الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
امرأة من نسائه) : الطاهرات رضي الله عنهن، والمراد بالمباشرة: أن يمسَّ الجلد الجلد، وليس المراد به: الجماع إجماعًا، كما قدمناه؛ (أمرها)؛ أي: بالاتَّزار (فاتَّزرت) : فيه حذف؛ تقديره: فامتثلت الأمر فاتَّزرت، وقدَّمنا أن اللغة الفصحى:(فأْتزرت)؛ بالهمزة بدون إدغام، قيل: وهو الرواية هنا؛ فتأمل، (وهي حائض) : جملة حالية، قال الكرماني:(يحتمل أن تكون من مفعول «يباشر»، أو من مفعول «أمر»، أو من فاعل «اتزرت») انتهى، قلت: والوجه الأول هو الظاهر وهو الوجه الصحيح، وعليه القسطلاني، والوجهان الآخران لا وجه لهما، كما لا يخفى؛ فافهم، وهذا الحديث أخرجه مسلم، وأبو داود؛ كلاهما عن الشيباني به، وأخرجه ابن ماجه بسند صحيح من حديث أم حبيبة رضي الله عنها قالت:(كانت إحدانا في فورها أول ما تحيض تشد عليها إزارًا إلى أنصاف فخذها، ثم تضطجع معه صلى الله عليه وسلم، وأخرجه أبو يعلى الموصلي من حديث عمر رضي الله عنه: (له ما فوق الإزار، وليس له ما تحته)، وفي لفظ:(ولا يطلعن إلى تحته حتى يطهرن)، وأخرج أبو داود بسند صحيح عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم:(أنه كان إذا أراد من الحائض شيئًا؛ ألقى على فرجها ثوبًا)، وأخرج أبو داود أيضًا بسند جيد عن أم سَلَمَة:(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يباشرها وعلى قبلها ثوب)؛ يعني: وهي حائض، وأخرج أبو داود أيضًا من حديث معاذ وعبد الله بن سعد: ما يحل للرجل من امرأته وهي حائض؟ قال: «ما فوق الإزار» ، وفي حديث معاذ:(والتعفف عن ذلك أجمل)، وأخرج عبد الله بن وهب بسند صحيح من حديث كريب قال: سمعت أم المؤمنين تقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضطجع معي وأنا حائض وبيني وبينه ثوب)، وأخرج الدارمي في «مسنده» من حديث أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل: قالت أم المؤمنين: (كنت أتَّزر وأنا حائض [وأدخل مع النبي في لحافه)، وإسناده صحيح، وفي «الموطأ» عن زيد بن أسلم: سأل رجل النبي: ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟]
(1)
قال: «لتشد عليها إزارها، ثم شأنك بأعلاها» ، قال أبو عمر
(2)
: ولا أعلم أحدًا روى هذا الحديث مسندًا بهذا اللفظ، كذا في «عمدة القاري» .
(رواه)؛ يعني: روى هذا الحديث، وللأصيلي وكريمة:(ورواه)(سفيان) : يحتمل أنه الثوري، ويحتمل أنه ابن عيينة، ولا بأس بالإبهام؛ لأنَّ كلًّا منهما على شرط البخاري، كذا قاله الكرماني، وزعم ابن حجر أنه الثوري على القطع، قلت: وهو فاسد، والظاهر أنه ابن عيينة، ويدل عليه قول صاحب «التلويح» : (كأن البخاري يريد بمتابعة سفيان هذا المعنى لا القطع، وذلك أن أبا داود قال: حدثنا محمَّد بن الصَّبَّاح، عن سفيان بن عيينة، عن أبي إسحاق الشيباني: سمع عبد الله بن شداد عن ميمونة: أن النبي صلى الله عليه وسلم
…
؛ الحديث)، قلت: فهذا يعين أنه ابن عيينة، ورواه أحمد عن الثوري من طريق أخرى غير هذا، فلا دليل فيه لما زعمه ابن حجر، فإنه يقطع ولا يدري من أين دليل القطع، (عن الشيباني)؛ هو أبو إسحاق المذكور، ورواه عنه أيضًا بهذا الإسناد خالد بن عبد الله عند مسلم، وجرير بن عبد الحميد عند الإسماعيلي، وأسباط بن محمَّد عند أبي عوانة في «صحيحه» ، قلت: وهذا أيضًا يعين ما قلناه؛ فافهم، وإنما قال:(رواه) ولم يقل: تابعه؛ لأنَّ الرواية أعم من المتابعة، فلعله لم يروها متابعة، كذا في «عمدة القاري» ، والله الهادي وعليه اعتمادي.
(6)
[باب ترك الحايض الصوم]
هذا (باب) بيان (ترك الحائض) ومثلها النفساء (الصوم) في أيام حيضها أو نفاسها، قال في «عمدة القاري» : (وجه المناسبة بينهما من حيث أن كلًّا منهما يشتمل على حكم من أحكام الحيض.
فإن قلت: الحائض تترك الصَّلاة [أيضًا، فما وجه ذكر الصوم في تركها دون الصلاة مع أنهما مذكوران في حديث الباب؟]
(3)
.
قلت
(4)
: [تركها الصلاة]
(5)
لعدم وجود شرطها وهي الطهارة، فكانت ملجأة
(6)
إلى ذلك بخلاف الصوم، فإن الطهارة ليست بشرط، وكان تركها إياه
(7)
من باب التعبد، وأيضًا فإن تركها للصلاة لا إلى خلف، بخلاف الصوم فإنه إلى خلف وهو القضاء، فخص الصوم بالذكر دون الصَّلاة؛ إشعارًا لما ذكرناه) انتهى.
[حديث: يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار]
304 -
وبالسَّند إليه قال: (حدثنا سَعِيد بن أبي مريم) : هو سَعِيد بن الحكم بن محمَّد بن سالم، المعروف بابن أبي مريم الجمحي المصري، (قال: حدثنا) : وفي رواية: (أخبرنا)(محمَّد بن جعفر) : هو ابن أبي كثير -بفتح الكاف، وبالمثلثة- الأنصاري (قال: أخبرني) بالإفراد (زيد هو ابن أسلم)؛ بلفظ الماضي، أبو أسامة المدني، وسقط (هو ابن أسلم) للأصيلي وابن عساكر، وهي ثابتة لغيرهما، وأشار إلى أنه تعريف له من تلقاء نفسه، وليس من كلام شيخه، (عن عِياض) بكسر العين المهملة (بن عبد الله) : هو ابن أبي سرح العامري، ولأبيه صحبة، (عن أبي سَعِيد الخدري) : واسمه سعد بن مالك رضي الله عنه (قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ يعني: خرج إما من بيته، أو من مسجده، كذا قاله في «عمدة القاري»، قلت: والظاهر الثاني؛ لأنَّه عليه السلام كان يصلي الفجر في مسجده وقت الإسفار كما قال: «أسفروا بالفجر؛ فإنه أعظم للأجر»، وهذه عادته، وكان يقعد في مصلَّاه حتى ترتفع الشمس قدر رمح أو رمحين، ثم يخرج من المسجد يريد صلاة العيد في المصلى، وهذا من عادته عليه السلام؛ فليحفظ، فتأمل، (في) يوم عيد (أَضْحى)؛ بفتح الهمزة، وسكون الضاد المعجمة، جمع أضحاة، والأضحية: شاة تذبح يوم الأضحى، وفيها أربع لغات: ضم الهمزة وكسرها، وأضحية كما ذكرناها ضبطًا، وضَحيَّة؛ بفتح الضاد المعجمة، وتشديد التحتية، والجمع أضحاة وأضحى، وبها سمي يوم الأضحى، والأضحى يذكر ويؤنث، وقيل: سميت بذلك؛ لأنَّها تفعل في الأضحى؛ وهو ارتفاع النهار، كذا في «عمدة القاري» ، (أو) في يوم عيد (فطر)؛ أي: عقب رمضان، والشك من الراوي، وزعم الكرماني أن الشك من أبي سَعِيد، ورده صاحب «عمدة القاري» حيث قال:(قلت: لا يتعين ذلك) انتهى، أي: بل الشك من الراوي أي كان، وهو الظاهر؛ فافهم، (إلى المصلى) : متعلق بقوله: (خرج) وهو موضع صلاة العيدين وصلاة الجنازة قرب الجبانة، وإنما أعده عليه السلام لذلك؛ لتنزيه المسجد عن الكلام المباح فيه حال الاجتماع فيه من المعايدة حين لقاء الناس بعضهم بعضًا، ولتنزيهه أيضًا عن الجنازة؛ لاحتمال خروج شيء من الميت إلى المسجد، ولهذا قال الإمام الأعظم رأس المجتهدين: إن صلاة الجنازة بالمسجد مكروهة؛ لأنَّ النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم قد أعد لها المصلَّى، وقال:«من صلى على جنازة في مسجد؛ فلا أجر له» ، وفي رواية:«فلا ثواب له» ، وهذا حجة على من منع الكراهة في المسجد، وسيأتي تمامه في (الجنائز) إن شاء الله تعالى؛ فافهم، والله أعلم.
(فمر) عليه السلام (على النساء)؛ لأنَّه يجوز خروجهن أيام العيد إلى المصلى للصلاة مع الناس كما يأتي، (فقال) : يحتمل أنه عليه السلام قال ذلك لهن حال مروره إلى المصلى للصلاة؛ لأنَّهن لمَّا رأين النبي عليه السلام خارجًا إلى المصلى؛ وقفن حتى يمر عليه السلام، فلما رآهنَّ؛ قال لهن ذلك، فيكون الوعظ لهنَّ فقط، ويحتمل التعميم، ويحتمل أنَّه عليه السلام وعظ الناس وأمرهم بالصدقة بعد الصَّلاة، ثمَّ التفت إلى النساء، والظاهر الأول؛ يدل عليه قوله:(فمر)؛ بالفاء التعقيبية، فإنه يفيد أن قوله ذلك كان بعد خروجه قبل الصَّلاة؛ فتأمل:(يا معشر النساء) : المعشر: الجماعة متخالطين كانوا أو غير ذلك، وقال الأزهري: أخبرني المُنْذِر عن أحمد بن يحيى قال: (المعشر، والنفر، والقوم، والرهط؛ هؤلاء معناهم الجمع، لا واحد لهم من لفظهم للرجال دون النساء)، وقال الليث:(المعشر: كل جماعة أمرهم واحد)، وهذا هو الظاهر، وقول
(8)
أحمد بن يحيى مردود
(9)
بالحديث وجمع على معاشر، انتهىكذا في «عمدة القاري» .
قلت: وهذا يرد
(1)
ما بين معقوفين سقط من الأصل، وهو مثبت من «عمدة القاري» .
(2)
في الأصل: (عمرو)، وليس بصحيح.
(3)
ما بين معقوفين سقط من الأصل، وهو مثبت من «عمدة القاري» .
(4)
(قلت) : جاء في الأصل لاحقًا بعد قوله: (ليست بشرط).
(5)
ما بين معقوفين سقط من الأصل، وهو مثبت من «عمدة القاري» .
(6)
في الأصل: (ملجأ)، ولعل المثبت هو الصواب.
(7)
في الأصل: (إياها)، ولعل المثبت هو الصواب.
(8)
في الأصل: (قال)، ولعل المثبت هو الصواب.
(9)
في الأصل: (مورود)، ولعل المثبت هو الصواب.
على ما نقله الأزهري من تخصيصه بالرجال، إلا إن كان مراده بالتخصيص حالة إطلاق المعشر لا تقييده كما في الحديث؛ فافهم.
وقوله: (تصدقن) مقول القول، والفاء في قوله:(فإني) للتعليل (أُرِيتكن)؛ بضمِّ الهمزة، وكسر الراء على صيغة المجهول (أكثرَ أهل النار)؛ أي: أراني الله إياكنَّ أكثر أهل النار، فـ (أكثر) منصوب؛ لأنَّ قوله:(أريتكن)
(1)
متعد إلى ثلاثة مفاعيل؛ الأول التاء التي هي مفعول ناب عن الفاعل، والثاني قوله:(أكثر أهل النار)، كذا ارتضاه صاحب «عمدة القاري» ، وقال صاحب «التلويح» :(أكثر) بنصب الراء على أن (أريت)
(2)
يتعدى إلى مفعولين، أو على الحال إذا قلنا: إن (أفعل) لا يتعرف بالإضافة، كما صار إليه الفارسي وغيره، وقيل: إنه بدل من الكاف في (أريتكن)
(3)
انتهى ومنعه صاحب «عمدة القاري» .
فإن قلت: في أين أريهن أكثر أهل النار؟
قلت: في ليلة الإسراء، وفي حديث ابن عباس الآتي في صلاة الكسوف: أن الرواية المذكورة وقعت في صلاة الكسوف، وعن ابن عباس رضي الله عنهما بلفظ:«أريت النار فرأيت أكثر أهلها النساء» .
فإن قلت: ورد في الحديث قال: «لكل رجل زوجتان من الآدميين» ؟
قلت: لعل هذا قبل ورود الشفاعة، كذا في «عمدة القاري» .
قلت: وحاصله أنه عليه السلام رأى النار ليلة الإسراء، فرأى أكثر أهلها النساء هذا هو المتعين؛ فافهم.
(قلن) : وفي رواية: (فقلن) : (وبم يا رسول الله؟) : الواو للعطف على مقدر؛ تقديره: ما ذنبنا، والباء للسببية، وكلمة (ما) استفهامية حذفت ألفها وجوبًا؛ لأنَّها مجرورة، وبقيت الفتحة دليلًا عليها؛ مثل:(إلامَ) و (علامَ)، وعلة الحذف الفرق بين الاستفهام والخبر، فلهذا حذفت في {فِيمَ أَنْتَ مِن ذِكْرَاهَا} [النازعات: 43]، {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ المُرْسَلُونَ} [النمل: 35]، وأما قراءة عكرمة وعيسى:(عما يتساءلون)[عمَّ: 1]؛ فنادر، كذا قاله صاحب «عمدة القاري» .
وزعم ابن حجر أن الواو في (وبم) استئنافية، والباء تعليلية، وحذفت الألف من (ما) تخفيفًا، انتهى، قلت: ومنعه صاحب «عمدة القاري» ، قلت: لعدم ظهور وجهه، كما لا يخفى على من له أدنى ذوق في العلم؛ لأنَّ الواو عاطفة على المقدر المناسب لما قبلها من الأمر، ولأن الباء ذكرت لأجل السببية في كونهن أكثر أهل النار، وقوله: (وحذفت الألف
…
) إلخ: هذا أبعد بعيد عما قاله؛ لأنَّ (ما) الاستفهامية إذا جُرَّت؛ وجب حذف ألفها، فالحذف واجب، لا لأجل التخفيف كما زعمه هذا القائل، وهذا ما عليه النحويون، فمن أين جاء ما قاله؟ فافهم.
(قال)؛ أي: النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم: لإنَّكنَّ (تكثرن اللعن) : من الإكثار، واللعن لغة: الطرد والإبعاد من الخير، واللعنة: الاسم؛ ومعناه: أنهنَّ يتلفظنَّ باللعنة، ففيه ذم الدعاء باللعن؛ لأنَّه دعاء بالإبعاد من رحمة الله عز وجل، وقالوا: إنَّه محمول على ما إذا كان في معيَّن؛ لأنَّه لا تعرف خاتمة أمره بالقطع إلى أين مصيره؟ أمَّا من عرف خاتمة أمره ومصيره بالقطع؛ فيجوز كأبي جهل، ومثله لعن صاحب وصف بدون تعيين؛ كالكافرين والظالمين؛ فإنَّه جائز، (وتكفرن العشير) : هو الزوج، سمِّي بذلك؛ لمعاشرته إيَّاها، وفي «الموعب» : (عشيرك: الذي يعاشرك، أيديكما وأمركما واحد، لا يكادون يقولون في جمعه: عشراء
(4)
، ولكنهم معاشروك
(5)
وعشرك)، وقال الفراء:(يجمع على عشراء؛ مثل: جليس وجلساء، وإن العرب لتكرهه كراهة أن يشاكل قولهم: ناقة عشراء، والعشير: الصديق، والزوج، وابن العم)، كذا في «عمدة القاري» .
ثم قال: (وتكفرن) : من الكفر؛ وهو الستر، وكفران النعمة وكفرها: سترها بترك أداء شكرها، والمراد: أنهنَّ يجحدن نعمة الزوج ويستقللن ما كان منه، ففيه أنَّ الكلام القبيح كاللعن والشتم حرام، وأنَّه من المعاصي، فإن داوم عليه؛ صار كبيرة، واستدل النووي على أنَّ اللعن والشتم من الكبائر بالتوعَّد عليهما بالنار، وفيه إطلاق الكفر على الذنوب
(6)
التي لا تخرج عن الملة تغليظًا على فاعلها، وفيه إطلاق الكفر على غير الكفر بالله عز وجل، وفيه أنَّ جحد النعم حرام وكفران النعمة مذموم، وفيه أنَّ الصدقة تدفع [العذاب]، وأنها تكفر الذنوب، وفيه الإشارة إلى الإغلاظ في النصح بما يكون سببًا لإزالة الصفة التي تعاب أو الذنب الذي يتصف به الإنسان، كذا قرره إمام الشارحين صاحب «عمدة القاري» رحمه الله تعالى.
(ما رأيت من ناقصات) : صفة موصوف محذوف؛ أي: ما رأيت أحدًا من ناقصات (عقل) : العقل في اللغة: ضد الحمق، وعن الأصمعي:(هو مصدر عقل الإنسان يعقل)، وقال ابن دريد:(هو مشتق من عقال الناقة؛ لأنَّه يعقل صاحبه عن الجهل؛ أي: يحبسه، ولهذا قيل: عقل الدواء بطنه؛ أي: أمسكه)، وفي «العين» :(عقلت بعد الصبا؛ أي: عرفت بعد الخطأ الذي كنت فيه، واللغة الغالبة عقل، وقالوا: عقل يعقل؛ مثل: حكم يحكم، وهو المعقول)، وقال ابن الأنباري:(العاقل: الجامع لأمره ورأيه)، وقال الأزهري:(العاقل: الذي يحبس نفسه ويردها عن هواها، أخذًا من قولهم: اعتقل لسانه؛ إذا حبس ومنع من الكلام)، وفي «المختصر» : (قال سيبويه: قالوا: العقل كما قالوا: الظرف
(7)
، أدخلوه في باب عجز؛ لأنَّه مثله، والعقل من المصادر المجموعة من غير أن تختلف أنواعها)، وقال الإمام الرئيس أبو علي ابن سينا:(العقل والحجى والنهى؛ كلها متقاربة المعاني)، وعن الأصمعي: (هو الإمساك عن القبيح، وقصر النفس وحبسها على الحسن، وقالوا: عاقل وعقلاء، وهو الحلم، واللب، والحجر، والطعم، والمحت، والمرجح، والجول، والجنجيب، والذهن، والهرمان
(8)
، والحصاة)، وفي «المحكم» :(وجمعه: عقول)، وقال القزاز:(مسكنه عند قوم في الدماغ، وعند آخرين في القلب)، قال صاحب «عمدة القاري» :(الأول قول الإمام الأعظم، والثاني قول الشافعي، وقيل: مسكنه الدماغ، وتدبيره في القلب، وعن هذا قالوا: العقل جوهر خلقه الله في الدماغ، وجعل نوره في القلب، يدرك به المغيبات بالوسائط والمحسوسات بالمشاهدة)، وقال بعض المتكلمين: العلم: العقل، وقيل: بعض العلوم الضرورية، وقيل: قوة يميز بها حقائق المعلومات، وقال الإمام الرئيس أبو علي:(هو اسم مشترك لمعان عدة: عقل لصحة الفطرة الأولى في الناس، وهو قوة يميز بها بين الأمور القبيحة والحسنة، وعقل لما يكتسبه بالتجارب من الأحكام يكون مقدمة يحصل بها المصالح، وعقل بمعنى آخر، وهذه هيئة محمودة للإنسان في حركاته وكلامه)، وأما الحكماء؛ فقد فرقوا بينه وبين العلم، وقالوا: العقل الفطري والعملي بالفعل والمبادئ والفعال، وتحقيقه في كتبهم، وإنما سمي العقل عقلًا من قولهم: ظبي عاقل؛ إذا امتنع في أعلى الجبل، فسمي هذا به؛ لأنَّه في أعلى الجسد بمنزلة الذي في أعلى الجبل، وقيل: العاقل: الجامع لأموره برأيه، مأخوذ من قولهم: عقلت الفرس؛ إذا جمعت قوائمه، كذا حققه إمام الشارحين في «عمدة القاري» .
وحكى ابن التين عن بعضهم: أن المراد من العقل: الدية؛ لأنَّ ديتها على النصف من دية الرجل، ورده صاحب «عمدة القاري» حيث قال:(قلت: ظاهر الحديث يأباه) انتهى.
(1)
في الأصل: (رأيتكن)، ولعل المثبت هو الصواب.
(2)
في الأصل: (رأيت)، ولعل المثبت هو الصواب.
(3)
في الأصل: (أرأيتكن)، ولعل المثبت هو الصواب.
(4)
في الأصل: (عشر)، ولعل المثبت هو الصواب.
(5)
في الأصل: (يعاشروك)، ولعل المثبت هو الصواب.
(6)
في الأصل: (الذنب)، ولعل المثبت هو الصواب.
(7)
في الأصل: (الطرف)، ولعل المثبت هو الصواب.
(8)
في الأصل: (والمهرمان)، ولعل المثبت هو الصواب.