الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال ابن قدامة: «ولا تتقدر أكثر مدة الإجارة، بل تجوز إجارة العين المدة التي تبقى فيها وإن كثرت. وهذا قول كافة أهل العلم
…
»
(1)
.
°
الراجح:
الذين قالوا بتقييد مدة إجارة الوقف لم يقولوا بذلك من أجل نص يجب الوقوف عنده، وإنما نظروا في ذلك إلى مصلحة الوقف، ومصلحة الموقوف عليه، وهو نظر شرعي.
أما مصلحة الوقف: فإن تحديد مدة قصيرة للوقف يؤدي إلى صيانة الأوقاف عن دعوى الملكية بطول المدة؛ لأن المدة إذا طالت تؤدي إلى إبطال الوقف، فإن من رآه يتصرف فيها تصرف الملاك على طول الزمان متواليًا ولا مالك يعارض ويزاحم يظنه الرائي بتصرفه الدائم مالكًا، ويشهد له بالملك إذا ادعاه. ولا مصلحة للوقف في أمر يدعو إلى هذا الضرر.
وأما مصلحة الموقوف عليه: فإن القول بجواز الإجارة مدة طويلة يفضي إلى ضياع حقوق المستحقين الآخرين ممن يولد أو ينتقل إليهم الحق، خاصة إذا رجحنا أن الإجارة عقد لازم لا تنفسخ بموت المستحق، لذا كان لا بد من النظر في إجارة الوقف سنوات بما يحفظ مصلحة الوقف والموقوف عليه، من ذلك:
(1)
. المغني (5/ 325).
أن يكون عقد الإجارة لازمًا في السنة الأولى، وجائزًا في بقية السنوات، وبالتالي يزول المحذور من إجارته مدة طويلة.
أو لا بد من تقييد المدة بمدة معقولة تحفظ فيها حقوق الموقوف عليهم من البطون الأخرى.
أو نقول بانفساخ العقد بعد موت المستحق، وانتقال الحق في الوقف إلى بطن آخر.
مع القول بعدم تمكين الموقوف عليه المعين من استلام كامل الأجرة إلا بعد مضي مدة الإجارة واستقرار استحقاقه لها؛ لأن الأجرة وإن كانت تستحق بالعقد إلا أنها لا تستقر إلا بمضي المدة، ولأنه قد يظهر مستحق جديد قبل استحقاق الكراء.
قال ابن شاس المالكي: «لا يقسم الكراء عليهم قبل كمال سكنى المكتري؛ لأنه إنما يقسم على من يحضر القسم، فمن ولد قبل القسم ثبت حقه، ومن مات قبله سقط»
(1)
.
وجاء في الفتاوى الكبرى: «وتنفسخ إجارة البطن الأول إذا انتقل الوقف إلى البطن الثاني في أصح الوجهين»
(2)
.
وقال ابن تيمية: «وليس للوكيل أن يطلق في الإجارة مدة طويلة، بل العرف كسنتين ونحوهما، وإذا شرط الواقف أن النظر للموقوف عليه، أو أتى بلفظ يدل على ذلك، فأفتى بعض أصحابنا أن إجارته كإجارة الناظر، وعلى ما ذكره
(1)
. عقد الجواهر الثمينة (3/ 975)، وانظر الخرشي (7/ 99)، منح الجليل (8/ 168).
(2)
. الفتاوى الكبرى (5/ 409).
ابن أحمد، أن ليس كذلك، وهو الأشبه، وتنفسخ إجارة البطن الأول إذا انتقل الوقف إلى البطن الثاني في أصح الوجهين»
(1)
.
وقال أيضًا: إن كان قبضها المؤجر ـ يعني الأجرة ـ رجع بذلك في تركته، فإن لم تكن تركة فأفتى بعض أصحابنا بأنه إذا كان الموقوف عليه هو الناظر فمات فللبطن الثاني فسخ الإجارة والرجوع بالأجرة على من هو في يده
(2)
اهـ
وسوف نناقش مسألة قبض الأجرة في مبحث مستقل إن شاء الله تعالى.
* * *
(1)
. الفتاوى الكبرى (5/ 409).
(2)
. المستدرك على مجموع الفتاوى (4/ 50).