الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قاله الدماميني، وقيل:(ترتع) : تسرع في المشي، والأول: أصوب، ويدل عليه رواية المؤلف في (الحج) :(نزلت عنها فرتعت)، (ودخلت في الصف، فلم ينكر) : على صيغة المعلوم من الإنكار؛ وهو الجحود؛ أي: فلم يجحد (ذلك) الفعل (عليَّ) بفتح التحتية (أحدٌ) : بالرفع فاعله؛ أي: لم ينكر ذلك الفعل عليَّ النَّبيُّ الأعظم صلى الله عليه وسلم ولا غيره من أصحابه، وهذا يشعر بحدوث أمر لم يعهدوه، فلو فرض هناك سترة غير الجدار؛ لم يكن لهذا الإخبار فائدة؛ إذ مروره حينئذٍ لا ينكره أحدٌ أصلًا.
قلت: وهذا ليس بشيء، وإنَّما لم ينكروا عليه ذلك؛ لعلمهم أنَّ سترة الإمام سترة لهم؛ بدليل عادته عليه السلام أنَّه لم يصلِّ في الصحراء إلا وأمامه سترة.
ومع هذا؛ فالكلام ونحوه ممنوع في الصلاة؛ لأنَّه منسوخ بقوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]، وبقوله عليه السلام:«إنَّ في الصلاة شغلًا» ، كما في «مسلم» وغيره، وهذا هو المعهود عندهم، وفائدة هذا الإخبار: أنَّه لما مر بين يدي الصف ولم ينكر عليه أحد؛ تبين أنَّ سترة الإمام سترة لهم وأنَّ صلاتهم صحيحة، وأنَّه لم يقطعها عليهم حيث السترة موجودة؛ بدليل أنَّهم لم يؤمروا بالإعادة، فالحقُّ ما قاله إمام الشَّارحين، وهو أحكم الحاكمين؛ فافهم.
فإن قلت: لا يلزم مما ذكر اطلاعه عليه السلام على ذلك لاحتمال أن يكون الصف الأول حائلًا دون رؤيته له.
قلت: قد ثبت أنَّه عليه السلام كان يرى في صلاته من ورائه كما يرى من أمامه.
وعند المؤلف في (الحج) : أنَّه مرَّ بين يدي بعض الصف الأول، فلم يكن حائل هناك دون الرؤية، وفي رواية البزار:(والنَّبي صلى الله عليه وسلم يصلِّي المكتوبة ليس شيء يستره)، قالوا: هذا يؤيد عدم الحائل.
قلت: وهو ممنوع؛ لأنَّ ما رواه المؤلف في (الحج) لا يدل عليه؛ لأنَّ الصف الأول طويل وهو من المشرق إلى المغرب، وكان مروره في أوله أو في آخره، فلم يدرك السترة ولم يرها، وما رواه البزار لا يدل عليه أيضًا؛ لأنَّه لما نزل عن الحمار وهي ترتع؛ دهش، فلم ير السترة لدهشته لا سيما في مصلى النَّبي الأعظم عليه السلام على أنَّه في أكثر الروايات كما رواه المؤلف ههنا، وهو من باب حمل المطلق على المقيد، كما لا يخفى، ويحتمل أنَّ في الرواية طيًّا؛ وهو ليس شيء يستره غير سترته، وهذا الحديث بعينه قد تقدم في كتاب (العلم) في باب (متى يصح سماع الصغير)، وتقدم الكلام عليه هناك.
[حديث: أن رسول الله كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة]
494 -
وبالسند إلى المؤلف قال: (حدثنا إسحاق) ولا بن عساكر: (إسحاق؛ يعني: ابن منصور) هو ابن بهرام الكوسج، كذا جزم به خلف، وأبو نعيم، وغيرهما، وفي أكثر الروايات:(إسحاق) غير منسوب، فيحتمل أنَّه ابن إبراهيم بن مخلد الحنظلي المروزي المشهور بابن راهويه، ويؤيده ما قاله الجياني عن ابن السكن: أنَّه إذا وقع في هذا الكتاب إسحاق غير منسوب؛ فهو يكون ابن راهويه، لكن رواية ابن عساكر تعين الأول؛ فتأمَّل، (قال: حدثنا عبد الله بن نُمير)؛ بِضَمِّ النُّون مصغرًا: هو الكوفي (قال: حدثنا عبيد الله) بالتصغير (بن عمر) هو ابن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب أبو عثمان القرشي العدوي المدني، المتوفى سنة تسع وأربعين ومئة، وليس هو منسوبًا لجده الأعلى كما زعمه العجلوني، بل هذا أبوه وشهرته به؛ فليحفظ، (عن نافع) هو مولى ابن عمر المدني، (عن ابن عمر) هو عبد الله الصَّحابي المدني القرشي العدوي المشهور:(أنَّ) بفتح الهمزة (رسول الله صلى الله عليه وسلم كان) أتى بها لإفادة الدوام والاستمرار (إذا خرج يوم العيد)؛ أي: الأضحى والفطر إلى الصحراء لصلاة العيد؛ (أمر بالحربة)؛ أي: أمر خادمه بأخذها معه، وهو جواب (إذا)، والمراد بها: العنزة الآتية، وقيل: إنَّها غيرها، وإنَّه تارة كان يَركُز الحربة، وتارة العنزة، وهو الأصح؛ لما يأتي من إفراد كل منهما بباب، كذا قيل، وفيه بُعد؛ لأنَّه لا يلزم من إفراد كل منهما بباب أن يكون تارة يركز الحربة، وتارة العنزة؛ لأنَّ المؤلف مراده بيان الأحكام في تراجمه، وأنَّه كما يجوز وضع الحربة كذلك يجوز وضع العنزة، وإنَّما كان يوضع للنبي الأعظم صلى الله عليه وسلم العنزة، وإنَّما عبَّر هنا عنها بالحربة؛ لما أنَّ برأس العنزة حربة، فإنَّ العنزة عصا توضع الحربة برأسها، وقد لا توضع نادرًا، فعبَّر عن العنزة بالحربة من إطلاق البعض على الكل مجازًا؛ فافهم.
وعند المؤلف في (العيدين) عن نافع: (كان يغدو إلى المصلى والعنزة تحمل وتنصب بين يديه، فيصلِّي إليها)، وزاد ابن ماجه، وابن خزيمة، والإسماعيلي:(وذلك أنَّ المصلى كان فضاء ليس فيه شيء يستره)؛ فليحفظ.
(فتوضع بين يديه) بالتثنية (فيصلِّي إليها) أي: قريبًا منه؛ لما رواه أصحاب السنن عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم إلى سترة؛ فليدن منها
…
»؛ الحديث، ويجعلها على جهة أحد حاجبيه الأيمن أو الأيسر، ولا يصمد إليها صمدًا؛ لما رواه أصحاب السنن أيضًا عن المقداد أنَّه قال:(ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي إلى عمود، ولا عود، ولا شجر إلا جعله على حاجبه الأيمن أو الأيسر، لا يصمده صمدًا)؛ أي: لا يقابله بل كان يميل عنه، وهذا مذهب الإمام الأعظم، وأصحابه، والجمهور؛ فليحفظ.
(والناسُ)؛ بالرفع عطفًا على الضمير المستتر في (يصلِّي) الواقع فاعلًا؛ لوجود الفاصل، ويحتمل على بُعدٍ أنَّه مبتدأ، وخبره الظرف؛ أعني: قوله: (وراءَه)؛ فإنَّه منصوب على الظرفية، متعلق بـ (يصلُّون)، والجملة محلها نصب على الحال.
قلت: الأول أظهر، وهذا فيه تكلف وتعسف.
(وكان) أي: النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم (يفعل ذلك)؛ أي: الأمر بوضع الحربة بين يديه والصلاة إليها (في السفر)؛ أي: على سبيل الدوام والاستمرار كما يفيده التعبير بـ (كان) حيث لا جِدار في الصحراء، فليس ذلك مختصًّا بيوم العيد، بل عام في الصلوات كلها، ولهذا قال الإمام محمَّد بن الحسن رضي الله عنه:(يستحب لمن يصلِّي في الصحراء أن يكون بين يديه شيء مثل عصًا ونحوها، فإن لم يجد؛ يستتر بشجرة ونحوها)، ويدل عليه حديث المقداد السَّابق قريبًا؛ فافهم.
وقوله: (فمِن ثَمَّ)؛ بفتح المثلَّثة؛ أي: فمن أجل ذلك (اتخذها) أي: الحربة أو هو الرمح الطويل العريض النصل (الأُمراء)؛ بِضَمِّ الهمزة، جمع أمير، (فعيل) بمعنى:(فاعل)؛ أي: أُمِّرَ على الناس، فيخرج بها بين أيديهم في العيد، والسفر، ونحوهما، من كلام نافع، كما أخرجه ابن ماجه بدون هذه الجملة.
ومطابقة الحديث للتَّرجمة ظاهرة من وجوه:
أحدها: أنَّه لم ينقل وجود سترة لأحد من المأمومين، ولو كان؛ لنقل لتوفر الدواعي على نقل الأحكام الشرعية، فدل ذلك على أنَّ سترته عليه السلام كانت سترة لمن صلى خلفه.
والثاني: أنَّ قوله: (فيصلِّي إليها والناس وراءه) يدل على دخول الناس في السترة؛ لأنَّهم تابعون للإمام في جميع ما يفعله.
والثالث: أنَّ قوله: (وراءه) يدل على أنَّهم كانوا وراء السترة أيضًا، إذ لو كانت لهم سترة؛ لم يكونوا وراءه بل كانوا وراءها، كذا قرره إمام الشَّارحين.
ونقل القاضي عياض الاتفاق على أنَّ المأمومين يصلُّون إلى سترة الإمام، واختلفوا هل سترتهم سترة الإمام أو سترتهم الإمام نفسه؟ انتهى.
واعترضه ابن حجر،
فزعم: فيه نظر؛ لما رواه عبد الرزاق عن الحكم بن عمرو الغفاري الصَّحابي: أنَّه صلى بأصحابه في سفر وبين يديه سترة، فمرت حمير بين يدي أصحابه، فأعاد بهم الصلاة، وفي رواية: أنَّه قال لهم: «إنَّها لم تقطع صلاتي، ولكن قطعت صلاتكم» ، ويظهر أثر الخلاف: فيما لو مر بين يدي الإمام أحد، فعلى قول من يقول: إنَّ سترة الإمام سترة لمن خلفه؛ تضر صلاته وصلاتهم، وعلى قول من يقول: إنَّ الإمام نفسه سترة لمن خلفه؛ تضر صلاته ولا يضر صلاتهم، انتهى.
وردَّه إمام الشَّارحين، فقال: (لا يَرِد هذا على ما نقله القاضي عياض من الاتفاق؛ لاحتمال أنَّه لم يقف على قوله عليه السلام: «سترة الإمام سترة لمن خلفه» ، أخرجه الطَّبراني من حديث أنس، وكذا روي عن ابن عمر، أخرجه عبد الرزاق موقوفًا عليه، على أنَّ الرواية عن الحكم مختلفة، ومع هذا لا يقاوم ما روي عن ابن عمر.
وقوله: «وأثر الخلاف» ممنوع، بل سترة الإمام سترة مطلقًا بالحديث المذكور، فإذا وجدت سترة؛ لا تضر صلاة الإمام ولا صلاة المأمومين) انتهى؛ فليحفظ.
ثم قال رضي الله عنه: (وفي الحديث: الاحتياط وأخذ الآلة؛ لدفع الأعداء سيما في السفر.
وفيه: جواز الاستخدام وأمر الخادم.
وفيه: أنَّ سترة الإمام سترة لمن خلفه، وادعى بعضهم فيه الإجماع، نقله ابن بطال، قالوا: السترة عند العلماء سنة مندوب إليها، وقال الأبهري: سترة المأموم سترة إمامه، فلا يضر المرور بين يديه؛ لأنَّ المأموم تعلقت صلاته بصلاة إمامه.
قال: ولا خلاف أنَّ السترة مشروعة إذا كان في موضع لا يأمن المرور بين يديه، وفي الأمن قولان عند مالك، وعند الشَّافعي مشروعة مطلقًا؛ لعموم الأحاديث؛ لأنَّها تصون البصر.
فإن كان في الفضاء؛ فهل يصلِّي إلى غير سترة؟ أجازه ابن القاسم؛ لحديث ابن عبَّاس المذكور، وقال مطرف وابن الماجشون: لا بد من سترة، وذكر عن عروة، وعطاء، وسالم، والقاسم، والشعبي، والحسن؛ أنهم كانوا يصلُّون في الفضاء إلى غير سترة، وقال الإمام محمَّد بن الحسن: يستحب لمن يصلِّي في الصحراء أن يكون بين يديه شيء مثل عصًا ونحوها، فإن لم يكن؛ يستتر بشجرة ونحوها.
وقال أصحابنا: المعتبر في مقدار السترة: ذراع فصاعدًا؛ لحديث طلحة بن عبيد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا جعلت بين يديك مثل مؤخرة الرحل؛ فلا يضرك من مرَّ بين يديك» ، رواه مسلم في «صحيحه» .
وذكر شيخ الإسلام في «مبسوطه» في حديث أبي جحيفة الآتي ذكره: أنَّ مقدار العنزة طول ذراع في غلظ أصبع، ويؤيد ذلك قول ابن مسعود: ويجزئ من السترة السهم، وفي «الذخيرة» : طول السهم ذراع، وعرضه قدر أصبع.
واختلف أئمتنا الأعلام فيما إذا كانت السترة أقل من ذراع، وقال شيخ الإسلام: لو وضع قناة أو جعبة بين يديه وارتفع قدر ذراع؛ كان سترة بلا خلاف، وإن كان دونه؛ ففيه خلاف.
وفي «غريب الرواية» : النهر الكبير ليس بسترة كالطريق، وكذا الحوض الكبير.
وقال مالك: تجوز القلنسوة العالية والوسادة بخلاف السوط، وجوَّز في «العتبية» : التستر بالحيوان الطاهر، بخلاف الخيل، والبغال، والحمير، وجوَّز بظهر الرجل، ومنع بوجهه
(1)
، وتردد في جنبه، ومنع بالمرأة، واختلفوا في المحارم، ولا يستتر بنائم، ولا مجنون، ومأبون في دبره، ولا كافر) انتهى.
وعند أحمد ابن حنبل: تكره الصلاة بموضع يحتاج فيه إلى المرور، ويحرم مرور بين مصلٍّ وبين سترته، ولو بَعُدَ عنها، ومع عدمها يحرم المرور قريبًا منه، وحد القرب: ثلاثة أذرع فأقل بذراع اليد، فإن مرَّ بين يدي المأمومين هل يأثم؟ فيه قولان له، وليس وقوفه بمكروه، كذا في «شرح الكفاية» .
وقال الإمام الشرنبلالي: (وإن لم يجد ما ينصبه؛ فليَخُطَّ خطًّا؛ لحديث أبي داود، ولفظه: «فإن لم يكن معه عصًا؛ فليخط خطًّا»، فقيل: يخط طولًا، وقيل: عرضًا مثل الهلال، ولو طرح سوطًا لصلابة الأرض؛ لم يعتد به، وقال شيخ الإسلام: ولا بأس بترك السترة إذا أمن المرور؛ لحديث ابن عبَّاس) انتهى، والله أعلم.
[حديث: أن النبي صلى بهم بالبطحاء وبين يديه عنزة]
495 -
وبالسند إلى المؤلف قال: (حدثنا أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطياليسي البصري (قال: حدثنا شعبة) هو ابن الحجاج، (عن عَوْن) بفتح المهملة، وإسكان الواو (بن أبي جُحَيفة) بِضَمِّ الجيم، وفتح المهملة مصغرًا (قال: سمعت أبي) هو أبو جحيفة، واسمه وهب بن عبد الله السُّوائي -بضم المهملة- الكوفي، وفي بعض النُّسخ:(يحدث) : (أنَّ النَّبي) الأعظم صلى الله عليه وسلم بفتح الهمزة (صلى بهم) أي: بأصحابه (بالبطحاء)؛ أي: بطحاء مكة، ويقال له: الأبطح أيضًا؛ وهو كل أرض منحدرة أو مسيل واسع فيه دقاق الحصى، وقد سبق تحقيقه، (وبين يديه) بالتثنية (عَنَزة)؛ بفتح العين المهملة؛ وهي نصف الرمح، وخصها بعضهم بأنَّ سنانها في أسفلها، بخلاف الرمح؛ فإنَّ له سنانًا في الأعلى وفي الأسفل أيضًا، كما لا يخفى؛ فافهم، والجملة وقعت حالًا، (الظُّهرَ)؛ بالنصب مفعول (صلى)(ركعتين)؛ بالنصب بدل من المفعول أو حال منه، وإنَّما صلاه هكذا؛ لكونه خرج من مكة ناويًا السفر؛ ففرض المسافر ركعتين، (والعصرَ) بالنصب عطفًا على ما قبله (ركعتين) : بدل أو حال أيضًا، وزاد في رواية آدم الآتية بعد بابين عن شعبة عن عون:(وذلك كان بالهاجرة)؛ وهي وقت اشتداد الحر عند الظهيرة، فكأنَّه عليه السلام خرج بالهاجرة فصلى الظُّهر، ثم دخل وقت العصر، فصلى العصر، فكان كل صلاة بوقتها.
وزعم النَّووي أنَّه يكون عليه السلام جمع بين الصلاتين في وقت الأولى، انتهى.
قلت: ليس كما قال، وليس الواقع هذا، وإنَّما قال ذلك استنصارًا لمذهبه، والحقُّ أنَّه صلى الظُّهر في وقتها، والعصر في وقتها، يدل عليه أنَّ ما رواه آدم لفظه: (خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة، فأُتي بوضوء، فتوضأ، فصلى بنا الظُّهر والعصر
…
)؛ الحديث، ولا ريب أنَّ (الهاجرة) : اشتداد الحر وهو قريب العصر، وإتيانه بوضوء ووضوؤه
(2)
يحتاج إلى مدة من الزمن، فلما فرغ من الوضوء؛ صلى الظُّهر في وقتها، فلما فرغ منه؛ دخل وقت العصر، فقام فصلاه، فليس فيه الجمع بين الصلاتين كما زعمه؛ فليحفظ.
(يَمر) بمثناة تحتية مفتوحة أو بالفوقية (بين يديه) بالتثنية؛ أي: أمام النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم (المرأة والحمار)؛ يعني: بين العنزة والقبلة لا بين المصطفى والسترة، يدل عليه أنَّ في رواية عمر بن زائدة في (الصلاة في الثوب الأحمر) :(ورأيت الناس والدَّواب يمرون بين يدي العنزة)؛ فليحفظ، والجملة محلها نصب على الحال، والجملة الفعلية إذا وقعت حالًا وكان فعلها مضارعًا؛ يجوز فيها الواو وتركها.
قال إمام الشَّارحين: ومطابقة الحديث للتَّرجمة من الوجه الذي ذكرناه في الحديث السَّابق، وفيه: جعل السترة بين يديه إذا كان في الصحراء، وفيه: أنَّ مرور المرأة والحمار لا يقطع الصلاة، وهو قول عامة العلماء، وبه قال الإمام الأعظم، ومالك، والشَّافعي؛ لحديث الباب، فإنَّه يدل على عدم قطع الصلاة بمرور المرأة والحمار، وحديث
(1)
في الأصل: (توجهه)، ولعل المثبت هو الصواب.
(2)
في الأصل: (ووضوئه)، ولا يصح.