الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هو تشديد الدَّال وتشديد الهاء أيضًا.
قلت: ولا منع من ذلك من حيث قاعدة التصريف، ولكن رعاية السماع أولى مع رعاية المناسبة بين المعطوف والمعطوف عليه، انتهى.
(لا يرون) أي: من سلف من الصحابة والتابعين (به) أي: باستعمال عِظام الموتى (بأسًا)؛ أي: حرجًا، فلو كان نجسًا؛ لما استعملوه امتشاطًا وادهانًا، وعلم منه ضرورة أنه إذا وقع منه شيء في الماء؛ لا يفسده؛ لأنَّه طاهر، وهو مذهب الإمام الأعظم، وأصحابه، والجمهور؛ لأنَّه لا تحله الحياة، ولحديث أم سَلَمَة رضي الله عنها مرفوعًا:«لا بأس بمسك الميتة إذا دُبِغ، ولا بشعرها إذا غُسِل بالماء» ، ولحديث ابن عباس:(إنما حرم من الميتة ما يؤكل منها، وهو اللحم، فأمَّا السن، والجلد، والعظم، والشعر، والصوف؛ فهو حلال)، رواهما الدارقطني وغيره، وقال البيهقي: وقد روى عبد الجبار بن مسلم عن الزُّهري شيئًا بمعناه.
وزعم ابن بطال أن حديث أم سَلَمَة رواه يوسف بن أبي السفر، وهو متروك.
وردَّه في «عمدة القاري» : بأنَّه لا يؤثر فيه ما قال إلا بعد جهته، والجرح المبهم غير مقبول عند الحذاق من الأصوليين، وكان هو كاتب الأوزاعي، وقال ابن حبيب: أجاز الليث، وابن الماجشون، وابن وهب، ومطرف، وإصبغ: الامتشاط بها، والادهان فيها، وقال الليث وابن وهب: إن غلا العظم في ماء سخن وطبخ؛ جاز الادهان منه، والامتشاط فيه، وقال مالك والشافعي: عظم الفيلة ونحوه نجس؛ لما رواه الشافعي عن إبراهيم بن محمَّد، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر: أنه كان يكره أن يدهن في مدهن من عِظام الفيل، وقال ابن المواز: نهى مالك عن الانتفاع بعظم الميتة والفيل، ولم يطلق تحريمها؛ لأنَّ عروة، وابن شهاب، وربيعة أجازوا الامتشاط بها، وقال مالك: إذا ذكي الفيل؛ فعظمه طاهر، وقال الشافعي: الذكاة لا تعمل في السباع؛ فهو نجس؛ لأنَّه تحله الحياة، قال تعالى:{قَالَ مَن يُحْيِي العِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ*قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} [يس: 78 - 79].
قلت: ما رواه الشافعي لا يدل على أنه نجس؛ لأنَّه موقوف عليه، والكراهة لا تفيد النَّجاسة، بل يفيد الطهارة مع كراهة التنزيه، فيجوز استعماله، لا سيما وقد روي ذلك مرفوعًا إلى النبيِّ الأعظم صلى الله عليه وسلم، فكيف يترك العمل بالحديث المرفوع؟! وأيضًا الآية لا تدل على ما قاله؛ لأنَّ معنى إحياء العظام: ردها إلى ما كانت عليه غضة رطبة في بَدَنٍ حيٍّ حساس؛ بدليل أن أجزاء الإنسان تفرق في مشارق العالم ومغاربه، ويصير بضعه في أبدان السباع، وبعضه في حواصل الطيور، وبعضه في جدران المنازل، فيجمعها سبحانه وتعالى ويردها كما كانت عليه، وهذا معنى الآية، فالعظم لا تحله الحياة؛ فافهم.
(وقال ابن سيرين) : هو محمَّد التابعي المشهور (وإبراهيم) : هو النخعي، وأسقط أكثر الرواة ذكر إبراهيم النخعي، أمَّا تعليق ابن سيرين؛ فذكره عبد الرزاق عن الفربري، ولفظه:(أنه كان لا يرى بالتجارة في العاج بأسًا)، وفي بعض الروايات ذكر إبراهيم النخعي، ولم أر من الشراح من ذكر لفظ أثره، ولعله باللفظ الذي ذكره المؤلف بقوله:(لا بأس) أي: لا حرج (بتِّجارة العاج)؛ أي: بتجارة في العاج، والتِّجارة؛ بكسر المثناة الفوقية، وفي بعض النسخ:(بنُّجارة)؛ بالنُّون المضمومة، من النجر؛ وهو القشر والخرط؛ والمعنى: لا بأس باستعمال نشارة
(1)
العاج؛ لأنَّها طاهرة، والرواية المصححة: أنه بالمثناة، ويحتمل أن النجارة؛ بالنُّون محرفة عنها، أو غلط من الناسخين؛ فافهمو (العاج)؛ بتخفيف الجيم، جمع عاجة، قال الجوهري: العاج: عظم الفيل، وكذا قال في «العباب» ، ثم قال: (والعاج أيضًا: الذَّبل؛ وهو ظهر السلحفاة البحرية، يتخذ منه السوار، والخاتم، وغيرهما، وقال جرير:
ترى العبس الحولي جونًا بكوعها
(2)
…
لها مسكًا من غير عاج ولا ذبل
فهذا يدل على أنَّ العاج غير الذَّبل، وفي «المحكم» : العاج: أنياب الفيلة، ولا يسمى غير الناب عاجًا، وقد أنكر الخليل أن يسمى سوى أنياب الفيلة، وذكر غيره أن الذَّبل يسمى: عاجًا، وكذا قاله الخطابي، وأنكروا عليه، والذَّبْل؛ بفتح الذال المعجمة، وسكون الموحدة، قال الأزهري: الذَّبل: القرون، فإذا كان من عاج؛ فهو مسك وعاج، ووقف، وإذا كان من ذبل؛ فهو مسك لا غير.
وزعم ابن حجر قال القالي: العرب تسمي كل عظم: عاجًا، فإن ثبت هذا؛ فلا حجة في الأثر المذكور على طهارة عظم الفيل.
وردَّه في «عمدة القاري» بقوله: (قلت: مع وجود النقل عن الخليل لا يعتبر نقل القالي مع ما ذكرنا من الدليل على طهارة عظم الميتة مطلقًا) انتهى؛ أي: سواء كانت من مأكول اللحم أو غيره، والمراد من الدليل: الأحاديث المرفوعة إلى النبيِّ الأعظم عليه السلام، كما وقفت عليها؛ فافهم.
فالأحاديث والآثار في هذا الباب تدل صريحًا على أنَّ عظام الميتة طاهرة مطلقًا، وهو مذهب ابن سيرين وإبراهيم النخعي، فإن أثرهما يدل على الطهارة مطلقًا، كما ذكرنا، ويدل لذلك ما ذكره ابن الملقن من أنه روي عن النبيِّ [عليه] السَّلام:(أنه امتشط بمشط من عاج)، وروى أبو داود: أنه عليه السلام قال لثوبان
(3)
: «اشتر لفاطمة سوارين من عاج» ، لكنهما ضعيفان.
قلت: لكنهما قد تعددت طرقهما، وبتعدادها يتقويان؛ فافهم.
وزعم القسطلاني: أن إيراد المؤلف لهذا كله يدل على أنَّ عنده أن الماء قليلًا كان أو كثيرًا لا ينجس إلا بالتغيير، كما هو مذهب مالك، انتهى.
قلت: ولا يلزم من إيراده لها أن يكون عنده كذلك؛ لأنَّ مراده بيان المذاهب من الصحابة والتابعين لا بيان مذهبه، على أنه لو كان مذهبه هكذا؛ لأورد حديثًا يدل لما عنده مع أنه قد أنكر حديث القلتين هو وأشياخه، وبعضهم ضعفه من حيث السند والمتن، وقد بسطنا الكلام عليه فيما مضى، والله أعلم.
[حديث: ألقوها وما حولها فاطرحوه]
235 -
وبه قال: (حدثنا إسماعيل) : هو ابن أبي أويس (قال: حدثني) بالإفراد (مالك) : هو ابن أنس الأصبحي، (عن ابن شهاب) : زاد في الرواية: (الزُّهري)؛ أي: محمَّد بن مسلم، (عن عُبيد الله)؛ بالتصغير، بضمِّ العين (بن عبد الله)؛ بالتكبير، زاد في رواية:(ابن عُتْبَة بن مسعود)، (عن ابن عباس) رضي الله عنهما، (عن ميمونة) : أم المؤمنين بنت الحارث خالة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: (أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل)؛ بضمِّ السين المهملة، مبنيًّا للمفعول، قال القسطلاني: ويحتمل أن يكون السائل ميمونة.
قلت: وهذا الاحتمال بعيد؛ لأنَّه لو كان كذلك؛ لقالت: قلت: يا رسول الله عليه السلام، ولم تقل:(سُئل)؛ بالبناء للمجهول؛ لأنَّها لو كانت هي السائلة؛ يلزم منها بالإبهام صفة الكبر والعجب، وهي وأمثالها منزهة عن ذلك؛ فليحفظ، فالتحقيق أنه لم يعلم السائل، (عن فأْرة)؛ بهمزة ساكنة، وجمعها: فأر؛ بالهمز أيضًا، وقد تبدل الهمزة ألفًا (سقطت)؛ أي: وقعت (في سمن)؛ أي: جامد، كما في رواية النسائي عن مالك، وزاد المؤلف في (الذبائح) :(فماتت)؛ لأنَّها في حال حياتها طاهرة، وهو مذهب الإمام الأعظم وأصحابه جميعًا بلا خلاف بينهم، وهو مذهب مالك والجمهور، وعند الشافعي: هي نجسة، كما زعمه ابن العربي؛ فافهم، (فقال)؛ أي: النبيُّ الأعظم صلى الله عليه وسلم: (أَلقوها)؛ أي: الفأرة؛ بقطع الهمزة المفتوحة؛ أي: ارموها (وما حولها)؛ أي: وما حول الفأرة من السمن، ويعلم من هذه الرواية: أن السمن كان جامدًا، كما صرح به في الرواية الأخرى؛ لأنَّ المائع لا حوله
(4)
له؛ إذ الكل حوله، قاله صاحب «عمدة القاري» رحمه الله، ورضي الله عنه، وقوله:(فاطرحوه) : ثبت في رواية؛ ومعناه: اطرحوا الملقي
(5)
من الفأرة وما حولها، وهذا مراد من عبر بـ (اطرحوا) بالجميع، ويكون تأكيدًا لما قبله، (وكلوا سمنكم)؛ أي: الباقي؛ لعدم تنجسه بسريان النَّجاسة إليه؛ لأنَّه جامد؛ لأنَّ الجامد لا يسري بعضه إلى بعض، بخلاف المائع، قال في «عمدة القاري» : وفي الحديث: أن السمن الجامد إذا وقعت فيه فأرة أو نحوها؛ تُطْرَحُ الفأرة، ويؤخذ ما حولها من
(1)
في الأصل: (بشارة)، وهو تصحيف.
(2)
في الأصل: (الفيل يجري وجوه بكعوبها)، ولعل المثبت هو الصواب.
(3)
في الأصل: (لنوبان)، وهو تصحيف.
(4)
في الأصل: (لا حول)، ولعل المثبت هو الصواب.
(5)
في الأصل: (الملقو)، وليس بصحيح.
السمن، وتُرْمَى به، ولكن إذا تحقق أن شيئًا منها إذا لم يصل إلى شيء خارج عما حولها، والباقي يُؤْكَل، ويقاس على هذا نحو العسل والدبس إذا كان جامدًا؛ فيجري فيه هذا الحكم، وأما المائع؛ فقد اختلفوا فيه؛ فذهب الجمهور إلى أنَّه ينجس كله قليلًا كان أو كثيرًا، وقد شذَّ قوم؛ فجعلوا المائع كله كالماء، ولا يعتبر ذلك؛ لأنَّهم ليسوا عند أهل العلم ممن يعتد لهم بخلاف، فلا وجه للاشتغال برده، وسلك داود بن علي الظاهري مسلكهم إلا في السمن الجامد والذائب، فإنه تبع فيه ظاهر هذا الحديث، وخالف معناه في العسل والخل وسائر المائعات، فجعلها كلها في لحوق النَّجاسة إياها بما ظهر فيها، فشذ أيضًا، ويلزمه ألَّا يتعدى الفأرة، كما لا يتعدى السمن، قال: واختلف العلماء في الاستصباح به بعد إجماعهم على نجاسته، فقالت طائفة: لا يستصبح به، ولا ينتفع بشيء منه، وممن قال بذلك الحسن بن صالح وأحمد ابن حنبل محتجين بالرواية المذكورة، وإن كان مائعًا؛ فلا تقربوه، وبعموم النهي عن الميتة في الكتاب العزيز، وقال آخرون: يجوز الاستصباح به والانتفاع في كل شيء إلا الأكل والبيع، وهو قول مالك بن أنس، ومحمَّد بن إدريس، والثوري، أما الأكل؛ فمجمع على تحريمه إلا الشذوذ الذي قدمناه، وأما الاستصباح؛ فروي عن علي وابن عمر رضي الله عنهم: أنهما أجازا ذلك، ومن حجتهم في تحريم بيعه قوله عليه السلام:«لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم فباعوها، وأكلوا ثمنها، إن الله إذا حرم أكل شيء؛ حرم ثمنه» ، وقال الجمهور منهم: يجوز أن ينتفع به، ويجوز بيعه، ولا يؤكل، وممن قال بذلك: الإمام الأعظم، والإمام أبو يوسف، والإمام محمَّد، وأصحابه، والليث بن سعد، وقد روي ذلك عن أبي موسى الأشعري، والقاسم، وسلام محتجين بالرواية الأخرى وإن كان مائعًا، فاستصبحوا به، وانتفعوا به، والبيع من باب الانتفاع.
وأما قوله في حديث عبد الرزاق: (وإن كان مائعًا؛ فلا تقربوه)؛ فيحتمل أن يراد به الأكل، وقد أجرى صلى الله عليه وسلم التحريم في شحوم الميتة من كل وجه، ومنع الانتفاع بشيء منها غير الأكل، ومن حجة النظر: أن شحوم الميتة محرمة العين والذات، وأما الزيت ونحوه إذا وقعت فيه الفأرة الميتة؛ فإنما يَنْجُس بالمجاورة، وما يَنْجُس بالمجاورة؛ فبيعه جائز؛ كالثوب تصيبه النَّجاسة من الدم وغيره؛ فيصح بيعه.
وأما قوله عليه السلام: «إن الله إذا حرم أكل شيء؛ حرم ثمنه» ؛ فإنما حرم على لحوم الميتة التي حرم أكلها، ولم يُبَحِ الانتفاع بشيء منها، وكذلك الخمر، وأجاز عبد الله بن نافع: غسل الزيت وشبهه تقع فيه الميتة، وروي عن مالك أيضًا، وصفته: أن يعمد إلى ثلاثة أوان أو أكثر، فيجعل النجس في واحدة منها حتى يكون نصفها أو نحوه، ثم ينصَبُّ عليه الماء حتى يمتلئ، ثم يؤخذ الزيت من أعلى الماء، ثم يجعل في آخر، ويعمل به كذلك، ثم في آخر، وهو قول ليس لقائله سلف فيه، ولا تسكن النفس إليه.
وقال الإمام أبو يوسف رضي الله عنه: يطهر ما لا ينعصر بالعصر بغسله ثلاثًا، وتجفيفه في كل مرة، وذلك كالحنطة، والخرقة الجديدة، والحصير، أو السكين المموه بالماء النجس، واللحم المغلي بالماء النجس، فالطريق فيه أن تُغْسَلَ الحنطة ثلاثًا، وتجفف في كل مرة، وكذلك الحصير، وتغسل الخرقة حتى لا يبقى له بعد ذلك طعم، ولا لون، ولا رائحة، وتُمَوَّه السكين بالماء الطاهر ثلاث مرات، ويُطْبَخ اللحم ثلاث مرات، ويجفف في كل مرة، ويرد من الطبخ، وأما العسل، واللبن، ونحوهما إذا ماتت فيه فأرة ونحوها؛ فتجعل في الإناء، وتصب فيه الماء، ويطبخ حتى يعود إلى ما كان، هكذا يفعل ثلاث مرات.
وقال الإمام محمَّد بن الحسن رضي الله عنه: ما لا ينعصر بالعصر إذا تنجس؛ لا يطهر أبدًا، وقد روي ذلك عن عطاء، وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عنه قال: ذكروا أنه يُدْهَنُ به السفن، ولا يمس ذلك، ولكن يؤخذ بعود، فقلت: يُدْهَنُ به غير السفن؟ قال: لم يعلم، قلت: وأين يُدْهَنُ به من السفن؟ قال: ظهورها ولا يُدْهَنُ بطونها، قلت: فلا بد أن يمس، قال: يغسل يديه من مسه، وقد روي عن جابر: المنع من الدهن به، وعن سحنون: إن موتها في الزيت الكثير غير ضار، وليس الزيت كالماء، وعن عبد الملك: إذا وقعت فأرة أو دجاجة في زيت أو بئر؛ فإن لم يتغير طعمه ولا ريحه؛ أزيل ذلك منه، ولم يتنجس، وإن ماتت فيه؛ تنجس وإن كثر
(1)
؛ لأنَّ الفأرة حال حياتها طاهرة عندنا وعند مالك، وقول ابن العربي: إنها نجسة عندنا خطأ، بل النَّجاسة قول الشافعي، والله تعالى أعلم، انتهى.
[حديث: خذوها وما حولها فاطرحوه]
236 -
وبه قال: (حدثنا علي بن عبد الله) هو ابن المديني (قال: حدثنا مَعْن)؛ بفتح الميم، وسكون العين المهملة، آخره نون: ابن عيسى أبو يحيى القزَّاز -بالقاف، والزايين المنقوطتين؛ أولاهما مشددة- المدني، كان له غلمان حاكة وهو يشتري القز، ويلقي إليهم، وكان يتوسد عُقْبَة بن مالك، قرأ «الموطأ» على مالك للرشيد وبنيه، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (قال: حدثنا مالك) : هو ابن أنس الأصبحي، (عن ابن شهاب) : محمَّد بن مسلم الزُّهري، (عن عُبيد الله)؛ بضمِّ العين، بالتصغير (بن عبد الله)؛ بالتكبير (بن عُتْبَة)؛ بضمِّ العين المهملة، وسكون الفوقية، وفتح الموحدة بعدها (بن مسعود) رضي الله عنهما، و (عُتْبَة) : هو أخ عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنهم أجمعين، (عن ابن عباس) : عبد الله رضي الله عنهما، (عن مَيْمُونة)؛ بفتح الميم الأولى، وسكون التحتية، وضم الميم الثانية: بنت الحارث أم المؤمنين، وخالة ابن عباس رضي الله عنهما:(أنَّ النبيَّ) الأعظم صلى الله عليه وسلم سُئل)؛ بضمِّ السين المهملة، مبني للمجهول، فالظاهر هنا وفيما سبق: أن السائل غير ميمونة، وزعم ابن حجر أن السائل عن ذلك هي ميمونة، ووقع في رواية القطان، وجويرة عن مالك في هذا الحديث:(أن ميمونة استفتت)، رواه الدارقطني.
وردَّه في «عمدة القاري» : بأن في رواية البخاري من طريقين صريح بأنَّ السائل غير ميمونة مع أنه يحتمل أنها هي، ولكن لا يمكن الجزم بأنَّها هي السائلة، كما جزم به هذا القائل، انتهى.
واعترضه العجلوني: بأنَّه إذا كان في رواية البخاري تصريح بأنَّ السائل غيرها كيف يحتمل أن تكون هي؟ انتهى.
قلت: ولا يخفى عليك أن ميمونة زوجة النبيِّ الأعظم عليه السلام وهي عنده في مجسله، فجاء السائل وسأله عن حكم وقوع الفأرة، فأجابه عليه السلام عن ذلك، ثم إن ميمونة سألت النبيَّ عليه السلام عن ذلك حتى تعلم الحكم الذي قصه عليه السلام، فأجابها عليه السلام بذلك أيضًا، فالقصة واحدة، والسائل متعدد، ويحتمل تعدد القصة أيضًا، ويحتمل أن السائل غير معلوم، ورواية الدارقطني لا تدل على أنَّ ميمونة سألت؛ لأنَّه يحتمل أن السائلة امرأة عندها أمرتها بالسؤال منه عليه السلام؛
(1)
في الأصل: (كثير).