الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإقامة حدودكم، وسل سيوفكم، واتخذوا على أبوابها المطاهر، وجمِّروها في الجُمَع) انتهى.
قلت: وهو وإن كان بنحوه، لكنه أيضًا لا يدل على منع لعبهم في المسجد؛ لأنَّ الحديثان ليس فيهما منع اللعب، بل فيهما منع المقاتلة بالسيوف.
وزعم ابن حجر عن مالك: (أن لعبهم كان خارج المسجد، وكانت عائشة فيه، وهذا لا يثبت؛ لأنَّ مالكًا صرح في طرف هذا الحديث بخلافه، وفي بعضها: أن عمر أنكر عليهم لعبهم في المسجد، فقال النَّبي عليه السلام: «دعهم»، فإن اللعب بالحراب ليس لعبًا مجردًا، بل فيه تدريب الشجعان على مواقع الحروب والاستعداد للعدو) انتهى.
قلت: والظَّاهر أن مذهب مالك منع اللعب بالحراب في المسجد كما يؤخذ من كلام أبي الحسن اللخمي؛ وهو غير صحيح؛ لأنَّ حديث الباب صريح في الجواز، فيكون حجة عليه، وقوله:(إن لعبهم كان خارج المسجد) يرده قول عائشة: (والحبشة يلعبون في المسجد).
وزعم ابن حجر أن البخاري قصد بالتَّرجمة أصل الحديث لا خصوص السياق الذي يورده، ولم أقف على طريق يونس من رواية إبراهيم بن المنذر موصولة، انتهى.
قلت: وهذا غير صحيح، فإن البخاري قصده الإشارة بالتَّرجمة للسياق الذي يورده؛ لأنَّه يجعله دليلًا على التَّرجمة؛ لأنَّ الحديث وإن كان ليس فيه تصريح بأن لعبهم كان بحرابهم، لكن اللعب لا يكون إلا بالحراب، وساق التَّعليق بعده؛ ليدل على هذا القيد فيكون دليلًا على ترجمته.
وقوله: (ولم أقف
…
) إلى آخره؛ ممنوع؛ فإن من هو أكبر منه -إمام الشَّارحين- قد وقف على وصله عند الإسماعيلي من طريق عثمان بن عمر عن يونس، وعند مسلم عن أبي طاهر عن ابن وهب؛ فافهم، والله أعلم.
(70)
[باب ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد]
هذا (باب) حكم (ذكر البيع والشراء)؛ أي: الإخبار بوقوعهما من غير كراهة في الخطبة (على المنبر) الكائن (في المسجد)؛ أي: النَّبوي وغيره، بخلاف فعل البيع والشراء، فإنَّه منهي عنه فيه، وليس المراد: أنَّه أوقعهما فيه كما توهمه بعضهم؛ حيث زعم أنَّه لا مطابقة بين الحديث والتَّرجمة، كما نبَّه عليه إمام الشَّارحين، فقوله:(على المنبر) : متعلق بقوله: (ذِكرُ)، وقوله:(في المسجد) : صفة للمنبر أو حال منه، وفي رواية تقديم (المسجد) على (المنبر)، وفي رواية أبي ذر:(على المنبر والمسجد)؛ بالواو العاطفة، وعليها فيشكل تعدية (ذكر) بـ (على) بالنسبة للمسجد؛ لأنَّ التقدير يكون: وعلى المسجد، وأجاب إمام الشَّارحين:(بأنه ضمَّنه معنى الاستعلاء؛ عكس قوله تعالى: {لأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71]، وبأنه يغتفر بالتَّابع ما لا يغتفر في المتبوع، وبأنه من باب قولهم: علفتها تبنًا وماء باردًا؛ فإن تقديره: وسقيتها ماء باردًا؛ لأنَّه لا يعلف بالماء) انتهى بزيادة.
وقال المازري: اختلفوا في جواز ذلك في المسجد مع اتفاقهم على صحة العقد لو وقع، انتهى.
قلت: فيه نظر، فإن العقد حال الخطبة جائز مع الحرمة عند الإمام الأعظم وأصحابه، وغير صحيح عند مالك ومن تبعه، وأما العقد في المسجد في غير حال الخطبة من غير إحضار السلعة؛ فجائز غير مكروه، وبها؛ مكروه؛ فافهم.
وقد خبط هنا العجلوني وخلط، وأطلق في محل التقييد، وغير العبارة، ولم يفهم الإشارة؛ فافهم.
[حديث: ابتاعيها فأعتقيها فإن الولاء لمن أعتق]
456 -
وبالسند إلى المؤلف قال: (حدثنا علي بن عبد الله)، هو المديني ابن جعفر السعدي مولاهم، المدني البصري (قال: حدثنا سفيان) هو ابن عيينة (عن يحيى) هو ابن سعيد الأنصاري، وفي «مسند الحميدي» :(عن سفيان: حدثنا يحيى)(عن عَمْرة)؛ بفتح العين المهملة، وسكون الميم: هي بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية، المدنية الموثقة، المتوفاة قبل المئة، ويقال: بعدها، كذا في «التقريب» ، قلت: وقد كان ابن المديني يفخم أمرها، وهي إحدى الثقات العلماء، المتوفاة سنة ثمان وتسعين على الأصح، كما قاله الكرماني، (عن عائشة) هي الصديقة بنت الصديق الأكبر رضي الله عنهما (قالت) أي: عائشة: (أتتها بريرة)، فاعل (قالت) : يحتمل أن يكون عمرة، ويحتمل أن يكون عائشة، فإن كان عمرة؛ فلا التفات، وإن كان عائشة؛ ففيه التفات من الحاضر إلى الغائب.
و (بَرِيْرَة)؛ بفتح الموحَّدة، وكسر الرَّاء الأولى، وفتح الثانية، بينهما تحتية ساكنة، وزعم القرطبي: أن وزنها: «فعيلة» ، من البر، ويحتمل أن يكون بمعنى: مفعولة؛ أي: مبرورة؛ كـ (أكيلة السبع)؛ أي: مأكولة، ويحتمل أن تكون بمعنى: فاعلة؛ كرحيمة؛ بمعنى: راحمة، وهي بنت صفوان، كانت لقوم من الأنصار، أو مولاة لأبي أحمد بن جحش، وقيل: مولاة لبعض بني هلال، وكانت قبطية، وزعم الكرماني: أنها مولاة لعائشة كانت لعتبة بن أبي لهب.
قلت: ذكرها الذهبي في «الصَّحابيات» وقال: يقال: إن عبد الملك بن مروان سمع منها، وفي «معجم الطَّبراني» من حديث عبد الملك بن مروان قال:(كنت أجالس بريرة بالمدينة، فكانت تقول لي: يا عبد الملك؛ إني أرى فيك خصالًا، وإنك لخليق أن تلي هذا الأمر، فإن وليته؛ فاحذر الدنيا، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنَّ الرجل يدفع عن باب الجنة بعد أن ينظر إليها بملء محجمة من دم يريقه من مسلم بغير حق») انتهى، وعبد الملك اختلف في مولده، فقال خليفة بن خياط: سنة ثلاث، وقال أبو حسان الزيادي: سنة خمس، وقال محمَّد بن سعد: سنة ست وعشرين، وولاه معاوية رضي الله عنه ديوان الخراج
(1)
، وعمره ست عشرة سنة، فعلى هذا؛ تكون بريرة موجودة بعد سنة أربعين.
وقد اختلف في اسم زوج بريرة، ففي الصَّحيح: أنَّه مُغِيْث؛ بِضَمِّ الميم، وكسر الغين المعجمة، وسكون التحتية، آخره مثلثة، وعند الصريفيني عن العسكري: معتِب؛ بعين مهملة، وكسر المثناة الفوقية، آخره موحَّدة، وعند أبي موسى الأصبهاني: أنَّه مقسم؛ بميم، ثم قاف، ثم سين مهملة، آخره ميم، كذا قرره إمام الشَّارحين في «عمدة القاري» .
وقال القسطلاني: (بريرة: بعدم الصرف؛ لأنَّه منقول من بريرة؛ واحدة البرير؛ وهو ثمر الأراك، وهي بنت صفوان فيما نقل عن النَّووي في «التهذيب»، قال البلقيني: لم يقله غيره، وفيه نظر) انتهى.
(تسألها)؛ أي: تستعطي بريرة عائشة (في كتابتها)؛ أي: في شأنها، والجملة محلها نصب على الحال من (بريرة)، والأصل في السؤال أن يعدَّى بـ (عن)؛ كما في قوله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ} [الأنفال: 1]، ولكن لما كان سؤالها بمعنى: الاستعطاء؛ بمعنى: تستعطيها في أمر كتابتها؛ عُدِّي بكلمة الظرف، ويجوز أن يكون معنى (تسأل) : تستعين بالتضمين، على أنَّ في رواية جاءت
(1)
في الأصل: (الجراح)، وهو تصحيف.
هكذا.
والكتابة: لغة: مصدر كتب، من الكَتْب؛ وهو الجمع، ومنه: كتبت القربة إذا خرزتها، وسمي هذا العَقْد كتابة ومكاتبة؛ لأنَّ فيه ضم حرية اليد إلى حرية الرقبة، أو لأنَّ فيه جمعًا بين نجمين فصاعدًا، أو لأنَّ كلًا منهما يكتب الوثيقة، وفي الشرع: تحرير المملوك يدًا في الحال، ورقبة في المآل؛ لأنَّ المكاتب لا يتحرر رقبة إلا إذا أدى المال، وهو بدل الكتابة، وأما في الحال؛ فهو حر من جهة اليد فقط، حتى يكون أحق بكسبه، ويجب على المولى الضمان بالجناية عليه أو على ماله، ولهذا قيل:(المكاتب طار عن ذل العبودية، ولم ينزل في ساحة الحرية، فصار كالنعامة إن استطيرت؛ تباعدت، وإن استحملت؛ تطايرت)، كذا قرره إمام الشَّارحين في «عمدة القاري» .
(فقالت)؛ أي: عائشة مخاطبة لبريرة: (إن شئتِ)؛ بكسر التَّاء؛ لأنَّه خطاب المؤنث؛ (أعطيتُ) بلفظ المتكلم (أهلَكِ) بكسر الكاف؛ أي: مواليك، وهو منصوب على أنَّه مفعول أول لـ (أعطيت)، ومفعوله الثاني محذوف وهو ثمنك؛ لدلالة الكلام عليه، كذا قاله إمامنا الشَّارح، (ويكون الوَلاء)؛ بفتح الواو، هو في عرف الفقهاء: تناصر يوجب الإرث والعقل؛ لأنَّ الولاء لغة: النصرة والمحبة، إلا أنَّه اختص في الشرع بولاء العتق والموالاة، واشتقاقه من (الولي) وهو القربوحصول الثاني بعد الأول من غير فصل، انتهى، (لي) أي: لا لأهلك، (وقال أهلها) أي: موالي بريرة لعائشة رضي الله عنهما: (إن شئتِ) بكسر التَّاء؛ (أعطيتِها)؛ بكسر التَّاء أيضًا؛ أي: بريرة، وهو مقول القول (ما) أي: الذي (بقي) من مال الكتابة في ذمة بريرة.
قال إمام الشَّارحين: (ومحل هذه الجملة النصب؛ لأنَّها وقعت مفعولًا ثانيًا لقوله: «أعطيتها»، ومفعوله الأول الضمير المنصوب في «أعطيتها») انتهى.
واعترضه العجلوني بأن محل (ما) الموصولة النصب، لا الجملة على الصَّحيح، انتهى.
قلت: واعتراضه مردود عليه؛ لأنَّ دأب المؤلفين التسامح في مثل هذا في عباراتهم، ومعلوم أن محل الموصول النصب؛ فافهم، وقد يقال أيضًا: إن جمهور النحاة جوزوا أن يكون محل الجملة بتمامها النصب، وقال بعضهم: وهو الأصح، وعلى هذا فالاعتراض غير وارد من أصله؛ فافهم.
قال إمام الشَّارحين: (فإن قلت: كم كان مال الكتابة على بريرة؟
قلت: ذكر في باب «الكتابة» من حديث يونس، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: «إن بريرة دخلت عليها تستعينها في كتابتها، وعليها خمس أواق نُجمت عليها في خمس سنين
…
»؛ الحديث.
فإن قلت: ذكر في باب «سؤال الناس» : كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقية، فأعينيني، فقال:«خذيها فأعتقيها، واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق» ، فبين الروايتين تعارض.
قلت: هذا الحديث أصح؛ لاتصاله ولانقطاع ذاك، ولأن راوي هذا عن أمه، وهو أعرف بحديث أمه وخالته.
وقيل: يحتمل أن تكون هذه الخمسة الأواق التي قد استحقت عليها بالنجوم من جملة التسعة، أو أنها أعطت نجومًا وفَضُلَ عليها خمسة.
قلت: هذا يرده ما رواه البخاري في «الشروط في البيع» : «ولم تكن قضت من كتابتها شيئًا» .
والأواق: جمع أُوقيَّة؛ بِضَمِّ الهمزة، وتشديد التحتية، والجمع يشدد ويخفف، مثل أثفية وأثافي وأثافٍ، وربما يجيء في الحديث:«وقية»
(1)
، وليست بالعالية، وهمزتها زائدة، وكانت الأوقية قديمًا عبارة عن أربعين درهمًا، ثم إنها تختلف باختلاف اصطلاح البلاد)، انتهى كلام إمام الشَّارحين.
واعترضه العجلوني فزعم أن قوله: (هذا الحديث أصح؛ لاتصاله ولانقطاع ذاك) : كلٌّ منهما متصل، كما يعلم من الوقوف عليه، وعبارته غير محررة، وقوله:(بحديث أمه وخالته)؛ أين الأم والخالة؟ وقوله: (يرده ما رواه
…
) إلخ؛ لا ينافيه؛ لاحتمال أنها جاءت مرتين، انتهى.
قلت: واعتراضه مردود عليه، فإن البخاري ذكر في باب (المكاتب ونجومه) تعليقًا عن اللَّيث: حدثني يونس، عن ابن شهاب: قال عروة: قالت عائشة: (إن بريرة دخلت عليها تستعينها في كتابتها، وعليها خمسة أواق، نُجمت عليها في خمس سنين
…
)؛ الحديث، ولا ريب أنَّه منقطع، وأن عروة ابن أخت عائشة، فهي خالته، كما لا يخفى، وفي بعضها: عن أسماء؛ وهي أخت عائشة وأم هشام وعروة؛ لأنَّ المؤلف قد ذكر هذا الحديث في أربعة عشر
(2)
موضعًا، وقوله: (لا ينافيه
…
) إلخ؛ ممنوع؛ فإن المنافاة بينهما ظاهرة كما لا يخفى؛ فافهم.
والأوقية في ديارنا الشامية: سبعة وستين درهمًا، وكذلك في حلب، إلا أنها في سنة تسع وسبعين صارت في حلب فقط ثمانين درهمًا، وفي المدينة: عشرين درهمًا، والله تعالى أعلم.
(وقال سفيان) هو ابن عيينة، أحد الرواة المذكورين في الحديث (مرة) أي: أخرى، فهو موصول غير معلق، وأشار بذلك إلى أن سفيان حدَّث به على وجهين، فمرة قال:(إن شئتِ؛ أعطيتِها ما بقي)، ومرة قال:(إن شئتِ) بكسر التَّاء (أعتقتِها)؛ أي: بدل (أعطيتِها)، والمثناة الفوقية فيهما مكسورة بلا تحتية بعدها على الأفصح، (ويكون الوَلاء) بفتح الواو (لنا) أي: عليها، (فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أي: لحجرة عائشة رضي الله عنها؛ (ذكَّرتْهُ) بتشديد الكاف، وسكون التَّاء بعدها هاء؛ أي: النَّبيَّ الأعظم صلى الله عليه وسلم (ذلك)؛ أي: الشرط المذكور.
وقال إمام الشَّارحين: («ذكرته» يحتمل أربعة وجوه؛ الأول: «ذكَّرته» : بالتشديد، وبالضمير المنصوب، الثاني: «ذكَّرت» : بالتشديد بدون الضمير، والثالث: «ذَكَرت» : على صيغة الماضي للمؤنث الواحدة بالتخفيف بدون الضمير، والرابع: «ذَكَرته» : بالتخفيف والضمير؛ لأنَّ «ذَكَر» بالتخفيف يتعدى؛ يقال: ذَكَرت الشيء بعد النِّسيان، وذَكَرته بلساني وبقلبي، وتذكرته وأذكرته غيري وذكرته بمعنًى) انتهى.
قلت: ولم يبين الرواية ههنا، لكن الذي يظهر من كلامه وكذا من كلام صاحب «التنقيح» : أن الرواية ههنا: بتشديد الكاف، وبهاء الغيبة للمنصوب، وهو المفهوم من كلام القسطلاني؛ حيث قال: بتشديد الكاف، وسكون تائها
(3)
؛ كما في (الفرع) و (أصله)، وقال الكرماني: («ذَكَرتُه» ؛ بلفظ التكلم، والمتكلم به عائشة، والراوي نقل لفظها بعينه،
(1)
في الأصل: (بقية)، ولعل المثبت هو الصواب.
(2)
في الأصل: (أربع عشرة)، ولا يصح.
(3)
زيد في الأصل: (بلفظ المتكلم)، ولعل الصواب حذفها.
وبالغيبة؛ كأن عائشة جردت من نفسها شخصًا، فحكت عنه، فالأول: حكاية الراوي عن لفظ عائشة، والثاني: حكاية عائشة عن نفسها) انتهى، قلت: ولم يبين وجه الرواية.
وقال القسطلاني: («ذَكَّرَتْه» ؛ بتشديد الكاف، وسكون التَّاء، كما في «الفرع» و «أصله» ، فيكون من كلام الراوي بمعنى ما وقع من عائشة، أو بِضَمِّها مع سكون الرَّاءبلفظ التكلم
(1)
، ويكون من كلام عائشة) انتهى.
وزعم ابن حجر: «ذكَّرته ذلك» : كذا وقع هنا بتشديد الكاف، فقيل: الصَّواب ما وقع في رواية مالك وغيره بلفظ: ذكرت؛ لأنَّ التذكير يستدعي سبق علم بذلك، ولا يتجه تخطئة هذه الرواية؛ لاحتمال السبق على وجه الإجمال، انتهى.
وردَّه إمام الشَّارحين، فقال: (لم يبين أحد ههنا راوي التشديد، ولا راوي التخفيف، واللَّفظ يحتمل أربعة أوجه
…
) إلى آخر
(2)
ما قدمناه عنه قريبًا، انتهى.
واعترضه العجلوني فزعم أن راوي التشديد هنا الجميع، وراوي التخفيف مالك وغيره، وما ذكره من الوجوه، لا داعي إليها، بل لا يصح بعضها، انتهى.
قلت: وهذا كلام فاسد الاعتبار؛ لأنَّه لم يعلم الرواية في لفظ (ذكرته)، فمن أين يزعم أن راوي التشديد هنا الجميع؟ لأنَّه لم ينص أحد من الشراح على أنَّ الرواية عند الجميع بالتشديد، غير أن القسطلاني قال: بتشديد الكاف في (الفرع) و (أصله)، وهو لا يدل على أنَّه عند الجميع، وكون راوي التخفيف مالك وغيره؛ كلام من لم يمس شيئًا من المعاني؛ لأنَّه لا يخفى أن رواية مالك وغيره ليست في «الصَّحيح» هنا، بل في غير «الصَّحيح» ، فلا داعي لذكرها هنا؛ فافهم، وما زعمه من أنَّه (لا داعي لذكره الوجوه)؛ ممنوع؛ لأنَّه لما كانت
(3)
الرواية هنا غير معلومة صريحًا؛ احتاج إلى بيان احتمالات اللَّفظ، وهو أكبر داعٍ لذكرها؛ وكون لا يصح بعضها؛ ممنوع أيضًا، بل هي جميعًا صحيحة، ولم يبين وجه عدم صحة بعضها، ولو كان لها وجه صحيح؛ لذكره، وما هذا إلا من كثرة تعصبه، وشدته في كلامه.
وحاصله: أن الأوجه الأربعة صحيحة المعنى سواء كانت الرواية بالتشديد أو بالتخفيف، على أنَّ أمام الشَّارحين قد ذكر وجه كل وجه منها، وهو يدل على صحتها عند أهل المعاني والعرفان، لا عند أهل الغفلة والنِّسيان؛ فافهم.
وأشار ابن حجر بقوله: (فقيل: الصَّواب ما وقع في رواية مالك بالتخفيف) إلى ما قاله الزركشي من أن الصَّواب: (ذكرت له ذلك) انتهى.
واعترضه الدماميني فقال: وكأنَّه فهم أن الضمير المنصوب عائد إلى النَّبي عليه السلام و (ذلك) مفعول، فاحتاج إلى تقدير الحرف ضرورةَ أنَّ (ذكر) إنَّما يتعدى بنفسه، وليس الأمر كما ظنه، بل الضمير المنصوب عائد إلى الأمر المتقدم، و (ذلك) بدل منه، والمفعول الذي يتعدى إليه هذا الفعل بحرف الجر حذف مع الحرف الجار له؛ لدلالة ما تقدم عليه، فآل الأمر إلى أنَّها قالت: فلمَّا جاء رسول الله عليه السلام ذكرت ذلك الأمر له، وليت شعري! ما المانع من حمل هذه الرواية الصَّحيحة على الوجه السائغ، ولا غبار عليه؟! انتهى.
واعترضه العجلوني فزعم أنَّه لا يتأتَّى هذا إلا مع التخفيف، مع أن فيه كثرة حذف، وقوله: (ليت شعري
…
) إلخ، فيه أنَّ الرواية بالتخفيف، على هذا المنوال لم نر أحدًا أثبتها هنا في هذا الموضع، نعم؛ هي رواية مالك المعلقة، ولو جعل (ذكر) المشدد بمعنى المخفف، وأعرب اسم الإشارة بدلًا من الضمير الراجع إلى الأمر؛ لكان وجهًا، انتهى.
قلت: وهذا كلام غير صحيح؛ لأنَّ قوله: (لا يتأتَّى هذا
…
) إلخ؛ ممنوع، فما المانع من إجرائه في رواية التشديد؟
وقوله: (مع أن فيه كثرة حذف)؛ ممنوع أيضًا؛ لأنَّه ليس فيه كثرة حذف، ألا ترى إلى قوله: (فآل الأمر
…
) إلخ، فأين كثرة الحذف؟ فافهم.
وقوله: (فيه أنَّ الرواية
…
) إلخ؛ ممنوع، بل الرواية على هذا المنوال بالتشديد أيضًا، فكما يجوز توجيه التشديد بذلك، كذلك يجوز توجيه التخفيف.
وقوله: (لم نر أحدًا أثبتها
…
) إلخ؛ ممنوع، فإن إمام الشَّارحين ورئيس المحققين قد أثبتها في الأوجه الأربعة التي ذكرها في «شرحه» ، مع أنَّها ثابتة في رواية مالك وغيره، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، والمُثْبِت مقدَّم على النافي.
وقوله: (ولو جعل «ذكر»
…
) إلخ؛ هذا التوجيه هو عين ما ذكره الدماميني، فكيف يعترض عليه ويذكر مثله، وينسبه لنفسه، ويعتمد عليه؟! وما هو إلا تناقض وعدم معرفة بمعاني الكلام.
وحاصله: أنَّ ما زعمه العجلوني بعيد عن النَّظر، وتعصب وعناد؛ فاجتنبه، والله أعلم.
(فقال) وقوله (النَّبي) الأعظم صلى الله عليه وسلم ثابت عند أبي ذر ساقط عند غيره؛ أي: قال لعائشة: (ابتاعيها) أي: اشتري بريرة، (فأعتقيها) بهمزة القطع في الثاني، والوصل في الأول، (فإنَّ الوَلاء)؛ بفتح الواو مع المد؛ أي: الإرث، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر:(فإنما الولاء)(لمن أعتق)، وهذا مما لا خلاف فيه عند العلماء، واختلفوا فيمن أعتق على أنلا ولاء له؛ وهو المسمى بالسائبة؛ ومذهب الجمهور: أن الشرط باطل، والولاء لمن أعتق، وعند أحمد: أنَّه لم يكن له الولاء عليه، فلو أخذ من ميراثه شيئًا؛ رده في مثله، وقال مالك، ومكحول، وأبو العالية، والزهري، وعمر بن عبد العزيز: يُجعل ولاؤه لجماعة المسلمين؛ كما فعله بعض الصَّحابة، كذا في «عمدة القاري» .
(ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر)؛ أي: خطيبًا يوم الجمعة، ولهذا أتى بـ (ثم) التي للتراخي حتى يكون الحكم عامًّا، وكان عليه السلام من عادته أنَّه إذا لم يعجبه أمر من أصحابه؛ قام على المنبر خطيبًا، وذكره مبهمًا؛ تطييبًا لخاطرهم، فمن كان فعل شيئًا منه؛ انتهى عنه ورجع.
(وقال سفيان) هو ابن عيينة أحد الرواة المذكورين في الحديث (مرة: فصعِد) بكسر العين المهملة، وقد تفتح بِقلَّة؛ أي: بدل (قام)(رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر)؛ أي: خطيبًا، وأراد أنَّه روي بوجهين مرة قال:(ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر)، ومرة قال:(فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر)؛ يعني: أنَّه روي عنه اللَّفظان في مرتين، وذكر في باب (الشراء والبيع
(1)
(بلفظ المتكلم) : جاء في الأصل بعد قوله: (بتشديد الكاف وسكون التاء)، ولعل الصواب إثباتها هنا.
(2)
في الأصل: (آخره)، ولعل المثبت هو الصواب.
(3)
في الأصل: (كان)، ولعله تحريف.
مع النَّساء) : قال لي النَّبي صلى الله عليه وسلم: «اشتري وأعتقي، فإنما الولاء لمن أعتق، ثم قام من العشيِّ، فأثنى على الله بما هو أهله
…
»؛ الحديث (فقال) أي: النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم في خطبته: (ما بال أقوام)؛ أي: ما حالهم وشأنهم، وفي باب (الشراء والبيع مع النَّساء) :«ما بال أناس» ، وإنَّما لم يصرح عليه السلام بالقائل؛ لأنَّه من خلقه العظيم؛ لأنَّه لا يواجه شخصًا معينًا بمكروه، ولا يذكره بين الناس بشيء لا يوافق الشرع، بل يأتي بلفظ مبهم، فصاحب الأمر يفهم ذلك ويرتدع عنه، (يشترطون شروطًا) جمع شرط؛ أي: في عقودهم وبيعهم وشرائهم (ليس) التذكير باعتبار جنس الشرط، أو باعتبار المذكور، كذا قاله إمام الشَّارحين، وقال الكرماني:(التذكير باعتبار الاشتراط)، قال إمام الشَّارحين: وفيه نظر لا يخفى، انتهى، قلت: وهو كذلك لأنَّ الاشتراط قول غير مذكور، فلا يصح عليه المعنى؛ فافهم، وفي رواية الأصيلي:(ليست) بالتأنيث؛ أي: الشروط (في كتاب الله) عز وجل ولا في سنة رسوله، فأجاب عليه السلام عن ذلك بقوله:(من اشترط) أي: من الناس (شرطًا) في بيعه أو شرائه (ليس) أي: الشرط (في كتاب الله) ولا في سنة رسوله عليه السلام؛ (فليس) أي: ذلك الشرط (له) أي: لا يستحقه (وإن) وصلية (اشترط) في عقده (مئة مرة)، وعند المؤلف في باب (الشراء والبيع مع النَّساء) :«وإن اشترط مئة شرط، وشرط الله أحق وأوثق» ، وكذا في رواية ابن ماجه، وذكر (المئة) للمبالغة في الكثرة، لا أنَّ
(1)
هذا العدد بعينه هو المراد، قاله إمام الشَّارحين.
وزعم ابن حجر أنَّ لفظ (المئة) للمبالغة، فلا مفهوم له، وردَّه في «عمدة القاري» فقال:(لم يدر هذا القائل أنَّ مفهوم اللَّفظ في اللُّغة هو معناه، وعلى قوله؛ يكون هذا اللَّفظ مهملًا، وليس كذلك، وإن كان قال ذلك على رأي الأصوليين؛ حيث فَرَّقوا بين مفهوم اللَّفظ ومنطوقه، فهذا الموضع ليس محله) انتهى.
وقال الشيخ تقي الدين: يحتمل أن يريد بـ «كتاب الله» : حكم الله، ويراد بذلك: نفي كونها في كتاب الله بواسطة أو بغير واسطة، فإنَّ الشريعة كلها في كتاب الله إما بغير واسطة كالمنصوصات في القرآن من الأحكام، وإما بواسطة قوله تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7]، و {أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النور: 54] انتهى.
وقال الخطابي: (ليس المراد: أنَّ ما لم ينص عليه في كتاب الله باطل، فإن لفظ «الولاء لمن أعتق» -أي: مثلًا- من قوله عليه السلام، لكنَّ الأمر بطاعته في كتاب الله، فجاز إضافته إلى الكتاب)، واعتُرض بأن ذلك لو جاز؛ لجازت إضافة ما اقتضاه كلامه عليه السلام إليه، ورُدَّ بأنَّ الإضافة إنَّما هي بطريق العموم، وهذا بناء على أنَّ المراد بكتاب الله تعالى: القرآن، نظير قول ابن مسعود لأم يعقوب في الواشمة:(مالي لا ألعن من لعن رسولُ الله عليه السلام، وهو في كتاب الله بقوله: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}).
وأجاب إمام الشَّارحين: بأنه يحتمل أن يكون المراد بكتاب الله: حكم اللهسواء ذكر في القرآن أو السنة، أو المراد من الكتاب: المكتوب، يعني: المكتوب في اللوح المحفوظ، انتهى.
قلت: وهذا الجواب هو الصَّواب، ولهذا اقتصر عليه القسطلاني وغيره من الشراح؛ فافهم.
قال إمامنا الشَّارح: (ومطابقة الحديث للتَّرجمة تُعلم من قوله عليه السلام: «ما بال أقوام يشترطون
…
» إلى آخره؛ لأنَّه عليه السلام ذكر هذا عقيب قضية مشتملة على بيع وشراء، وعتق وولاء؛ لأنَّه عليه السلام لمَّا قال:«ابتاعيها فأعتقيها، فإنَّ الولاء لمن أعتق» قبل صعوده المنبر؛ دلَّ على حكم هذه الأشياء، ثم لمَّا قال على المنبر: «ما بال أقوام
…
» إلى آخره؛ أشار به إلى القضية التي وقعت، فكأنَّ إشارته به إليها كوقوعها على المنبر في المسجد، وهذا هو الوجه، لا ما ذكره أكثر الشراح بما تنفر عنه الطباع وتمج عنه الأسماع، وسيعلم ذلك من يقف عليه) انتهى، قلت: وأشار بهذا إلى ما زعمه ابن حجر العسقلاني، فإنَّه قد قام وقعد، وخلط وخبط، وقال ولا يدري ما يقول، من فهمه السقيم وذهنه الفاتر العميم؛ فافهم ذلك.
وفي الحديث أحكام ذكرها إمامنا الشَّارح:
الأول: فيه دليل على جواز الكتابة، فإنْ كاتب رجلٌ عبده أو أمته على ما شرط عليه، وقَبِلَ العبد ذلك؛ صار مكاتبًا، ويدل عليه أيضًا قوله تعالى:{فَكَاتِبُوَهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33]، ودلالة هذا على مشروعية العقد لا تخفى على عارفٍ بلسان العرب سواء كان الأمر للوجوب أو لغيره، وهذا ليس أمر إيجاب بإجماع بين الفقهاء، سوى ما ذهب إليه داود الظَّاهري ومن تبعه، وروي نحوه عن عمرو بن دينار، وعطاء، وأحمد في رواية، والشَّافعي في رواية.
فإن قلت: ظاهر الأمر للوجوب، كما ذهب إليه هؤلاء.
قلت: هذا في الأمر المطلق المجرد عن القرائن، وأما ههنا؛ فالأمر مقيد بقوله:{إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} ، وهو قرينة صارفة عن الوجوب، فيكون الأمر للندب.
وذهب بعض أصحابنا إلى أنَّه أمر إباحة، وفيه نظر؛ لأنَّ الحمل على الإباحة إلغاء الشرط؛ لأنَّه مباح بدونه بالاتفاق، وكلامه تعالى منزَّه عن ذلك.
والمراد بالخير المذكور: ألا يضر المسلمين بعد العتق، فإن يضرهم؛ فالأفضل ألَّا يكاتبه وإن كان يصح، وعن ابن عبَّاس وابن عمر وعطاء: الخير: الكسب خاصة، وعن الثَّوري والحسن: أنه الأمانة والدِّين خاصة، وقيل: هو الوفاء والصلاح، وإذا فقد الأمانة والكسب؛ لا يكره عندنا، وبه قال مالك والشَّافعي، وقال أحمد وإسحاق وابن القطان من الشَّافعية: يكره.
ولا يعتق المكاتب إلا بأداء الكلِّ عند الجمهور؛ لما رواه أبو داود وغيره من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:«المكاتب عبد ما بقي من كتابته درهم» ، وروى الشَّافعي في «مسنده» : أخبرنا ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: أن زيد بن ثابت قالفي المكاتب: (هو عبد ما بقي عليه درهم)، واختاره لمذهبه، وهو مذهب أئمتنا الأعلام، وفيه اختلاف الصَّحابة، ومذهب ابن عبَّاس: أنَّه يعتق كما أخذ الصحيفة من مولاه؛ يعني: يعتق بنفس العقد، وهو غريم المولى بما عليه من بدل الكتابة، ومذهب ابن مسعود: أنَّه يعتق إذا أدى قيمة نفسه، ومذهب زيد: ما ذكرناه وإنما اختاره الأربعة؛ لأنَّه مؤيد بالحديث المذكور، انتهى.
قلت: بقي على الشَّافعي أنَّ ما رواه لا ينهض دليلًا لمذهبه؛ لأنَّ في سنده ابن أبي نجيح؛ وهو ضعيف، ولأنَّه موقوف؛ وهو لا يحتج به؛ فافهم.
الثاني من الأحكام: جواز تزويج الأمة المزوجة؛ لأنَّ بريرة كانت مزوجة، وقد ذكرنا اسمه والاختلاف فيه.
فإن قلت: كان زوجها حرًّا أو عبدًا؟ قلت: في رواية البخاري عن ابن عبَّاس قال: (رأيته عبدًا-يعني: زوج بريرة- كأنَّي أنظر إليه يتبعها في سكك المدينة يبكي عليها، ودموعه تسيل على لحيته، فقال النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم لعمه العبَّاس: «ألا تعجب من حب
(2)
مغيث بريرة، ومن بغض بريرة مغيثًا؟!» فقال عليه السلام:«لو راجعْتِه» ، قالت: يا رسول الله؛ تأمرني، قال:«إنما أنا شافع» ، قالت: فلا حاجة لي فيه).
فإن قلت: ذكر في (الفرائض) : (قال الحَكَم: كان زوجها حرًّا)، قلت: وقول الحكم مرسل، وذكر في (ميراث السائبة) : قال الأسود: (وكان زوجها حرًّا)، قال: وقول الأسود منقطع، وقول ابن عبَّاس أصح، وفي «مسلم» أيضًا عن عبد الرحمن:(وكان زوجها عبدًا).
الثالث من الأحكام: فيه دليل على تنجم الكتابة؛ لقولها: (كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقية).
وقال الشيخ تقي الدين: وليس فيه تعرض للكتابة
(3)
الحالَّة فنتكلم عليه،
(1)
في الأصل: (الكثرة، لأن)، ولعل المثبت هو الصواب.
(2)
في الأصل: (محب)، ولعل المثبت هو الصواب.
(3)
في الأصل: (لكتابة)، ولعل المثبت هو الصواب.
قلت: يجوز عند أصحابنا الأعلام أن يشترط المال حالًّا ومنجَّمًا؛ لظاهر قوله تعالى: {فَكَاتِبُوَهُمْ} من غير شرط التنجيم والتأجيل، فلا يزاد على النصِّ بالرأي، وبه قال مالك، وفي «الجواهر» قال أبو بكر: ظاهر قول مالك: أنَّ التنجيم والتأجيل شرط فيه، ثم قال: وعلماؤنا النظار يقولون: إنَّ الكتابة الحالَّة جائزة، ويسمونها قطاعة، وهو القياس، وقال الشَّافعي: لا تجوز الكتابة حالًّا، ولابد من نجمين، وبه قال أحمد في رواية، وأخرى عنه؛ كما ذهب إليه أئمتنا الأعلام، وهو الصَّواب.
الرابع من الأحكام: اشتراط الولاء للبائع، هل يفسد العقد؟ فيه خلاف، وظاهر الحديث يدل على أنَّه لا يفسده؛ لما قال في الحديث المذكور:«واشترطي لهم الولاء» ، ولا يأذن النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم في عقد باطل، وقال الشيخ تقي الدين: إذا قلنا: إنَّه صحيح: فهل يصح الشرط؟ فيه خلاف عند الشَّافعي، والقول ببطلانه موافق للحديث، وهو مذهب الإمام الأعظم رئيس المجتهدين.
فإن قلت: كيف يأذن النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم في البيع على شرط فاسد؟ وكيف يأذن في البيع حتى يقع على هذا الشرط ويُقدم البائع عليه، ثم يبطل اشتراطه؟
قلت: أجيب عنه بأجوبة:
الأول: ما قاله الإمام الحافظ أبو جعفر الطَّحاوي: وهو أنَّه لم يوجد اشتراط الولاء في حديث عائشة إلا من رواية مالك عن هشام، فأما من سواه، وهو اللَّيث بن سعد وعمرو بن الحارث؛ فإنَّهما رويا عن هشام أن
(1)
السؤال لولاء بريرة إنَّما كان من عائشة لأهلها بأداء مكاتبتها إليهم، فقال صلى الله عليه وسلم:«لا يمنعك ذلك عنها، ابتاعي وأعتقي، فإنما الولاء لمن أعتق» ، وهذا خلاف ما رواه مالك عن هشام:«خذيها واشرطي، فإنَّما الولاء لمن أعتق» ، مع أنَّه يحتمل أن يكون معنى (اشرطي) : أظهري؛ لأنَّ الاشتراط في كلام العرب: الإظهار، ومنه قول أوس بن حجر:
فأشرط فيها نفسه وهو مُعصم
…
. . . . . . . . . . . . .
أي: أظهر نفسه، أي: أظهري الولاء الذي يوجبه إعتاقك أنَّه لمن يكون العتاق منه دون من سواه.
الثاني: أن معنى (اشترطي لهم)؛ أي: عليهم، كقوله تعالى:{إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7]، قيل: فيه نظر؛ لأنَّ سياق الحديث وكثيرًا من ألفاظه ينفيه، ورُدَّ بأنَّ القرينة الحالية تدل على هذا مع أن مجيء اللَّام بمعنى (على) كثير في القرآن، والحديث، والأشعار، كما لا يخفى.
الثالث: أنَّه على الوعيد الذي ظاهره الأمر وباطنه النَّهي، كما في قوله تعالى:{اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: 40]، وقوله:{وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم} [الإسراء: 64]، ألا ترى أنَّه عليه السلام صعد المنبر وخطب، وقال: (ما بال أقوام
…
) إلى آخره.
الرابع: أنَّه عليه السلام قد كان أخبرهم بأنَّ الولاء لمن أعتق، ثم أقدموا على اشتراط ما يخالف هذا الحكم الذي علموه، فوَرَد هذا اللَّفظ على سبيل الزجر، والتوبيخ، والتنكير؛ لمخالفتهم الحكم الشرعي.
الخامس: أنَّ إبطال هذا الشرط عقوبة ونكال؛ لمعاندتهم في الأمر الشرعي فصار هذا من باب العقوبة بالمال؛ كحرمان القاتل من الميراث، وكان عليه السلام بيَّن لهم حكم الولاء، وأن هذا الشرط لا يحل، فلما لحُّوا وعاندوا؛ أبطل شرطهم.
السَّادس: أنَّ هذا خاص بهذه القضية، لا عام في سائر الصور، ويكون سبب التخصيص بإبطال هذا الشرط: المبالغة في زجرهم عن هذا الاشتراط المخالف للشرع، كما أن فسخ الحج إلى العمرة كان خاصًّا بتلك الواقعة؛ مبالغة في إزالة ما كانوا عليه من منع العمرة في أشهر الحج.
وقال القاضي عياض: (المشكل في هذا الحديث: ما وقع في طريق هشام ههنا، وهو قوله عليه السلام:«اشتريها وأعتقيها، واشترطي لهم الولاء» ، فكيف أمرها عليه السلام بهذا وفيه عقد بيع على شرط؛ وهو لا يجوز وتغرير
(2)
بالبائعين إذا شرط لهم ما لا يصح؟ ولما صعب الانفصال عن هذا على بعض الناس؛ أنكر هذا الحديث أصلًا، وحكي ذلك عن يحيى بن أكتم، وقد وقع في كثير من الروايات سقوط هذه اللَّفظة، وهذا الذي شجع يحيى على إنكارها) انتهى.
الخامس من الأحكام: ما زعمه الخطابي أنَّ فيه دليلًا على جواز بيع المكاتب رضي به أو لم يرض، عجز عن أداء نجومه أو لم يعجز، أدى بعض النجوم أم لا، وقال الشيخ تقي الدين: اختلفوا في بيع المكاتب على ثلاثة مذاهب: المنع، والجواز، والفرق بين أن يُشتَرى للعتق؛ فيجوز، أو للاستخدام؛ فلا يجوز، أما من أجاز بيعه؛ فاستدل بهذا الحديث، فإنَّه ثبت أنَّ بريرة كانت مكاتبة، وهو قول عطاء، والنخعي، وأحمد، ومالك في رواية، وقال أبو حنيفة والشَّافعي ومالك في رواية: لا يجوز بيعه، وهو قول ابن مسعود وربيعة، واعترضه إمام الشَّارحين فقال: مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة وأصحابه: أنَّه لا يجوز بيع المكاتب ما دام مكاتبًا حتى يعجز، ولا يجوز بيع كتابته
(3)
بحال، وهو قول الشَّافعي بمصر، وكان بالعراق يقول: يجوز بيعه، وقال النَّووي:(قال بعض العلماء يجوز بيعه للعتق لا للاستخدام) انتهى.
السَّادس من الأحكام: ما زعمه الخطابي: فيه جواز بيع الرقبة بشرط العتق؛ لأنَّ القوم قد تنازعوا الولاء، ولا يكون الولاء إلا بعد العتق، فدل على أنَّ العتق كان مشروطًا في البيع.
واعترضه إمامنا الشَّارح فقال: إذا اشترط البائع على المبتاع إيقاع معنًى من معاني البر، فإن اشترط عليه من ذلك ما يتعجل، كالعتق المعجل؛ فذلك جائز عند الشَّافعي، وغير جائز عند الإمام الأعظم أبي حنيفة رضي الله عنه.
فإن امتنع البائع من إنفاذ العتق؛ فقال أشهب: يجبر على العتق، وقال ابن كنانة: لو رضي البائع بذلك لم يكن له ذلك ويعتق عليه، وقال ابن القاسم: إن كان اشتراه على إيجاب العتق؛ فهو حر، وإن اشتراه من غير إيجاب عتق؛ لم يجبر على عتقه، والإيجاب: أن يقول: [إن] اشتريته منك؛ فهو حر، وإن لم يقل ذلك وإنما اشترط أن يستأنف عتقه
(4)
بعد كمال ملكه؛ فليس بإيجاب، وقال الشَّافعي:(البيع فاسد، ويمضي العتق اتباعًا للسنة)، وروي عنه:(البيع جائز والشرط باطل)، وروى المزني عنه:(لا يجوز تصرف المشتري بحال في البيع الفاسد)، وهو قول الإمام الأعظم وأصحابه رضي الله عنهم، واستحسن الإمام الأعظم والإمام محمَّد بن الحسن أن يجيز له العتق، ويجعل عليه الثمن، وإن مات قبل أن يعتقه؛ كانت عليه القيمة، وقال الإمام أبو يوسف:(العتق جائز وعليه القيمة).
والحجة القوية للإمام الأعظم في هذا الباب وأمثاله: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم: (نهى عن بيع وسلف، وعن شرطين في بيعة)، وعنه أيضًا:«لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع» ، أخرجه الأربعة والطَّحاوي بأسانيد صحاح، وفسروا قوله عليه السلام:(وعن شرطين في بيع)؛ بأن البيع في نفسه شرط، فإذا شرط فيه شرط آخر؛ فقد
(1)
في الأصل: (عن)، ولعل المثبت هو الصواب.
(2)
في الأصل: (وتقدير)، وهو تحريف.
(3)
في الأصل: (كتابية)، ولعل المثبت هو الصواب.
(4)
في الأصل: (عنه)، ولعل المثبت هو الصواب.
صار شرطين.
وقول الخطابي: (فدل على أنَّ العتق كان مشروطًا في البيع)؛ لا دليل له فيه ظاهرًا، والحكم به على جواز البيع بالشرط غير صحيح؛ لأنَّه مخالف لظاهر الحديث الصَّحيح؛ فليحفظ.
السَّابع من الأحكام: ما زعمه الخطابي أيضًا: فيه أنَّه ليس كل شرط يشترط في بيع كان قادحًا في أصله ومفسدًا له، وأن معنى ما وَرَد من النَّهي عن بيع وشرط منصرف إلى بعض البيوع وإلى نوع من الشروط، وقال القاضي عياض: (الشروط المقارنة للبيع ثلاثة أقسام؛ أحدها: أن يكون من مقتضى العقد؛ كالتسليم وجواز التصرف في البيع، وهذا لا خلاف في جواز اشتراطه؛ لأنَّه يقضى به وإن لم يشترط، والثاني: ألا يكون من مقتضاه، لكنها من مصلحته؛ كالحيل، والرهن، واشتراط الخيار، فهذا أيضًا يجوز اشتراطه؛ لأنَّه من مصلحته فأشبه ما كان من مقتضاه، الثالث: أن تكون خارجة عن ذلك مما لا يجوز اشتراطه في العقود، بل يمنع من مقتضى العقد، أو يوقع فيه غررًا
(1)
أو غير ذلك من الوجوه الممنوعة، وهذا موضع اضطراب العلماء) انتهى.
قال إمام الشَّارحين: وعند أصحابنا الأعلام البيع بالشرط على ثلاثة أوجه:
الأول: البيع والشرط كلاهما جائزان، وهو على ثلاثة أنواع؛ أحدها: أنَّ كل شرط يقتضيه العقد ويلائمه؛ فلا يفسده؛ بأن اشترى أمة بشرط أن تخدمه أو يغشاها، أو دابة بشرط أن يركبها، ونحو ذلك، النوع الثاني: كل شرط لا يقتضيه العقد، ولكنه يلائمه بأن شرط أن يرهنه بالثمن رهنًا وسماه، أو يعطيه كفيلًا وسماه، والكفيل حاضر، فقبله، وكذلك الحوالة؛ جاز ذلك استحسانًا، خلافًا للإمام زفر رحمه الله تعالى، النوع الثالث: كل شرط لا يقتضيه العقد ولا يلائمه، ولكن وَرَد الشرع بجوازه؛ كالخيار والأجل، أو لم يرد الشرع به ولكنه متعارف متعامل بين الناس به؛ بأن اشترى نعلًا على أنْ يحذوه البائع أو قلنسوة بشرط أن يبطنها؛ جاز ذلك استحسانًا، خلافًا للإمام زفر رضي الله عنه.
الوجه الثاني: البيع والشرط
(2)
كلاهما فاسدان، وهو كل شرط لا يقتضيه العقد ولا يلائمه وفيه منفعة لأحدهما أو للمعقود عليه؛ بأن اشترى حنطة على أنْ يطحنها البائع، أو عبدًا على ألا يبيعه، وكذا على ألا يعتقه، خلافًا للشافعي فيه، فإن أعتقه ضَمِنَ الثمن استحسانًا عند الإمام الأعظم، وعند الإمامين أبي يوسف ومحمَّد بن الحسن: عليه قيمته.
الوجه الثالث: البيع جائز والشرط باطل، وهو على ثلاثة أنواع؛ الأول: كل شرط لا يقتضيه العقد وليس فيه منفعة، بل فيه مضرة؛ بأن باع ثوبًا أو دابة بشرط ألا يبيعه ولا يهبه، أو طعامًا بشرط ألا يأكل منه ولا يبيعه
(3)
؛ جاز البيع وبطل الشرط، الثاني: كل شرط لا يقتضيه العقد، وليس فيه منفعة ولا مضرة لأحد؛ بأن باع طعامًا بشرط أن يأكله؛ جاز البيع وبطل الشرط، الثالث: كل شرط يوجب منفعة لغير المتعاقدين والمبيع؛ نحو: البيع بشرط أن يقرض أجنبيًّا؛ لا يفسد البيع، انتهى.
الثامن من الأحكام: ما زعمه الخطابي: فيه دليل على أنَّه لا ولاء لمن أسلم على يديه ولا لمن حالف إنسانًا على المناصرة، وقال الشيخ تقي الدين: فيه حصر الولاء للمعتق فيقتضي ذلك أن لا ولاء بالحلف والموالاة، وبإسلام الرجل على يدي الرجل، ولا بالتقاطه للقيط، وكل هذه الصور فيها خلاف بين الفقهاء، ومذهب الشَّافعي: لا ولاء في شيء منها؛ للحديث، انتهى.
قال إمام الشَّارحين: الولاء عند أصحابنا الأعلام نوعان؛ أحدهما: ولاء العتاقة، والآخر: ولاء الموالاة، وقد كانت العرب تتناصر بأشياء؛ بالقرابة، والصداقة، والحلف، والمؤاخاة، والعصبة، وولاء العتاقة، وولاء الموالاة، وقد قرر النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم تناصرهم بالولاء بنوعيه؛ وهما: العتاقة وولاء الموالاة، وقال عليه السلام:«إنَّ مولى القوم منهم وحليفهم منهم» ، رواه أربعة من الصَّحابةرضي الله عنهم، فالإمام أحمد ابن حنبل في «مسنده» من حديث إسماعيل بن عبيد بن رفاعة بن رافع الزرقي، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مولى القوم منهم، وابن أختهم منهم، وحليفهم منهم» ، والبزار في «سننه» من حديث أبي هريرة عن النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم قال:«حليف القوم منهم، وابن أختهم منهم» ، والدارمي في «مسنده» من حديث عمرو بن عوف: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ابن أخت القوم منهم، وحليف القوم منهم» ، والطَّبراني في «معجمه» من حديث عتبة بن غزوان عن النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم؛ نحوه، والمراد بالحليف: مولى الموالاة
(4)
؛ لأنَّهم كانوا يؤكدون الموالاة
(5)
بالحلف، انتهى.
قلت: وهذه الأحاديث صحيحة الأسانيد، وهي حجة على الشَّافعي وغيره ممن
(6)
منع ذلك؛ فافهم.
التاسع من الأحكام: ما قاله إمامنا الشَّارح: فيه أنَّه يستحب للإمام عند وقوع بدعة أن يخطب الناس، ويبين لهم حكم ذلك وينكر عليهم، كما فعل النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم.
العاشر من الأحكام: فيه أنَّه يستحب للإمام أن يحسن العشرة مع رعيته، ألا ترى أنَّه عليه السلام لما خطب الناس؛ لم يواجه صاحب الشرط بعينه؛ لأنَّ المقصود يحصل له ولغيره بدون فضيحة وشهرة عليه.
الحادي عشر: فيه المبالغة في إزالة المنكر والتغليظ في تقبيحه.
الثاني عشر: فيه جواز كتابة الأمَة دون زوجها.
الثالث عشر: فيه أنَّ زوج
(7)
الأمة ليس له منعها من السعي في كتابتها.
وقال أبو عمرو: لو استدل من هذا المعنى بأن الزوجة ليس عليها خدمة زوجها؛ كان حسنًا، انتهى، قلت: ليس هذا بحسن أصلًا، فإن الحسن ما استحسنه الشَّارع، وقد فرض الخدمة داخل الدار على الزوجة، وخارج الدار على الزوج، وهو حكمة بالغة من الشَّارع وحس عظيم؛ فافهم.
الرابع عشر: فيه دليل على أنَّ العبد زوج الأمة ليس له منعها من الكتابة التي تؤول إلى عتقها، وفراقها له، كما أنَّ لسيد الأمة عتق أمته تحت العبد وإن أدى ذلك إلى إبطال نكاحه، وكذلك له أن يبيعها من زوجها الحر وإن كان في ذلك بطلان عقده.
الخامس عشر: فيه دليل على أنَّ بيع الأمة ذات الزوج ليس بطلاق لها؛ لأنَّ العلماء قد اجتمعوا -ولم يُختلف في تلك الأحاديث أيضًا-: أن بريرة كانت حين اشترتها عائشة ذات زوج، وإنما اختلفوا في زوجها هل كان حرًّا أو عبدًا؟ وقد أجمع علماء المسلمين على أنَّ الأمة إذا أُعتقَتْ وزوجها عبد أنَّها تُخير، واختلفوا إن كان زوجها حرًّا هل تخير أم لا؟
السَّادس عشر: فيه دليل على جواز أخذ السيد نجوم المكاتب من مسألة الناس؛ لترك النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم زجرها عن مسألة عائشة؛ لأنَّها كانت تستعينها في أداء نجمها، وهذا يرد قول من كره كتابة المكاتب الذي يسأل الناس، وقال: يطعمني أوساخ الناس.
السَّابع عشر: فيه دليل على جواز نكاح العبد الحرة؛ لأنَّها إذا خيرت فاختارته؛ بقيت معه وهو عبد وهي حرة.
(1)
في الأصل: (غرورًا)، وليس بصحيح.
(2)
في الأصل: (والشراء)، ولعل المثبت هو الصواب.
(3)
في الأصل: (يبيع)، ولعل المثبت هو الصواب.
(4)
في الأصل: (المولاة)، ولعل المثبت هو الصواب.
(5)
في الأصل: (المولاة)، ولعل المثبت هو الصواب.
(6)
في الأصل: (مما)، ولعل المثبت هو الصواب.
(7)
في الأصل: (الزوج).