الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن عمر: (غسل رجليه)، إن ذلك كان لعذر.
ورده إمام الشارحين في «عمدة القاري» فقال: (قلت: هذا القائل ما أدرك كلام الحافظ الطحاوي ولا ذاق معناه؛ فإنه قائل بورود هذه الرواية عن عائشة، ولكنه حملها على النسخ، كما ذكرناه، وكذلك ما روي عن ابن عمر حمله على النسخ؛ لأنَّ فعله هذا بعد علمه أنه عليه السلام أمر بالوضوء التام في الجنب يدل على ثبوت النسخ عنده؛ لأنَّ الراوي إذا روى شيئًا عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أو علمه منه، ثم فعل أو أفتى بخلافه؛ يدل على ثبوت النسخ عنده؛ لأنَّه لو لم يثبت ذلك؛ لما كان له الإقدام على خلافه، وكذلك روى من قول ابن عمر ما رواه من حديث أيُّوب عن نافع، عن ابن عمر أنه قال: «إذا أجنب الرجل وأراد أن يأكل، أو يشرب، أو ينام؛ غسل كفيه، وتمضمض، واستنشق، وغسل وجهه وذراعيه، وغسل فرجه، ولم يغسل قدميه»، فهذا قول هذا القائل، ويحتمل ترك ابن عمر غسل رجليه على أرضه كان لعذر) انتهى كلامه رضي الله عنه.
واعترضه العجلوني فزعم أنه لو كان كما قال من أنهما يريان النسخ وأن الطحاوي يعلم بذلك؛ لما احتج بحديثهما؛ فتأمل.
قلت: واعتراضه مردود عليه، فإن ما قاله إمام الشارحين هو الحق من أنهما يريان النسخ، كما يعلم ذلك من تتبع ما قدمناه عن الحافظ الطحاوي، وأنه جزم بحمل ما روى عنهما على النسخ، كما بينا الكلام في ذلك.
وقوله: (وأن الطحاوي يعلم ذلك) لا يخفى أن الحافظ الطحاوي يعلم ذلك من حين كان العجلوني منيًّا في ظهر آبائه في عجلون، كيف لا يعلم وقد أطبق الحفاظ على حفظه وإتقانه وضبطه؟!
وقوله: (لما احتج
…
) إلخ ممنوع؛ فإنه لم يحتج بحديثهما، بل رواه وبيَّن طرقه ورواياته ولا يلزم من ذكر ذلك أن يحتج بذلك؛ فإن المحدثين كثيرًا ما يروون الأحاديث ولا يأخذون بها؛ فهو لا يدل على احتجاجهم بها، كما زعمه هذا القائل المتعصب، على أن هذا القائل لم يفرق بين الناسخ والمنسوخ، وإنما تعلق هذا القائل بما زعمه ابن حجر في أول كلامه وهما ممنوعان؛ فأي دليل دلهما على أنه احتج بحديثهما؟! وما هي إلا دعوى باطلة، بل إنَّما جزم بالنسخ وادَّعاه وتكلم على بيان الروايات، ولا يلزم من ذكرها الاحتجاج بها؛ فافهم.
قال في «عمدة القاري» : (ومطابقة هذا الحديث للترجمة من حيث إن رقاد الجنب في البيت يقتضي جواز كينونته فيه؛ أي: استقراره فيه يقظانًا؛ لعدم الفارق، ولأن نومه مسلتزم للجواز؛ لوجود اليقظة بين نومه ووضوئه، ولا فرق بين القليل والكثير)، والله تعالى أعلم، واستغفر الله العظيم.
(27)
[باب الجنب يتوضأ ثم ينام]
هذا (بابٌ)؛ بالتنوين وعدمه: (الجنب يتوضأ، ثم ينام)؛ أي: في بيان حكمه والمناسبة بين البابين ظاهرة.
[حديث: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه وتوضأ]
288 -
وبالسَّند إليه قال: (حدثنا يحيى ابن بُكير)؛ بضمِّ الموحدة؛ مصغرًا، نسبه إلى جده؛ لشهرته به، وإلا؛ فهو يحيى بن عبد الله بن بكير المصري (قال: حدثنا الليث)؛ هو ابن سعد -بسكون العين المهملة- المصري إمام أهل مصر من أتباع الإمام الأعظم رضي الله عنه، (عن عبيد الله) بالتصغير (بن أبي جعفر)؛ هو أبو بكر الفقيه المصري المتوفى سنة خمس وثلاثين ومئة، (عن محمَّد بن عبد الرحمن) أبو الأسود الأسدي المدني المشهور بيتيم عروة بن الزبير، كان أبوه أوصى به إليه، المتوفى آخر سلطنة بني أمية، (عن عُروَة)؛ بضمِّ العين المهملة، وفتح الواو، هو ابن الزبير بن العوام، (عن عائشة) أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما (قالت: كان النبيُّ) الأعظم صلى الله عليه وسلم أفادت لفظة (كان) على أن ذلك عادته على الدوام والاستمرار؛ لأنَّها تدل على ذلك (إذا أراد أن ينام وهو جنب) : جملة اسمية محلها النصب؛ لأنَّها حالية، وقوله:(غسل فرجه)؛ أي: القبل والدبر وما حولهما مما بقي عليها من المني وغيره جواب (إذا)(وتوضأ للصلاة)؛ أي: وضوءًا مختصًا بالصَّلاة؛ يعني وضوءًا شرعيًّا لا وضوءًا لغويًّا، وليس معناه أنه توضأ لأداء الصَّلاة له قبل الغسل؛ لأنَّه ممنوع، أو يقدر محذوف؛ أي: توضأ وضوءًا كما توضأ للصلاة، وفي بعض الروايات:(توضأ وضوءه للصلاة)، كذا قرره في «عمدة القاري» .
قلت: وفي الحديث: أن غسل الجنابة على التراخي لا على الفور، وإنما يتضيق في آخر الوقت، وهذا من عادته الكريمة؛ لما سبق قريبًا، وقدمنا أنه عليه السلام نام وهو جنب من غير وضوء بيانًا للجواز؛ لأنَّه نادر؛ فليحفظ.
وفي الحديث: أن المني نجس؛ لقوله: (غسل فرجه)، وإنما أصابه المني وفيه أن وقت الجماع إنَّما يكون بعد صلاة العشاء الأخيرة، والله أعلم.
[حديث: استفتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم أينام أحدنا وهو جنب]
289 -
وبالسَّند إلى المؤلف قال: (حدثنا موسى بن إسماعيل) هو التبوذكي (قال: حدثنا جُويرة)؛ بضمِّ الجيم، تصغير جارية، هو ابن أسماء بن عبيدة الصيفي، فاسمه واسم أبيه مما هو غالب في النساء، وكنيته أبو مِخراق -بكسر الميم- أو أبو المُخارق -بضمِّها-، البصري المتوفى سنة ثلاث وسبعين ومئة، (عن نافع) مولى ابن عمر، (عن عبد الله)؛ أي: ابن عمر، وفي رواية ابن عساكر:(عن ابن عمر)(قال: استفتى عمر)؛ هو ابن الخطاب؛ أي: والده (النبيَّ) الأعظم صلى الله عليه وسلم؛ أي: طلب عمر الفتوى من النبيِّ عليه السلام، فالسين والتاء (للطلب) فقال عمر للنبيِّ عليه السلام:(أينام)؛ الهمزة للاستفهام (أحدنا) فهو بيان لصورة الاستفتاء (وهو جنب) : جملة حالية؟ (قال)، وفي رواية:(فقال)؛ أي: النبيُّ الأعظم صلى الله عليه وسلم: (نعم) جواب الاستفتاء؛ أي: نعم ينام أحدنا وهو جنب؛ (إذا توضأ) ولمسلم من طريق ابن جُريج عن نافع: (ليتوضأ، ثم لينم)؛ أي: وضوءه للصلاة، فالمراد بالوضوء: الشرعي لا اللغوي، وهو للندب والاستحباب عند الإمام الأعظم وأصحابه والجمهور من الفقهاء وغيرهم، وذهب أهل الظاهر وابن حبيب المالكي أنه للوجوب، وهو المنقول عن مالك، والشافعي، وذهب بعضهم إلى أن المراد بالوضوء اللغوي الذي هو غسل اليدين، والذكر، والأذى، والروايات السابقة تدل هذا كما بيناه؛ فافهم.
[حديث: توضأ واغسل ذكرك ثم نم]
290 -
وبالسَّند إليه قال: (حدثنا عبد الله بن يوسف) هو التنيسي (قال: أخبرنا مالك) هو ابن أنس الأصبحي، (عن عبد الله بن دينار)، قال في «عمدة القاري» : هكذا رواه مالك في «الموطأ» عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، وكذا رواه أبو زيد، ورواه ابن السكن عن الفربري فقال: مالك عن نافع، وقال الجياني في بعض النسخ جعل (نافعًا) بدل (عبد الله بن دينار)، وكلاهما صواب؛ لأنَّ مالكًا يروي هذا الحديث عنهما، لكنه برواية عبد الله أشهر، وقال ابن عبد البر: الحديث لمالك عنهما جميعًا، لكن المحفوظ عن عبد الله بن دينار، وحديث نافع غريب.
قلت: (لا غرابة فيه؛ لأنَّه رواه عنه كذلك عن نافع خمسة أو ستة، ولكن الأول أشهر) انتهى؛ فافهم.
(عن عبد الله بن عمر) أي: ابن الخطاب رضي الله عنهما (أنه قال: ذكر عمر)؛ هو والده ابن الخطاب رضي الله عنه (لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا يقتضي أن يكون الحديث من مسند ابن عمر كما يأتي: (أنه)؛ بفتح الهمزة لتقدير الباء الثابتة في رواية الحمُّوي والمستملي، والضمير فيه وفي قوله:(تصيبه الجنابة من الليل)؛ أي: فيه يرجع إلى عبد الله بن عمر لا إلى عمر يدل عليه رواية النسائي من طريق ابن عون عن نافع قال: أصاب ابن عمر جنابة، فأتى عمر رضي الله عنه فذكر ذلك له؛ فأتى عمر النبيَّ صلى الله عليه وسلم فاستأمره، فقال:«ليتوضأ وليرقد» .
(فقال له) ولفظة (له) ليست بموجودة في رواية الأَصيلي (رسول الله صلى الله عليه وسلم مخاطبًا لابن عمر إن كان حاضرًا، ويحتمل أنَّ الخِطَاب لعمر جوابًا لاستفتائه وهو في الحقيقة لابنه.
فإن قلت: ظاهر عبارة المؤلف يدل على أن الضمير في (أنه) و (له) يرجع إلى عمر؟
قلت: الظاهر كذا رواية النسائي أن الضمير لعبد الله، فكأنه حضر إلى رسول الله عليه السلام بعد أن ذكر عمر ذلك؛ فلهذا خاطبه وإن لم يكن حضر؛ فالخطاب لعمر؛ لأنَّه جواب استفتائه، ولكنه يرجع إلى ابنه عبد الله؛ لأنَّ الاستفتاء من عمر؛ لأجل عبد الله، كما دل عليه ما رواه النسائي، كذا قرره في «عمدة القاري» .
(توضأ)؛ أي: وضوءك للصلاة كما دلت عليه الروايات السابقة، (واغسل ذكرك)؛ معناه: اجمع بينهما؛ لأنَّ (الواو) لا تدل على الترتيب، كما هو الأصل؛ لأنَّه من المعلوم أن يقدم غسل الذكر على الوضوء، وفي رواية أبي نوح عن مالك:«اغسل ذكرك، ثم توضأ» ، وهو على الأصل، وفيه رد على من حمل الرواية الأولى على ظاهرها، وأجاز تقديم الوضوء على غسل الذكر؛ لأنَّه ليس بوضوء ينقضه الحدث، وإنما هو للتعبد، كذا قاله في «عمدة القاري» ، (ثم نم)؛ أي: ما تيسر لك من الليل، وفيه: من أنواع البديع تجنيس التصحيف، وقوله:(توضأ) أدل على الوجوب، وقد قدمنا أن الإمام الأعظم وأصحابه والجمهور على أن المراد بالوضوء: الشرعي وأنه للندب والاستحباب، واختلفوا في الحكمة فيه.
فقال في «عمدة القاري» : قيل: فيه تخفيف الحدث، لا سيما على القول بجواز تفريق الغسل؛ فيرتفع الحدث عن تلك الأعضاء وإن لم ينو، ويدل عليه ما رواه ابن أبي شيبة بسند رجاله ثقات عن شداد بن أوس الصحابي قال:(إذا أجنب أحدكم من الليل، ثم أراد أن ينام؛ فليتوضأ، فإنه نصف غسل الجنابة)، وقيل: لأنَّه إحدى الطهارتين، فعلى هذا؛ يقوم التيمم مقامه، وقد روى البيهقي بإسناد حسن عن عائشة رضي الله عنها:(أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أجنب فأراد أن ينام توضأ، أو تيمم)، قال في «عمدة القاري» :(الظاهر: أن التيمم هذا كان عند عدم الماء، وقيل: لينشط إلى العود، أو إلى الغُسل).
وقال ابن الجوزي: (الحكمة فيه: أن الملائكة تبعد عن الوسخ والريح الكريهة، بخلاف الشياطين، فإنها تقرب من ذلك) انتهى.
وقيل: ليبيت على إحدى الطهارتين؛ خشية الموت في المنام.
وقال في «منهل الطلاب» : (وليس على الحائض والنفساء الوضوء عند إرادة النوم؛ لأنَّها لو اغتسلت؛ لم يرتفع حدثها، بل هي مضمخة بالنجاسة؛ فلا يطلب منها، فإذا انقطع دمها لتمام عادتها؛ فقد وجب عليها الغسل؛ فلا فائدة في الوضوء هنا إلا إذا أرادت الاغتسال، فيندب لها الوضوء قبله) انتهى وبه قال الشافعي.
وفي «المنية» : (إذا أراد الجنب الأكل والشرب؛ ينبغي له أن يغسل يديه وفاه، ثم يأكل أو يشرب؛ لأنَّه يورث الفقر) انتهى؛ أي: لأنَّ الأكل والشرب بدون ما ذكر سبب للفقر، كذا في «الحلية» ، وفي «الفتاوى الخانية» :(المستحب له ذلك، وإن ترك؛ لا بأس به) انتهى.
لكن في «منهل الطلاب» : (أن تركه مكروه)، ونص أئمتنا وصرح به في «الدر المختار» وغيره أنه يكره النوم قبل الوضوء، ولا خلاف عندنا أن هذا الوضوء ليس بواجب، وهذا بخلاف الحائض إذا أرادت الأكل؛ لأنَّ سؤرها لا يصير مستعملًا ما لم تُخَاطب بالاغتسال ذكره في «شرح المنية» ، وفي «الخانية» : واختلفوا في الحائض قيل: كالجنب، وقيل: لا يستحب لها؛ لأنَّ الغسل لا يزيل نجاسة الحيض عن الفم واليدين، وتمامه في «الحلية» ، قال في «منهل الطلاب» :(والنفساء كالحائض، وينبغي لهما، ويستحب غسل اليدين للأكل بلا خلاف؛ لأنَّه يستحب للطاهر؛ فهما أولى، ولهذا قال في «الخلاصة» إذا أرادت أن تأكل؛ تغسل يديها، وفي المضمضة خلاف) انتهى.
وينبغي أرجحية القول باستحبابها أيضًا، كما لا يخفى.
وفي «جامع الفتاوى» وغيرها: (وللحائض والجنب زيارة القبور، وقراءة الدعوات، وإجابة المؤذن، ونحوها) انتهى؛ أي: من تسبيح وتهليل، ودخول مصلى عيد، وجنازة، كما صرح غير واحد من أئمتنا الأعلام، وقدمنا عن ابن عمر أن المراد بالوضوء: اللغوي، فإذا أراد الأكل؛ يندب لهم هذا الوضوء وهو ظاهر رواية مسلم السابقة، وقال مالك: له أن يأكل قبل أن يتوضأ إلا أن يكون في يديه قذر؛ فيغسلهما وهل ينتقض وضوء الجنب بالحدث الأصغر؟
فعندنا: لا ينتقض؛ لأنَّه للتعبد، وليس بوضوء ينقضه الحدث، هذا مذهب الإمام الأعظم وأصحابه، وبه قال الإمام مالك، وقال اللخمي من أصحاب مالك: ينتقض، ولم يتعرض العجلوني لمذهب إمامه هنا: ما الحكم فيه مع شدة تعصبه لمذهب إمامه، وبيانه ولعله خفي عليه الحكم وهو ظاهر؛ فافهم، والله تعالى أعلم.
(28)
[باب إذا التقى الختانان]
هذا (بابٌ)؛ بالتنوين في بيان حكم ما (إذا التقى) أي: اجتمع (الختانان)؛ يعني: ختان الرجل وختان المرأة، فـ (إذا) شرطية وجوابها محذوف؛ أي: فقد وجب الغسل، ويحتمل أن تكون (إذا) لمجرد الظرفية؛ فلا جواب لها، والـ (باب) مضاف إليها على تقدير مضافين؛ أي: بيان حكم الغسل وقت التقاء الختانين، والأول الأظهر، كما لا يخفى.
وزعم ابن حجر أن المراد بهذه التثنية ختان الرجل وخفاض المرأة، وإنما ثنيا بلفظ واحد؛ تغليبًا له.
قال في «عمدة القاري» : (وذكر هذا هكذا بناء على عادة العرب؛ فإنهم يختنون النساء، قال صلى الله عليه وسلم:«الختان للرجال سنة، وللنساء مكرمة» ، رواه الإمام الخصاف في «أدب القاضي» عن شداد بن أوس رضي الله عنه.
قلت: وعلى هذا؛ فلا تغليب، كما زعمه هذا القائل؛ فليحفظ، ثم الختان: قطع الجلدة؛ وهي ما دون حزة الحشفة وهي الكمرة، وكذا الختن، والخفاض: قطع جلدة في أعلى الفرج تشبه عرف الديك بينها وبين مدخل الذكر جلدة رقيقة، وكذلك الخفض؛ لأنَّ مدخل الذكر هو مخرج المني والولد والحيض، وفوق مدخل الذكر مخرج البول؛ كإحليل الرجل وبينهما جلدة رقيقة يقطع منها في الختان، والمراد بالتقائهما: اجتماعهما ومحاذاتهما، وهو عبارة عن إيلاج الحشفة كلها في قُبل أو دُبر، والمراد بالحشفة: ما فوق الختان، كما في «القاموس» .
واختلفوا في الموجب للغسل، فقال في «النهاية» :(هذه المعاني موجبة للجنابة لا للغسل على المذهب الصحيح؛ لأنَّها تنقض الغسل، فكيف توجبه؟ لأنَّ الناقض للشيء لا يكون مثبتًا له).
واعترضه في «غاية البيان» : (بأن المراد أن الغسل يجب بهذه المعاني على طريق البدل، وإنما يتوجه ما اعترض به إذا كانت هذه المعاني موجبة لوجود الغسل لا لوجوبه، واعترض أيضًا بأنها تنقض ما كان، وتوجب ما سيكون، فلا منافاة).
وأجاب في «المستصفى» : (بأن هذه المعاني شروط في الوجوب لا أسباب، فأضيف الوجوب إلى الشرط مجازًا؛ لأنَّ السبب يتعلق به الوجود والوجوب، والشرط يضاف إليه الوجود، فشارك الشرط السبب في الوجود) انتهى.
وقال العلامة سعدي أفندي: (الجمهور: على أن هذه المعاني شروط لا أسباب؛ لمنافاتها الطهارة، فجعلها موجبات تسامح) انتهى.
واختار شيخ الإسلام في «المبسوط» : (أن سبب وجوب الغسل إرادة ما لا يحل فعله بسبب الجنابة من صلاة، وقراءة قرآن عند عامة المشايخ).
واعترضه في «غاية البيان» : (بأن الغسل يجب إذا وجد أحد هذه المعاني، سواء وجدت الإرادة أو لم توجد).
ورده في «العناية» قال: