: الرطب (من ثوب النبيَّ) الأعظم، وفي رواية:(رسول الله) صلى الله عليه وسلم؛ لنجاسته؛ حيث لا تصح الصَّلاة وهو حامله في ثوبه، فأفادت (كانت) استمرار الغسل وتكراره منها؛ لأنَّه عليه السلام لم يتركه على ثوبه أبدًا، وكذلك الصحابة رضي الله عنهم من بعده، ومواظبته عليه السلام على فعل شيء من غير ترك تدل على الوجوب بلا نزاع فيه على أن الأمر المطلق؛ أي: المجرد عن القرائن يدل على الوجوب، هذا مذهب الإمام الأعظم، والجمهور؛ فليحفظ، (ثم أَراه)؛ بفتح الهمزة، من رؤية العين؛ أي: أبصره، والضمير المنصوب فيه يرجع إلى الثوب، وفي بعض النسخ:(ثم أرى)؛ بدون الضمير، فعلى هذا؛ مفعول (أرى) محذوف كما سيأتي.
فإن قلت: كيف التئام هذا بما قبله؛ لأنَّ ما قبله إخبار عن سليمان، وقوله:(ثم أراه) نقل عن عائشة؟
قلت: فيه محذوف؛ تقديره: قالت: ثم أراه، وهذا أوجه من كلام الكرماني؛ لأنَّ أوَّل الكلام نقلٌ بالمعنى عن لفظة عائشة، وآخره نقل للفظها بعينه، كذا في «عمدة القاري» .
(فيه) أي: في الثوب، هذا على تقدير: أن يكون (أرى) بدون الضمير المنصوب، والتقدير: ثم أرى في الثوب (بقعة) فيكون انتصاب (بقعة) على المفعولية، وأما على تقدير (أراه) بالضمير المنصوب؛ فمرجعه يكون الأثر الذي يدل عليه قوله:(يغسل المني من ثوب النبيِّ الأعظم عليه السلام؛ أي: أرى أثر الغسل في الثوب بقعة، (أو بقعًا)؛ بالنصب؛ بتقدير: أعني مثلًا، أو حالًا
(3)
، قال في «عمدة القاري» :(والظاهر: أنه من كلام عائشة، ويحتمل أن يكون شكًّا من سليمان، أو من أحد الرواة) انتهى.
وقال ابن بطال: وأثر الغسل يحتمل معنيين؛ أحدهما: أن يكون معناه بلل الماء الذي غسل به الثوب، والضمير راجع إلى أثر الماء، فكأنه قال: وأثر الغسل بالماء بقع الماء فيه؛ يعني: لا بقع الجنابة، وثانيهما: أن يكون معناه: وأثر الغسل بمعنى: أثر الجنابة التي غسلت بالماء فيه بقع الماء التي غسلت به الجنابة، والضمير فيه راجع إلى أثر الجنابة، وكلا الوجهين جائزان، لكن لفظ:(ثم أراه) في الحديث الآخر يدل على أن البقع كانت بقع المني؛ لأنَّ العرب ترد الضمير إلى أقرب مذكور، وضمير المني أقرب من
(1)
في الأصل: (لركبك).
(2)
في الأصل: (يسبقها القرطة)، ولعل المثبت هو الصواب.
(3)
في الأصل: (حال)، ولعل المثبت هو الصواب.
ضمير الغسل) انتهى.
واعتُرض: بأن محل بقع الماء على الوجهين خبرًا لقوله: (وأثر الغسل) نعم؛ يحتمل أن يقال: جعله مبتدأ، و (فيه) خبره، والجملة خبر الأثر سيما حيث حصر؛ إذ لا طريق للحصر هنا إلا التقديم على المبتدأ، ثم لا نسلم أن (ثم أراه) يدل على أنها بقع المني؛ إذ أقرب المذكورات النبيُّ عليه السلام؛ أي: ثم أرى النبيَّ عليه السلام فيه بقعة أو بقعًا من الماء، انتهى.
وفي يوم الخامس عشر ربيع الأول، سنة سبع وسبعين طلع نجم في النهار من الغرب، ورأيته قبل هذا اليوم بنحو جمعة قبيل الزوال، والله أعلم، اللهم فرَّج عنا وعن المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.
(66)
[باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها]
هذا (باب) في بيان حكم (أبوال الإبل والدواب والغنم) وإنما جمع الأبوال؛ لأنَّه ليس المراد ذكر حكم بول الإبل فقط، بل المراد بيان حكم بول الإبل، وبول الدواب، وبول الغنم، ولكن ليس في الباب إلا ذكر بول الإبل فقط، ولا واحد للإبل من لفظها، وهي مؤنثة؛ لأنَّ أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كانت لغير الآدميين؛ فالتأنيث لها لازم، وقد تسكن الباء فيه؛ للتخفيف، والجمع آبال، والدواب جمع دابة، وهي في اللغة: اسم لما يدب على الأرض، فيتناول سائر الحيوانات، وفي العرف: اسم لذي الأربع خاصة، وزعم الكرماني أن معناه العرفي: وهو ذوات الحوافر؛ يعني: الخيل والبغال والحمير، ورده في «عمدة القاري» : بأنه ليس معناه العرفي منحصرًا في هذه؛ بل يطلق على كل ذي أربع، والبخاري لم يذكر في هذا الباب إلا حديثين؛ أحدهما يُفْهَمُ منه حكم بول الإبل، والآخر يُفْهَمُ منه جواز الصَّلاة في مرابض الغنم، فعلى هذا؛ ذِكْرُ لفظة الدواب لا فائدة فيها
(1)
، واعترضه العجلوني بما زعمه ابن حجر أن حكم الدواب أشار إليه سياق أثر أبي موسى في صلاته في دار البريد؛ لأنَّها مأوى الدواب التي تركب، ويحتمل أن يكون أشار إلى حديث ليس على شرطه، انتهى.
قلت: وهو مردود؛ فإن أثر أبي موسى لا يدل على ما زعمه؛ لأنَّ البريد في الأصل الدابة المرتبة للرباط، ثم سمي به الرسول الراكب عليها، ثم سميت به المسافة المشهورة كما في «المغرب» ، ودعوى أن يكون أشار إلى حديث ليس على شرطه ممنوعة باطلة؛ لأنَّه من المعيب أن يترجم لحكم ولا يذكر حديثًا يدل عليه، وإذا كان للحكم حديثٌ
(2)
ليس على شرطه؛ فعدم تعرُّضه له دليل على أنه غير راضٍ به، فلا يذكر الحكم في الترجمة، ويشير إليه؛ لأنَّه إذا كان الدليل غير قوي، فكيف الحكم المبنيُّ عليه؟! وهذا من التخبيط، وزعم ابن حجر أنه يحتمل أن يكون من عطف العام على الخاص، واعترضه في «عمدة القاري» حيث قال:(قلت: هو كذلك، فأي شيء ذكر فيه الاحتمال فيه وفيه عطف الخاص على العام أيضًا، وهو عطف الغنم على الدواب) انتهى.
وقد ركب العجلوني متن عمياء، وخبط خبطًا عشواء هنا؛ فليحفظ.
(ومرابضها) بالجر عطفًا على قوله: (والغنم)؛ وهي جمع مربض؛ بفتح الميم، وكسر الموحدة، من رَبَضَ بالمكان يَرْبِض من باب (ضرَب يضرِب)؛ إذا لصق به وأقام ملازمًا له، والمربض: المكان الذي يربض فيه، والمرابض للغنم؛ كالمعاطن للإبل؛ وربوض الغنم؛ كنزول الجمل، والضمير في (مرابضها) يرجع إلى الغنم؛ لأنَّه أقرب المذكورات، كما لا يخفى، والغنم: اسم جنس جمعي؛ كالإبل يقع على المذكر والمؤنث، وإذا صغرتها؛ قلت: غُنَيمة؛ لأنَّ أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كانت لغير الآدميين؛ فالتأنيث لازم لها، كما قلنا.
وزعم ابن حجر أن المِرَابض؛ بكسر أوله، وفتح الموحدة، ورده في «عمدة القاري» :(بأن هذا غلط صريح وليس لقائله مس بالعلوم الأديبة) انتهى.
وزعم العجلوني بأنه قد يتكلف لتصحيحه بأن مكان الربوض يمكن جعله آلة تجوُّزًا، انتهى.
قلت: وهو مردود وممنوع، فإنه لا يجوز المصير إلى المجاز مع وجود الحقيقة، على أنه لا داعي إلى هذا التكلف، وما هو إلا تشديد بني إسرائيل، فإن ابن حجر ليس بمعصوم، بل يجوز عليه الخطأ والغلط وغيرهما؛ فافهم.
(وصلى أبو موسى)؛ هو عبد الله بن قَيْس الأشعري، وهذا الأثر وصله أبو نعيم شيخ المؤلف في كتاب «الصَّلاة» له، قال: حدثنا الأعمش، عن مالك بن الحارث -هو السلمي الكوفي- عن أبيه قال:(صلى بنا أبو موسى في دار البريد، وهناك سرقين الدواب، والبرية على الباب)؛ فذكره، وهذا تفسير لما ذكره المؤلف معلَّقًا، وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا في «مصنفه» فقال: حدثنا وكيع: حدثنا الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن أبيه قال:(كنا مع أبي موسى في دار البريد، فحضرت الصَّلاة، فصلى بنا على روث وتبن، فقلنا: تصلي ههنا، والبرية إلى جنبك؟ فقال: البرية وههنا سواء)، وتمامه في «عمدة القاري» ، (في دار البريد)؛ وهي دار ينزلها من يأتي برسالة السلطان، والمراد بـ (دار البريد) ههنا: موضع بالكوفة كانت الرسل تنزل فيه إذا حضروا من الخلفاء إلى الأمراء، وكان أبو موسى أميرًا على الكوفة في زمن عمر، وفي زمن عثمان رضي الله عنه، وكانت الدار في طرف البلد، ولهذا كانت البرية إلى جنبها، والبَريد؛ بفتح الموحدة: المرتب، والرسول، واثنا عشر ميلًا، قاله الجوهري، وقال في «المغرب» :(البريد في الأصل: الدابة المرتبة للرباط، ثم سمِّي به الرسول الراكب عليها، ثم سميت به المسافة المشهورة) انتهى.
قلت: فكأن البريد صار اسمًا
(3)
لهذه المسافة المشهورة، وهو حقيقة عرفية؛ فليحفظ.
(والسِّرقين)؛ بكسر السين المهملة، وسكون الراء؛ هو الزبل، وحكي فيه: فتح أوله، وهو فارسي معرب، ويقال له: السرجين؛ بالجيم، وهو في الأصل حرف بين القاف والجيم يقرب من الكاف، ويجوز فيه أن يكون معطوفًا على الدار، وعلى البريد، قال الكرماني:(ويروى بالرفع)، ولم يذكر وجهه، قال في «عمدة القاري» :(ووجهه أن يكون مبتدأ)، وقوله:(والبَرِّيَّة)؛ بالرفع عطفًا عليه، وهي بتشديد الراء، وفتح الموحدة، وتشديد التحتية؛ الصحراء منسوبة إلى البر خلاف البحر، والجمع البراري، وقوله:(إلى جنبه) : خبره، ويكون محل الجملة النصب على الحال، وعلى تقدير جر (السِّرقين) يكون ارتفاع (البرية) على الابتداء، وما بعده خبره، والجملة حال أيضًا، والضمير يعود لأبي موسى رضي الله عنه، والجنب والجانب والجنبة والناحية، يقال: قعدت إلى جنب فلان، وإلى جانب فلان بمعنى واحد؛ أي: ناحيته، كذا قرره في «عمدة القاري» ، (فقال)؛ أي: أبو موسى جواب لمقدر كما دل عليه ما تقدم في رواية ابن أبي شيبة: (فقالوا: تصلي ههنا والبرية إلى جنبك؟)(ههنا) : إشارة إلى المكان القريب، وهو دار البريد، وهي مصلاه، ومحله رفع على الابتداء، وقوله:(وثَمَّ)؛ بفتح المثلثة، وتشديد الميم، إشارة إلى المكان البعيد؛ وهو البرية، عطف عليه، وخبره قوله:(سَواء)؛ بالمدِّ، وفتح السين؛ بمعنى مستوٍ؛ يعني: أنهما متساويان في صحة الصَّلاة، وقال ابن بطال:(وافق البخاري أهل الظاهر، وقاس بول ما لا يؤكل لحمه على بول الإبل، ولذلك قال: (وصلى أبو موسى في دار البريد والسرقين)؛ ليدل على طهارة أرواث الدواب وأبوالها، ولا حجة له فيها؛ لأنَّه يمكن أن يكون صلى على
(1)
في الأصل: (فيه)، وليس بصحيح.
(2)
في الأصل: (حديثًا)، وليس بصحيح.
(3)
في الأصل: (اسم)، و ليس بصحيح.