الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذكر الونشريسي في المعيار المعرب أنه لا يجوز الحبس على الفقراء المضلين من أهل البدع، وأهل الطرق؛ لأن في التحبيس عليهم عونًا لهم على ما يرتكبونه مما هو خارج عن الطريق الشرعي
(1)
.
وقال الدسوقي في حاشيته: «الوقف على شربة الدخان باطل، وإن قلنا بجواز شربه»
(2)
.
وقال النووي في الروضة: «لكن الأحسن توسط لبعض المتأخرين، وهو صحته على الأغنياء، وبطلانه على أهل الذمة وسائر الفسقة، لتضمنه الإعانة على المعصية»
(3)
.
وذكر الخطيب في مغني المحتاج ثلاثة أقوال في اشتراط القربة، قال:
«الثالث: يصح على الأغنياء، ويبطل على أهل الذمة والفسقة
…
واستحسنه في أصل الروضة»
(4)
.
وفي فتاوى البلقيني لا يصح الوقف على الفقراء بشرط العزوبة لمخالفته طلب التزويج المنصوص عليه في الكتاب والسنة وإجماع الأمة
(5)
.
القول الثاني:
يصح الوقف على جهة اليهود والنصارى، ويحرم على الكنائس والبيع،
(1)
. المعيار المعرب (7/ 115 - 116، 118).
(2)
. حاشية الدسوقي (4/ 77).
(3)
. روضة الطالبين (5/ 320)، وانظر الغرر البهية (3/ 371 - 372)، نهاية المحتاج (5/ 369).
(4)
. مغني المحتاج (2/ 381).
(5)
. انظر فتاوى السبكي (3/ 225).
وكتابة التوراة والإنجيل، وهذا مذهب جماهير أهل العلم، وعليه أكثر الحنابلة، وصحح المالكية الوقف على فقرائهم، وبه قال الحلواني من الحنابلة.
بل صحح الشافعية في الأصح، وعليه أكثرهم: الوقف على الفساق.
وصحح الحنفية الوقف على الولد، على أن من أسلم لا يستحق شيئًا.
جاء في فتح القدير: «ولو وقف على ولده ونسله، ثم للفقراء على أن من أسلم من ولده فهو خارج من الصدقة لزم شرطه .... نص على ذلك الخصاف، ولا نعلم أحدًا من أهل المذهب تعقبه غير متأخر يسمى الطرسوسي، شنع بأنه جعل الكفر سبب الاستحقاق، والإسلام سببًا للحرمان، وهذا للبعد من الفقه، فإن شرائط الواقف معتبرة إذا لم تخالف الشرع، والواقف مالك، له أن يجعل ماله حيث شاء ما لم يكن معصية .... وإن كان الوضع في كلهم قربة، ولا شك أن التصدق على أهل الذمة قربة، حتى جاز أن تدفع إليهم صدقة الفطر والكفارات عندنا
…
والإسلام ليس سببًا في الحرمان، بل الحرمان لعدم تحقق سبب تملكه هذا المال، والسبب: هو إعطاء الواقف المالك»
(1)
.
وذهب أكثر الحنابلة إلى صحة الوقف على أهل الذمة، وصححه الحلواني على فقرائهم:
جاء في المغني: «ويصح الوقف على أهل الذمة؛ لأنهم يملكون ملكًا محترمًا، ويجوز أن يتصدق عليهم، فجاز الوقف عليهم، كالمسلمين»
(2)
.
(1)
. فتح القدير (6/ 200)، «وهذا القول ضعيف، بل يجب أن يستحقه ولو أسلم؛ لأن الوقف على معين، جاء في المبدع (5/ 158): وإن وقف على ذمي شيئًا، وشرط أنه يستحقه ما دام ذميًا، فأسلم، فله أخذه أيضًا؛ لأن الواقف عينه، ويلغو شرطه» . وهذا هو الصحيح.
(2)
. المغني (6/ 39)، وانظر الفروع (4/ 587)، الشرح الكبير على متن المقنع (6/ 192).
وقال ابن مفلح في الفروع: «يصح على أهل الذمة كالمسلمين، وصححه الحلواني على فقرائهم»
(1)
.
وقال في المبدع: «ويصح الوقف على أهل الذمة، جزم به الأكثر
…
وصحح الحلواني على فقرائهم
…
ومقتضى كلام صاحب التلخيص والمحرر أنه لا يصح الوقف عليهم؛ لأن الجهة معصية بخلاف أقاربه»
(2)
.
وصحح الحنفية والمالكية جواز الحبس على فقراء اليهود والنصارى، وهو أخص من مذهب الشافعية والحنابلة.
قال ابن الهمام: «وإن خص في وقفه مساكين أهل الذمة جاز، ويفرق على اليهود والنصارى والمجوس منهم» .
قال المواق في نوازل ابن الحاج المالكي: «من حبس على مساكين اليهود والنصارى جاز، وذلك لقوله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ} إلى قوله {وَأَسِيرًا} ولا يكون الأسير إلا مشركًا» [الإنسان: 8]، وإن حبس على كنائسهم رد وفسخ»
(3)
.
فمنع المالكية الوقف على فسقة المسلمين كما سبق، وصححوا الوقف على مساكين اليهود والنصارى؛ لأن وصف الفسق لا يستحق به الوقف؛ لأنه معصية بخلاف وصف المسكنة، فإنه مصرف للصدقة، وهي ليست معصية، فصار الوقف على جهة اليهود والنصارى، إن روعي في الوقف لفظ الفسق بطل، وإن روعي فيه وصف المسكنة صح، بخلاف الشافعية حيث صححوا الوقف على جهة الفسقة، وعلى اليهود والنصارى.
(1)
. الفروع (4/ 587).
(2)
. المبدع (5/ 157).
(3)
. منح الجليل (8/ 114)، التاج والإكليل (6/ 23)، وانظر مواهب الجليل (6/ 23).
وقال الماوردي الشافعي في الحاوي: «فأما الوقف على اليهود والنصارى فجائز، سواء كان الواقف مسلمًا أو غير مسلم؛ لأن الصدقة عليهم جائزة ..... فأما الوقف على الكنائس والبيع فباطل، سواء كان الواقف مسلمًا أو ذميًا؛ لأنها موضوعة للاجتماع على معصية»
(1)
.
وجاء في مغني المحتاج: «(أو) وقف على (جهة لا تظهر فيها القربة كالأغنياء) وأهل الذمة والفسقة (صح في الأصح) نظرًا إلى أن الوقف تمليك.
والثاني: لا، نظرًا إلى ظهور قصد القربة.
والثالث: يصح على الأغنياء، ويبطل على أهل الذمة والفسقة، وتمثيل المصنف بالأغنياء قد يرشد إليه، واستحسنه في أصل الروضة بعد قوله: الأشبه بكلام الأكثرين ترجيح كونه تمليكًا، فيصح الوقف على هؤلاء: يعني على الأغنياء، وأهل الذمة والفساق، وهذا هو المعتمد، ولذلك أدخلته في كلام المصنف، وممن صرح بصحة الوقف على اليهود والنصارى الماوردي في الحاوي، والصيمري في شرح الكفاية، وهو المذكور في الشامل والبحر والتتمة؛ لأن الصدقة عليهم جائزة»
(2)
.
وجاء في الغرر البهية: «(وحيث عمت) أي: الجهة الموقوف عليها اشترط لصحة الوقوف عليها (عدم العصيان) وإن لم يظهر فيها قربة كالأغنياء، وأهل الذمة، وسائر الفسقة، بناء على الأشبه من أن المرعي في الوقف على الجهة: التمليك كما في المعين، والوصية، لا جهة القربة، قال الشيخان: وهذا هو الأشبه بكلام الأكثرين
…
(1)
. الحاوي الكبير (7/ 524).
(2)
. مغني المحتاج (2/ 381).