الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصلاة بالمرأة، والحمار، والكلب، وأنكرت على الذي لم يقل بنسخ الحكم، فإنكارها إنَّما كان لبقاء الحكم وعدم المصير إليه، وأما المرور؛ فإنما أنكرت فعله؛ لعلمها بحديث المار وماذا عليه من الإثم؛ لأنَّه عليه السلام لمَّا شرع في الصلاة؛ لم يضع سترة؛ لأنَّه ليس في بيته سوى عائشة وهي راقدة، فلا تلزم السترة حينئذ، فلما أفاقت عائشة ولم تر السترة بين يديه؛ كرهت أن تجلس فتستقبله وتؤذيه بالمرور بين يديه؛ فانسلت، ويدل عليه رواية النسائي:(فأكره أن أقوم فأمر بين يديه)، فالمراد بالإيذاء: المرور، والأحاديث يفسِّر بعضها بعضًا، وذلك لأنَّ الصلاة مناجاة الرب، فالنَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم له المقامات العالية في المناجاة، فخشيت أن تشغله أو تلهيه بمرورها؛ فانسلت، إذا علمت هذا؛ علمت أن عبارته قاصرة؛ فافهم.
فإن قلت: التَّرجمة عامة والحديث خاص، فما مطابقته للتَّرجمة؟
قلت: أجاب إمامنا الشَّارح: بأن عائشة أنكرت على من ذكر عندها أن الصلاة يقطعها الكلب، والحمار، والمرأة؛ بكونها على السرير بين يديه عليه السلام وبين القبلة وهي مضطجعة، ولم يجعل ذلك عليه السلام قاطعًا لصلاته؛ فهذه الحالة أقوى من المرور، فإذا لم يقطع في هذه ففي المرور بالطريق الأولى، ثم المرور عامٌّ من أي حيوان كان؛ لأنَّ الشَّارع جعل كل مارٍّ بين يدي المصلي شيطانًا، وذلك في حديث أبي سعيد الخدري عند مسلم، وهو بعمومه يتناول بني آدم وغيرهم، ولم يجعل نفس المرور قاطعًا، وإنما ذمَّ المار حيث جعله شيطانًا من باب التشبيه، انتهى، قلت: وهو وجيه فاحفظه.
وزعم الكرماني: (فإن قلت: دل الحديث على أنَّ المرأة لا تقطع فقط، والتَّرجمة أعم من ذلك، قلنا: المراد من «الشيء» هذه الثلاثة، والقرائن تدل على التخصيص) انتهى.
قلت: وعلى هذا فلا مطابقة بين الحديث والتَّرجمة، وهو فاسد الاعتبار فإن لفظة (شيء) في التَّرجمة عامة تشمل بني آدم والحيوانات؛ لأنَّها نكرة في مقام النَّفي، فتَعُم، والحديث دال على ذلك؛ لأنَّ عائشة لمَّا أنكرت على من يقول: بقطع الصلاة بهذه الثلاثة؛ شمل إنكارها المرأة جميع بني آدم، والكلب والحمار جميع الحيوانات؛ لأنَّ الألف واللَّام في كل منها للجنس ويلحق بها ما عداهما من كل ما يدبُّ على وجه الأرض، وذلك بحكم المرور، كما بيَّنه حديث أبي سعيد:(إن المار شيطان)، وهو عام، فيعمُّ؛ فافهم.
ثم زعم الكرماني: (فإن قلت: غرض عائشة دفع المساواة بينها وبين الحمار والكلب، وعليه لزم المساواة في عدم القطع لا فيه؛ قلت: غرضها نفي المساواة في الشر لا مطلق المساواة، أو لعل مذهبها أن الكلب والحمار يقطعان) انتهى.
قلت: وهذا ليس بشيء فإن غرضها عدم المساواة من حيث إنَّ المرأة لا تذكر مع الكلب والحمار؛ لشرفها وخستهما، ويدل عليه ما رواه أحمد عنها:(لا يقطع صلاة المسلم شيء إلا الحمار، والكافر، والكلب، والمرأة، فقالت عائشة: يا رسول الله؛ لقد قُرنَّا بذوات سوء)، وليس مذهبها: أنهما يقطعان؛ لأنَّ حديث الباب دال على ذلك؛ لأنَّها أنكرت بقاء حكم قطع الصلاة بهذه، وأنكرت عدم النَّسخ، يدل عليه قولها: (والله لقد رأيت
…
) إلخ، فإنَّه دال على أنَّها كانت ترى نسخ الحكم، وأنكرت بقاء الحكم وعدم المصير إليه؛ فافهم.
وقال الكرماني: (فإن قلت: القائلون بقطع الصلاة بمرورهم من أين قالوا به؟ قلت: إما باجتهادهم، ولفظ: «شبهتمونا» يدل عليه، وإما بما ثبت عندهم من قول الرسول بذلك) انتهى.
وردَّه إمام الشَّارحين، فقال:(هذا السؤال سؤال من لم يقف على الأحاديث التي فيها القطع، وأحد شقي الجواب غير موجه؛ لأنَّه لا مجال للاجتهاد عند وجود النصوص) انتهى.
ثم قال الكرماني: فإن قال الرسول به؛ فلم لا نحكم بالقطع؟ قلت: إما لأنها رجحت خبرها على خبرهم من جهة أنها صاحبة الواقعة، أو من جهة أخرى، أو أنها أولت القطع بقطع الخشوع ومواظبة القلب اللسان في التلاوة لا قطع أصل الصلاة، أو جعلت حديثها وحديث ابن عبَّاس من مرور الحمار والأتان ناسخين له، وكذا حديث أبي سعيد؛ حيث قال:(فليدفعه فليقاتله) من غير حكم بانقطاع الصلاة بذلك.
فإن قلت: لم لا تعكس بأن تجعل الأحاديث الثلاثة منسوخة به؟ قلت: للاحتراز عن كثرة النَّسخ؛ إذ نسخ حديث واحد؛ أهون من نسخ ثلاثة أو لأنها كانت عارفة بالتاريخ وتأخرها عنه) انتهى.
قلت: الجواب الأول: (أنها رجحت خبرها
…
) إلخ، لم يذكر وجه الترجيح سوى أنها صاحبة الواقعة وهو لا يفيد الترجيح، والجواب الثاني: فاسد الاعتبار؛ لأنَّ الخشوع في الصلاة غير شرط اتفاقًا، والجواب الثالث؛ وهو النَّسخ هو الصَّواب، فإنَّها قد أنكرت بقاء حكم القطع، ورأت النَّسخ فيه، ويدل عليه قولها: (والله لقد رأيت
…
) إلخ.
والجواب في الثاني: (للاحتراز
…
) إلخ: فيه نظر، فإن الأحاديث الثلاثة في حكم واحد وحديثها في حكم واحد، ففيه نسخ حكم وإثبات حكم، فليس فيه كثرة النَّسخ، والجواب الثاني: إن كان معناه أن حديثها هو المتأخر عن حديثهم؛ فهو صواب، وإن كان حديثهم هو المتأخر عن حديثها؛ فليس بشيء؛ لأنَّ عائشة جعلت حديثها ناسخًا لأحاديثهم سواء كان مقدمًا أو مؤخرًا، بل الظَّاهر: أن حديثها هو المتأخر، وأن أبا هريرة وأبا سعيد لم يبلغهم النَّسخ إلا منها، يدل عليه أن الحافظ الطَّحاوي أخرج عن ابن المسيب بإسناد صحيح أن عليًّا وعثمان قالا: (لا يقطع صلاة المسلم شيء
…
)؛ الحديث، ولا يخفى أن مثل هذا لا يقال بالرأي، بل بالسَّماع من النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم؛ فإنَّهما من الملازمين لأفعال المصطفى وأقواله رضي الله عنهما، والله تعالى أعلم.
[حديث: لقد كان رسول الله يقوم فيصلي من الليل]
515 -
وبالسند إلى المؤلف قال: (حدثنا إسحاق بن إبراهيم) هو الحنظلي المروزي المعروف بابن راهويه، هذه رواية أبي ذر، وفي رواية غيره:(إسحاق) غير منسوب، وجزم ابن السكن بأنه ابن راهويه، وقال: كل ما في «البخاري» : (عن إسحاق) غير منسوب؛ فهو ابن راهويه، وزعم أبو نعيم أنَّه إسحاق بن منصور الكوسج، قال الكلاباذي:(إسحاق بن إبراهيم وإسحاق بن منصور كلاهما يرويان عن يعقوب)، كذا حققه صاحب «عمدة القاري» ، وتبعه ابن حجر والقسطلاني، وزعم العجلوني أن رواية أبي ذر:(إسحاق بن منصور)؛ وهو خطأ ظاهر؛ فاجتنبه، (قال أخبرنا) وفي رواية:(حدثنا)(يعقوب بن إبراهيم)، زاد أبو ذر وأبو الوقت:(ابن سعد) هو المدني، (قال: حدثني)؛ بالإفراد، وللأصيلي:(حدثنا) بالجمع، ولأبي ذر:(أخبرنا)(ابن أخي ابن شهاب) هومحمَّد بن عبد الله بن مسلم الزهري المدني: (أنه) بفتح الهمزة (سأل عمه) هو محمَّد بن مسلم بن شهاب الزهري المدني (عن الصلاة) مطلقًا (يقطعها)؛ بحذف همزة الاستفهام؛ أي: أيقطعها، وسياق الكلام يدل عليه، قيل: وفي نسخة: أيقطعها -بإثبات الهمزة- (شيء)؛ أي: من مرور الكلب، والحمار، والمرأة، (فقال) أي: ابن شهاب، وللأصيلي:(قال)(لا يقطعها شيء)؛ أي: لا يقطع الصلاة شيء، وهذا عام مخصوص بالأمور الثلاثة التي وقع النزاع فيها؛ لأنَّ القواطع في الصلاة كثيرة؛ مثل القول والفعل الكثير وغيرهما، وما من عام إلا وقد خص، قاله إمامنا الشَّارح، قلت: وقد يقال في معناه: لا يقطعها شيء؛ أي: من غير فعل المصلي، وفيه: أنَّه لو ألقى أحد عليه نجسًا مانعًا؛ يقطع صلاته مع أنَّه من غير فعل المصلي؛
فتأمل.
(أخبرني عروة بن الزُّبير) هو من تتمة مقول ابن شهاب، قاله الشَّارح في «عمدة القاري» وتبعه الكرماني وكذا ابن حجر والقسطلاني، وخالفهم العجلوني فزعم أنَّه من قول عم ابن شهاب، قلت: وفيه نظر؛ لأنَّ ظاهر اللَّفظ يخالفه؛ فافهم: (أن عائشة زوجَ النَّبي) الأعظم صلى الله عليه وسلم بفتح همزة (أن) ونصب (زوج) صفة لـ (عائشة)(قالت: لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأفادت لفظة (كان) الدوام والاستمرار (يقوم فيصلي من الليل)؛ أي: النافلة؛ ومعناه: يقوم فيصلي النافلة بعض الليل، فإنما أتت بكلمة (من) إشارة إلى أنَّه يقوم بعض الليل لا الليل كله، وزعم العجلوني:(من الليل)؛ أي: فيه، كقوله تعالى:{إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ} [الجمعة: 9]؛ أي: فيه، انتهى، قلت: وفيه نظر، ويدل على ما قلنا قوله تعالى:{إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ} [المزمل: 20]؛ فافهم، (وإني) بكسر الهمزة (لمعترضة بينه) أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم (وبين القبلة) والجملة اسمية مؤكدة بـ (إن) واللَّام، في موضع نصب على الحال، (على فراش أهله)، كذا في رواية الأكثرين، وهو متعلق بـ (يصلي)، وهو يدل على أنَّ صلاته كانت على الفراش، ويحتمل تعلقه بـ (يقوم)، وهو متعين في رواية المستملي:(عن فراش أهله)؛ بكلمة (عن)، أفاده الشَّارح بزيادة.
ومطابقته للتَّرجمة ظاهرة في قول الزهري، وأما في قول عائشة؛ فإن اعتراضها بينه وبين القبلة غير قاطع لصلاته، واعتراضها شامل لمسها ونومها ورقودها، فالمارة لا تقطع بالطريق الأولى، وهذا يدل على أنَّ حديث:(يقطع الصلاة المرأة، والكلب، والحمار) منسوخ بهذا؛ لأنَّه عليه السلام قد صلى وهي معترضة، فلم تضر صلاته.
وزعم ابن حجر أن الدلالة من هذا الحديث أن حديث: (يقطع الصلاة المرأة
…
) إلخ: يشمل ما إذا كانت مارة، أو قائمة، أو قاعدة، أو مضطجعة، فلما ثبت أنَّه عليه السلام صلى وهي مضطجعة أمامه؛ دل ذلك على نسخ الحكم في المضطجع، ففي الباقي بالقياس عليه، وهذا يتوقف على إثبات المساواة بين الأمور الثلاثة، وفرَّق بعضهم بين المرور وغيره فقال: المرور حرام، فكان قاطعًا للصلاة بخلاف غيره، ونازع بعض آخر في الاستدلال بأن العلة في قطع الصلاة بالمرأة التشويش من رؤيتها، وهذا مأمون في حديث عائشة حيث قالت:(والبيوت يومئذ لم يكن فيها مصابيح)، وبأن المرأة في غير حديث عائشة مُطلَقة، وفي حديثها مقيدة بالزوجة، فيحمل حديث غيرها على حديثها، ويكون القطع مقيدًا بالأجنبية خشية الافتتان بها، وبأن حديث عائشة واقِعةُ حال بخلاف حديث أبي ذر؛ فإنَّه سيق للتشريع العام، انتهى.
قلت: وكل هذا منظور فيه؛ لأنَّ شمول الحديث لما ذكره غير ظاهر؛ لأنَّه غير مذكور في الحديث ولا يفيده ولا يشير إليه، بل الحديث شامل لمسها، ونومها، ورقودها، وقعودها؛ لأنَّ المضطجع تارة يكون نائمًا، وتارة يكون راقدًا، وتارة يكون قد عرض عليه القعود، كما لا يخفى، ولمَّا ثبت أنَّه عليه السلام قد صلى وهي مضطجعة أمامه؛ دل هذا على النَّسخ ألبتة في المضطجع، وفي غيره بالقياس عليه، وهو مساوٍ له؛ لأنَّ الحادثة واحدة، والحكم واحد، والواقعة واحدة، فصح القياس وثبتت المساواة بينهما.
وتفريق بعضهم بين المرور وغيره وأن المرور حرام؛ غير ظاهر؛ لأنَّ المرور وإن كان حرامًا، لكن في نفسه لا يتعدى إلى غيره من قطع الصلاة، فإن القطع حكم آخر وهو منسوخ بدليل آخر، وهو حديث الباب ومنازعة البعض لا تخلو عن نظر، فإن كان العلة التشويش؛ فيرده صلاته عليه السلام وعائشة معترضة بينه وبين القبلة ولم تضر صلاته.
وزعمه بأن التشويش مأمون في حديث عائشة؛ لعدم المصابيح؛ ممنوع، فإن وجود المصابيح ليس بعلة؛ لأنَّه قد يخطر بخاطر الإنسان وإن لم يكن مصابيح، على أنَّه -المصلي- إذا كان في صلاته مشتغلًا بها لا يخطر بباله شيء آخر غيرها، قال تعالى:{مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [الأحزاب: 4].
وما زعمه من أن حديث عائشة مقيد بالزوجية وغيره مطلق؛ ممنوع، فإنَّه لا فرق بين الزوج والأجنبية في الصلاة، والحمل غير ظاهر، وحديث عائشة ليس واقعة حال، بل هو عام سيق للتشريع، وأما حديث أبي ذر؛ فالظَّاهر: أنَّه واقعة حال، على أنَّه منسوخ بحديثها؛ لأنَّها أعلم من أبي ذر بالأحكام مع ملازمتها لأقوال الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم وأفعاله، فلو لم تعلم بالنَّسخ؛ لما أنكرت على الذين ذكروا عندها قطع الصلاة.
والحاصل: أن أحاديث قطع الصلاة منسوخة، والعناد بعد ذلك مكابرة.
وادعى ابن بطال أن ذلك من خصائصه عليه السلام؛ لأنَّه يملك إربه بخلاف غيره، انتهى.
قلت: فيه نظر؛ لأنَّ دعوى الخصوصية لا بد لها من دليل يدل عليها ولم يوجد ما يدل عليها، وكون غيره لا يملك إربه؛ ممنوع، فإنَّه قد ثبت عنه عليه السلام:«الخير فيَّ وفي أمتي إلى يوم القيامة» ، فإذا كانت الخيرية باقية في أمته؛ فلا شك أن المصلي يملك إربه؛ فافهم.
وقيل: الحكمة في تخصيص القطع بالثلاثة: أن الجميع في معنى الشَّيطان؛ الكلبُ بنَصِ الحديث، والمرأة من جهة أنها تقْبِل في صورة شيطان وتُدْبِر كذلك وأنها من حبائل الشَّيطان، وأما الحمار؛ فلِمَا جاء من اختصاص الشَّيطان به في قصة نوح عليه السلام في السفينة، انتهى.
قلت: فيه نظر؛ لأنَّه إذا ثبت أن حكم قطع الصلاة بهذه الثلاثة منسوخ؛ فلا حاجة إلى إبداء حكمة لذلك، على أنَّه قد نص الحديث أن الكلب الأسود شيطان لا مطلق الكلب، كما لا يخفى، ومع هذا فقد ثبت في «الصَّحيحين» : أن الشَّيطان عَرَض للنبي الأعظم صلى الله عليه وسلم في صلاته ولم يضرها ولا قطعها، وقد تقدم أن الشَّيطان نفسه لو مر بين يدي المصلي؛ لم تفسد صلاته بدليل الحديث المذكور.
فإن قلت: في الحديث أنَّه جاء ليقطع صلاته.
قلت: قد بينت رواية مسلم أن سبب القطع مجيء الشَّيطان بشهاب من نار ليجعله في وجهه عليه السلام، وأما مجرد المرور؛ فقد حصل ولم تفسد به الصلاة؛ فافهم.
وفي الحديث: أن المرأة لا تقطع صلاة الرجل، وفيه: جواز الصلاة إلى المرأة، وكرهه بعضهم، وفيه: استحباب صلاة الليل، وفيه: جواز الصلاة على الفراش، والله أعلم.
(106)
[باب إذا حمل جارية صغيرة على عنقه في الصلاة]
هذا (باب) بيان حكم (من حمل) زاد الأربعة: (في الصلاة)، وفي نسخة (بابٌ) بالتنوين (إذا حمل)؛ أي: المصلي، (جارية صغيرة على عنقه) هل تفسد صلاته أم لا؟
وقال ابن بطال: أدخل البخاري هذا الحديث هنا؛ ليدل على أنَّ حمل المصلي الجارية على العنق لا تضر صلاته؛ لأنَّ حملها أشد من مرورها بين يديه، فلما لم يضر حملها؛ كذلك لا يضر مرورها، قال الشَّارح: قلت: فلذلك ترجم البخاري هذا الباب بهذه التَّرجمة وبينه وبين الأبواب التي قبله مناسبة من هذا الوجه، انتهى.
وزعم ابن حجر: وتقييد المصنف بكونها صغيرة قد يشعر بأن الكبيرة ليست كذلك، انتهى.
قلت: تقييد البخاري الصغيرة مبني على الأغلب الكثير أن الصغير يحمل عادة مع أن حكم حمل الكبيرة كذلك؛ لأنَّ المعتبر هو