الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إثبات الرسالة كيف ينفعه؟ فلا بد من انضمام: (محمد رسول الله) إلى قول: (لا إله إلا الله).
قلت: هذا مثل من توضأ؛ صحت صلاته؛ أي: عند حصول شرائط الصحة؛ فمعناه: من لقي الله موحدًا عند الإيمان بسائر ما يجب الإيمان به، أو علم عليه السلام أن من الناس من يعتقد أن المشرك يدخل الجنة، فقال ذلك؛ ردًا لقوله، وما قاله ابن حجر ردَّه في «عمدة القاري» ؛ فليحفظ.
(قال) معاذ، وفي رواية:(فقال) : (أَلا)؛ بفتح الهمزة للتنبيه، (أبشر الناسَ)؛ بالنصب مفعوله؛ أي: بذلك، (قال) النبي الأعظم عليه السلام:(لا) تبشرهم، ثم استأنف فقال:(أخاف أن يتَّكلوا)؛ بمثناة فوقية مشددة؛ أي: أخاف اتِّكالهم على مجرد الكلمة، فـ (أن) مصدرية، وفي رواية:(لا، إنِّي أخاف أن يكلوا) بإسقاط المثناة الفوقية، فكلمة النهي ليست داخلة على (أخاف)، وفي رواية:(لا، دعهم فليتنافسوا في الأعمال، فإني أخاف أن يتكلوا)، ومراد النبي الأعظم عليه السلام: عدم الاتكال على مجرد الكلمة، بل ينبغي لهم العمل؛ فإنَّ العمل دليل على النجاة، وكلٌّ ميسَّرٌ لما خلق له.
وفي ختام ذو
(1)
القعدة ختام سنة ست وسبعين ومئتين وألف: أخذت الدروز قرية زحلة وأحرقوها، ونهبوا أموالهم، وخربوا ديورهم، وقتلوا أهلها قتلة أشر قتلة، ولا ريب أنهم أهل الحرب؛ لأنَّهم ذو منعة، ناقضين العهود والمواثيق، لم يعطوا ما عليهم من الحقوق، فدمهم هدر، وأموالهم ونساؤهم وذراريهم تملك وتباع، ولله الحمد والمنة، ولقد أضاءت دمشقنا بهذه البشارة لما وردت، وفرحت الناس بذلك لما يرون منهم من إذلال المسلمين.
(50)
[باب الحياء في العلم]
هذا (باب الحياء)؛ بالمد، وهو تغيُّر وانكسار يعتري الإنسان عند خوف ما يعاب أو يذم، (في) تعلُّم (العلم) وتعليمه، هل هو مذموم أو ممدوح؟ فأشار إلى الأول بالأثر، وإلى الثاني بالحديث، وأطلق عليه الحياء؛ مجازًا.
(وقال مجاهد) بن جبر التابعي مما وصله أبو نعيم في «الحلية» بإسناد صحيح على شرط المؤلف: (لا يتعلم العلم مستحْيِيْ)؛ بإسكان الحاء المهملة، وبيائين؛ ثانيهما ساكنة، من استحى يستحي، فهو مستحيي على وزن (مستفعل)، ويجوز فيه: مستحي؛ بياء واحدة من استحى، فهو مستحي على وزن (مستفع)، ويجوز: مستح؛ بدون الياء على وزن (مستف)، فحذفت منه عين الفعل ولامه، وتمامه في «عمدة القاري» ، و (لا) هذه نافية، والفعل بعدها مرفوع، (ولا مستكبر)؛ أي: متعظم في نفسه، فآفات العلم أعظمها: الاستنكاف، وثمرته: الجهل والذلة في الدنيا والآخرة، فالحياء هنا مذموم، وسئل إمامنا رئيس المجتهدين الإمام الأعظم رضي الله عنه: بمَ حصلت هذا العلم العظيم الذي شاع في الأمصار والأقطار؟ فقال: ما بخلت بالإفادة ولا استنكفت عن الاستفادة، رضي الله تعالى عنه.
(وقالت عائشة) رضي الله عنها مما وصله أبو داود ومسلم، وهو عطف على (وقال مجاهد)، فكلُّ واحد تعليق على حدة، ليس لأحدهما تعلق بالآخر، خلافًا لمن زعمه، (نِعم النساءُ نساءُ الأنصار)؛ برفع (نساء) في الموضعين، فالأولى: على الفاعلية، والثانية: على أنها مخصوصة بالمدح، والمراد من نساء الأنصار: نساء أهل المدينة، كذا قاله في «عمدة القاري» .
(لم يمنعهن الحياءُ)؛ بالرفع فاعله عن (أن يتفقهن)؛ أي: عن التفقه (في) أمور (الدين) فـ (أن) مصدرية، فالحياء هنا مذموم؛ لكونه سببًا لترك أمور الشرع المطلوب تعلمها وتحصيلها.
[حديث: يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق]
130 -
وبه قال: (حدثنا محمد بن سلَام)؛ بتخفيف اللام، البيكندي، (قال: أخبرنا) وفي رواية: (أنبأنا)، (أبو معاوية) : محمد بن خازم؛ بالمعجمتين، التميمي، (قال: حدثنا هشام) : زاد في رواية: (ابن عروة)، (عن أبيه) : عروة بن الزبير بن العوام، (عن زينب بنت) : وفي رواية: (ابنة)، (أم سلمة) : نسبة لأمها؛ لشرفها؛ لأنَّها ربيبته عليه السلام، وإلَّا فأبوها عبد الله بن عبد الأسد المخزومي أبي سلمة، توفيت
(2)
سنة ثلاث وسبعين.
(عن أم سلمة) : هند بنت أبي أمية زوج النبي الأعظم عليه السلام، (قالت: جاءت أم سُلَيم)؛ بضم السين المهملة وفتح اللام، بنت مِلْحان؛ بكسر الميم، وسكون اللام، وبالحاء المهملة والنون، النجارية الأنصارية، واسمها: سهلة، أو رميلة، أو رميثة؛ بالراء فيهما وبالمثلثة في الثاني، تزوجها مالك بن النضر؛ بالضاد المعجمة، أبو أنس بن مالك، فولدت له أنسًا، ثم قتل عنها مشرك، فأسلمت، فخطبها أبو طلحة وهو مشرك، فأبت، ودعته إلى الإسلام، فأسلم، فقالت: إنِّي أتزوجك ولا آخذ منك صداقًا؛ لإسلامك، فتزوجها.
(إلى رسول اله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله؛ إن الله) عز وجل (لا يستحيي) : جملة محلها الرفع خبر (إن)، وهو باليائين على أفصح، (من الحق) : ضد الباطل؛ أي: لا يمتنع من بيان الحق، فكذا أنا لا أمتنع من سؤالي عما أنا محتاجة إليه مما تستحي النساء عادة من السؤال عنه؛ لأنَّ نزول المني منهن يدل على شدة شهوتهن للرجال، فالحياء محال على الله عز وجل فيكون هذا جاريًا على سبيل الاستعارة التبعية التمثيلية، كما في حديث سلمان قال: قال عليه السلام: «إن الله حيي كريم، يستحي إذا رفع العبد يديه؛ أن يردهما صفرًا حتى يضع فيهما خيرًا» ، وتمامه في «عمدة القاري» .
(فهل) : للاستفهام، يجب (على المرأة)، وكذا على الرجل؛ لأنَّ حكمه عليه السلام على الواحد كحكمه على الجماعة إلا إذا دلَّ دليل على التخصيص، (من) : زائدة، (غُسل)؛ بضم الغين المعجمة، وفي رواية: بفتح الغين وبالكسر: اسم ما يغسل به كالصابون، وأكثر أهل اللغة على أن الغسل بالفتح والضم: مصدران، وبعضهم فرق بينهما بأن الفتح: مصدر، والضم: اسم للفعل المشهور؛ أي: هل غسل يجب على المرأة (إذا) هي (احتلمت) مشتق من الحُلُم؛ بالضم، وهو ما يراه النائم؛ أي: رأت في منامها أنها تجامع، (قال) وفي رواية:(فقال)، (النبي) الأعظم، وفي رواية:(رسول الله)، صلى الله عليه وسلم : يجب عليها الغسل (إذا) : ظرف بمعنى: حين (رأت الماء)؛ أي: المني إذا انتبهت، ويجوز أن تكون (إذا) شرطية؛ تقديره: إذا رأته؛ وجب عليها الغسل، و (الماء) : منصوب بقوله: (رأت) من رؤية العين، وجعل المني شرطًا للغسل؛ يدل على أنَّها إذا لم تر الماء؛ لا غسل عليها كالرجل، وهو ظاهر الرواية عن الإمام الأعظم، وعليه الفتوى.
وقيل: يلزمها الغسل بالاحتلام وإن لم تر الماء إذا وجدت اللذة؛ لأنَّ الماء ينزل من صدرها إلى رحمها بخلاف الرجل؛ حيث يشترط ظهور المني حقيقة.
قالت زينب: (فغطت أم سُلَيم) رضي الله عنها، فالحديث ملفق من رواية صحابيتين، وهذا هو الظاهر، ويحتمل أن يكون من أم سلمة على سبيل الالتفات، كأنها جردت من نفسها شخصًا، فأسندت إليه التغطية؛ إذ أصل الكلام: فغطيْتُ، قال عروة أو غيره من الرواة:(تعني وجهَها)؛ بالمثناة الفوقية، ونصب (وجهَها) وهذا إدراج من عروة ظاهر، أو من غيره فيكون إدراج في إدراج.
(وقالت) أم سلمة: (يا رسول الله؛ وتحتلم المرأة؟) بحذف همزة الاستفهام، وللكشميهني:(أو تحتلم)؛ بإثباتها، عطف على مقدر يقتضيه السياق؛ أي: أتقول ذلك أو أترى المرأة الماء وتحتلم؟ (قال) عليه السلام: (نعم)؛ تحتلم وترى الماء، (ترِبت يمينكِ)؛ بكسر الراء والكاف: فعل وفاعله، والجملة خبرية؛ أي: افتقرت وصارت على التراب، فهي كلمة جارية على ألسنة العرب لا يريدون بها الدعاء على المخاطب ولا وقوع الأمر بها كما يقولون: قاتله الله، وقيل: أراد بها المثل، يرى المأمور بذلك الجد، وأنه إن خالفه؛ فقد أساء، وما زعمه ابن حجر ردَّه في «عمدة القاري» .
(فبم) : أصله: فبما؛ فحذفت الألف، (يشبهها ولدها؟)؛ بالرفع فاعل، وفي «الصحيح» من حديث أنس:«فمن أين يكون الشبه؟ ماء الرجل غليظ أبيض، وماء المرأة رقيق أصفر، فمن أيها علا أو سبق يكون منه الشبه» ، وفي حديث عائشة: «وهل يكون الشَّبه إلا من قبل ذلك، إذا علا ماؤها ماء الرجل؛ أشبه الولد أخواله، وإذا علا الرجل ماءها؛ أشبه أعمامه.
وهذا الحديث جاء عن جماعة
(1)
في الأصل: (ذا).
(2)
في الأصل: (توفت).
من الصحابيات أنهن سألن كسؤال أم سليم؛ منهن: خولة بنت حكيم، أخرجه ابن ماجه، وبسرة، ذكره ابن أبي شيبة، وسهلة بنت سهيل، رواه الطبراني، والأحاديث فيه عن أم سلمة وعائشة وأنس، ولم يخرج المؤلف غير حديث أم سلمة، وأخرج مسلم أحاديث الثلاثة، فيحتمل حضورهن معًا في هذه القصة، ويحتمل تعدد القصة والله أعلم.
وفي الحديث: إثبات أن المرأة لها ماء.
وفيه: إثبات القياس وإلحاق النظير بالنظير، وقد بين في «عمدة القاري» مذهب الشافعي وأوضحه؛ لغلط جماعة من الشافعية فيه؛ فراجعه إن شئت.
[حديث: إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها
.]
131 -
وبه قال: (حدثنا إسماعيل) : بن أبي أويس، ابن أخت مالك الإمام، (قال: حدثني)؛ بالإفراد (مالك) : الإمام (عن عبد الله بن دينار) : القرشي العدوي، (عن عبد الله بن عمر) : بن الخطاب رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن من الشجر)؛ أي: من جنسه، (شجرة)؛ بالنصب اسم (إن)، وخبرها: الجار والمجرور، (لا يسقط ورقها) : صفة لـ (شجرة)، (وهي) : وللأصيلي: بحذف الواو، (مَثَلُ المسلم)؛ بفتح الميم والمثلثة، وفي رواية:(مِثْل) بكسر الميم وسكون المثلثة، (حدِّثوني ما هي؟) مبتدأ وخبر، والجملة سدَّت مسدَّ المفعولين، (فوقع الناس في شجر البادية)، فبعضهم يقول: شجرة كذا، وبعضهم يقول: شجرة كذا، (ووقع في نفسي أنها النخلة، قال عبد الله: فاستحييت) أن أقول أنها النخلة؛ لأنَّ في القوم من هو أكبر مني، كأبي بكر وعمر، (فقالوا)؛ أي: الصحابة، وفي رواية:(قالوا) : (يا رسول الله؛ أخبرنا بها)؛ أي: أعلمنا بهذه الشجرة.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي النخلة) مبتدأ وخبر، والجملة: مقول القول، (قال عبد الله: فحدثت أبي) عمر بن الخطاب، (بما)؛ أي: بالذي (وقع في نفسي) من أنَّها النخلة، (فقال: لَأن)؛ بفتح اللام موطئة للقسم المقدر، (تكون قلتها) : بالماضي مع قوله (تكون)
(1)
المضارع؛ لأنَّ الغرض منه لأنَّ تكون
(2)
في الحال موصوفًا بهذا القول الصادر في الماضي، (أحب)؛ بالمهملة بالرفع: خبر المبتدأ المنسبك من (أن) وصلتها، (إليَّ من أن يكون لي كذا وكذا)؛ أي: من حمر النعم وغيرها، ولفظ (كذا) موضوع للعدد المبهم، وهو من الكنايات، وفي تمني عمر أن يجاوب ابنه النبيَّ الأعظم عليه السلام بما وقع في نفسه فيه من القصة: أن الرجل يباح له الحرص على ظهور ابنه في العلم على الشيوخ وسروره بذلك.
وقيل: إنَّما تمنى ذلك رجاء أن يسر النبي الأعظم عليه السلام بإصابته، فيدعو له.
وفيه: أن الابن الموفق العالم أفضل مكاسب الدنيا؛ لقوله: (لأن تكون
…
) إلخ، ولقول النبي الأعظم عليه السلام:«إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» ، وقد كان ابن عمر يمكنه إذا استحى ممن هو أكبر منه أن يذكر ذلك لغيره سرًا؛ ليخبر به عنه، فيجمع بين المصلحتين، فاستلزم حياؤه تفويت ذلك.
(51)
[باب من استحيا فأمر غيره بالسؤال]
هذا (باب من استحى) من الشيخ أن يسأل منه بنفسه، (فأمر غيره بالسؤال) من الشيخ العالم.
[حديث علي: كنت رجلًا مذاء فأمرت المقداد أن يسأل النبي]
132 -
وبه قال: (حدثنا مسدد) بن مسرهد (قال: حدثنا عبد الله بن داود) بن عامر بن الربيع الخُريْبي نسبة إلى خُريْبة؛ بضم الخاء المعجمة، وفتح الراء، وسكون التحتية، وفتح الموحدة: محلة بالبصرة، الهمداني، الكوفي الأصل، المتوفى سنة ثلاث عشرة ومئتين.
(عن الأعمش) سليمان بن مهران، (عن مُنْذر)؛ بضم الميم، وسكون النون، وكسر الذال المعجمة: بن يَعلى؛ بفتح التحتية، وسكون العين المهملة، وفتح اللام، (الثوري)؛ بالمثلثة، الكوفي الثقة، (عن محمد بن الحنفية)؛ أي: محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو القاسم، والحنفية: أمه، وهي خولة بنت جعفر الحنفي اليمامي، وكانت من سبي بني حنيفة، ولد لسنتين بقيا من خلافة عمر رضي الله عنه، المتوفى سنة ثمانين، أو إحدى وثمانين، أو أربع عشرة ومئة، ودفن باليقيع.
(عن) أبيه (علي) الصديق الأصغر، وللأصيلي زيادة:(ابن أبي طالب)(قال) علي: (كنت رجلًا)؛ بالنصب خبر (كان)، (مذَّاءً)؛ بالنصب صفته على وزن (فَعَّال)؛ بالتشديد؛ للمبالغة في كثرة المذي، والمَذْيُّ؛ بفتح الميم، وسكون الذال المعجمة، وبكسر الذال، وتشديد الياء التحتية، وبكسر الذال، وتخفيف الياء التحتية؛ وهو الماء الرقيق الذي يخرج عند الملاعبة ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه، وهو في النساء أكثر منه في الرجال، والوَدْي؛ بفتح الواو وسكون الدال المهملة: البلل اللزج، يخرج من الذكر بعد البول؛ أي: عقبه، (فأمرت المِقْداد)؛ بكسر الميم وسكون القاف وبالمهملتين: بن عمرو بن ثعلبة البهراني الكندي، ويقال له: ابن الأسود؛ لأنَّ الأسود بن عبد يغوث ربَّاه، أو تبنَّاه، أو حالفه، أو تزوج بأمِّه، وهو قديم الصحبة من السابقين في الإسلام، وسادس ستة، شهد بدرًا، المتوفى بالجرف، وهو على عشرة أميال من المدينة، ثم حمل على رقاب الرجال إليها سنة ثلاث وثلاثين في خلافة عثمان رضي الله عنه، عن سبعين سنة.
(أن يسأل)؛ أي: بأن يسأل، فـ (أن) مصدرية، (النبي) الأعظم صلى الله عليه وسلم؛ أي: بالسؤال منه عليه السلام، (فسأله) عن حكم المذي، (فقال) النبي الأعظم عليه السلام:(فيه)؛ أي: في المذي، (الوضوء) لا الغسل، فيجب بخروجه الوضوء، ويجب غسله؛ لأنَّه نجس، وهذا بالإجماع إلا في رواية عن أحمد أنه أوجب الغسل، والحديث حجة عليه.
وأطلق إمامنا الإمام الأعظم والشافعي في ذلك؛ أي: سواء كان خروجه عن ملاعبة أو استنكاح أو غيره، وقيده مالك بما كان عن ملاعبة، فإن كان عن استنكاح أو علة؛ فلا وضوء فيه، وإطلاق الحديث يردُّه، وما استدل به من أن السؤال كان عن الخارج على وجه اللذة؛ لقوله في حديث:«إذا دنى من أهله» فيه نظر؛ لأنَّ السؤال مطلق، ففي «الصحيح» : سأله عن المذي يخرج من الإنسان كيف يفعل به؟ قال: «اغسل ذكرك وتوضأ» ، فلا فرق بين المعتاد وغيره، كما دلت عليه الأحاديث الصحاح.
واستدل بهذا الحديث على جواز الاعتماد على الخبر المظنون مع القدرة على المقطوع، وهو خطأ، ففي «النسائي» وغيره: أن السؤال وقع على حاضر، وكذا في «الموطأ» كما أوضحه في «عمدة القاري» .
وفي الحديث: استحباب حسن المعاشرة مع الأصهار، وأن الزوج ينبغي ألَّا يذكر ما يتعلق بالجماع والاستمتاع بحضرة أبوي المرأة، وأختها، وغيرهما من أقاربها؛ لأنَّ المذي يكون غالبًا عند ملاعبة الزوجة، ولهذا ترك علي السؤال وأمره غيره، وفي بعض الروايات:(أمر عمار بن ياسر)، وفي بعضها: أنه سأل بنفسه، فيحتمل أنه أرسلهما، ثم سأل بنفسه وتمامه في «عمدة القاري» .
(52)
[باب ذكر العلم والفتيا في المسجد]
هذا (باب) جواز (ذكر العلم والفِتيا)؛ بكسر الفاء، -والفَتوى؛ بفتحها- جواب حكم الحادثة، (في المسجد) وإن ذلك إلى رفع الصوت.
[حديث: يهل أهل المدينة من ذي الحليفة]
133 -
وبه قال: (حدثنا)؛ بالجمع، وفي رواية: بالإفراد (قُتيبة)؛ بضم القاف، وفي رواية زاد:(ابن سعِيد)؛ بكسر العين، (قال: حدثنا الليث)، زاد في رواية:(ابن سعد)، (قال: حدثنا نافع) بن سَرْجَس؛ بفتح السين المهملة، وسكون الراء، وكسر الجيم، آخره سين أخرى، وهو (مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب) : أصله من المغرب، أو من نيسابور، أو من سبي كابل، أو من جبال طالقان، أصابه عبد الله بن عمر في بعض غزواته وبعثه عمر بن عبد العزيز إلى مصر يعلمهم السنن، المتوفى بالمدينة سنة سبع عشرة ومئة.
(عن عبد الله بن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما (أن رجلًا)، قال في «عمدة القاري» : لم أقف على اسمه، (قام في المسجد)؛ أي: النبوي في محل رفع خبر (إن)، (فقال: يا رسول الله؛ من أين) : استفهام عن المكان (تأمرنا أن نُهِلَّ)؛ أي: بأن نهل، و (أن) مصدرية، والتقدير: بالإهلال، وهو رفع الصوت بالتلبية في الحج والمراد به هنا الإحرام مع التلبية، فالسؤال عن موضع الإحرام، وهو الميقات المكاني.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يُهِلُّ)؛ بضم أوله؛ أي: يحرم (أهل المدينة) : جملة وقعت مقول القول (من) ابتدائية؛ أي: ابتداء إهلالهم من (ذي الحُلَيفة)؛ بضم الحاء المهملة وفتح اللام، تصغير الحلَفة؛ باللام المفتوحة؛ كالقصبة
(1)
في الأصل: (يكون).
(2)
في الأصل: (يكون).