الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والنفساء، والخبر محذوف يقدَّر بـ (كذلك)؛ فكأنه قال: الجنب يخرج، ويمشي، ويأكل، وينام مثلًا؛ لأنَّ غيره في معنى: مغايرة لا كما قاله البرماوي، وإن كان في الآخر تعسف) انتهى.
قلت: وهذا ممنوع؛ فإن قوله: (والظاهر
…
) إلخ غير ظاهر؛ لأنَّ المراد بـ (غيره) : هو الخروج من منزله إلى منزل آخر والمشي من السوق إلى الصحراء وإلى البساتين، وغير ذلك.
وقوله: (والضمير على الرفع
…
) إلخ، ويلزم على ما قاله هذا القائل أن يكون الضمير بلفظ المثنى؛ لأنَّ حقه التثنية.
وقوله: (لكنه أفرده
…
) إلخ غير صحيح، كما لا يخفى؛ لأنَّه إذا وجد التأويل وعدمه؛ فعدمه أولى؛ فافهم.
وقوله: (ويجوز رفعه
…
) إلخ فيه نظر؛ لأنَّ كلًّا من الحائض والنفساء ممنوعة من الخروج والمشي في الأسواق؛ لأنَّهن مأمورات بالقرار في البيوت؛ فهو غير ظاهر فيهما؛ لأنَّ (غيره) في معنى: مغايرة، كما قال والمغايرة بين الجنب والحائض، والنفساء ظاهرة؛ لأنَّ الجنب له الخروج
…
إلخ، وأما الحائض والنفساء؛ فإنها ليس لها ذلك، بل لهما الأكل والنوم؛ فهما من هذه الحيثية يطلق عليهما ذلك.
وقوله: (لا) كما قاله البرماوي؛ غير صحيح، فأي تكلف أبلغ من هذا؟
وقوله: (وإن كان في الآخر
…
) إلخ قد علمت ما فيه، والحق أن لفظ (غيرِه) بالجر عطف على (السوق)، وضميره يعود عليه والمراد به: الصحراء، والبساتين، والبيوت، وغيرها؛ فافهم، والله أعلم.
وأشار الإمام المؤلف في هذه الترجمة إلى رد من منع هذه الأفعال من الجنب قبل أن يغتسل أو يتوضأ، وإن ذلك جائز وهو قول عامة الفقهاء، ولا خلاف في ذلك إلا ما حكاه ابن أبي شيبة عن علي، وعائشة، وابن عمر، وأبيه، وشداد بن أوس، وابن المسيب، ومُجَاهِد، وابن سيرين، والزُّهري، ومحمَّد بن علي، والنخعي، زاد البيهقي: سعد بن أبي وقاص، وابن عباس، وعطاء، والحسن أنهم كانوا إذا أجنبوا لا يأكلون ولا يخرجون حتى يتوضؤوا، كما نقله صاحب «عمدة القاري» ، وليس هذا على سبيل الوجوب، بل على سبيل الندب والاستحباب، كما صرح به عنهم؛ فليحفظ.
(وقال عطاء) بالمد هو ابن أبي رباح (يحتجم الجنب) ومثله: الفصد والعلق (ويقلم)؛ أي: يقص (أظفاره) وهو جنب في يوم الجمعة، أو الخميس، أو الاثنين، ولا يقصها في السبت؛ لأنَّه يورث الأكلة، وفي الأحد يذهب البركة، ولا في الثلاثاء؛ لأنَّه يورث الهلكة، ولا في الأربعاء؛ لأنَّه يورث سوء الخلق، أما في الاثنين؛ فإنه يورث العز والجاه، وفي الخميس؛ فإنه يورث الغنى، وفي الجمعة يورث العلم والحكم، كما جاء ذلك عن علي الصدِّيق الأصغر ابن أبي طالب رضي الله عنه، (ويحلق رأسه) وهو جنب، ومثله قص الشارب، ونتف الإبط، وتقصير اللحية إلى القبضة (وإن لم يتوضأ)، فكونه قبل الاغتسال أولى.
قال في «عمدة القاري» : مطابقة هذا الأثر للترجمة في قوله: (وغيره) بالرفع ظاهرة، وأما الجر الذي هو الأظهر؛ فلا تكون المطابقة إلا من جهة المعنى؛ وهو أن الجنب إذا جاز له الخروج من بيته والمشي في السوق وغيره؛ جاز له كذلك الأفعال المذكورة في الأثر المذكور، وهذا التعليق وصله عبد الرزاق في «مصنفه» عن ابن جريج عنه، وزاد فيه:(ويطلى بالنورة) انتهى.
قلت: ومثله الحلق، كما هو المسنون، وكذا حلق شعر الصدر والرجلين وغيرها؛ فافهم.
[حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة]
284 -
وبالسَّند إلى المؤلف قال: (حدثنا عبد الأعلى بن حمَّاد) وسقط (ابن حمَّاد) للأَصيلي (قال: حدثنا يزيد بن زُريع)؛ بضمِّ الزاي المعجمة، تصغير زرع (قال: حدثنا سَعِيْد)؛ بكسر العين المهملة، هو ابن أبي عَروبة، وقال الغساني: وفي نسخة الأَصيلي بدل (سَعِيْد) لفظ (شعبة)؛ أي: ابن الحجاج وليس صوابًا)، قاله صاحب «عمدة القاري» .
قلت: وأجمع الشراح إلى أن هذه النسخة خطأ غير صواب، والظاهر: أنها تحريف من الناسخ الأول؛ فافهم.
(عن قتادة) هو ابن دعامة المفسر: (أن أنس بن مالك) رضي الله تعالى عنه (حدثهم)؛ أي: قتادة ومن معه، وفي رواية:(حدثه)؛ أي: قتادة وحده: (أن النبيَّ) ولكريمة: (أن نبي الله) صلى الله عليه وسلم كان يطوف)؛ أي: يدور (على نسائه)؛ أي: في غسل واحد، وهو كناية عن الجماع، والمراد بالطواف: المشي من بيت واحدة إلى بيت أخرى (في الليلة الواحدة) وسبق في باب: إذا جامع ثم عاد في الساعة الواحدة من الليل والنهار (وله يؤمئذٍ)؛ أي: وله عليه السلام حينئذٍ؛ لأنَّه ليس ذلك في يوم معين، فالمراد باليوم: الوقت؛ فافهم، ولفظة (كان) تدل على التكرار والاستمرار (تسع نسوة) زوجات ومارية، وريحانة، فصرن إحدى عشرة، وبه يجمع بين ما هنا وبين ما هناك وهن إحدى عشرة، وأطلق عليهن نساء تغليبًا، ويحتمل أنه يحمل على اختلاف الأوقات؛ فافهم.
قال في «عمدة القاري» : ومطابقة الحديث للترجمة تفهم من قوله: (كان يطوف على نسائه)، وذلك أن نساءه كان لهنَّ حُجَر متقاربة؛ فبالضرورة كان عليه السلام إذا أراد الطواف عليهن؛ يحتاج إلى المشي من حجرة إلى حجرة قبل الغسل، والخروج أيضًا منها إلى السوق وإلى غيره.
وزعم ابن حجر أن السوق يؤخذ من الحديث الآتي، فقال: لكن في غير السوق.
ورده صاحب «عمدة القاري» فقال: (قلت: المشي أعم من أن يكون من بيت إلى بيت، ومن بيت إلى سوق وإلى غيره) انتهى.
قلت: ويدل لهذا أنه عليه السلام أمر بسد أبواب الحُجَر من المسجد، كما ورد ذلك فيما سبق، وعلى هذا إن أبواب الحُجَر كانت من السوق، فلا بد وأن يمشي عليه السلام في السوق، وحديث أبي هريرة وإن كانت مطابقته للترجمة ظاهرة، كذلك مطابقة هذا الحديث على الترجمة ظاهرة أيضًا؛ فلا يلزم العناد والشدة من أن السوق يؤخذ من حديث أبي هريرة؛ فإن دلالته هنا ظاهرة، كما لا يخفى على من له أدنى ذوق في العلم؛ فافهم.
وزعم ابن حجر أن إيراد حديث أنس في هذا الباب يقوي رواية: (وغيرِه)؛ بالجر، وعليه؛ فمناسبة إيراد أثر عطاء من جهة الاشتراك في جواز تشاغل الجنب بغير الغسل، وحديث أنس يقوي أثر عطاء؛ لأنَّه لم يذكر فيه أنه توضأ؛ فكأن المصنف أورده؛ ليستدل له لا ليستدل به.
قلت: وهو غير ظاهر وفيه نظر؛ لأنَّ قوله: (إيراد حديث أنس
…
) إلخ، ويلزم عليه أنه إذا علم أن رواية الجر أقوى، كيف عدل عنها إلى رواية الرفع الضعيفة؟! على أنه ليس في الحديث تقوية، كما زعمه هذا القائل؛ لأنَّ الحديث يدل على أنه عليه السلام كان يخرج ويمشي من حجرة إلى أخرى، ومنها إلى السوق، فهو مطابق للترجمة، وليس فيه ما يقيد الغيرية من أكل، وشرب، ونوم؛ لأنَّه ليس في الحديث ما يدل على هذا.
وقوله: (وعليه؛ فمناسبة
…
) إلخ غير ظاهر، وإنما الظاهر أن مناسبة إيراد أثر عطاء من حيث إن الحجامة، وقلم الأظفار، وحلق الرأس إنَّما يفعلها الحجام في حانوته؛ فيحتاج الجنب ضرورة إلى الخروج من بيته والمشي في السوق حتى يصل إلى حانوت الحجام، وزاد قوله:(وغيره) إلى أنه يمشي في السوق والزقاق، وأنه يشرب في حال مشيه ويكلم الناس، فمطابقة الأثر للترجمة ظاهرة.
وقوله: (وحديث أنس يقوي أثر عطاء) ممنوع؛ لأنَّ أثر عطاء مطابقته ظاهرة، وكذا مناسبته والحديث غاية ما فيه أنه عليه السلام كان يطوف على نسائه، وهذا لا يعد شاغلًا بين الجنابة والغسل؛ لأنَّه إذا وطئ، ثم عاد وهكذا؛ فكأنه وطئ مرة؛ بدليل أنه لا يجب عليه إلا غسل واحد، وليس فيه تشاغل بغير الجماع، فكيف يقال: إنه يقوي أثر عطاء؟! وما هو إلا كلام غير ظاهر.
وقوله: (لأنَّه لم يذكر فيه أنه توضأ) غير ظاهر أيضًا؛ لأنَّ كونه لم يتوضأ قد ذكر في أثر عطاء؛ فهو يقوي الحديث من حيث إنه لم يذكر فيه الوضوء، كما لا يخفى.
فإنه لولا الأثر؛ لاحتمل أن في الحديث أنه توضأ، فكأن الأثر ذكر؛ لأجل بيان الحديث في ذلك.
وقوله: (فكأن
…
) إلخ ممنوع؛ فإن مراد المؤلف بإيراد الأثر: بيان الحديث
المذكور والاستدلال بالأثر على مفهوم الحديث؛ لأنَّ الحديث مطلق والأثر مقيد، فالحديث قد اكتسب بيانًا من الأثر؛ فافهم، والله أعلم.
[حديث: سبحان الله يا أبا هر إن المؤمن لا ينجس]
285 -
وبه قال: (حدثنا عياش)؛ بفتح العين المهملة، وتشديد التحتية، آخره شين معجمة، هو ابن الوليد البصري الرقَّام، وهو ابن عبد الأعلى بن حمَّاد، مات سنة ست وعشرين ومئتين (قال: حدثنا عبد الأعلى) هو ابن عبد الأعلى السامي؛ بالسين المهملة (قال: حدثنا حُميد)؛ بضمِّ الحاء المهملة؛ مصغرًا، المعروف بالطويل، (عن بَكْر)؛ بفتح الموحدة، وسكون الكاف؛ مكبرًا، هو المزني، (عن أبي رافع) هو نُفيع؛ بضمِّ النون، آخره عين مهملة، (عن أبي هريرة)؛ هو عبد الرحمن بن صخر رضي الله عنه (قال: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أي: اجتمعنا؛ لأنَّ اللقي: الاجتماع فقط، قال تعالى: {حَتَّى إِذَا لَقِيَا
(1)
غُلامًا فَقَتَلَهُ} [الكهف: 74]، (وأنا جنب) : جملة اسمية محلها النصب على الحال، (فأخذ بيدي)؛ بالإفراد؛ أي: قبض عليها بيده الشريفة، وفي بعض الأصول:(طريق المدينة)(حتى قعد)؛ أي: حتى وصل دار أحد أصحابه أو غيرها وجلس فيه، (فانْسلَلت)؛ بسكون النون، بعدها مهملة، ثم لامين، أولاهما مفتوحة؛ أي: خرجت، يقال: انسل من بينهم؛ أي: خرج في خفية وتستر (منه)؛ أي: من مجلس النبيِّ الأعظم صلى الله عليه وسلم، أو من النبيِّ نفسه عليه السلام، والأول أظهر، وسقط لفظ:(منه) في رواية، (فأتيت)؛ بـ (الفاء)، وفي رواية: بـ (الواو)(الرحْل)؛ بسكون الحاء المهملة، وهو منزله ومكانه الذي يأوي إليه، (فاغتسلت)؛ أي: بعد أن أحضر لي الماء اغتسلت منه فيه من الجنابة، ولبست ثيابي، وصليت ركعتين، وحمدت الله وأثنيت عليه، (ثم جئت)؛ أي: ثم خرجت من الرحل ومشيت حتى جئت إلى مجلس النبيِّ عليه السلام (وهو قاعد)؛ أي: والحال أنه قاعد فيه، فالجملة حالية، والتراخي مراد به: حقيقة، كما لا يخفى؛ فما استظهره العجلوني من أنه غير مراد؛ فليس بشيء؛ لعدم اطلاعه على ما قررناه؛ فافهم، (فقال)؛ أي: النبيُّ الأعظم صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة (أين كنت)(كان) تامة فلا تحتاج إلى الخبر، أو ناقصة فـ (أين) خبر له، وعلى الأول؛ فهو حال؛ فافهم (يا با هريرة؟»)؛ بحذف الهمزة من الأب تخفيفًا، وهو الرواية، وما في بعض النسخ من إثباتها تحريف من النساخ، وللكشميهني:(يا با هر)؛ بالحذف والترخيم، (فقلت) القائل: أبو هريرة (له)؛ أي: للنبيِّ عليه السلام، مقول القول محذوف؛ أي: قلت له: إن سبب رواحي الاغتسال من الجنابة؛ لأني كنت جنبًا حين لقيتك؛ فكرهت مجالستك وأنا على غير طهارة، (فقال) عليه السلام:(سبحان الله) منصوب بفعل محذوف لازم الحذف، وهو يراد به: التعجب؛ ومعناه: كيف خفي عليك مثل هذا الظاهر؟! (يا با هريرة)؛ بالحذف أيضًا، وفي رواية الأَصيلي وغيره:(يا با هر)؛ بالحذف والترخيم، وفي رواية أبوي ذر والوقت بحذف لفظ (يا با هريرة) فقط، وهذا الترخيم قاله جميع الشراح.
واعترضهم العجلوني فزعم أنه مبني على مذهب الكوفيين، وإلا؛ فتسميته ترخيمًا لا يخلو من شيء؛ لأنَّ المضاف إليه يرخم ترخيم نداء عند البصريين، وليس بترخيم ضرورة، ولعل المراد بالترخيم: لازم معناه اللغوي؛ وهو الترقيق والتليين ولو جعل (يا با هر) كنية أخرى له فلا حذف ولا ترخيم؛ لكان له وجه) انتهى.
قلت: وفيه نظر؛ لأنَّه قوله: (أنه مبني
…
) إلخ؛ لا يخفى أنهم إنَّما بنوه على مذهب الكوفيين؛ لكونه الصحيح المعتمد.
وقوله: (وإلا؛ فتسميته
…
) إلخ ممنوع؛ لأنَّه مبني على القول الضعيف، فلا يعول عليه.
وقوله: (ولعل
…
) إلخ ممنوع أيضًا، بل هو ترخيم اصطلاحي للنحويين.
وقوله: (ولو جعل
…
) إلخ ممنوع أيضًا؛ لأنَّه لا حاجة إلى هذا الجعل بعد أن كان ترخيمًا، وليس لما ذكره وجه، كما لا يخفى؛ فافهم، والله أعلم.
(إن المؤمن) إنَّما أكده؛ دفعًا لما توهمه أبو هريرة (لا ينجُس)؛ بضمِّ الجيم، هو الرواية؛ أي: في ذاته ما لم تعرض له نجاسة تحل به، وفي الحديث: التسبيح عند التعجب من الشيء واستعظامه، ألا ترى أنه كيف خفي على أبي هريرة طهارة الجنب حتى قال:(وأنا جنب)، فأنكر عليه ذلك قائلًا: «سبحان الله
…
»؛ الحديث.
وفي «عمدة القاري» : (وفي الحديث: أنه يجوز للجنب التصرف في أموره كلها قبل الوضوء أو الغسل، وفيه: رد على من أوجب عليه الوضوء، وفيه: جواز أخذ الإمام والعالم بيد تلميذه ومشيه معه معتمدًا عليه ومرتفقًا به، وفيه: أن من حسن الأدب لمن مشى مع رئيسه ألَّا ينصرف عنه ولا يفارقه حتى يعلمه بذلك، ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة: «أين كنت؟» فدل ذلك على أنه عليه السلام استحب ألَّا يفارقه حتى ينصرف معه، وفيه: أن أخذ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بيد أبي هريرة يدل على طهارة الجنب وأنه غير نجس) انتهى.
ولا تغتر بما تعجبه ابن حجر من استنباط عدم المفارقة؛ لأنَّ له العصبية الزائدة، والشدة العادية، وقد استوفينا الرد عليه فيما مضى؛ فافهم.
وزعم العجلوني أن في الحديث: جواز مصافحة الجنب ومخالطته، انتهى.
قلت: وفيه نظر؛ لأنَّه ليس في الحديث أنه عليه السلام صافح أبا هريرة، غاية ما فيه: أنه أخذ بيده ومشى معه وهو لا يدل على المصافحة، كما لا يخفى؛ فافهم.
وقدمنا الكلام مستوفًى في الباب [الذي] قبله، والله أعلم.
(25)
[باب كينونة الجنب في البيت إذا توضأ قبل أن يغتسل]
هذا (باب) جواز (كينونة) أي: استقرار (الجنب في البيت إذا توضأ)؛ أي: الجنب وضوءه للصلاة (قبل أن يغتسل)؛ أي: من الجنابة، و (الكينونة) مصدر (كان)، يقال: كان كونًا وكينونة أيضًا شبهوه بالجيدودة، والطيرورة من ذوات الياء، ولم يجئ من الواو على هذا إلا أحرف كينونة، وكيعوعة، وديمومة، وقيدورة، وأصله كيِّنونة؛ بتشديد الياء، ثم خففوا وحذفوا كما حذفوا من هين وميت، ولولا ذلك؛ لقالوا كونونة، كذا قاله في «عمدة القاري» قال: وسقط في رواية الحمُّوي، والمستملي:(إذا توضأ قبل أن يغتسل)، وتمامه فيه.
[حديث: كان النبي صلى الله عليه وسلم يرقد وهو جنب]
286 -
وبالسَّند إليه قال: (حدثنا أبو نُعيم)؛ بضمِّ النون، هو الفضل بن دُكين؛ بالدال المهملة (قال: حدثنا هشام)؛ بكسر الهاء، هو الدستوائي (وشيبان)؛ هو ابن عبد الرحمن النحوي المؤدب صاحب صروف وقراءات؛ كلاهما (عن يحيى) زاد ابن عساكر:(ابن أبي كثير)، (عن أبي سَلَمَة)؛ هو ابن عبد الرحمن بن عوف.
قال في «عمدة القاري» : (وفي رواية ابن أبي شيبة بتحديث أبي سَلَمَة، ورواه النسائي عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سَلَمَة، عن ابن عمر رضي الله عنهما انتهى؛ فافهم.
(قال) أي: أبو سَلَمَة: (سألت عائشة)؛ أي: الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما: (أكان النبيُّ) الأعظم صلى الله عليه وسلم؛ الهمزة في (أكان) للاستفهام (يرقُد)؛ بضمِّ القاف؛ أي: ينام (وهو جنب؟) : جملة اسمية وقعت حالًا من (النبي صلى الله عليه وسلم، (قالت)؛ أي: عائشة: (نعم)؛ أي: يرقد؛ (ويتوضأ)؛ فهو معطوف على محذوف؛ تقديره: نعم؛ يرقد ويتوضأ.
فإن قلت: هل كان يتوضأ بعد الرقاد؟
قلت: الواو لا تدل على الترتيب؛ والمعنى: أنه يجمع بين الوضوء والرقاد، ولمسلم من طريق الزُّهري، عن أبي سَلَمَة:(كان إذا أراد أن ينام وهو جنب؛ يتوضأ وضوءه للصلاة)، وهذا أوضح، وعليه؛ فكأن عائشة قالت: نعم؛ إذا أراد النوم؛ يقوم ويتوضأ ثم يرقد، ويوضح هذا أيضًا حديث ابن عمر الذي ذكره المؤلف عقيب هذا الحديث على ما يأتي، كذا قرره صاحب «عمدة القاري» .
ثم قال رحمه الله تعالى: ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرة، قيل: أشار
(1)
في الأصل: (لقي)، والمثبت موافق للتلاوة.