الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يدل على أن الدوران إما في الليل، وإما في النهار، فـ (الواو) بمعنى (أو) على التحقيق؛ فافهم.
(وهن) أي: أزواجه الطاهرات (إحدى عشرة)؛ أي: امرأة، قال ابن خزيمة:(لم يقل أحد من أصحاب قتادة: «إحدى عشرة» إلا معاذ بن هشام عن أبيه، وقد روى الصحابي الرواية الأخرى عن أنس: «تسع نسوة»، وجمع بينهما: بأن أزواجه كن تسعًا في هذا الوقت، كما في رواية سَعِيْد: (وسريتان مارية وريحانة)، على رواية من روى أنَّ ريحانة كانت أَمَةً، وروى بعضهم أنها كانت زوجة، وروى أبو عبيد:(أنه كان مع ريحانة فاطمة بنت شريح).
قال ابن بطال: (إنه عليه السلام لا يحل له من الحرائر غير تسع)، ورده في «عمدة القاري» ، وقال:(والأصح عندنا أنه يحل له ما شاء من غير حصر).
وقال ابن حبان: (هذا الفعل ثبت منه أول مقدمه المدينة حيث كان تحته تسع نسوة؛ لأنَّ هذا الفعل كان مرارًا لا مرة واحدة، ولا نعلم أنه تزوج نساءه كلهن في وقت واحد، ولا يستقيم هذا إلا في آخر أمره حيث اجتمع عنده تسع نسوة وجاريتان، ولا نعلم أنه اجتمع عنده إحدى عشرة امرأة بالتزويج، فإنه تزوج بإحدى عشرة؛ أولهن خديجة، ولم يتزوج عليها حتى ماتت).
واعترضه صاحب «عمدة القاري» فقال: قول ابن حبان: (هذا الفعل منه كان في أول مقدمه المدينة حيث كان تحته تسع نسوة) فيه نظر؛ لأنَّه لم يكن معه حين قدم المدينة امرأة سوى سودة، ثم دخل على عائشة بالمدينة، ثم تزوج أم سَلَمَة وحفصة وزينب بنت خزيمة في الثالثة أو الرابعة، ثم تزوج زينب بنت جحش في الخامسة، ثم جويرية في السادسة، ثم حفصة وأم حبيبة وميمونة في السابعة، هؤلاء جميع من دخل بهن من الزوجات بعد الهجرة على المشهور)، ثم قال قدس سره: (واختلفوا في عدة أزواج النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وفي ترتيبهن، وعدة من مات منهن قبله، ومن دخل بها، ومن لم يدخل بها، ومن خطبها ولم ينكحها، ومن عرضت نفسها عليه، فقالوا: إن أول امرأة تزوجها خديجة بنت خويلد، ثم سودة بنت زمعة، ثم عائشة بنت أبي بكر، ثم حفصة بنت عمر بن الخطاب، ثم أم سَلَمَة واسمها هند بنت أبي أمية بن المغيرة، ثم جويرية بنت الحارث، سباها النبيُّ الأعظم عليه السلام في غزوة المريسيع، ثم زينب بنت جحش، ثم زينب بنت خزيمة، ثم ريحانة بنت زيد من بني قريظة، وقيل: من بني النضر سباها النبيُّ عليه السلام، ثم أعتقها وتزوجها في سنة ستٍّ، وماتت بعد عوده من حجة الوداع، ودفنت بالبقيع، وقيل: ماتت بعده في سنة ستَّ عشرةَ، والأول أصح، ثم أم حبيبة واسمها رملة بنت أبي سفيان أخت معاوية بن أبي سفيان، وليس في الصحابيات من اسمها رملة غيرها، ثم صفية بنت حيي بن أخطب من سبط هارون عليه السلام، وقعت في السبي يوم خيبر، سنة سبع، فاصطفاها النبيُّ عليه السلام، ثم ميمونة بنت الحارث تزوجها رسول الله عليه السلام في ذي القعدة سنة سبع في عمرة القضاء بسرف على عشرة أميال من مكة، وتزوج أيضًا فاطمة بنت الضحاك، وأسماء بنت النعمان، وأمَّا بقية أزواجه عليه السلام اللاتي دخل بهن، أو عقد ولم يدخل؛ فهن ثمان
(1)
وعشرون امرأة:
ريحانة بنت زيد، وقد ذكرناها.
والكلابية، واسمها: عَمرة بنت زيد، وقيل: العالية بنت ظبيان، وقال الزُّهري: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم العالية بنت ظبيان، ودخل بها وطلقها، وقيل: لم يدخل بها وطلقها، وقيل: فاطمة بنت الضحاك، قال الزُّهري: تزوجها فاستعاذت منه فطلقها فكانت تلقط البعر، وتقول: أنا الشقية.
وأسماء بنت النعمان، تزوجها عليه السلام ودعاها قالت: تعال أنت، فطلقها، وقيل: هي التي استعاذت منه.
وقتيلة
(2)
بنت قَيْس أخت الأشعث بن قَيْس، زوَّجه إياها أخوها، ثم انصرف إلى حضرموت، فحملها إليه فبلغه وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فردها إلى بلاده وارتد عن الإسلام، وارتدت
(3)
معه.
ومليكة بنت كعب الليثي، قيل: هي التي استعاذت منه، وقيل: دخل بها فماتت عنده، والأول أصح.
وأسماء بنت الصلت السلمية، قيل: اسمها سبأ، قال ابن منده، وقيل: سنا، قاله ابن عساكر، تزوجها عليه السلام فماتت قبل أن يدخل بها.
وأم شريك الأزدية واسمها عزبة
(4)
، طلقها النبي عليه السلام قبل أن يدخل بها، وهي التي وهبت نفسها للنبيِّ عليه السلام، وكانت امرأة صالحة.
وخولة بنت هزيل، تزوجها عليه السلام، فهلكت قبل أن تصل إليه.
وشراف بنت خالد أخت دحية الكلبي، تزوجها النبيُّ عليه السلام، ولم يدخل بها، وفي «عيون الأثر» :(فماتت قبله).
وليلى بنت الحطيم، تزوجها عليه السلام، وكانت غيورًا، فاستقالته فأقالها.
وعمرة بنت معاوية الكندية، مات النبيُّ عليه السلام قبل أن تصل إليه.
والجندعية بنت جندب، تزوجها عليه السلام، ولم يدخل عليها، وقيل: لم يعقد عليها.
والغفارية، قيل: هي السنا، تزوجها عليه السلام فرأى بكشحها بياضًا، فقال:«الحقي بأهلك» .
وهند بنت يزيد، لم يدخل بها.
وصفية بنت بشامة، أصابها سبيًا، فخيرها النبيُّ عليه السلام، فقال:«إن شئت أنا، وإن شئت زوجك» ، فقالت: زوجي، فأرسلها، فلعنتها
(5)
بنو تميم.
وأم هانئ واسمها فاختة بنت أبي طالب، أخت علي بن أبي طالب رضي الله عنه، خطبها النبيُّ عليه السلام، فقالت: إنِّي امرأة مصبية، واعتذرت إليه، فأعذرها.
وضباعة
(6)
بنت عامر، خطبها عليه السلام، فبلغه كبرها.
وجمرة بنت عوف المزني، خطبها عليه السلام، فقال أبوها: إنَّ بها سوءًا، ولم يكن بها شيء، فرجع إليها أبوها وقد برصت، وهي أم شبيب ابن برصاء الشاعر.
وسودة القرشية، خطبها عليه السلام، وكانت مصبية، فقالت: أخاف أن يضغو
(7)
صبيتي عند رأسك، فدعا لها وتركها.
وأمامة بنت حمزة بن عبد المطلب، عرضت على النبيِّ عليه السلام فقال:«هي ابنة أخي من الرضاعة» .
وعزة بنت أبي سفيان بن حرب، عرضتها أختها أم حبيبة على النبيِّ عليه السلام فقال:«إنها لا تحل لي» ؛ لمكان أختها أم حبيبة تحت النبيِّ عليه السلام.
وكليبة لم يذكر اسمها، فبعث إليها رسول الله عليه السلام عائشة فرأتها فقالت: ما رأيت طائلًا، فتركها.
وامرأة من العرب لم يذكر لها اسم، خطبها عليه السلام، ثم تركها.
ودرة بنت أم سَلَمَة، قيل له عليه السلام بأن يأخذها، فقال:«إنَّها بنت أخي من الرضاعة» .
وأميمة بنت شراحيل، لها ذكر في «صحيح البخاري» .
وحبيبة بنت سهل الأنصارية، أراد عليه السلام أن يتزوجها، ثم تركها.
وفاطمة بنت شريح، ذكرها أبو عبيد في أزواج النبيِّ عليه السلام.
والعالية بنت ظبيان، تزوجها عليه السلام وكانت عنده ما شاء الله، ثم طلقها، كذا قرره إمام الشارحين في «عمدة القاري» .
قلت: وقد سردها أيضًا الدمياطي، فبلغت ثلاثين، وفي «المختارة» من وجه آخر عن أنس تزوَّج خمس عشرة دخل منهن بإحدى عشرة، ومات عن تسع، وسرد أسماءهن أيضًا أبو الفتح اليعمري، ثم مغلطاي، فزاد على العدد المذكور، وأنكر ابن القيم ذلك.
قلت: ولا وجه لإنكاره ذلك بعد إجماع أهل السير على ذلك، وذكرهم لها في كتبهم مفصلة.
وزعم ابن حجر أنَّ الكثرة المذكورة محمولة على اختلاف في بعض الأسماء، وبمقتضى ذلك تنقص العدة، قال: وهو الحق.
قلت: وهذا ممنوع، وأي داع لهذا الحمل بعد تصريح أكثر الشراح أنَّه عليه السلام يحل له ما شاء من غير حصر.
وقوله: (وهو الحق) مردود؛ فإنَّ الحق ما ذكره إمام الشارحين وأهل السير من العدد المذكور، والاختلاف في بعض الأسماء لا يقتضي نقص العدة المذكورة؛ لأنَّهم اختلفوا في الواحدة من جهة اسمها، ولم يعددوا أسماءها المختلف بها، بل يذكر المختلف بها، بكنيتها، ويختلفوا في اسمها، فهذا يوضح أنَّ العدد يقتضي أكثر مما عدوه لا أنقص، كما زعمه هذا القائل.
ولا يخفى أنَّه لما كان مقام النبيِّ عليه السلام أعلى المقامات يتمنى كل واحد من أصحابه الكرام أن تكون ابنته أو أخته تحت النبيِّ الأعظم صلى الله عليه وسلم، ولا مانع من كثرتهن كما علمت؛ فافهم.
(1)
في الأصل: (ثمانية)، وليس بصحيح.
(2)
في الأصل: (قبيلة)، وهو تصحيف.
(3)
في الأصل: (وارتد)، ولعل المثبت هو الصواب.
(4)
في الأصل: (عزيهة)، وليس بصحيح.
(5)
في الأصل: (فلقيها)، وهو تحريف.
(6)
في الأصل: (طباعة)، وهو تحريف.
(7)
في الأصل: (يضفوا)، وليس بصحيح.
(قال)؛ أي: قتادة: (قلت) ففاعل (قلت) هو قتادة (لأنس)؛ أي: ابن مالك مستفهمًا: (أوَكان)؛ أي: النبيُّ الأعظم صلى الله عليه وسلم، والهمزة في (أوكان) للاستفهام، والواو المفتوحة عاطفة لـ (كان) على مقدر بينها وبين الهمزة؛ أي: أثبتَ ذلك وكان أو نحوه، وقيل: الهمزة مقدمة من تأخير، وهو مذهب جمهور النحاة، كما سبق الكلام على ذلك (يطيقه)؛ أي: مباشرة نسائه المذكورات في ساعة واحدة؟ (قال) أي: أنس بن مالك: (كنا)؛ أي: معشر الصحابة رضي الله عنهم (نَتَحَدَّث)؛ بالنون أوله، بعدها مثناة فوقية، وبالحاء المهملة المفتوحات (أنَّه)؛ أي: النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم (أُعطي)؛ بضمِّ الهمزة، ماض مبني للمفعول (قوة ثلاثين)؛ أي: رجلًا في الجماع، كما في «مراسيل طاووس» ، فمميز (ثلاثين) محذوف، ووقع في رواية الإسماعيلي من طريق أبي موسى عن معاذ بن هشام (أربعين) بدل (ثلاثين).
قال في «عمدة القاري» : وهي شاذة من هذا الوجه، لكن في «مراسيل طاووس» مثل ذلك. وزاد في الجماع في (صفة أهل الجنة)، وفي «الحلية» لأبي نُعيم عن مُجَاهِد:(أُعطي قوة أربعين رجلًا كل رجل من رجال أهل الجنة)، وفي «جامع الترمذي» في (صفة الجنة) من حديث عمران القطان، عن قتادة، عن أنس، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:«يعطى المؤمن في الجنة قوة كذا وكذا من الجماع» ، قيل: يا رسول الله: أويطيق ذلك؟! قال: «يعطى قوة مئة» ، ثم قال: حديث صحيح غريب لا نعرفه من حديث قتادة إلا من حديث عمران القطان، وصحح ابن حبان حديث أنس أيضًا، فإذا ضربنا أربعين في مئة؛ صارت أربعة آلاف.
وذكر ابن العربي: (أنَّه كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم القوة الظاهرة على الخلق في الوطء، كما في هذا الحديث، وكان له في الأكل القناعة؛ ليجمع الله له الفضيلتين في الأمور الاعتبارية كما جمع له الفضيلتين في الأمور الشرعية حتى يكون حاله كاملًا في الدارين) انتهى.
قلت: ولا تنافي بين رواية (ثلاثين) وبين رواية (أربعين)؛ لأنَّ الصحيح أنَّ العدد لا مفهوم له، ولأنَّه يحتمل أن يكون أخبر أولًا بالثلاثين، فأخبر به، ثم بالأربعين، فأخبر به؛ فليحفظ.
(وقال سَعِيْد)؛ بكسر العين المهملة، هو ابن أبي عَروبة، كذا هو عند الجميع، وقال الأَصيلي: إنَّه وقع في نسخة (شعبة) بدل (سَعِيْد) قال: وفي عرضنا على أبي زيد بمكة: سَعِيْد، قال أبو علي الجياني:(هو الصواب)، وقال الكرماني:(والظاهر أنَّه تعليق)، قال في «عمدة القاري» : هذا تعليق بلا نزاع، ولكنه وصلها المؤلف في باب:(الجنب يمشي في السوق)، وهو في الباب الثاني عشر من هذا الباب، (عن قتادة: أنَّ أنسًا حدثهم)؛ أي: قتادة وأصحابه، فقال في حديثه وهن (تسع نسوة)؛ أي: بدل إحدى عشرة، والنِّسوة؛ بكسر النون، وقد تضم، فـ (تسع) مرفوع؛ لأنَّه خبر (وهن) المذكورة أو المحذوفة، ولفظه فيما يأتي: أنَّ أنس بن مالك حدثهم أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة وله يومئذ تسع نسوة، وأمَّا رواية سَعِيْد لهذا الحديث عن قتادة؛ فقد وصلها الإمام أحمد رحمه الله، ويحتمل أن يكون من كلام ابن أبي عدي ويحيى القطان؛ لأنَّهما يرويان عن ابن أبي عَروبة، وأن يكون من كلام معاذ إن صح سماعه من سَعِيْد.
وفي الحديث من الأحكام ما أعطي النبيُّ الأعظم صلى الله عليه وسلم من القوة على الجماع، وهو دليل على كمال البنية، ومنها: ما استدل به ابن التين لقول مالك بلزوم الظهار من الإماء بناء على أنَّ المراد بالزائدتين على التسع مارية وريحانة، وقد أطلق على الجميع لفظ (نسائه)، وفيه نظر؛ لأنَّ الإطلاق المذكور بطريق التغليب.
ومنها: ما استدل به ابن المُنيِّر على جواز وطء الحرة بعد الأمة من غير غسل بينهما ولا غيره، والمنقول عن مالك أنَّه يتأكد الاستحباب في هذه الصورة، كذا قرره في «عمدة القاري» .
(13)
[باب غسل المذي والوضوء منه]
هذا (باب) حكم (المَذْيِّ)؛ بفتح الميم، وسكون الذال المعجمة، وبكسر الذال المعجمة، وتشديد الياء، حكي ذلك عن ابن الأعرابي؛ وهو ماء يخرج من الذَّكَر عند الملاعبة والتقبيل، يقال: مذى الرجل؛ بالفتح، وأمذى؛ بالألف، مثله، ويقال كل ذكر يمذي، وكل أنثى تقذي من قذت الشاة إذا ألقت من رحمها بياضًا، وقال ابن الأثير: المذي: البلل اللزج الذي يخرج من الذَّكَر عند ملاعبة النساء، ورجل مذَّاء؛ يقال بالتشديد للمبالغة في كثرة المذي، وفي «المطالع» :(هو ماء رقيق يخرج عند التذكر أو الملاعبة، يقال: مذى وأمذى ومذى، وقد لا يحس بخروجه)، (و) حكم (الوضوء منه)؛ أي: من المذي، ووجه المناسبة بين البابين من حيث إنَّ في الباب الأول بيان حكم المني، وفي هذا بيان حكم المذي، وهو من توابع المني، ومثله في النجاسة غير أنَّ في المني الغسل، وفي المذي الوضوء؛ فليحفظ.
قلت: ومثل المذي الودي؛ وهو ماء ثخين يخرج عقب البول عند استمساك الطبيعة، أو حمل شيء ثقيل.
[حديث علي: كنت رجلًا مذاء فأمرت رجلًا]
269 -
وبه قال: (حدثنا أبو الوليد) : هشام بن عبد الملك الطيالسي البصري (قال: حدثنا زائدة) : هو ابن قُدامة؛ بضمِّ القاف، وتخفيف الدال المهملة الثقفي أبو الصلت الكوفي المتوفى سنة ستين ومئة غازيًا بالروم، (عن أبي حَصِين)؛ بفتح الحاء، وكسر الصاد المهملتين، واسمه: عثمان بن عاصم الكوفي التابعي، (عن أبي عبد الرحمن) عبد الله بن حَبيب مكبر بن السُّلَمي؛ بضمِّ المهملة، وفتح اللام، مقرئ الكوفة، أحد أعلام التابعين، صام ثمانين رمضانًا، مات سنة خمس ومئة، (عن علي) : هو ابن أبي طالب رضي الله عنه (قال: كنت رجلًا مذَّاء)؛ بفتح الميم، وتشديد الذال المعجمة، وبالمد: صيغة مبالغة؛ يعني: كثير المذي، وذكر الموصوف مع صفته تكون لتعظيمه؛ نحو: رأيت رجلًا صالحًا، أو لتحقيره؛ نحو: رأيت رجلًا فاسقًا، ولما كان المذي يغلب على الأقوياء الأصحاء؛ حسن ذكر الرجولية معه؛ لأنَّه يدل على معناها، وراعى في (مذاء) الموصوف؛ كقولك: أنا رجل يأمر بالمعروف، ولو راعى تاء المتكلم؛ لقال: رجلًا أمذى؛ كقوله تعالى: {أُجِيبُ} بعد قوله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} [البقرة: 186] راعى الياء في {إِنِّي} ، ولو راعى {قَرِيبٌ}؛ لقال: يجيب، وكقوله تعالى:{بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ} [النمل: 47]، وعبارة القسطلاني هنا غير محررة، واعترض عليها بعض المصححين في دار الطباعة المصرية، فقال:(انظر ما معناه، ثم إنَّ تنظيره بالآية لا يظهر إلا لو قال: كنت رجلًا أمذى أو يمذي، حتى يقال: إنَّه راع الأول أو الثاني، وأمَّا مع تعبيره بمذاء؛ فلا يصح أن يقال: إنَّه راعى الثاني أو الأول؛ إذ لا يقال خلافه مع كليهما) انتهى؛ فتأمل.
وزاد الحافظ الطحاوي وأحمد عن عليٍّ: (فإذا أمذيت؛ اغتسلت)، وزاد أبو داود:(فجعلت أغتسل حتى تشقق ظهري)، وزاد في الرواية السابقة:(فأحببت أن أسأل) : (فأمرت رجلًا) يحتمل أنَّه المقداد بن الأسود، ويحتمل أنَّه عمار بن ياسر، ويجوز أن يكون غيرهما، كذا قاله في «عمدة القاري»؛ فليحفظ؛ لأنَّه قد روى الحافظ الطحاوي من حديث محمَّد ابن الحنفية عن أبيه قال:(كنت أجد مذيًا، فأمرت المقداد) وأخرجه مسلم كذلك.
وأخرج الحافظ الطحاوي أيضًا من حديث رافع بن خَديج: أنَّ عليًّا أمر عمارًا، وأخرجه النسائي أيضًا.
وأخرج الحافظ الطحاوي أيضًا من حديث حَصين بن قُبيصة عن علي قال: (كنت رجلًا مذاء، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرجه أبو داود كذلك.
وأخرج الحافظ الطحاوي أيضًا من حديث ابن عباس قال: (قال عليٌّ: كنت رجلًا مذاء، فأمرت رجلًا) فقد علمت أنَّ السائل هو المقداد، وفي بعضها: هو عمار، وفي بعضها: هو علي نفسه، وجمع ابن حبان بين هذه الاختلافات بأنَّ عليًّا سأل عمارًا أن يسأل، ثم أمر المقداد بذلك، ثم سأل بنفسه.
وروى عبد الرزاق،