الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمر بين أن يكون حجة أو لا يكون حجة؛ سقط الاحتجاج به، ثم نقول: خصهم رسول الله عليه السلام بذلك؛ لأنَّه عرف من طريق الوحي أن شفاءهم فيه، ولا يوجد مثله في زماننا، وهو كما خص الزبير رضي الله عنه بلبس الحرير؛ لحكة كانت به، أو للقمل فإنه كان كثير القمل، أو لأنَّهم كانوا كفارًا في علم الله عز وجل، ورسوله عليه السلام علم من طريق الوحي أنهم يموتون على الردة، ولا يبعد أن يكون شفاء الكافر بالنجس) انتهى.
فإن قلت: هل لأبوال الإبل تأثير في الاستشفاء حتى أمرهم عليه السلام بذلك؟
قلت: قد كانت
(1)
إبله عليه السلام ترعى الشيح والفيوم، وأبوال الإبل الذي ترعى ذلك وألبانها تدخل في علاج نوع من أنواع الاستسقاء، فإذا كان كذلك؛ كان الأمر في هذا أنه عليه السلام عرف بطريق الوحي كون هذه شفاء، وعرف أيضًا من هضم الذي تزيله هذه الأبوال فأمرهم بذلك، ولا يوجد هذا في زماننا حتى إذا فرضنا أن أحدًا عرف مرض شخص بقوة العلم وعرف أنه لا يزيله إلا تناول المحرم؛ يباح له حينئذٍ تناوله كما يباح شرب الخمر عند العطش الشديد، وتناول الميتة عند المخمصة، وأيضًا التمسك بعموم قوله عليه السلام:«استنزهوا من البول؛ فإن عامة عذاب القبر منه» أولى؛ لأنَّه ظاهر في تناول جميع الأبوال فيجب اجتنابها لهذا الوعيد، والحديث رواه أبو هريرة وصححه ابن خزيمة وغيره مرفوعًا.
فإن قلت: لو كانت أبوال الإبل محرمة الشرب؛ لما جاز التداوي بها؛ لما روى أبو داود من حديث أم سَلَمَة رضي الله عنها: «أن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها» .
قلت: هذا محمول على حالة الاختيار، وأما حالة الاضطرار؛ فلا يكون حرامًا؛ كالميتة للاضطرار، كما ذكرنا، وقال ابن حزم:(هذا حديث باطل؛ لأنَّ في سنده سلمان الشيباني، وهو مجهول).
قلت: أخرجه ابن حبان في «صحيحه» ، وصحَّحه.
وقوله: (إن في سنده سلمان) وهم، وإنما هو سليمان؛ بزيادة مثناة تحتية، وهو أحد الثقات، أخرج عنه البخاري ومسلم في «صحيحيهما» .
فإن قلت: يردُّ عليه قوله عليه السلام في الخمر: «إنها ليست بدواء، وإنها داء» في جواب من سأله عند التداوي بها؟
قلت: هذا روي عن سويد بن طارق: أنه سأل رسول الله عليه السلام عن الخمر، فنهاه، ثم سأله فيها، فنهاه، فقال: يا نبي الله؛ إنها دواء، فقال:«لا، ولكنها داء» ، وأجاب ابن حزم عن ذلك، فقال: (لا حجة فيه؛ لأنَّ في سنده سماك بن حرب، وهو يقبل التلقين شهد عليه بذلك شعبة وغيره، ولو صح؛ لم يكن فيه حجة؛ لأنَّ فيه أن الخمر ليست
(2)
بدواء، ولا خلاف بيننا في أن ما ليس بدواء لا يحل تناوله)، وقد أجاب ابن حجر: بأن ذلك خاص بالخمر، ويلتحق به غيره من المسكرات.
قلت: وفيه نظر؛ لأنَّ دعوى الخصوصية بلا دليل لا تسمع، والجواب القاطع: أن هذا محمول على حالة الاختيار، كما ذكرنا، قاله في «عمدة القاري» ، واعترضه العجلوني: بأنه إنَّما ذكر النبيُّ عليه السلام الدائية في الخمر، فقيس عليها بقية المسكرات، وأما باقي المسكرات؛ فليس كذلك، فالمثبت لها حكم الخمر هو المحتاج للدليل.
قلت: وهذا خبط فاسد، فإن دليل باقي المسكرات ثابتة بالقياس على الخمر؛ لكمال الجامع بينهما على أنهادِّعاء الخصوصية غير مزال، بل هو باقٍ، ومدعيها مطالب بالدليل، وذكر النبيُّ الأعظم عليه السلام الدائية في الخمر؛ نظرًا إلى حالة الاختيار كما علمت؛ فليحفظ.
ثم قال في «عمدة القاري» : (فإن قلت: روي عن ابن عمر رضي الله عنهما: (كانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد، فلم يكونوا يرشون شيئًا)، وروي عن جابر والبَرَاء رضي الله عنهما مرفوعًا:«ما أكل لحمه؛ فلا بأس ببوله» ، وحديث ابن مسعود الآتي ذكره في باب (إذا ألقي على ظهر المصلي قذرًا وجيفة؛ لم تفسد صلاته)، والحديث الصحيح الذي ورد في غزوة تبوك:(فكان الرجل يجر بعيره فيعصر فرثه فيشربه، ويجعل ما بقي في كبده)، قلت: أما حديث ابن عمر؛ فغير مسند؛ لأنَّه ليس فيه أنه عليه السلام علم بذلك، وأما حديث جابر والبَرَاء؛ فرواه الدارقطني وضعَّفه، وأما حديث ابن مسعود؛ فلأنَّه كان بمكة قبل ورود الحكم بتحريم النجو والدم، وقال ابن حزم:(هو منسوخ بلا شك)، وأما حديث غزوة تبوك؛ فقد قيل: إنه كان للتداوي، وقال ابن خزيمة:(لو كان الفرث إذا عصره نجسًا؛ لم يجز للمرء أن يجعله على كبده) انتهى.
(قال أبو قِلابة)؛ بكسر القاف، عبد الله:(فهؤلاء)؛ أي: العرنيون والعكليون (سرقوا) إنَّما أطلق عليهم سراقًا؛ لأنَّهم أخذوا اللقاح سرقة؛ لكونه من حرز حافظ، كذا في «عمدة القاري» .
قلت: الحافظ هو الراعي، فإذا كان مع المواشي راعٍ وهو حافظ لها، وسرق منها شيء؛ قطع، كذا أطلقه شيخ الإسلام خواهر زاده، وقيل: لا بد للقطع من وجود حافظ سوى الراعي، كذا قاله الإمام البقالي، وأفتى به، ووفق في «فتح القدير» : بأن الراعي لم يقصد حفظها من السارق بخلاف غيره، ولو كانت تأوي في الليل إلى بيت بني لها عليه باب مغلق فكسره وسرق منها شاة؛ قطع، ولا يعتبر الغلق إذا كان الباب مردودًا إلا أن يكون بيتًا منفردًا في الصحراء بمأوى المراح، كذا في «النهر الفائق» ، وسيأتي في محله إن شاء الله تعالى.
(وقتلوا)؛ أي: قتلوا راعي لقاح النبيِّ الأعظم صلى الله عليه وسلم، ورعيان إبل الصدقة كما قدمناه؛ فافهم، (وكفروا بعد إيمانهم) قال الكرماني: عُلِم ذلك من الطرق الأُخر، فقد روى مسلم في «صحيحه» ، والترمذي: أنهم ارتدوا عن الإسلام، قال القسطلاني: وهو في رواية سَعِيْد عن أنس في (المغازي)، وفي رواية وهيب في (الجهاد) في أصل الحديث؛ فتأمل، (وحاربوا) بالحاء المهملة (الله ورسوله) عليه السلام، وإنما أطلق عليهم محاربين؛ لما ثبت عند أحمد من رواية حميد عن أنس رضي الله [عنه] في أصل الحديث، وهربوا محاربين، وقول المؤلف: (قال أبو قلابة
…
) إلخ إن كان داخلًا
(3)
في قول أيُّوب مفعولًا له؛ يكون داخلًا تحت الإسناد، وإن كان مقول البخاري؛ يكون تعليقًا منه، كذا قاله في «عمدة القاري» ، وزعم ابن حجر: أن هذا قاله أبو قلابة استنباطًا، ثم قال: ليس موقوفًا على أبي قلابة كما توهمه بعضهم، ورده في «عمدة القاري» ، فقال:(قلت: كلامه متناقض، كما لا يخفى) انتهى.
قلت: ولم يذكر وجه التناقض، ووجهه ظاهر، فإن قوله:(قاله استنباطًا) يفيد أنه موقوف عليه.
وقوله: (ليس موقوفًا) يفيد أنه مرفوع، وهذا التناقض ظاهر، وزعم العجلوني: أن مراد ابن حجر أنه استنباط من أبي قلابة هو قوله: (سرقوا)، وأما الذي جعله ليس موقوفًا على أبي قلابة؛ فهو قوله: (وكفروا بعد إيمانهم
…
) إلخ؛ فتأمل.
قلت: تأملته فرأيته خلطًا وخبطًا، فإن المتبادر من كلام ابن حجر والظاهر منه أن قول أبي قلابة جميعه استنباطًا، وأنه ليس موقوفًا، وهذا التفصيل الذي زعمه العجلوني هو غير مراده؛ لأنَّه لو كان كذلك؛ لصرح به، وما هو إلا كلام بارد، وذهن شارد.
قال في «عمدة القاري» : (وفي الحديث من الأحكام: نظر الإمام في مصالح قدوة القبائل والغرباء إليه وأمره لهم بما يناسب حالهم، وإصلاح أبدانهم، وفيه: جواز التطبُّب وطب كل جسد بما اعتاده، ولهذا أفرد البخاري بابًا لهذا الحديث وترجم عليه: (الدواء بأبوال الإبل وألبانها)، وفيه: ثبوت أحكام المحاربة في الصحراء، فإنه عليه السلام بعث في طلبهم لما بلغه فعلهم بالرعاء، واختلف
(1)
في الأصل: (كان).
(2)
في الأصل: (ليس)، وكلاهما صحيح.
(3)
في الأصل: (دخلًا)، ولعل المثبت هو الصواب.
العلماء في ثبوت أحكامها في الأمصار، فنفاه الإمام الأعظم، وأصحابه، والجمهور، وأثبته مالك، والشافعي، وفيه: مشروعية المماثلة في القصاص، وفيه: جواز عقوبة المحاربين، وهو موافق لقوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ
…
}؛ الآية [المائدة: 33]، وهل كلمة (أو) فيها للتخيير أو للتنويع قولان، وفيه: قتل المرتد من غير استتابة، وفي كونها واجبة أو مستحبة خلاف مشهور، وقيل: هؤلاء حاربوا والمرتد إذا حارب لا يُسْتَتَاب؛ لأنَّه يجب قتله، فلا معنى للاستتابة، انتهى، والله تعالى أعلم.
[حديث: كان النبي يصلي قبل أن يبنى المسجد في مرابض الغنم]
234 -
وبه قال: (حدثنا آدم)؛ بفتح الهمزة الممدودة، هو ابن أبي إياس؛ بكسرها (قال: حدثنا شعبة) هو ابن الحجاج (قال: أخبرنا) وللأصيلي: (حدثنا)(أبو التَّيَّاح)؛ بفتح المثناة الفوقية المشددة، وتشديد التحتية، آخره حاء مهملة بعد الألف، وثبت في رواية زيادة:(أبو التياح يزيد بن حميد)، (عن أنس)؛ أي: ابن مالك رضي الله عنه (قال: كان النبيُّ) الأعظم صلى الله عليه وسلم يصلي قبل أن يبني المسجد) أي: مسجده عليه السلام (في مرابض الغنم)؛ جمع مَربِض؛ بفتح الميم، وكسر الموحدة، من ربَض بالمكان يربِض من باب (ضرَب يضرِب)؛ إذا لصق به، وأقام ملازمًا له، والمربض: المكان الذي يربض فيه، والمرابض للغنم كالمعاطن للإبل، وربوض الغنم كنزول الجمل، وقول ابن حجر:(المِربَض؛ بكسر أوله، وفتح الموحدة) غلط فاحش صريح، كما لا يخفى، قال ابن المُنْذِر: أجمع كل من يحفظ عنه العلم على إباحة الصَّلاة في مرابض الغنم إلا الشافعي، فإنه قال: لا أكره الصَّلاة في مرابض الغنم إذا كان سليمًا من أبعارها وأبوالها، وممن روي عنه إجازة ذلك وفعله: ابن عمر، وجابر، وأبو ذر، والزبير، والحسن، وابن سيرين، والنخعي، وعطاء، وقال ابن بطال: حديث الباب حجة على الشافعي؛ لأنَّ الحديث ليس فيه تخصيص موضع من آخر، ومعلوم أن مرابضها لا تسلم من البعر والبول، فدل على الإباحة، وعلى طهارة البول والبعر، ففيه المطابقة للترجمة قال في «عمدة القاري» : قد استدلَّ به من يقول بطهارة بول المأكول ولحمه
(1)
، وروثه، وقالوا: لأنَّ المرابض لا تخلو عن ذلك، فدل على أنهم كانوا يباشرونها في صلاتهم فلا تكون نجسة، وأجاب مخالفوهم: باحتمال وجود الحائل، ورد عليهم: بأنهم لم يكونوا يصلون على حائل دون الأرض، ورد عليهم: بأنه شهادة على النفي، وأيضًا فقد ثبت في «الصحيحين» عن أنس رضي الله عنه:(أن النبيَّ عليه السلام صلى على حصير في دارهم)، وصح عن عائشة رضي الله عنها:(أنه عليه السلام كان يصلي على الطريق)، وقال ابن حزم: هذا الحديث -يعني: حديث الباب -منسوخ؛ لأنَّ فيه أن ذلك كان قبل أن يُبْنى المسجد، فاقتضى أنه في أول الهجرة، ورد عليه بما صح عن عائشة:(أنه عليه السلام أمرهم ببناء المساجد في الدور، وأن تُطَيَّبَ وتُنَظَّف)، رواه أبو داود وأحمد وغيرهما، وصححه ابن خزيمة وغيره، ولأبي داود نحوه من حديث سمرة، وزاد:(وأن يطهرها)، قال: وهذا بعد بناء المسجد، وما ادُّعي من النسخ يقتضي الجواز، ثم المنع، ويرد هذا إذنه عليه السلام في الصَّلاة في مرابض الغنم، وفي «صحيح ابن حبان» عن أبي هريرة قال: قال رسول الله عليه السلام: «إن لم تجدوا إلا مرابض الغنم، وأعطان الإبل؛ فصلوا في مرابض الغنم، ولا تصلوا في أعطان الإبل» ، قال الطوسي والترمذي:(حديث حسن صحيح)، وفي «تاريخ نيسابور» من حديث أبي حيان، عن أبي زرعة، عنه مرفوعًا:«الغنم من دوابِّ الجنة، فامسحوا رغامها، وصلوا في مرابضها» ، وعند البزار في «مسنده» :«وأحسنوا إليها، وأميطوا عنها الأذى» ، وفي حديث عبد الله بن المغفَّل:«صلوا في مرابض الغنم، ولا تصلوا في أعطان الإبل، فإنها خلقت من الشياطين» .
قال البيهقي: (كذا رواه جماعة)، وقال بعضهم: كنا نؤمر ولم يذكر النبيَّ عليه السلام، وفي لفظ:«إذا أدركتم الصَّلاة وأنتم في مراح الغنم؛ فصلوا فيها؛ فإنها سكينة وبركة، وإذا أدركتم الصَّلاة وأنتم في أعطان الإبل؛ فاخرجوا منها؛ فإنها جن خلقت من الجن، ألا ترى أنها إذا نفرت؛ كيف تشمخ بأنفها» ، وفي مسند عبد الله بن وهب البصري، عن سَعِيْد بن أبي أيُّوب، عن رجل حدثه عن ابن المغفَّل:(نهى النبيُّ عليه السلام أن يصلَّى في معاطن الإبل، وأمر أن يصلَّى في مراح الغنم والبقر)، وعند ابن ماجه بسند صحيح من حديث عبد الملك بن الربيع بن سبرة، عن أبيه، عن جده مرفوعًا:«لا يُصلَّى في أعطان الإبل، ويُصلَّى في مراح الغنم» ، وعند أبي القاسم بسند: لا بأس به، عن عُقْبَة بن عامر:«صلوا في مرابض الغنم» ، وكذا رواه ابن عمر، وأُسَيْد بن حضير، وعند ابن خزيمة من حديث البَرَاء: سئل النبيُّ عليه السلام عن الصَّلاة في مرابض الغنم، فقال:«صلُّوا فيها؛ فإنها بركة» .
وقال ابن المُنْذِر: (تجوز الصَّلاة أيضًا في مراح البقر؛ لعموم قوله عليه السلام: «أينما أدركتك الصَّلاة؛ فصلِّ»، وهو قول عطاء، ومالك).
قلت: ذهل ابن المُنْذِر عن حديث عبد الله بن وهب الذي ذكرناه آنفًا حتى استدل بذلك، فلو وقف عليه؛ لاستدل به، والله أعلم، انتهى كلامه رحمه الله، ورضي عنه.
(67)
[باب ما يقع من النجاسات في السمن والماء]
(باب ما يقع من النجاسات في السمن والماء)؛ فـ (ما) موصول اسمي، أو حرفي، أو نكرة موصوفة، واقتصر في «عمدة القاري» على جعلها مصدرية، وجعل (من) بيانية، فقال: هذا باب في بيان حكم وقوع النجاسة في السمن والماء، واعترض تقدير ابن حجر هل ينجسها أم لا؟ أو لا ينجس الماء إلا إذا تغيَّر دون غيره، انتهى، فقال:(لا حاجة إلى هذا التفسير، فكأنه لما خفي عليه المعنى الذي ذكرناه؛ قدر ما قدره) انتهى كلام «عمدة القاري» ، وابن حجر.
قلت: ولا يخفى على المنصف حسن كلام «عمدة القاري» وما قدرناه، كما لا يخفى على أولي الألباب.
وأشار المؤلف بـ (السمن) إلى كل جامد رطب؛ كالدبس، والعسل، وغيرهما، وبـ (الماء) إلى سائر المائعات، وأن الجامد الرطب لا يتنجس منه إلا ما لاقى النجس فقط، وأما المائع؛ فإن كان ماء؛ ينظر، فإن كان جاريًا؛ فلا ينجس إلا بالتغيير، وإن كان غيره؛ فيتنجَّس مطلقًا بمجرد الملاقاة له، وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى.
(وقال) محمَّد بن مسلم ابن شهاب (الزُّهري)؛ الفقيه المدني نزيل ديارنا الشريفة الشامية، وهذا تعليق من المؤلف، ولكنه قد وصله عبد الله بن وهب في «مسنده» عن يونس عنه قال:(كل ماء فضل مما يصيبه من الأذى حتى لا يغير ذلك طعمه، ولا لونه، ولا ريحه؛ فلا بأس أن يتوضَّأ به)، وروي في هذا المعنى حديث عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله عليه السلام: «إن الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه، وطعمه، ولونه» ، رواه ابن ماجه، وقال الدارقطني:(إنما يصح هذا من قول راشد بن سعد، ولم يرفعه غير رشيد بن سعد).
قلت: وفيه نظر؛ لأنَّ أبا أحمد بن عديٍّ رواه في «الكامل» من طريق أحمد بن عمر، عن حفص بن عمر: حدثنا ثور بن يزيد، عن راشد بن سعد، عن أبي أمامة؛ فرفعه، وقال: لم يروه عن ثور إلا حفص.
قلت: وفيه نظر أيضًا؛ لأنَّ البيهقي رواه من حديث أبي الوليد، عن الساماني، عن عطية بن بقية بن الوليد، عن أبيه، عن ثور، وقال البيهقي: والحديث غير قوي إلا أنا لا نعلم في
(1)
في الأصل: (لحمه)، ولعل المثبت هو الصواب.