الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بهذه الكرامة، وللمسجد في حصول هذه الكرامة دخل، فناسب ذكر حديث الباب ههنا بهذه الحيثية) انتهى.
واعترضه العجلوني بأن ما ذكره هو كلام ابن بطال، وابن رشيد، وابن حجر، ولا وجه لاعتراضه على ابن بطال، انتهى.
قلت: ليس من عادة إمام الشَّارحين أن يأخذ كلام غيره، وينسبه لنفسه، بل هذه عادة ابن حجر، وما ذكره ليس كلام هؤلاء، بل هو كلام من نفسه لم يسبقه إليه أحد، فهو من فيض الوهاب في مناسبة ذكر حديث الباب ههنا.
واعتراضه على ابن بطال وجيه؛ لأنَّه قال: (لأنَّ الرجلين كانا معه عليه السلام في المسجد، وهو موضع جلوسه مع أصحابه
…
) إلخ، فما معنى هذا الكلام؟ وأي مناسبة في موضع جلوسه مع أصحابه بما سبق؟ وما هذا إلا تعصب بارد.
ونقل العجلوني عنهم: أنَّه يستدل له بأنَّ الله يجعل لمن يسبح في تلك المساجد نورًا في قبورهم وفي جميع أعضائهم، وكان الأولى بالبخاري أن يترجم لهذا الحديث بـ (باب قول الله تعالى:{وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ} ) [النور: 40] انتهى.
قلت: وهذا كلام غير ظاهر؛ لأنَّه إنْ أراد بقوله: (يستدل له
…
) إلخ: وجه المناسبة بين حديث الباب وبين الذي قبله؛ فلا شك في منعه، وأنَّه بعيد؛ لأنَّ الحديث السَّابق ليس فيه ما ذكر ولا إشارة إليه، وإنْ أراد به: فضل حضور الجماعة معه عليه السلام؛ فلا شك في ذلك، ومع هذا فهو غير مناسب لما قبله، كما لا يخفى.
وقوله: (وكان الأولى
…
) إلخ؛ ممنوع أيضًا؛ لأنَّ هذه الكرامة ليست عامة في جميع الناس، فكم شخص يصلِّي وليس له نور، على أنَّ المراد بالنور: الإيمان، فمن لم يجعل الله له إيمانًا؛ فما له من إيمان وإن صلى وصام، والظَّاهر أن يقال في وجه المناسبة: إنَّ حديث الباب لما كان فيه أنَّ الرجلين كانا في مسجده عليه السلام؛ ناسب أن يذكر في (أبواب المساجد)، ومناسبته بما قبله من حيث إنَّ الرجلين كانا قد صليا معه صلاة العشاء في المسجد، وفي الحديث السَّابق: أنَّ أم سلمة كانت في المسجد، وصلت معه عليه السلام صلاة الصبح في المسجد وسألته، وكان الأولى أن يترجم البخاري له بـ (باب فضل الصلاة مع الجماعة)، أو (باب فضل الصلاة معه عليه السلام، أو (باب فضل صلاة العشاء)؛ فتأمَّل، والله أعلم.
[حديث: أنَّ رجلين من أصحاب النبي خرجا من عند النبي
في ليلة مظلمة]
465 -
وبالسند إلى المؤلف قال: (حدثنا محمَّد بن المثنى) بلفظ المفعول من التثنية، هو ابن عبيد العنزي البصري (قال: حدثنا معاذ بن هشام) هو ابن أبي عبد الله الدستوائي البصري (قال: حدثني) بالإفراد (أبي) هو هشام المذكور، (عن قتادة) هو ابن دعامة السدوسي البصري (قال: حدثنا أنس) زاد الأصيلي: (ابن مالك) هو الأنصاري، خادم النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم:(أَنَّ رجلين) بفتح الهمزة (من أصحاب النَّبي) الأعظم، وفي نسخة:(رسول الله) صلى الله عليه وسلم؛ أي: الأنصار، وهما: عباد بن بشر وأسيد بن حضير، كما عند المؤلف في (مناقب الأنصار)، وقال حمَّاد: حدثنا ثابت عن أنس: (كان أسيد وعباد بن بشر عند النَّبي صلى الله عليه وسلم، وقال السفاقسي: (هما عباد بن بشر وعويم بن ساعدة) انتهى.
قلت: يرده ما ذكرناه عن المؤلف.
و (عَبَّاد) : بفتح العين المهملة، وتشديد الموحَّدة، و (بِشْر) : بكسر الموحَّدة، وسكون المعجمة، الأنصاري، قُتل يوم اليمامة، و (أُسيد) : بِضَمِّ الهمزة، مُصغَّر أسد، و (حُضَيْر) : بِضَمِّ الحاء المهملة، وفتح الضَّاد المعجمة، وسكون التحتية، آخره راء، و (عُوَيم) : بِضَمِّ العين المهملة، وفتح الواو، مصغر عوم، انتهى.
(خرجا) أي: الرجلان (من عند النَّبي) الأعظم صلى الله عليه وسلم؛ أي: بعدما صليا صلاة العشاء معه عليه السلام في مسجده النَّبوي، كما يدل عليه السياق؛ فافهم، (في ليلة مظلِمة)؛ بكسر اللَّام، اسم فاعل، من أظلم الليل؛ بمعنى: ظهر، وقال الفراء:(ظلِم -بالكسر- وأظلم بمعنًى) انتهى، (ومعهما مثل المصباحين)؛ أي: نور مثل نور المصباحين، والجملة محلها نصب على الحال بالواو والضمير، وجملة:(يضيئان بين أيديهما) : محلها نصب على الحال من (المصباحين)، أو صفة لهما، لكنه بعيد، و (يضيئان) : من أضاء، تقول: ضاءت النَّار، وأضاءت مثله، وأضاءته النَّار، يتعدى ولا يتعدى، قاله الشَّارح، وقال الإمام الزمخشري:(أضاء؛ بمعنى: نور، متعد، وبمعنى: لمع، لازم، و «أظلم» يحتمل التَّعدي، ويحتمل عدمه، وهو الظَّاهر)، فـ (بين أيديهما) -أي: أقدامهما-: مفعول فيه إن كان (أضاء) لازمًا، ومفعول به إن كان متعديًا؛ فليحفظ.
(فلما افترقا) أي: الرجلان؛ أي: كل واحد (صار مع كل واحد منهما) أي: من الرجلين (واحد)؛ أي: نور واحد يضيء له وحده، وارتفاعه على أنَّه فاعل (صار) (حتى أتى أهله)؛ أي: منزلهم؛ أي: وانتهى؛ لانتهاء الحاجة.
قال إمام الشَّارحين: (وفي الحديث: دلالة ظاهرة لكرامة الأولياء، ولا شك فيه، وفيه رد على من ينكر ذلك) انتهى.
قلت: وذلك لأنَّ الإضاءة لهما كرامة ببركة النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم، ومعجزة له، وخصهما بهذه الكرامة؛ لاحتياجهما إلى النور حيث خرجا من عنده في ليلة مظلمة، ولإظهار سر قوله عليه السلام فيما رواه أبو داود وغيره:«بَشِّر المشائين في الظُّلَم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة» ، فجعل الله لهما في الدنيا بعض ما ادَّخر لهما في الآخرة.
ثم قال إمام الشَّارحين: (وقد وقع مثل هذا قديمًا وحديثًا، أمَّا قديمًا؛ فمن ذلك ما ذكره ابن عساكر وغيره عن قتادة بن النعمان:«أنَّه خرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيده عرجون، فأضاء له العرجون» .
وفي «دلائل البيهقي» من حديث ميمون بن زيد بن أبي عبس: حدثني أبي: «أنَّ أبا عبس كان يصلِّي مع النَّبي صلى الله عليه وسلم الصلوات، ثم يرجع إلى بني حارثة يخرج في ليلة مظلمة مطيرة، فنورت له عصاه حتى دخل دار بني حارثة» .
ومن حديث كثير بن زيد، عن محمَّد بن حمزة بن عمرة الأسلمي، عن أبيه قال:«كنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنفرنا في ليلة مظلمة، فأضاءت أصابعي حتى جمعوا عليها ظهرهم، وما هلك منهم، وإن أصابعي لتنير» ، وفي لفظ: «نفرت دوابنا ونحن في مشقة
…
»؛ الحديث.
وأمَّا حديثًا؛ فمن ذلك ما يثبت بالتواتر عن جماعة من طلبة العلم الثقاة: أنَّهم كانوا مع الشيخ الإمام العلامة حسام الدين الرهاوي -مصنف «البحار» وغيره- في وليمة بمدينة عينتاب في ليلة مظلمة شاتية، فلما تفرقوا؛ أراد جماعة أن ينوروا على الشيخ إلى باب داره؛ لشدة الظلمة، فما رضي بذلك فردهم، فرجعوا، وتبع الشيخ جماعة من بُعْد، فقالوا وهم يحلفون: إنَّهم شاهدوا نورين عظيمين مثل الفوانيس؛ أحدهما عن يمين الشيخ، والآخر عن شماله، فلم يزالا معه إلى أن وصل إلى باب داره، فلما فتح الباب ودخل الشيخ؛ ارتفع النوران، ولقد أخبرني عنه جماعة بكرامات أخرى غير ذلك، وهو أحد مشايخي الذين انتفعت بهم، وأخذت عنهم) انتهى كلام إمامنا الشَّارح رضي الله عنه.
ووجه مطابقة الحديث ومناسبته قد ذكرناها فيما سبق أول الباب مع مزيد كلام، والله أعلم.
(80)
[باب الخوخة والممر في المسجد]
هذا (باب) بيان أمر (الخَوْخَة) بفتح الخاءين المعجمتين، وبينهما واو ساكنة؛ وهي باب صغير في الجدار مثل الطاقة، قال في «القاموس» :(الخَوْخَة: كوة تؤدي الضوء إلى البيت، ومخترق ما بين كل دارين ما عليه باب) انتهى، وقال في «الصِّحاح» :(الخَوْخَة: كوة في الجدار تؤدي الضوء)، وقال في «مختصره» : (الخَوْخَة: كوة
(1)
في الجدار تؤدي الضوء) انتهى، وقال ابن قرقول:(هي باب صغير قد يكون بمصراع وقد لا يكون، وأصلها فتح في حائط) انتهى.
قلت: وبهذا ظهر فساد ما زعمه العجلوني من أنَّ (الخَوْخَة: باب صغير في باب كبير على المشهور، لكن كلام الكرماني يقتضي أنَّها الباب الصغير مطلقًا سواء كان في كبير أم لا) انتهى.
قلت: والكرماني قال: (هي الباب الصغير) انتهى، وهو قاصر، وليس فيه اقتضاء لما زعمه على أنَّه متى وجد النقل عن أئمة اللُّغة؛ فلا يعدل عنه، وهو الذي يكون مشهورًا، لا ما زعمه من أنَّه مشهور، فإنَّه لا أصل له في اللُّغة فضلًا عن أن يكون مشهورًا، وما هذا إلا قول من لم يمس شيئًا من العلوم؛ فليحفظ.
(والمَمَرِّ)؛ بفتح الميمين، وتشديد الرَّاء؛ أي: موضع المرور، وقوله:(في المسجد) متعلق بـ (الخَوْخَة والمَمَرِّ) على سبيل التنازع، ويحتمل أنَّه حال منهما، أو صفة لهما، والأول أظهر؛ فافهم.
قال إمامنا الشَّارح: (والظَّاهر أنَّ مراد البخاري من وضع هذه التَّرجمة: الإشارة إلى جواز اتخاذ الخَوْخَة والمَمَرِّ في المسجد؛ لأن حديث الباب يدل على ذلك) انتهى.
قلت: وعلى هذا فيكون المعنى: باب جواز اتخاذ الخوخة والممر في المسجد، فكانت التَّرجمة لشيئين، وزعم العجلوني أنَّ التَّرجمة لشيء واحد، وهو اتخاذ الخَوْخَة، وهو بعيد عن النَّظر؛ لأنَّ المؤلف صرح بترجمته للشيئين؛ فافهم.
قال الدماميني في «المصابيح» : (نبَّه المؤلف بذلك على أنَّ المرور في المسجد لما يعرض للإنسان من شؤونه جائز، وهو من قبيل الاتفاق بما لا يضر كبير مضرة، ولا يقال: إنَّ المساجد لم توضع طرقات، فإنَّ التشديد في ذلك تنطع، والمسجد والطرقات كلها لله مرافق للمسلمين، فيستعان ببعضها على بعض؛ كمجامع مصر، وجامع الإسكندرية الوسط، وقد كان ممر أبي بكر إلى داره في المسجد) انتهى.
واعترضه العجلوني: بأنَّ الذي يستفاد من حديث الباب أنَّ جواز الخَوْخَة والمَمَر في المسجد خاص بنحو الخليفة والإمام، وأمَّا جواز المرور فيه لغير من ذكر بكراهة أو بدونها؛ فمعلوم من دليل آخر، انتهى.
قلت: وفيه نظر، فإنَّ صريح حديث الباب يدل على الجواز مطلقًا، وكونه خاص بنحو الخليفة والإمام يحتاج إلى دليل، وبمجرد الدعوى لا يقبل، على أنَّ أبا بكر لم يكن إذ ذاك خليفةً ولا إمامًا، فكيف يدعي ذلك؟ ولو كان كما زعمه؛ لكان ذلك خاصًّا بالنَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّه هو الخليفة والإمام دون أبي بكر، والحديث صريح بخلافه.
وقوله: (وأمَّا جواز المرور
…
) إلخ؛ فيه نظر أيضًا؛ لأنَّ هذا الحديث يدل على الجواز مطلقًا، وهو يفيد عدم الكراهة، فلا احتياج لدليل آخر لما ذكر؛ فافهم.
[حديث: إن الله خير عبدًا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار
ما عند]
466 -
وبالسند إلى المؤلف قال: (حدثنا محمَّد بن سِنان) بكسر السين المهملة، ثم نونين، بينهما ألف (قال: حدثنا فُلَيْح)؛ بِضَمِّ الفاء، وفتح اللَّام، وسكون التحتية، آخره حاء مهملة، ذكره بلقبه؛ لشهرته به، وإلا؛ فاسمه عبد الملك بن سليمان (قال: حدثنا أبو النَّضْر)؛ بفتح النُّون، وسكون الضَّاد المعجمة، ذكره بكنيته؛ لشهرته به، وإلا؛ فاسمه سالم بن أبي أمية، (عن عُبيد بن حنين) بِضَمِّ العين المهملة، مصغر العبد، ضد الحر، و (حُنَيْن) : بِضَمِّ الحاء المهملة، وفتح النُّون، وسكون التحتية، آخره نون، هو أبو عبد الله المدني، المتوفى بالمدينة سنة مئة وخمس، (عن بُسْر) بِضَمِّ الموحَّدة، وسكون المهملة، آخره راء (ابن سَعِيد) بكسر العين المهملة، المدني الزاهد، المتوفى بالمدينة سنة مئة، (عن أبي سعيد) هو سعد بن مالك (الخدري) الصَّحابي الجليل رضي الله عنه، هكذا في أكثر الروايات، وفي رواية الأصيلي وأبي ذر:(عن عُبيد بن حُنَيْن، عن أبي سعيد)؛ بإسقاط (بُسْر).
وقال الكرماني: (وقع في بعض النُّسخ: «عن عُبيد بن حُنَيْن، عن أبي سعيد»، وفي بعضها: «عن بُسْر بن سعيد، عن أبي سعيد»، وفي بعضها: «عن عُبيد وعن بُسْر، عن أبي سعيد»؛ بالجمع بينهما بواو العطف، وفي بعضها: «عن عُبيد، عن بُسْر، عن أبي سعيد»؛ بدون الواو بينهما) انتهى.
قال إمام الشَّارحين: قال ابن السكن عن الفربري: قال محمَّد بن إسماعيل: هكذا رواه محمَّد بن سِنان، عن فليح، عن أبي النَّضْر، عن عُبيد، عن بُسْر، عن أبي سَعِيد، وهو خطأ، وإنما هو عن عُبيد بن حُنَيْن وعن بُسْر بن سعيد
(2)
؛ يعني: بواو العطف، وكذا خرجه مسلم: عن سعيد بن منصور، عن فُلَيح، عن أبي النَّضْر، عن عُبيد وبُسْر، عن أبي سعيد، ورواه عن فُلَيح كرواية سعيد بن يونس بن محمَّد عند ابن أبي شيبة، ورواية أبي زيد المروزي في «صحيح البخاري» : حدثنا محمَّد بن سِنان: حدثنا فُلَيح: حدثنا أبو النَّضْر، عن عُبيد، عن أبي سعيد، ورواه البخاري في (فضل أبي بكر) : عن عبيد الله بن محمَّد، عن ابن عامر: حدثنا فُلَيح: حدثنا سالم، عن بُسْر بن سعيد، عن أبي سعيد، وفي (هجرة النَّبي صلى الله عليه وسلم : عن إسماعيل بن عبد الله: حدثني مالك، عن أبي النَّضْر، عن عُبيد بن حُنَيْن، عن أبي سعيد بلفظ:«أن يؤتيه الله من زهرة الدنيا ما شاء» ، وفيه:(فبكى أبو بكر، وقال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا)، وكذا رواه عن مالك عبد الله بن مسلمة، وابن وهب، ومعن، ومطرف، وإبراهيم بن طهمان، ومحمَّد بن الحسن، وعبد العزيز بن يحيى، قال الدارقطني:(لم أره في «الموطأ» إلا في كتاب «الجامع» للقعنبي، ولم يذكره في «الموطأ» غيره، ومن تابعه؛ فإنما رواه في غير «الموطأ»).
قال إمام الشَّارحين: وكأنَّ هذا الاختلاف إنَّما أتى من فُلَيح؛ لأنَّ الحديث حديثه وعليه يدور، وهو عند بعضهم هو لين الرواية، وحاصل الكلام: أنَّ فُلَيحًا كان يروي تارة عن عُبيد وعن بسر كليهما، وتارة يقتصر على أحدهما، والخطأ من محمَّد بن سِنان؛ حيث حذف الواو العاطفة.
وعلى هذا؛ فانتقاد الدارقطني عليه هذا الحديث بقوله: (رواية من رواه عن أبي النَّضْر، عن عُبيد، عن بُسْر غير محفوظة)؛ لا وجه له مع إفصاحه بما ذكره؛ إذ ليست هذه بعلة قادحة؛ فليحفظ.
(قال) أي: أبو سعيد الخدري: (خطب النَّبي) الأعظم صلى الله عليه وسلم؛ أي: في مرضه الذي توفي فيه، كما يفيده حديث ابن عبَّاس الآتي، (فقال) أي: النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم في خطبته: (إنَّ الله) سبحانه وتعالى (خيَّر) ماضي التخيير (عبدًا)؛ أي: فوض إليه الخيار بين الشيئين، وإنَّما ذكره منكرًا للإبهام على السامعين؛ ليظهر فهم
(1)
في الأصل: (كورة)، وليس يصحيح.
(2)
في الأصل: (سعد)، وهو تحريف.
أهل المعرفة، ونباهة أصحاب الشرف، وإلا؛ فهو عليه السلام العبد المخيَّر (بين الدنيا)؛ أي: البقاء فيها إلى وقت يعلمه، وسميت دنيا؛ لدنوها وقربها من الزوال (وبين ما عنده)؛ أي: عند الله؛ وهو الدار الآخرة وما أعد له فيها من النعيم المقيم، وسميت آخرة؛ لتأخرها عن الدنيا، أو لعدم زوالها، فهي آخرة حقيقة.
وقوله: (فاختار) أي: العبد المخيَّر (ما) أي: الذي (عند الله)؛ أي: من النعيم الدائم، ساقط عند الأصيلي وابن عساكر، وضرب عليه أبو الوقت، (فبكى أبو بكر) زاد الأصيلي:(الصديق)؛ أي الأكبر رضي الله عنه، والفاء للسببية.
وقوله: (فقلت في نفسي)
…
إلى قوله: (أعلمنا) من كلام أبي سعيد الخدري: (ما يبكي) كلمة (ما) استفهامية مبتدأ، وقوله:(هذا الشيخ)؛ يعني: أبا بكر الصديق، منصوب على المفعولية، وما بعده بالتبعية، و (يبكي) : من الإبكاء لا من البكاء؛ لأنَّ بكيته؛ بمعنى: بكيت عليه، وهنا المعنى: أي شيء يجعل هذا الشيخ باكيًا؛ فافهم.
وقوله: (إنْ يكنِ اللهُ خيَّرَ عبدًا؟) قيد للاستفهام؛ أي: إن كان الله خيَّر بعض عباده بين ما ذكر، وهذا رواية الأكثرين، وفي رواية الكشميهني:(إنْ يكنْ لله عبدٌ خُيِّر).
قال إمام الشَّارحين: (وإعراب الأولى هو أنَّ «إن» بالكسر: شرطية، و «يكن» : فعل الشرط، وهو مجزوم، ولكنه لما اتصل بلفظ «الله»؛ كسر؛ لأنَّ الأصل في الساكن إذا حُرك؛ حُرك بالكسر، قال الكرماني: «والجزاء محذوف، يدل عليه السياق»، قلت: لا حاجة إلى هذا، بل الجزاء قوله: «فاختار ما عند الله») انتهى كلام [إمام] الشَّارحين.
واعترضه العجلوني، فزعم أنَّ فيه نظر؛ لأنَّه ليس المعنى عليه، انتهى.
قلت: واعتراضه ونظره مردودان عليه، بل المعنى عليه صحيح، ويدل عليه دخول الفاء، وهي لا تدخل إلا على الجزاء كما هنا؛ فافهم، ولا تغتر بهذه العصبية الزائدة.
ثم قال إمام الشَّارحين: (و «خَيَّر» على صيغة المعلوم من التخيير، و «عبدًا» : مفعوله، والضمير في «فاختار» يرجع إلى العبد، و «ما عند الله» : في محل النصب، مفعوله، وإعراب الرواية الثانية: هو أنَّ «إنْ» أيضًا: كلمة شرط، و «يكنْ» : مجزوم به، وقوله: «عبد» : مبتدأ، وخبره قوله: «لله» مقدمًا، وقوله: «خُيِّر» على صيغة المجهول في محل رفع؛ لأنَّه صفة لـ «عبد»، والجزاء هو قوله: «فاختار») انتهى.
قال العجلوني: (ولم يتعرض لاسم «يكن» أو فاعلها، ولعله ضمير الشأن، والمناسب جعل «عبد» مرفوع «يكن» تامة أو ناقصة، و «لله» : حال منه على جعلها تامة أو ناقصة، وجملة «خير» صفة لـ «عبد»، أو خبرًا لـ «يكن»؛ مثل قولك: إن يكن في الدار رجل قائمًا؛ فالأمر كذا؛ فتأمَّل) انتهى.
قلت: وهذا فيه تكلف وتعسف لا حاجة إليه.
وقوله: (ولم يتعرض لاسم «يكن»
…
) إلخ؛ ممنوع، فإنَّه قد صرح بأنَّ الجزاء قوله:(فاختار)، ولهذا دخلته الفاء، وإذا وجد فعل الشرط وجزاؤه؛ لا حاجة إلى غيره؛ لأنَّه اسمها وفاعلها في الحقيقة.
وقوله: (ولعله ضمير الشأن) : كلام غير موجه؛ لأنَّ كلمة (إن) شرطية، فكيف تجعل للشأن؟! وهو خلاف القواعد.
وقوله: (والمناسب
…
) إلخ؛ ممنوع؛ لأنَّ فيه تكلفًا لا حاجة إليه، مع كونه غير موافق للمعنى المراد منه؛ فافهم.
وقال الدماميني: (ووقع في بعض النُّسخ: «أن يكون اللهُ عبدًا خيَّر»؛ بتقديم المفعول مع فتح «أن» وكسرها).
وقال السفاقسي: (ويصح أن تكون الهمزة -يعني: همزة «إن» - مفتوحة)، قال ابن التين:(على أنَّها تعليلية)، وقال إمام الشَّارحين: بأن
(1)
يكونمنصوبًا بـ (أن)، ويكون المعنى: ما يبكيه لأجل أن يكون الله خيَّر عبدًا؟
قال ابن حجر: (وفيما قاله ابن التين نظر)، ولم يذكر وجهه.
وردَّه إمام الشَّارحين فقال: (في نظره نظر؛ لأنَّ التعليل هنا لأجل فراقه عليه السلام، لا على كونه خُيِّر بين الدنيا وبين ما عنده).
واعترضه العجلوني، فزعم بل النَّظر في نظره؛ لأنَّه علل بعكس ما قاله، انتهى.
قلت: هذا محاولة وخروج عن الظَّاهر؛ لأنَّه لم يذكر وجه النَّظر بل ذكره رجمًا بالغيب، وعلى فرض كون التعليل بالمعنى المذكور؛ إنَّما هو بحسب ظاهر الأمر، وإنما هو في الحقيقة لأجل الفراق، وهو يستلزم أن يكون خيِّر بين الأمرين، فما زعمه ليس في محله وإنما هو من تحريك عرق العصبية؛ فافهم.
واستشكل جزم (يكن) على فتح (أن)، وأجاب الكرماني قياسًا على توجيه ابن مالك في حديث:(لن ترع) : بأنَّه أجرى الوصل مجرى الوقف، فسكن النُّون له، وحذف الواو؛ لالتقاء الساكنين.
وقال العجلوني: (يحتمل أنَّها جازمة؛ كقوله: تعالوا إلى أن يأتنا العيد) انتهى.
قلت: يحتمل كونها جازمة في الشعر للضرورة، ولا ضرورة ههنا، والذي يفهم من كلام إمام الشَّارحين: أنَّه على الفتح بالنصب لا غير؛ لأنَّه قال: بأن
(2)
يكون منصوبًا بـ (أن) كما ذكرنا عبارته، وظاهر اقتصاره على النصب أنَّه لا يجوز غيره وهو الرواية، واقتصار الكرماني على الجزم وتوجيهه قياسًا كما مر؛ غير ظاهر؛ لأنَّه قياس مع الفارق، والرواية لا تساعده، وعلى هذا فلا يلزم توجيه الجزم، ولا التعرض إليه؛ لأنَّه غير محتاج إليه؛ فافهم، ولا تغتر بعصبية العجلوني؛ لأنَّه قد تحرك عرقه؛ فافهم.
(بين الدنيا) متعلق بقوله: (خيِّر)(وبين ما عنده) أي: الله تعالى من النعم الدائمة، (فاختار ما عند الله، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو العبدَ)؛ أي: المخير بين الأمرين، و (العبدَ) : منصوب؛ لأنَّه تابع لاسم (كان)، وهو الرواية.
وزعم العجلوني أنَّه يحتمل النصب والرفع، كما يحتمل (هو) المحل وعدمه، انتهى.
قلت: احتمال النصب مع احتمال المحل في (هو) هو الصَّواب؛ لأنَّه الرواية والمعنى عليه، وأمَّا الاحتمال الثاني؛ فبعيد؛ لأنَّ الرفع لا وجه له صحيح، وكون (هو) لا محل له بعيد أيضًا؛ لأنَّه يخل في المعنى، والرواية لا تساعد هذا؛ فليحفظ.
وسقط هنا أيضًا: (فاختار ما عند الله) للأصيلي وابن عساكر، وضرب عليه أبو الوقت.
(وكان أبو بكر) أي: الصديق الأكبر رضي الله عنه (أعلمنا) أي: أكثرنا علمًا؛ حيث فهم أنَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكى حزنًا على فراقه وقال:(بل نفديك بآبائنا وأموالنا وأولادنا)، وإنما كان أبو بكر أعلم الصَّحابة؛ لأنَّه لم ينكر عليه أحد
(1)
في الأصل: (فإن)، وهو تحريف.
(2)
في الأصل: (فإن)، وهو تحريف.
ممن حضر من الصَّحابة حين قال أبو سعيد: (وكان أبو بكر أعلمنا)، اختصه الشَّارع بالخصوصية العظمى، وأظهر أنَّ للصديق من الفضائل والحقوق ما لا يشاركه في ذلك مخلوق، ولهذا (قال) وللأصيلي وأبي ذر:(فقال)؛ أي: النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم: (يا أبا بكر؛ لا تَبك)؛ بفتح الفوقية؛ أي: على فراقي، وهذا أمر منه له بالصبر، وأعقبه بتسلية نفسه، وسكون روعه، وعلل ذلك بقوله:(إنَّ أمنَّ الناس)؛ بنصب (أمنَّ) اسم (إنَّ)، هكذا رواية الأكثرين، وفي رواية كما في «التنقيح» :(إنَّ من أمن الناس) على حذف اسمها والمجرور صفته؛ أي: رجلًا من أمن، وجوز الدماميني أن يكون على حد قوله عليه السلام:«إنَّ من أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون» ، فأمَّا (من) زائدة في الإيجاب والتعريف على رأي الأخفش، وأمَّا اسمها؛ فضمير الشأن محذوف
(1)
، انتهى، (عليَّ) بتشديد ياء المتكلم (في صحبته وماله أبو بكر)؛ أي: أكثرهم جودًا وسماحة لنا بنفسه وماله، من المن؛ بمعنى: العطاء من غير استثابة، ومنه:{هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ} [ص: 39]، وقوله:{لَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: 6]، وليس هو من المن الذي هو الاعتداد بالصنيعة؛ لأنَّه مبطل للثواب، لأنَّ المنة لله ولرسوله في قبول ذلك، قاله الخطابي، وقال القرطبي: ووزن «أمن» : «أفعل» من المنة؛ أي: الامتنان؛ أي: أكثر منةً؛ ومعناه: أنَّ أبا بكر له من الحقوق ما لو كان لغيره؛ لامتن بها، وذلك لأنَّه بادر بالتصديق، ونفقة الأموال، وبالملازمة، والمصاحبة إلى غير ذلك بانشراح صدر ورسوخ علم بأنَّ الله ورسوله لهما المنة في ذلك والفضل، لكن النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم بجميل أخلاقه وكرم أعرافه، اعترف بذلك عملًا بشكر المنعم، ليسنَّ
(2)
؛ كما قال للأنصار، وفي «جامع الترمذي» من حديث أبي هريرة مرفوعًا:«ما لأحد عندنا يد إلا كافيناه ما خلا أبا بكر، فإنَّ له عندنا يدًا يكافيه الله بها يوم القيامة» انتهى.
(ولو كنت متخذًا خليلًا من أمتي) كذا في رواية الأربعة، وفي رواية غيرهم:(ولو كنت متخذًا من أمتي خليلًا)، قال إمام الشَّارحين: الاتخاذ: (افتعال) من الأخذ، و (اتخذ) يتعدى إلى مفعول واحد، ويتعدى إلى مفعولين؛ أحدهما بحرف الجر، فيكون بمعنى: أختار وأصطفي، وههنا سكت عن أحد مفعولهما، وهو الذي دخل عليه حرف الجر، فكأنَّه قال: لو كنت متخذًا من الناس خليلًا؛ (لاتخذت) منهم (أبا بكر) يعني: خليلًا، كما هو ثابت في رواية الأصيلي دون غيره؛ فافهم، والخليل: المخال؛ وهو الذي يخالك؛ أي: يوافقك في خلالك، أو يسايرك في طريقتك، من الخِل؛ وهو الطريق في الرمل، أو يسد خللك كما تسد خلله، أو يداخلك خلال منازلك
(3)
، وقيل: أصل الخلة: الانقطاع، فخليل الله: المنقطع إليه، وقال ابن فورك:(الخلة: صفاء المودة بتخلل الأسرار، وقيل: الخليل: من لا يتسع قلبه لغير خليله)، وقال القاضي عياض: أصل الخلة: الافتقار والانقطاع، فخليل الله؛ أي: المنقطع إليه؛ لِقَصْرِهِ حاجته عليه، وقيل: الخلة: الاختصاص بأصل الاصطفاء، وسمي إبراهيم خليل الله؛ لأنَّه والى فيه وعادى فيه، وقيل: سمي به؛ لأنَّه تخلل بخلالٍ حسنة، وأخلاق كريمة، وخله الله: نصره وجعله إمامًا لمن بعده.
وزَعْمُ السفاقسي أنَّه كان اتخذ خليلًا من الملائكة، ولهذا قال:«لو كنت متخذًا خليلًا من أمتي» ؛ يرده قوله عليه السلام: «ولكن صاحبكم خليل الرحمن» ، وفي رواية:«لو كنت متخذًا خليلًا غير ربي» ؛ أي: أنَّ حب الله لم يُبقِ في قلبي موضعًا لغيره تعالى.
ومعنى الحديث: أنَّ أبا بكر متأهل لأن يتخذه عليه السلام خليلًا لولا المانع المذكور، وهو أنَّه امتلأ قلبه بما تخلله من معرفة الله تعالى، ومحبته، ومراقبته، حتى كأنَّها مزجت أجزاء قلبه بذلك، فلم يتسع قلبه لخليل آخر، وعلى هذا فلا يكون الخليل إلا واحدًا، ومن لم ينته إلى ذلك ممن يَعْلَق القلب به؛ فهو حبيب، ولذلك أثبت لأبي بكر وعائشةأنهما أحب الناس إليه، ونفى عنهما الخلة التي هي فوق المحبة.
وقد اختلف أرباب القلوب في ذلك؛ فذهب الجمهور إلى أن الخلة أعلا؛ تمسكًا بهذا الحديث، وذهب ابن فورك إلى أنَّ المحبة أعلا؛ لأنَّها صفة النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم وهو أفضل من الخليل، وقيل: هما سواء؛ فلا يكون الخليل إلا حبيبًا ولا الحبيب إلا خليلًا.
وزعم الفراء أنَّ معناه: فلو كنت أخص أحدًا بشيء من العلم دون الناس؛ لخصصت به أبا بكر؛ لأنَّ الخليلك من تفرد بخله من الفضل لا يشركه فيها أحد.
وقيل: معنى الحديث: لو كنت منقطعًا إلى غير الله؛ لانقطعت إلى أبي بكر، لكن هذا ممتنع؛ لامتناع ذلك، وقول بعض الصَّحابة:(سمعت خليلي يقول) لا بأس به؛ لأنَّ انقطاعه إلى النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم انقطاع إلى الله عز وجل، والممتنع انقطاعه عليه السلام إلى غير الله تعالى لا انقطاع غيره إليه، كذا قرره إمام الشَّارحين، وأخذ عبارته العجلوني ونسبها لنفسه، ولهذا عزوتها إليه؛ فافهم.
وقال الخطابي: (الخليل: الفقير، كأنَّهم غيروا فقره إلى محبته، والاسم منه: الخَلة؛ بالفتح، ومن المحبة: الخُلة؛ مضمومة، وقيل: الخليل: مشتق من خلة المرعى؛ وهو نبات تستحليه الماشية فتستكثر منه) انتهى.
(ولكن أُخُوَّة الإسلام)؛ بِضَمِّ الهمزة والخاء المعجمة، مع تشديد الواو، كذا في رواية الأكثرين، وللأصيلي:(ولكن خُوَّة الإسلام)؛ بحذف الهمزة.
قال الكرماني: (وتوجيهه أن يقال: نقلت حركة الهمزة إلى النُّون في «لكن» ، وحذفت الهمزة، فعرض بعد ذلك استثقال ضمة من كسرة وضمة، فسكَّن النُّون تخفيفًا، فصار:«ولكن خوة» ، وسكون النُّون بعد هذا العمل غير سكونه الأصلي
(4)
، ثم نقل عن ابن مالك أنَّ فيه ثلاثة أوجه؛ سكون النُّون وثبوت الهمزة بعدها مضمومة، وضم النُّون وحذف الهمزة، فالأول أصل، والثاني فرع، والثالث فرع فرع) انتهى.
وردَّه إمام الشَّارحين فقال: (كل هذا تكلف خارج عن القاعدة، ولكن الوجه أن يقال: إنَّ «لكنْ» على حالها ساكنة النُّون، وحذفت الهمزة من «أخوة» اعتباطًا، ولهذا قال ابن التين: رويناه بغير همزة، ولا أصل لهذا، وكأنَّ الهمزة سقطت هنا، وهي ثابتة في باقي المواضع، وقوله: «أخوة الإسلام» : كلام إضافي مبتدأ، وخبره محذوف؛ تقديره: ولكن أخوة الإسلام أفضل أو نحوه، ويؤيده أنَّ في حديث ابن عبَّاس الذي بعده وقع هكذا) انتهى كلامه.
قال العجلوني: (ليتأمل في دعواه الكلية، وهل القاعدة الحذف الاعتباطي أو القياسي؟ والمقرر الأول) انتهى.
قلت: مراد الكرماني وابن مالك: أنَّ الحذف هنا قياسي مع أنَّ القاعدة أنَّه اعتباطي، على أنَّ ما قالاه تكلف وتعسف بلا فائدة، والحق ما قاله إمام الشَّارحين، وهو الصَّواب، ولا تغتر بما يزعمه أهل التعصب البارد،
(1)
في الأصل: (محذوفًا).
(2)
في الأصل: (ليس)، ولعل المثبت هو الصواب.
(3)
في الأصل: (من أزلك)، ولعل المثبت هو الصواب.
(4)
في الأصل: (الأصيلي)، ولعل المثبت هو الصواب.