الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث
الشروط التي يجب توفرها في ناظر الوقف
اشترط الفقهاء في ناظر الوقف شروطًا منها ما هو محل اتفاق، ومنها ما هو محل خلاف، والبحث في هذا الفرع في الشروط التي هي محل اتفاق بينهم:
الشرط الأول:
[م-1595] في اشتراط التكليف بأن يكون الناظر بالغًا عاقلًا، وهذا الشرط معتبر في الجملة على خلاف بين المذاهب في تفصيل هذا الشرط، وإليك بيان هذه المذاهب في اعتبار هذا الشرط.
القول الأول: مذهب الحنفية في اشتراط التكليف:
يشترط الحنفية لصحة التولية سواء أكانت من قبل الواقف أو من قبل القاضي أن يكون المولى عاقلًا، جاء في الفتاوى الهندية:«ويشترط في الصحة بلوغه وعقله»
(1)
.
فإن كان مجنونًا عند التولية لم تصح توليته، وإن كان عاقلًا ثم جن كانت التولية عند صدورها صحيحة، وينعزل إن كان الجنون مطبقًا، ولا يعزل إن كان الجنون متقطعًا، وفي حال العزل بالجنون تعود الولاية بالإفاقة إن كان مولى من قبل الواقف؛ لتنفيذ شرط الواقف ما أمكن التنفيذ، وقد أمكن تنفيذ شرطه
(1)
. الفتاوى الهندية (2/ 408).
بالإفاقة فوجب تنفيذه، ولأن الولاية زالت بعارض فإذا زال عاد إلى ما كان عليه، ولا تعود إن كان مولى من قبل القاضي
(1)
.
جاء في حاشية ابن عابدين: «ينعزل بالجنون المطبق سنة لا أقل، ولو برئ عاد إليه النظر، قال في النهر: والظاهر أن هذا في المشروط له النظر أما المنصوب من القاضي فلا»
(2)
.
هذا مذهب الحنفية في ولاية المجنون، وأما كلامهم في ولاية الصبي:
فالقياس أن تولية الصبي لا تصح مطلقًا؛ لأن النظر على الوقف من باب الولاية، والصغير يولى عليه لقصوره، وفي الاستحسان أنها باطلة ما دام صغيرًا، فإذا كبر تكون الولاية له؛ لأنه إذا جازت تولية من لم يوجد، كأن يقول في وقفه: الولاية للأرشد فالأرشد ممن يوجد من ذريته، جاز تولية الصغير بالأولى، ولا تظهر ثمرتها إلا إذا رشد، ويولي القاضي من شاء حتى يكبر.
وصحح بعض الحنفية ولاية الصغير بشرطين أن يكون أهلًا للحفظ، وأن يأذن له القاضي
(3)
.
جاء في البحر الرائق: «ولو أوصى إلى صبي تبطل في القياس مطلقًا، وفي
(1)
. حاشية ابن عابدين (4/ 380)، لسان الحكام (ص: 301)، فتح القدير (6/ 242)، البحر الرائق (5/ 265).
(2)
. المرجع السابق (4/ 380).
(3)
. أحكام الوقف لهلال الرأي (ص: 110)، حاشية ابن عابدين (4/ 381)، البحر الرائق (5/ 245 - 246).