الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جعل مصدرًا بمعنى: المرور؛ فدلالته عليه باللزوم، ولهذا قال إمامنا الشَّارح:(المَمَر من لوازم الخَوْخَة، فذِكرها يغني عن ذكره) انتهى.
ثم قال: (والظَّاهر من وضع هذه التَّرجمة: الإشارة إلى جواز اتخاذ الخوخة والممر في المسجد؛ لأنَّ حديث الباب يدل على ذلك) انتهى.
واعترضه العجلوني بأنَّه إن أراد بـ (يدل على) جواز اتخاذ الخوخة والممر لنحو الإمام؛ فمُسلَّم، وإن أراد العموم؛ فلا؛ لأنَّ الشَّارع أمر بسد كل خوخة غير خوخة أبي بكر؛ فافهم.
قلت: وهو غير ظاهر، فإنَّ كون جواز اتخاذ الخوخة والممر لنحو الإمام يحتاج لدليل، والحديث لا يدل عليه؛ لأنَّ أبا بكر لم يكن إذ ذاك إمامًا، بل المراد بجواز اتخاذ الخوخة والممر على العموم مطلقًا، سواء كان مدرسًا، أو ناظرًا، أو متوليًّا، أو مؤذنًا، أو غير ذلك؛ لأنَّ حديثي الباب مطلق، فيحمل على العموم.
ولهذا قال الدماميني في «المصابيح» : (نبَّه بذلك على أنَّ المرور في المسجد لما يعرض للإنسان من شؤونه جائز، وهو من قبيل الاتفاق بما لا يضر كبير مضرة، ولا يقال: إنَّ المساجد لم توضع طرقات؛ فإنَّ التشديد في ذلك تنطع، والمسجد والطرقات كلها لله مرافق للمسلمين، فيستعان ببعضها على بعض؛ كمجامع مصر، وقد كان ممر أبي بكر إلى داره في المسجد) انتهى.
وقال صاحب «المنحة» : (أي: جوازهما فيه) انتهى؛ فهو ظاهر في العموم، ويحتمل أنَّ الشَّارع أمر بسد كل خوخة تطل على حجرته؛ لأنَّ قوله في الحديث:(سُدُّوا عني)؛ أي: عن حجرتي، أو عن بابي حتى لا أحد ينظر إليه عليه السلام؛ لكونه كان في مرضه الذي مات فيه؛ فافهم.
وقال إمام الشَّارحين: (ويستفاد من هذا الحديث: جواز الخطبة قاعدًا، قاله الكرماني، قلت: هذه الخطبة لم تكن واجبة، وباب التطوع واسع) انتهى.
قلت: والظَّاهر أنَّ هذه الخطبة كانت خطبة جمعة، ويحتمل أنَّها لم تكن للجمعة بل للتذكير، وعلى الأول؛ فتجوز الخطبة الواجبة قاعدًا أو مضجعًا، كما في «التاترخانية» ؛ لأنَّ القيام حال الخطبة سنة لا واجب، فلو قعد فيهما أو في أحدهما؛ أجزأه وكره من غير عذر، فلو كان مريضًا؛ أجزأه من غير كراهة، هذا مذهب الإمام الأعظم رضي الله عنه والجمهور، والله تعالى أعلم.
(81)
[باب الأبواب والغلق للكعبة والمساجد]
هذا (باب) حكم اتخاذ (الأبواب) جمع باب؛ وهو الفرجة في الحائط (والغَلَق)؛ بفتح الغين المعجمة واللَّام؛ وهو المغلاق؛ وهو ما يغلق به الباب، قاله إمامنا الشَّارح.
قلت: وبه صرح في «الصِّحاح» و «مختصره» و «القاموس» ، والظَّاهر أنَّه الخشبة، أو العصاة، أو القفل، والغال؛ مما يغلق به الباب؛ كالمفتاح للغال ونحوه، ويدل لهذا حديث الباب؛ فافهم.
ويحتمل أنَّ المراد: حكم غلق الأبواب في غير وقت صلاة، فيكون الغلق شاملًا للفتح والغلق في وقت الصلاة وفي غير وقتها، والمقصود منه الصيانة والحفظ؛ فافهم.
وقوله: (للكعبة والمساجد) بيان لاتخاذ الأبواب وغلقها؛ يعني: باب حكم اتخاذ الأبواب وغلقها الكائن للكعبة والمساجد، فهو بيان وتفسير للسابق، فقول العجلوني:(من عطف العام على الخاص)؛ غير ظاهر؛ لأنَّ الكلام الأول لم يتم إلا بلاحقه، وليس فيه عطف، بل هو بيان وتفسير لذلك؛ فافهم، على أنَّ الكعبة تابعة للمسجد الحرام، فذكر المساجد يغني عنها، لكن لما كان لها أحكام مختصة بها؛ نص عليها بانفرادها؛ تفسيرًا لما سبق، وهي ليس لها أبواب بل واحد فقط كما هو المعهود منها.
والمراد بالحكم: الوجوب، ولهذا قال ابن بطال:(اتخاذ الأبواب للمساجد واجب؛ لتصان عن مكان الريب وتنزه عما لا يصلح فيها؛ أي: ولأجل حفظها من أيدي العادية وغيرها، فاتخذت الأبواب؛ لحفظها مما يدانسها).
وتقدير (الحكم) أولى من تقدير العجلوني (الجواز)؛ لأنَّه خاص والحكم أعم، وهو أولى؛ فافهم.
وقوله: (قال أبو عبد الله)؛ أي: محمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن بردزبه البخاري الجعفي، جامع هذا «الصَّحيح» ، ثابت عند الأكثرين، ساقط عند الأصيلي وابن عساكر:(وقال لي عبد الله بن محمَّد) هو الجعفي المسندي مذاكرةً: (قال: حدثنا سفيان) هو ابن عينية، (عن ابن جريج) بجيمين مصغرًا، هو عبد الملك بن عبد العزيز (قال: قال لي ابن أبي مُلكية)؛ بِضَمِّ الميم؛ بالتصغير، هو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي ملكية، واسمه زهير بن عبد الله بن جدعان التيمي المكي القاضي:(يا عبد الملك) هو اسم ابن جريج؛ (لو رأيتَ) بفتح التَّاء (مساجد ابن عبَّاس وأبوابها)؛ أي: لرأيت عجبًا أو حسنًا؛ لإتقانها، فجزاء (لو) محذوف، كما قاله إمام الشَّارحين، ثم قال:(ويحتمل أن تكون «لو» للتَّمني، فلا تحتاج إلى الجزاء، وهذا الكلام يدل على أنَّ هذه المساجد كانت لها أبواب وأغلاق بأحسن ما يكون، ولكن كانت في الوقت الذي قال ابن أبي مُليكة لابن جريج: «خربت واندرست»، ومطابقته للتَّرجمة في قوله: «وأبوابها») انتهى.
قلت: يعني: وإنَّ الغالب أنَّ لأبوابها أغلاقًا.
قال العجلوني: (وهل الجمع مراد فيها؛ لأنَّها كانت متعددة أو هي اسم لمسجد واحد عمَّره في الكوفة أو غيرها؛ فليحرر) انتهى.
قلت: قول ابن أبي مليكة: (لو رأيت مساجد ابن عبَّاس) يدل على أنَّ الجمع الحقيقي مراد فيها؛ لأنَّه الأصل في الكلام، فهي متعددة؛ لأنَّه لا مانع من أنَّه عمَّر مسجدًا في الكوفة، ومسجدًا في الطَّائف، ومسجدًا في غيرهما؛ لأنَّه قد سكن الطَّائف وتوفي فيه، ومسجده هناك مشهور؛ كما هو في الكوفة وغيرهما؛ فليحفظ.
[حديث: أن النبي قدم مكة فدعا عثمان بن طلحة ففتح]
468 -
وبالسند إلى المؤلف قال: ([حدثنا] أبو النُّعمان) بِضَمِّ النُّون، هو محمَّد بن الفضل السدوسي البصري (وقتيبة) زاد أبو ذر:(ابن سعيد) : هو المنقري (قالا) بالتثنية: (حدثنا حمَّاد) زاد أبوا ذر والوقت: (ابن زيد) هو ابن درهم الأزدي الحمصي البصري، (عن أيوب) هو السختياني، (عن نافع) هو مولى ابن عمر، (عن ابن عمر) هو عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي رضي الله عنهما:(أن النَّبي) الأعظم صلى الله عليه وسلم قدِم)؛ بكسر الدَّال المهملة (مكة) أي: المكرمة عام الفتح، (فدعا) أي: النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم (عثمان بن طلحة) هو ابن أبي طلحة عبد الله بن عبد العزى العبدري الحجبي، قتل أبوه وعمه يوم أُحُد كافرين في جماعة من بني عمهما، وهاجر هذا مع خالد بن الوليد وعمرو، ودفع النَّبيُّ عليه السلام له وإلى ابن عمه شيبة بن عثمان مفتاح الكعبة، كذا في «عمدة القاري» .
وقال الكرماني: (أسلم عثمان يوم هدنة الحديبية، وجاء يوم الفتح بمفتاح الكعبة وفتحها، فقال عليه السلام: «خذوها -يعني: المفتاح- يا آل أبي طلحة خالدة تالدة، لا ينزعها منكم إلا ظالم»، ثم نزل المدينة، فأقام بها إلى وفاة النَّبي عليه السلام، ثم تحول إلى مكة ومات بها سنة اثنتين وأربعين) انتهى.
وقال البيضاوي وغيره: (أسلم عثمان يوم الفتح، وأتى يوم الفتح بمفتاح الكعبة وفتحها، ودفع رسول الله مفتاح الكعبة إليه وإلى ابن عمه شيبة بن عثمان لما نزلت آية: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا})[النساء: 58] انتهى.
وهو مخالف لما زعمه الكرماني من أنَّه أسلم يوم الحديبية؛ فيحرر.
وقال العجلوني: (ورجوع ضمير «خذوها» إلى
المفتاح صرح به الكرماني، والعيني، وغيرهما، وكأنَّه أثبته باعتبار أنَّه آلة الفتح، ولا يمتنع رجوعه إلى السدانة؛ فتأمل) انتهى.
قلت: ويحتمل أنَّه أراد بقوله: «خذوها» ؛ أي: الكعبة، وأخذ المفتاح قرينة إلى أنَّها تكون بأيديهم ولا تنزع منهم؛ فتأمل.
وكون الإمام العيني صرح به؛ ممنوع، بل نقل عبارة الكرماني وظاهره التبري منها، حيث لم يتعرض لمرجع الضمير، وانظر ما معنى السدانة التي
(1)
ذكرها العجلوني.
وفي «مختصر الصِّحاح» : (السادن: خادم الكعبة وبيت الأصنام، والجمع: السدنة) انتهى، وعلى هذا فالضمير يرجع إلى الكعبة؛ لأنَّها كانت بيت الأصنام.
وفي «القاموس» : (السدانة: خدم الكعبة، وسَدَنَ ثوبه: أرسله) انتهى، وعلى هذا فيكون السدانة: ثياب الكعبة، ومرجع الضمير إليها ظاهر؛ فتأمل مع ما سبق.
(ففَتَحَ البابَ)؛ أي: باب الكعبة، وظاهر كلام الشراح أنَّ الرواية بالبناء للفاعل؛ أي: أنَّه عليه السلام فتح الباب، وهو منصوب، ويحتمل أن يكون مبنيًا للمفعول؛ لأنَّه عليه السلام قد سلَّم المفتاح إلى آل أبي طلحة، فيحتمل أنَّ الفاتح عثمان أو غيره؛ فافهم، (فدخل النَّبي) الأعظم صلى الله عليه وسلم أي: في الكعبة (وبلال) عطف على قوله: (النَّبي)؛ أي: ودخل بلال أيضًا مع النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم، وهو المؤذن، ابن رباح مولى الصديق الأكبر رضي الله عنهما، واسم أمه: حمامة، أسلم قديمًا، فعذبه قومه، وجعلوا يقولون له: ربك اللات والعزى، وهو يقول: أَحدٌ أَحد، فأتى عليه الصديق فاشتراه بسبع أواق، وأعتقه، فشهد بدرًا، والحديبية، والمشاهد كلها مع رسول الله عليه السلام، وهو أول من أذَّن لرسول الله، وكان يؤذن له سفرًا وحضرًا، توفي بالشام سنة عشرين، عن بضع وستين سنة، وقبره بمقبرة باب الصغير، عليه قبة عظيمة، يزار ويتبرك به، وغير ذلك فيه نظر؛ فافهم، (وأُسَامة بن زيد)؛ بِضَمِّ الهمزة، وفتح السين المهملة: حِبُّ رسول الله عليه السلام الذي ولاه عليه السلام وكان صغيرًا، (وعثمان بن طلحة) هو العبدري الحجبي، المار آنفًا، قال إمام الشَّارحين:(وإدخاله عليه السلام هؤلاء الثلاثة معه لِمعَانٍ تخص كل واحد منهم، فأمَّا دخول بلال؛ فلكونه مؤذنه وخادم أمر صلاته، وأمَّا أسامة؛ فلأنه كان يتولى خدمة ما يحتاج إليه، وأمَّا عثمان؛ فلئلا يتوهم الناس أنَّه عليه السلام عزله عن ولايته، ولأنَّه كان يقوم بفتح الباب وإغلاقه) انتهى.
(ثم أُغلِق البابَ)؛ بِضَمِّ الهمزة، وكسر اللَّام، مبنيًا للمفعول، كذا في رواية الأكثرين، وفي روايةٍ-كما في القسطلاني من غير عَزوٍ-:(ثم أَغلَق) بفتح الهمزة واللَّام، مبنيًا للفاعل، و (البابَ) منصوب على المفعولية، وعليها فيكون الفاعل النَّبيَّ الأعظم صلى الله عليه وسلم، وعلى الأولى يكون واحدًا من هؤلاء الثلاثة؛ فافهم.
والحكمة في غلق الباب ما قاله الخطابي وابن بطال: إنَّ إغلاق باب الكعبة كان لئلا يَكْثُر الناس عليه، فيصلُّون بصلاته عليه السلام، ويكون ذلك عندهم من المناسك، كما فعل في صلاة الليل حين لم يخرج إليهم؛ خشية أن يكتب عليهم.
وقيل: إنَّما كان ذلك لئلا يزدحموا عليه؛ لتوفر دواعيهم على مراعاة أفعاله ليأخذوها عنه.
وقيل: ليكون ذلك أسكن لقلبه، وأجمع لخشوعه، كذا في «عمدة القاري» .
وفي العجلوني: (وقيل: للتمكن من الصلاة في جميع جهاتها؛ لأنَّ الصلاة إلى الباب لا تصح إذا كان مفتوحًا من غير شاخص مرتفع) انتهى.
قلت: وفيه نظر؛ لأنَّ فتح الباب غير مانع للصلاة، فإن شرط صحة الصلاة: استقبال جزء من بقعة الكعبة أو هوائها، فإن القبلة اسم لبقعة الكعبة المحدودة وهوائها إلى عنان السَّماء، وليس بناؤها قبلة، ولهذا حين أزيل البناء زمن عبد الله بن الزُّبير رضي الله عنه؛ صلى الصَّحابة رضي الله عنهم إلى البقعة أو هوائها دون البناء وإن كان البناء المرتفع يسمى كعبة؛ لأنَّه مأخوذ من الارتفاع، ومنه: الكاعب، فكان هذا إجماع من الصَّحابة على ذلك، فهذه العلة غير ظاهرة، وما قدمناه آنفًا أولى بالصَّواب؛ فافهم.
(فلبث)؛ بالمثلَّثة، من اللبث؛ وهو المكث؛ أي: مكث (فيه)؛ أي: في البيت العتيق النَّبيُّ الأعظم صلى الله عليه وسلم ومن كان معه ممن سبق (ساعة)؛ أي: مقدار ساعة زمانية، وهي خمس عشرة درجة، وهي المعروفة بستين دقيقة؛ لأنَّ هذا المقدار من الزمن هو الذي يسع الصلاة، والدعاء، ونحوهما.
وقول العجلوني: (أي: لغوية)؛ ممنوع؛ لأنَّها حصة من الزمن ولو لحظة، وهي لا تسع الصلاة والدعاء ونحوها؛ فافهم.
(ثم خرجوا)؛ أي: النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم ومن دخل معه ممن
(2)
سبق، وأتى بـ (ثم) المفيدة للتراخي؛ لأنَّه كان لبثهم ساعة زمانية كما ذكرنا، وهو يؤيد ما قلناه؛ فافهم.
قال العجلوني: (وفي نسخة: «ثم خرج») انتهى.
قلت: الله أعلم بصحتها، وليس المعنى عليها بظاهر؛ لأنَّ الذي خرج ليس فردًا بل جمعًا؛ فليحفظ.
(قال ابن عمر) هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: (فبَدَرتُ)؛ بفتح الموحَّدة والدَّال المهملة؛ أي: أسرعت؛ يعني: أنَّ ابن عمر لما رآهم خرجوا من البيت؛ بادر للسؤال عن صلاة النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم، (فسألت بلالًا)؛ أي: قلت له: هل صلى النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم في البيت أم لا؟ (فقال) أي: بلال: (صلى فيه) أي: صلى النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم في البيت المعظم، (فقلت: في أيٍّ؟) بتنوين (أيٍّ)؛ يعني: في أيِّ نواحيه؟ كما ثبت في بعض النُّسخ، (قال) أي: بلال: (بين الأسطوانتين) تثنية الأُسطوانة؛ بِضَمِّ الهمزة، ووزنها: أفعوانة، وقيل: فعلوانة، قاله إمامنا الشَّارح، زاد الكرماني:(وقيل: أفعلانة).
وفي «عمدة القاري» : (وسيجيء في كتاب «الحج» عن ابن عمر: «أنَّه سأل بلالًا: هل صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم؛ بين العمودين -وكان البيت يومئذٍ على ستة أعمدة- ثم صلى»، وفي لفظ: «فمكث في البيت نهارًا طويلًا، ثم خرج فابتدر الناس الدخول، فسبقتهم فوجدت بلالًا قائمًا وراء الباب، فقلت له: أين صلى؟ فقال: بين ذينك العمودين المقدمين، قال: ونسيت أن أسأله كم صلى؟ وعند المكان الذي صلى فيه مرمرة حمراء») انتهى.
قلت: وهذان العامودان هما المعبَّر عنهما ههنا بـ (الأسطوانتين)؛ فافهم.
(قال ابن عمر: فذهب عليَّ) بفتح ياء المتكلم؛ أي: أُنْسِيت (أَن أَسأله) بفتح همزة (أَن) المصدرية، وهي في محل رفع فاعل (ذهب)؛ أي: ذهب عليَّ سؤال بلال: (كم صلى) النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم في البيت؟ أي: فاتني أن أسأله عن مقدار ما صلى؛ لأنَّ (كم) الاستفهامية للسؤال عن الكمية.
وفي «عمدة القاري» : (وروى أحمد من حديث عثمان بن طلحة بسند صالح: «أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم دخل البيت فصلى فيه ركعتين بين الساريتين
(3)
».
وفي «فوائد سمويه» : «أنَّ عبد الرحمن بن الوضاح قال: قلت لشيبة: زعموا أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة فلم يصلِّ فيها، قال: كذبوا،
(1)
في الأصل: (الذي)، ولعل المثبت هو الصواب.
(2)
في الأصل: (مما)، ولعل المثبت هو الصواب.
(3)
في الأصل: (السائريتين)، وهو تحريف.