الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صالح: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني عمرو -يعني: ابن الحارث- عن ابن شهاب قال: حدثني بعض من أرضى أن سهل بن سعد الساعدي أخبره: أن أُبيَّ بن كعب أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّما جعل ذلك رخصة في أول الإسلام؛ لقلة الثبات، ثم أمرنا بالغسل ونهى عن ذلك، قال أبو داود: يعني: الماء من الماء، وأخرجه الحافظ الطحاوي أيضًا.
وأخرج أبو داود أيضًا: حدثنا محمَّد بن مهران الرازي قال: أخبرنا مبشر الحلبي عن محمَّد أبي غسان، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد قال: حدثني أُبيُّ بن كعب: أن الفتيا التي كانوا يفتون أن الماء من الماء كانت رخصة رخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدء الإسلام، ثم أمر بالاغتسال بعد، وأخرجه ابن ماجه والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
فإن قلت: الحديث الأول مجهول وهو قوله: (حدثني بعض من أرضى).
قلت: الظاهر: أنه أبو حازم سَلَمَة بن دينار الأعرج؛ لأنَّ البيهقي روى هذا الحديث، ثم قال: ورويناه بإسناد آخر موصول عن أبي حازم، عن سهل بن سعد؛ الحديث محفوظ عن أُبيِّ بن كعب كما أخرجه أبو داود، وقال ابن عبد البر في «الاستذكار» : إنما رواه ابن شهاب عن أبي حازم، وهو حديث صحيح ثابت بنقل العدول له.
وأخرج ابن أبي شيبة في «مصنفه» عن عبيد ابن رافع، عن أبيه رفاعة بن رافع قال: بينا أنا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ إذ دخل عليه رجل فقال: (يا أمير المؤمنين؛ هذا زيد بن ثابت يفتي الناس في المسجد برأيه في الغسل من الجنابة)، فقال عمر:(علي به)، فجاء زيد فلما رآه عمر؛ قال:(أين عدو نفسه؟ قد بلغت أنك تفتي الناس برأيك؟)، فقال:(يا أمير المؤمنين؛ بالله ما فعلت، لكن سمعت من أعمامي حديثًا فحدثت به من أبي أيُّوب، ومن أُبيِّ بن كعب، ومن رفاعة بن رافع)، فأقبل عمر على رفاعة بن رافع فقال:(وقد كنتم تفعلون ذلك إذا أصاب أحدكم من المرأة وأكسل لم يغتسل)، فقال:(قد كنا نفعل ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يأتنا فيه تحريم ولم يكن من رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فيه نهي)، قال:(ورسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم ذلك؟)، قال:(لا أدري)، فأمر عمر رضي الله عنه بجمع المهاجرين والأنصار فجُمِعوا له فشاورهم، فأشار الناس أن لا غسل في ذلك إلا ما كان من معاذ وعلي رضي الله عنهما؛ فإنهما قالا:(إذا جاوز الختان الختان؛ فقد وجب الغسل)، فقال عمر رضي الله [عنه] :(هذا وأنتم أصحاب بدر وقد اختلفتم، فمن بعدكم أشد اختلافًا)، قال: فقال علي رضي الله عنه: (يا أمير المؤمنين؛ إنه ليس أحد أعلم بهذا من شأن
(1)
رسول الله صلى الله عليه وسلم من أزواجه)، فأرسل إلى حفصة رضي الله عنها، فقالت:(لا علم لي بهذا)، فأرسل إلى عائشة رضي الله عنها، فقالت:(إذا جاوز الختان الختان؛ فقد وجب الغسل)، فقال عمر: لا أسمع برجل فعل ذلك إلا أوجعته ضربًا)، ورواه الحافظ الطحاوي أيضًا وفيه:(لا أعلم أحدًا فعله، ثم لم يغتسل إلا جعلته نكالًا)، ولم يتقن الكلام أحد في هذا الباب مثل الإمام الحافظ أبو جعفر الطحاوي، فإن أراد أحد أن يتقنه؛ فعليه بكتابه «معاني الآثار» وشرحه المسمى بـ «مباني الأخبار» لشيخ الإسلام والمسلمين إمام الشارحين السيد بدر الدين محمود العيني رضي الله تعالى عنه.
قال في «عمدة القاري» : فإن قلت: ادَّعى بعضهم أن التنصيص على الشيء باسم الماء يوجب نفي الحكم عما عداه؛ لأنَّ الأنصار فهموا عدم وجوب الغسل بالانكسال من قوله عليه السلام: «الماء من الماء» ؛ أي: الاغتسال واجب بالمني، فـ (الماء) الأول: هو المطهر، والثاني: هو المني، و (من) للسببية، والأنصار كانوا من أهل اللسان وفصحاء العرب، وقد فهموا التخصيص منه حتى استدلوا به على نفي وجوب الاغتسال بالإكسال لعدم الماء، ولو لم يكن التنصيص موجبًا للنفي؛ لِمَ صح استدلالهم على ذلك؟
قلت: الذي يقول هذا أبو بكر الدقاق، وبعض الحنابلة، والجواب: أن ذلك ليس من دلالة التنصيص، بل إنَّما هو من (اللام) المعرفة الموجبة للاستغراق عند عدم المعهود، ونحن نقول: هذا الكلام للاستغراق والانحصار، كما فهمت الأنصار، لكن لما دل الدليل وهو الإجماع على وجوب الاغتسال من الحيض والنفاس أيضًا؛ نفى الانحصار فيما وراء ذلك مما يتعلق بالمني، وصار المعنى: جميع الاغتسالات المتعلقة بالمني منحصر فيه لا يثبت لغيره.
فإن قلت: فعلى هذا؛ ينبغي ألا يجب الغسل بالإكسال لعدم الماء.
قلت: الماء فيه ثابت تقديرًا؛ لأنَّه تارة يثبت عيانًا، كما في حقيقة الإنزال، وتارة دلالة، كما في التقاء الختانين، فإنه سبب لنزول الماء، فأقيم مقامه بكونه أمرًا خفيًا؛ كالنوم أقيم مقام الحدث؛ لتعذر الوقوف عليه.
فإن قلت: المنسوخ ينبغي أن يكون حكمًا شرعيًّا، وعدم وجوب الغسل عند عدم الإنزال ثابت بالأصل.
قلت: عدمه ثابت بالشرع؛ لأنَّ مفهوم الحصر إنَّما يدل عليه؛ لأنَّ معنى الحصر إثبات المذكور ونفي غير المذكور، فيفيد أنه لا ماء من غير الماء) انتهى.
وزعم الكرماني أن الراجح من الحديثين؛ يعني: حديث: «الماء من الماء» ، وحديث أبي هريرة المذكور في الباب حديث:«التقاء الختانين» ؛ لأنَّه يدل بالمنطوق على وجوب الغسل، وحديث:«الماء من الماء» يدل بالمفهوم على عدمه، وحجة المفهوم مختلف فيها، وعلى تقدير ثبوتها؛ المنطوق أقوى من المفهوم، وعلى هذا التقدير؛ لا يحتاج إلى القول بالنسخ) انتهى.
ورده صاحب «عمدة القاري» فقال: قلت: عدم دعوى الاحتياج إلى القول بالنسخ؛ غير صحيح؛ لأنَّ المستنبطين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ما وفقوا بين الأحاديث التي في هذا الباب المتضادة إلا بإثبات النسخ على ما ذكرنا.
فإن قلت: حديث «الالتقاء» مطلق، وحديث:«الماء من الماء» مقيد، فيجب حمل المطلق على المقيد؟
قلت: سؤال الكرماني مبني على مذهبه، ثم أجاب: ليس ذلك مطلقًا، بل عامًّا؛ لأنَّ الالتقاء وصف يترتب الحكم عليه، وكلما وجد الوصف؛ وجد الحكم، وهذا ليس مقيدًا، بل خاصًّا، وكأنه قال: بالالتقاء يجب الغسل، ثم قال: بالالتقاء مع الإنزال يجب الغسل، فيصير من باب قوله عليه السلام:«أيُّما إهاب دبغ؛ فقد طهر» ، وقوله عليه السلام:«دباغها طهورها» ، وإفراد فرد من العام بحكم العام ليس من المخصصات) انتهى، والله تعالى أعلم.
(تابعه) أي: تابع هشامًا (عَمرو)؛ بفتح العين المهملة، هو ابن مرزوق البصري أبو عثمان الباهلي، يقال: مولاهم، وصرح به في رواية كريمة، المتوفى سنة أربع وعشرين ومئتين، (عن شعبة) : هو ابن الحجاج، وزعم الكرماني أن قوله:(تابعه) يحتمل أن يراد به: عن شعبة، عن قتادة، أو عن شعبة، عن الحسن، فيختلف الضمير في (تابعه) بحسب المرجع.
ورده صاحب «عمدة القاري» فقال: (قلت: لا اختلاف للضمير فيه، بل هو راجع إلى هشام على كل حال) انتهى؛ فليحفظ، والله أعلم.
(مثله) أي: مثل حديث الباب، وهذا التعليق وصله هشام بن أحمد بن السماك نحو سياق حديث الباب، لكن في روايته:(ثم أجهدها) من باب الإجهاد، وتمامه في «عمدة القاري» ، (وقال موسى) هو ابن إسماعيل التبوذكي:(حدثنا) وفي رواية: (أخبرنا)(أَبان)؛ بفتح الهمزة، وتخفيف الموحدة، هو ابن يزيد العطار (قال: حدثنا قَتادة)؛ بفتح القاف، هو ابن دِعامة (قال: أخبرنا الحسن) هو البصري (مثله)؛ أي: مثل حديث الباب، ومن فوائد هذا الإسناد: أن فيه التصريح بتحديث الحسن لقتادة؛ لأنَّ في رواية حديث الباب (عن قتادة، عن الحسن)، وقتادة ثقة ثبت، لكنه مدلس، وإذا صرح بالتحديث؛ لا يبقى كلامٌ.
وزعمَ الكرماني
(1)
في الأصل: (فمن سأل)، والمثبت موافق لما في «المصنف» .
فإن قلت: لم قال: (تابعه عمرو)، وقال:(قال موسى)، ولم يسلك فيهما طريقًا واحدًا؟ قلت: المتابعة أقوى؛ لأنَّ القول أعم من الذكر على سبيل النقل والتحميل، أو من الذكر على سبيل المجاورة والمذاكرة، فأراد الإشعار بذلك، ويحتمل سماع البخاري من عمرو وموسى؛ فلا يجزم بأنه ذكرهما على سبيل التعليق.
قال صاحب «عمدة القاري» : (قلت: كلاهما تعليق صورة، ولكن الاحتمال المذكور موجود؛ لأنَّ كليهما من مشايخ البخاري) انتهى.
وتمامه في «عمدة القاري» فإنه شرح لم يسبق بمثله، ومن أراد بيان المعاني والتحقيق والتدقيق؛ فعليه به، فإنه مشحون من الفوائد والفرائد، والله تعالى أعلم، وأستغفر الله العظيم إنه تواب رحيم.
(29)
[باب غسل ما يصيب من فرج المرأة]
هذا (باب) حكم (غسل ما) موصولة، أو نكرة موصوفة (يصيب) أي: الرجل، أو العضو، أو الشيء (من) بيانية (فرج المرأة)؛ أي: امرأته، أو أمته عند الجماع.
[حديث زيد: أنه سأل عثمان: أريت إذا جامع امرأته فلم يُمنِ]
292 -
وبالسَّند إلى المؤلف قال: (حدثنا أبو مَعمَر)؛ بفتح الميمين، هو عبد الله بن عمرو؛ بالواو (قال: حدثنا عبد الوارث) هو ابن سَعِيْد؛ بكسر العين المهملة، (عن الحسين المعلم)؛ هو ابن ذكوان، وسقط (المعلم) في رواية (قال يحيى)؛ هو ابن أبي كثير؛ أي: قال الحسين: قال يحيى، ولفظ (قال) الأولى تحذف في الخط في اصطلاحهم، قاله في «عمدة القاري» :(وأخبرني) بالإفراد (أبو سَلَمَة)؛ بفتحات، هو ابن عبد الرحمن بن عوف، هذا معطوف على مقدر؛ تقديره: قال يحيى: وأخبرني بكذا وكذا، وأخبرني هذا، وإنما احتجنا إلى التقدير؛ لأنَّ (أخبرني) مقول (قال)، وهو مفعول حقيقة، فلا يجوز دخول (الواو) بينهما، ووقع في رواية مسلم بحذف الواو على الأصل، وفي رواية المؤلف دقة وهو الإشعار بأن هذا من جملة ما سمع يحيى مِن أبي سَلَمَة.
فإن قلت: قول الحسين: (قال يحيى) يوهم أنه لم يسمع من يحيى، وكذا قال ابن العربي: إنه لم يسمع من يحيى، فلذلك قال:(قال يحيى)؟
قلت: وقع في رواية مسلم في هذا الموضع: (عن الحسين، عن يحيى).
فإن قلت: العنعنة لا تدل صريحًا على التحديث.
قلت: الحسين ليس بمدلس، وعنعنة غير المدلس محمولة على السماع على أنه قد وقع التصريح في رواية ابن خزيمة في رواية الحسين عن يحيى بالتحديث، ولفظه: حدثني يحيى بن أبي كثير، وأيضًا لم ينفرد به الحسين مع ذلك، فقد رواه عن يحيى أيضًا معاوية بن سلام، أخرجه ابن شاهين، وشيبان بن عبد الرحمن، أخرجه المؤلف في باب (الوضوء من المخرجين)، كذا قرره إمام الشارحين في «عمدة القاري» ؛ فليحفظ.
(أن عطاء بن يَسار)؛ بفتح التحتية أوله، فسين مهملة، ضد اليمين:(أخبره أن زيد بن خالد الجُهني)؛ بضمِّ الجيم، وفتح الهاء، وبالنون نسبة إلى جُهينة بن زيد؛ بضمِّ الجيم أيضًا:(أخبره أنه سأل عثمان بن عفان) ثالث خلفاء سيدي المرسلين المسمى بذي النورين الذي تستحي منه ملائكة خالق الكونين رضي الله تعالى عنه مستفتيًا له، (فقال) أي: زيد لعثمان: (أرأيت) وفي رواية: (فقال له: أرأيت) أي: أخبرني: (إذا جامع الرجل امرأته) أي: أو أمته (فلم يُمْنِ)؛ بضمِّ التحتية أوله، وسكون الميم من الإمناء؛ أراد: أنه لم ينزل منه المني، وهذا أفصح اللغات، والثاني منها: فتح التحتيتة، وسكون الميم، والثالث: ضم التحتية مع فتح الميم، وتشديد النون، كذا في «عمدة القاري» ، (قال عثمان) أي: ابن عفان رضي الله عنه في جواب الاستفتاء: لا يجب عليه الغسل، لكنه (يتوضأ كما يتوضأ للصلاة)؛ أي: يتوضأ وضوءًا شرعيًّا لا لغويًّا، (ويغسل ذكره) أي: يجمع بينهما؛ لأنَّ (الواو) لا تدل على الترتيب، وظاهر اللفظ يدل على أنه يقدم الوضوء على غسل الذكر؛ لأنَّ غسله ليس باستنجاء، ولأن مسه غير ناقض للوضوء، وهو ظاهر لفظ (عثمان) رضي الله عنه، ولفظ غيره من الصحابة الآتي ذكرهم؛ فليحفظ وإنما أمره بالوضوء وغسل الذكر؛ لأنَّه لا بد في هذه الحالة من خروج مذي منه وهو نجس ناقض للوضوء، ويحتمل لما أصابه من فرج المرأة؛ حيث إنه ينزل منها إلى فرجها المذي المسمى من النساء: القذى فيختلط في رطوبة الفرج فينجس الذكر بذلك؛ فلذلك أمره بغسله، وفيه المطابقة للترجمة، كما لا يخفى؛ فافهم، (فقال) وفي رواية:(قال)(عثمان)؛ أي: ابن عفان رضي الله عنه: (سمعته) أي: ما ذكره من قوله: (يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره) (من رسول الله صلى الله عليه وسلم فالضمير المنصوب يرجع إلى ما ذكره، وذلك باعتبار المذكور؛ فهذا سماع ورواية، والأول فتوى منه، كذا في «عمدة القاري» .
قلت: وهذه الفتوى يحتج بها؛ لأنَّها لا تقال من قبل الرأي، بل عن سماع ورواية، لا سيما وقد صرح بالسماع؛ فليحفظ.
والظاهر: أن هذا هو المباشرة الفاحشة الناقضة للوضوء، وهي مس فرج أو دبر بذكر منتصب بلا حائل يمنع حرارة الجسد، كما في «إمداد الفتاح» وهو صادق بألَّا يكون حائل أصلًا وبأن يكون حائل رقيق لا يمنع الحرارة، وكما ينتقض وضوءه ينتقض وضوءها، كما في «الفتاوى القنية» وجهه: أن المباشرة الفاحشة لا تخلو عن خروج المذي غالبًا، والغالب كالمتحقق وهو الاحتياط، كما في «مجمع الأنهر» .
وظاهر الحديث يدل على هذا؛ لأنَّ قوله: (إذا جامع
…
) إلخ؛ أي: أراد الجماع، لكنه حصل منه مس الذكر بالفرج، ولا ريب أنه في هذه الحالة لا ينزل منه المني، بل يخرج منه المذي وهذا ظاهر؛ لأنَّه لو كان جامع حقيقة بأن أدخل الذكر في الفرج؛ فالغالب نزول المني منه، والغالب كالمتحقق، لا سيما في بعض الناس التي غلبت شهوتهم، فإنهم بمجرد التماس يحصل الإنزال، بل وبمجرد التفكر يمني؛ فتأمل، والله تعالى أعلم.
(فسألت عن ذلك)؛ أي: عن الحكم المذكور؛ وهو ما إذا جامع ولم يُمنِ وهذا مقول قول محذوف؛ أي: قائله عثمان رضي الله عنه؛ أي: الذي أفتيت به زيد بن خالد، ويحتمل على بعد؛ أي: يكون قائله زيد بن خالد؛ لأنَّ قول عثمان: (سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على أن القائل: (فسألت عن ذلك) عثمان رضي الله عنه، فضمير المتكلم يعود عليه، وهو ظاهر (علي بن أبي طالب) رضي الله عنه، قيل: إنه مدفون في سفح جبل قاسيون في صالحية دمشق عند مرقد الزعبي، وأبي بكر بن قوام، وقيل: عند طريق القوافل فوقه بنحو من ثلاثين ذراعًا، وقيل: في حارة الأكراد، وأوسطها أعدلها، (والزُّبير) بضمِّ الزاي (بن العَوَّام)؛ بفتح العين المهملة، وتشديد الواو، وهو مدفون في داخل طاحونة الزبيرية التي في مرج الدحداح عند النهر، وقد زرته، والله أعلم (وطلحة بن عبيد الله)؛ بالتصغير، أحد العشرة (وأُبيَّ بن كعب) أقرأ الصحابة بشهادة من تظله الغمامة، وهو مدفون خارج باب شرقي دمشق قبلي المنارة البيضاء التي ينزل عليها عيسى ابن مريم عليه السلام، عليه قبة مهابة يقصد بالزيارة والتبرك، لا سيما لأولاد الصغار عند ابتداء قراءتهم القرآن، فيلحسون الشاهدة المكتوب عليها خط كوفي؛ فيحصل المراد بإذن رب العباد رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
قال في «عمدة القاري» : (والظاهر: أن سؤاله منهم استفتاء من عثمان وفتوى منهم لا رواية، لكن رواه الإسماعيلي مرة