الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبهذا صرَّح الطَّحاوي في روايته؛ حيث قالت: فإذا سجد؛ غمزني فرفعتهما فقبضتهما، فإذا قام؛ مددتهما، وللبخاري:(فإذا سجد؛ غمزني فقبضت رجليَّ، وإذا قام؛ بسطهما)، ولأبي داود:(فإذا أراد أن يسجد؛ ضرب رجليَّ فضممتهما إليَّ ثم سجد)، ومطابقة الحديث للتَّرجمة ظاهرة.
ففيه أن الرجل المصلي إذا غمز امرأته وهي نائمة عند السُّجود لأجل أن يسجد مكان رجليها؛ لا يفسد الصلاة، وليس فيه كراهة، وجه عدم الفساد: أن الغمز حركة أو حركتان لا ثالث لهما، وهو غير مفسد للصلاة، ووجه عدم الكراهة: أنَّه عليه السلام قد فعله، وهو لا يوصف بالكراهة، ولو كان مكروهًا؛ لما فعله أو لنهى عنه.
وفي الحديث: دليل على أنَّ لمس المرأة غير ناقض للوضوء، وهو مذهب الإمام الأعظم، وأصحابه، والجمهور سلفًا وخلفًا؛ لأنَّه عليه السلام قد لمس عائشة بيده الشريفة ومضى في صلاته.
وتأوَّل الشَّافعية أنَّه عليه السلام مس عائشة بيده مع الحائل ويحتمل الخصوصية.
قلت: إنَّما زعموا هذا؛ ترويجًا لما ذهب إليه إمامهم: أن المس ناقض، ولا دليل لهم في ذلك، فإن قولها في الحديث:(غمزني) يدل على أنَّه بدون حائل؛ لأنَّه الأصل، ولو كان ثمة حائل؛ لصرحت بذلك، ولا يخفى أن اليد والرجل عند أهل الصرف واللُّغة كانتا بغير حائل، بل المس: وَقْعُ البشرة على البشرة، ويدل لذلك رواية أبي داود:(ضرب رجليَّ)، ولا يخفى أن الضرب لا يكون بحائل، بل بدونه، كما هو التحقيق.
ودعوى الخصوصية باطلة؛ لأنَّه لا بدَّ لها من دليل ولم يوجد، بل هذا الحكم عام، ويدل عليه أنَّه قد تكرَّر منه عليه السلام هذا الفعل، وهو يدل على العموم، ومن ادعى الخصوصية؛ فعليه الدليل، وتمامه فيما قدمناه.
فظهر أن الصَّواب: ما قلناه والعناد بعد ذلك مكابرة.
وفي الحديث: جواز صلاة الرجل إلى المرأة، وأنها لا تقطع صلاته.
وفيه: استحباب صلاة الليل.
وفيه: استحباب إيقاظ النائم لحاجة.
وفيه: دليل على أنَّ المرأة لا تبطل صلاة من صلى إليها ولا من مرت بين يديه، وهو قول الجمهور سلفًا وخلفًا، وبه قال الإمام الأعظم، وتبعه مالك والشَّافعي، ولا يخفى أن اعتراضها بين يديه أشد من مرورها.
وقال أحمد: يقطع الصلاة الكلب الأسود؛ لحديث أبي سعيد: (أن الكلب الأسود شيطان)، وذهب جماعة: إلى أن الصلاة يقطعها مرور الكلب، والحمار، والمرأة، وفي ذلك حديث أبي هريرة، وأبي سعيد، وأبي ذر.
والجواب عنها من وجهين:
أحدهما: أن المراد بالقطع النقص؛ أي: نقص الخشوع؛ لشغل القلب بمرورها، وليس المراد إبطالها؛ لأنَّ المرأة يتغير
(1)
الفكر فيها، والحمار ينهق، والكلب يهوش، فلما كانت هذه الأشياء آيلة للقطع؛ أطلق عليها القطع مجازًا.
والثاني: أن الأحاديث الواردة في ذلك منسوخة بحديث: «لا يقطع الصلاة شيء وادرؤوا ما استطعتم» ، أخرجه الطَّحاوي، وبوَّب عليه البخاري، وقد صلى الشَّارع عليه السلام وبينه وبين القبلة عائشة، وكانت الأتان ترتع بين يديه ولم ينكره أحد، كما أخرجه البخاري عن ابن عبَّاس، فدل هذا على النَّسخ، ولهذا أنكرت عائشة رضي الله عنها على الذي ذكر عندها القطع بهذه الأشياء، وإنما أنكرت؛ لعلمها أن هذا الحكم منسوخ، فالظَّاهر: أنهم لم يبلغهم النَّسخ إلا منها.
وذهب عطاء وغيره: إلى أنَّه يقطعها المرأة الحائض، ورُدَّ بأن قد جاء في روايات هذا الحديث قالت:(وأنا حائض)، وحديث:(يقطع الصلاة اليهودي، والنصراني، والمجوسي، والخنزير)، ضعيف لا يحتج به.
وفي الحديث: أن العمل اليسير في الصلاة لا يفسدها، وهو حركة أو حركتان، والثلاث كثير.
وفيه: جواز الصلاة إلى النائم، وحديث ابن عبَّاس أنَّه عليه السلام قال:«لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث» ، نص الحفاظ على أنَّ طرقه واهية وهو ضعيف لا يحتج به، فهو لا يقاوم ما روي في «الصَّحيح» ، على أنَّ ما في «الصَّحيح» ناسخ له، وقد وَرَد أحاديث في النَّهي عن الصلاة خلف النائم أو المتحدث، ونص الحفاظ على أنَّها ضعيفة واهية؛ فافهم.
وفي الحديث: جواز الصلاة على الفراش، ومذهب الإمام الأعظم، وأصحابه، والجمهور: على أنَّه تجوز الصلاة على البساط والطنفسة والفراش إذا كان يجد الساجد عليه حجم الأرض عند السُّجود، وبه قال الشَّافعي.
وزعم المالكية أن الصلاة على الطنفسة وشبهها مكروهة، ولا سَنَدَ لهم في ذلك، والحجة عليهم قول النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم وفعله؛ ففي «البخاري» من حديث ميمونة قالت:(وكان النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم يصلي على الخُمرة)، وروى أبو نعيم عن ابن عبَّاس:(أن النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم صلى على البساط)، فهذا دليل على أنَّ الصلاة على ذلك غير مكروهة، والأفضل الصلاة على الأرض وعلى ما تنبته الأرض، كما فعله الشَّارع وليس بعد النص إلا الرجوع إليه، والله تعالى أعلم، وهذا الحديث قد مضى مع ما يتعلق به في باب (الصلاة على الفراش)، والله تعالى أعلم.
(109)
[باب المرأة تطرح عن المصلى شيئًا من الأذى]
هذا (بابٌ) بالتنوين (المرأة) مبتدأ (تطرح)؛ أي: ترمي، خبره (عن المصلي شيئًا من الأذى) وكلمة (من) بيانية؛ أي: النجس، كقوله تعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة: 222]؛ أي: نجس، واقتصر إمام الشَّارحين على تنوين (باب)، وزعم العجلوني أنَّه يجوز تركه، وعليه؛ فالجملة حال من المضاف إليه، أو مستأنفة، انتهى، قلت: الظَّاهر: أنَّه بالتنوين فقط؛ لأنَّه على عدمه يختل التركيب والمعنى؛ فافهم.
قال ابن بطال: (هذه التَّرجمة قريبة من التراجم التي قبلها؛ لأنَّ المرأة إذا تناولت ما على ظهر المصلي؛ فإنَّها تقصد إلى أخذ ذلك من أي جهة كانت، فإن لم يكن هذا المعنى أشد من مرورها بين يديه؛ فليس دونه) انتهى.
قلت: وفيه نظر؛ فإن هذه التَّرجمة مستقلة بنفسها لا تَعلُّق لها بالأبواب والتراجم التي قبلها، فإن أحكام السترة والمرور قد أتمها البخاري وأكملها، وقد ذكر في هذا الباب والذي قبله مسائل في أحكام الصلاة؛ لأنَّه من تتمة كتاب (الصلاة)، وليس في الحديث مرور غير أنها قد تناولت القذر من ظهر المصلي، وهو ليس بمرور أصلًا، ومراد البخاري بهذا الباب: أن المرأة إذا طرحت قذرًا عن ظهرالمصلي؛ هل تفسد صلاته أم لا؟ فالفساد ناشئ من وقوع الأذى على ظهره وهو يصلي، هل يمضي في صلاته أم يقطعها؟
وذكر حديث الباب في باب مستقل وترجم له: (باب إذا ألقي على ظهر المصلي قذر أو جيفة؛ لم تفسد عليه صلاته)، ذكره في (الطهارة)، وإنما أعاده هنا لبيان اختلاف العلماء في ذلك، ولأن عادته تكرار الأحاديث؛ لأخذ الأحكام منها مع تغيير السند والمتن؛ فافهم.
[حديث: اللهم عليك بقريش اللهم عليك بقريش]
520 -
وبالسند إلى المؤلف قال: (حدثنا أحمد بن إسحاق) هو ابن الحصين بن جابر السلمي (السُّرْماري)؛ بِضَمِّ المهملة وسكون الرَّاء؛ كذا في «التقريب» و «لب الألباب» ؛ نسبة إلى سرمار قرية من قرى بخارى، وهو الذي يضرب بشجاعته المثل، قتل ألفًا من الترك، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين، قاله الشَّارح، قلت: هو غير منسوب رواية الأكثرين، ولابن عساكر ما ذكرنا، ولأبي ذر والأصيلي:(السُّوْرَمارِي)؛ بِضَمِّ المهملة، وسكون الواو، مع فتح الرَّاء، بعدها ميم ثم راء مكسورة بينهما ألف، وقال الشَّارح: السَِّرْماري؛ بكسر المهملة وفتحها وسكون الرَّاء الأولى، ومثله في «الكرماني» و «ابن حجر» ، (قال: حدثنا عُبيد الله) بالتصغير (بن موسى) هو ابن باذام الكوفي (قال: حدثنا إسرائيل) هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي الكوفي، (عن أبي
(1)
في الأصل: (تغير).
إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفي التَّابعي، تقدَّما في كتاب (العلم)، (عن عَمرو) بفتح العين (بن مَيْمُون)؛ بفتح الميم الأولى، وضم الثانية، بينهما تحتية ساكنة: هو أبو عبد الله الأَوْدِي -بفتح الهمزة وبالدَّال المهملة- الكوفي، أدرك زمن النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم ولم يَلْقَه، وحج مئة حجة وعمرة، وأدَّى صدقته إلى عمال رسول الله عليه السلام، وهو الذي رأى قردة زنت في الجاهلية فاجتمعت عليها القردة ورجموها، توفي سنة خمس وسبعين، أفاده شارحنا في باب (إذا ألقي على ظهر المصلي قذر)، قلت: وعلى هذا فهو تابعي مخضرم، وهو غير عمرو بن ميمون المخزومي؛ فافهم، (عن عبد الله) هو ابن مسعود، الصَّحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة، وكان قصيرًا دقيق الساقين، وكان الريح يأخذه حين يمشي، فرآه بعض الصَّحابة فتبسم، فقال له النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم:«لَسَاق عبد الله بن مسعود في الميزان أثقل من أحُد» ، وإنما أطلقه البخاري ولم ينسبه لأبيه؛ لأنَّه المراد عند الإطلاق، كما أنَّه إذا أُطلِق الإمام الأعظم؛ فالمراد به: أبو حنيفة النعمان الكوفي التَّابعي رأس المجتهدين وسيدهم؛ فافهم، (قال: بينما)؛ بالميم ظرف مضاف إلى الجملة بعده، والعامل فيه معنى المفاجأة التي في (إذ قال قائل)، ولا يجوز أن تعمل فيه (يصلي)؛ لأنَّه حال عن رسول الله صلى الله عليه وسلم المضاف إليه (بين)، فلا يعمل فيه.
وزعم العجلوني (بينما) بالميم الكافة لـ (بين) عن الإضافة، انتهى.
قلت: فيه نظر؛ لأنَّ (بينا) بالألف كـ (بينما) بالميم مكفوفان عن الإضافة إلى المفرد ومضافان إلى الجملة، وهو مذهب الجمهور، وذهب قوم إلى أن (ما) والألف كافتان عن الإضافة، والجملة بعدهما لا محل لها من الإعراب، وذهب آخرون إلى أن الألف لا تكف عن الإضافة إلى الجملة، بخلاف (ما)، والصَّحيح الأول، أفاده السيوطي في «همع الهوامع» ، إذا علمت هذا؛ ظهر لك فساد ما زعمه العجلوني من وجوه لا نطيل بذكرها؛ فافهم.
(رسول الله صلى الله عليه وسلم : مبتدأ خبره قوله: (قائم) حال كونه (يصلي)؛ أي: منفردًا ليس معه أحد من أصحابه، ويحتمل أنها الضُّحى، أو نفلًا محضًا، أو ركعتي الطواف، ويدل عليه قوله:(عند الكعبة)؛ أي: البيت الحرام؛ أي: مقابل الكعبة (وجمعُ قُرَيْش)، وفي (الفرع) :(وجمعٌ من قُرَيْش)؛ بِضَمِّ القاف، وفتح الرَّاء، وسكون التحتية، مصغر قرش، وتصغيره للتعظيم، المراد بهم الأربعة المذكورون قريبًا؛ يعني: المراد الكفار منهم، فهو عام أريد به الخصوص بقرينة القصة، لا يقال: كيف جاز الدعاء على كل قريش وكان فيهم مسلمون كالصديق الأكبر رضي الله عنه وغيره؛ لأنَّا نقول: اللَّفظ لا عموم له، ومراده بالكفار منهم، ففيه: أن لفظ (قريش) موضوع لهذه القبيلة على العموم؛ فتأمل، (في مجالسهم) : جمع مجلس، و (قريش) : مأخوذ من التقرش؛ وهو التجمع لاجتماعهم بعد افتراقهم، وقيل: من القرش؛ وهو الكسب؛ لأنَّهم كانوا تجارًا، وقد سأل سيدنا الإمام معاوية الكبير خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم على التحقيق سيدنا عبد الله بن عبَّاس حبر هذه الأمة وترجمان القرآن لم سميت قريش؟ فقال: سميت بدابة في البحر يقال لها: القرش، تأكل ولا تؤكل، وتعلو ولا يعلى عليها.
وأجمعوا على أنَّه إذا أريد به الحي؛ صرف، وإن أريد به القبيلة؛ منع من الصرف، كما في سائر أسماء القبائل، فقريش: هم بنو النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، فكل من كان من ولد النضر؛ فهو قرشي دون بني كنانة ومن فوقه، وربما قالوا: قرشي
(1)
، وقيل: قريش: بنو فهر بن مالك بن النضر، فمن لم يلده؛ فهو ليسبقرشي، والأصح الأول، قال تبع:
وقريش هي التي تسكن البحر
…
بها سميت قريش قريشا
تأكل الغث والسمين ولا تترك
(2)
…
فيها لذي جناحين ريشا
هكذا في البلاد حي قريش
…
يأكلون البلاد أكلًا كميشا
ولهم آخر الزمان نبي يكثر
…
القتل فيهم والخموشا
(3)
وتمامه في شرحنا على «الأزهرية» عند إعراب قوله تعالى: {لإِيلَافِ قُرَيْشٍ} [قريش: 1].
(إذ قال قائل منهم) هو أبو جهل كما صرح به مسلم في روايته، وقدمنا أن ما في (إذ) من معنى المفاجأة هو العامل في (بينما)، ولا يصح أن يعمل فيه (يصلي)؛ لأنَّه حال من رسول الله صلى الله عليه وسلم المضاف إليه (بين)، فلا يعمل فيه، وهذا ما ذكره إمام الشَّارحين والكرماني، وتبعهما البرماوي.
ونظر فيه العجلوني بأن (ما) كافة لها عن الإضافة إلى المفرد، وزعم ابن حجر أن الظَّاهر: أن المضاف إليه (بين) هو الجملة الاسمية، و (ما) زائدة على كل حال، انتهى.
قلت: قد نقلنا عن «الهمع» آنفًا أن (بينا) و (بينما) يضافان إلى الجملة عند الجمهور، وهو الأصح، فما زعمه العجلوني وابن حجر مبني على القول الشاذ، فلا يعول عليه؛ فافهم، وتمامه في «إيضاح المرام فيما وقع في الفتح من الأوهام» .
(أَلا تنظرون)؛ بفتح الهمزة، أداة استفتاح مراد بها التنبيه (إلى هذا المرائي) : اسم فاعل من الرياء؛ وهو التعبد في الملأ دون الخلوة؛ ليراه الناس، وهذه الجملة والتي بعدها مقول القول، والذي قال هذا هو أبو جهل، كما صرح به مسلم من رواية زكريا، وزاد فيه:(وقد نُحِرَت جزور بالأمس)(أيُّكم) بتشديد التحتية استفهامية (يقوم إلى جَزُور)؛ بفتح الجيم وضم الزاي، من الإبل يقع على الذكر والأنثى، وهي تؤنث، والجمع: الجزر، يقال: جزرت الجزور أجزُرها؛ بالضم، واجتزرتها؛ إذا نحرتها، قاله إمامنا الشَّارح هناك.
وزعم ابن حجر أن الجزور ما يجزر؛ أي: يقطع، وردَّه شارحنا في «عمدة القاري» ، فقال:(لا يدرى من أيِّ موضع نقله؟) واعترضه العجلوني فزعم أنَّه نقله من كتب اللُّغة، ففي «الصِّحاح» : جزرت الجزور أجزُرها؛ بالضم، واجتزرتها؛ إذا نحرتها، وفي «المحكم» : الجزور: الناقة المجزورة، والجمع: الجزائر، وفي «القاموس» : الجزور: البعير، أو خاص بالناقة المجزورة، انتهى.
قلت: هذا مبلغه من العلم، وما زعمه مردود عليه، فإنَّه لم يصرح أحد من أئمة اللُّغة أن معناه القطع، كما زعمه ابن حجر، فظهر أنَّه تفسير من عنده لا مستند له فيه ولا يعول عليه، بل ما ذكر من هذه النقول يشهد لما قاله إمامنا الشَّارح، فهذا دليل له لا عليه؛ فانظر التعصب البارد من ذي الذهن الشارد، وتمامه في «إيضاح المرام» ؛ فافهم.
(آل فلانٍ) بالتنوين، اسم مبهم لقبيلة من قبائل العرب لم تعرف أسماؤهم، قاله الشَّارح، وزعم ابن حجر يشبه أن يكونوا آل أبي معيط؛ لمبادرة عقبة بن أبي معيط إلى إحضار ما طلبوه منه، انتهى.
قلت: هذا رجم بالغيب؛ لأنَّه ليس له دليل، والدعوى بدون برهان لا تسمع، ومبادرة عقبة لذلك لا يدل على ما زعمه؛ لأنَّه لا يلزم من مبادرته أن يكون الجزور لآل أبي معيط، وإنما كان المبادر لأجل أن يفوز بهذه الشقاوة حتى يرضي أبا جهل، ويكون عنده مقدمًا مقربًا، على أنَّه قد اختلف في الذي بادر؛ فقيل: إنَّه أبو جهل نفسه؛ لقوله في الحديث: «فانبعث أشقاهم» ، ولا ريب أنَّه أشقاهم، كما سيأتي؛ فافهم.
(فيَعمِدُ) بالرفع عطف على (يقوم)، ويروى بالنصب؛ لأنَّه وقع بعد الاستفهام، قاله إمامنا الشَّارح، وهو بفتح التحتية وكسر الميم،
(1)
زيد في الأصل: (وهو العباس)، ولعل الصواب حذفه.
(2)
في الأصل: (تزل)، ولعل المثبت هو الصواب.
(3)
في الأصل: (والحمق بشا)، ولعل المثبت هو الصواب.