الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال ابن عابدين: «ولأن اسم الولد مأخوذ من الولادة، وهي موجودة فيهما
(1)
.
جاء في البحر الرائق: «فإذا وقف على ولده شمل الذكر والأنثى»
(2)
.
وجاء في المهذب: «فإن قال: وقفت على أولادي دخل فيه الذكر والأنثى»
(3)
.
القول الثاني:
لا يدخل البنات بلفظ الولد، بل يكون وقفًا على الذكور منهم، وهذا قول ذكره ابن رشد في المقدمات، واحتج له بأن المحكم هو العرف، والناس يطلقون الولد في مقابل البنت، هذا هو العرف في زمن ابن رشد الجد، وما زال هذا هو العرف عندنا في عصرنا لم يختلف مع الفارق الزمني.
يقول ابن رشد: «لا اختلاف في أن الألفاظ المسموعة إنما هي عبارة عما في النفوس، فإذا عبر المحبس عما في نفسه من إرادته بلفظ غير محتمل، نص فيه على إدخال ولد بناته في حبسه، أو إخراجهم منه؛ وقفنا عنده ولم يصح لنا مخالفة نصه، وإذا عبر عما في نفسه بعبارة محتملة للوجهين جميعًا، وجب أن نحملها على ما يغلب على ظننا أن المحبس أراده من محتملات لفظه بما يعلم من قصده؛ لأن عموم ألفاظ الناس لا تحمل إلا على ما يعلم من قصدهم، واعتقادهم؛ إذ لا طريق لنا إلى العلم بما أراده المحبس إلا من قبله.
(1)
. حاشية ابن عابدين (4/ 468).
(2)
. البحر الرائق (5/ 239)، فتح القدير (6/ 242).
(3)
. المهذب (1/ 444)، وانظر الحاوي (7/ 528).
فإذا صح هذا الأصل الذي أصلناه وقدرناه، وقد علمنا أنه لا يعلم من الناس أن الولد بإطلاقه يقع على الذكر والأنثى إلا الخاص منهم العالم باللسان، وأكثرهم يعتقد أن الولد لا يقع إلا على الذكر دون الأنثى، وإن سألت منهم من له ابنة ولا ابن له: هل لك ولد؟ يقول لك: ليس لي ولد، وإنما لي ابنة، وجب أن يخصص بهذا عموم لفظ المحبس، ويحمل على أنه إنما أراد ولد ولده الذكور دون ولده الإناث، إذ الأغلب في الظن أنه لم يرد إناث ولده، إذ لا يعلم أن إناث ولده يسمون ولدا؛ كما يخصص عموم لفظ الحالف بما يعلم من مقاصد الناس في أيمانهم وعرف كلامهم.
وتحرير القياس من هذا أن يقال: إن هذا لفظ عام يقع في اللسان العربي على الذكر والأنثى من ولد المحبس، وولد ولده، فوجب أن يحمل على ما يقع عليه عند الناس في عرف كلامهم ووجه مقصدهم - وهو الذكر دون الأنثى من ولده وولد ولده، أصل ذلك قول من قال: فيمن حلف ألا يأكل لحمًا أو بيضًا، فأكل لحم الحيتان أو بيضها - أنه لا يحنث؛ لأن الحيتان ليست بلحم في عرف كلام الناس ووجه مقاصدهم - وإن كان لحمًا في اللسان العربي.
قال الله عز وجل: {لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} [النحل: 14]، وهو قياس صحيح لا اختلاف في صحته عند جميع العلماء من أهل السنة القائلين بالقياس؛ لأن القياس - عندهم هو حمل الفرع على الأصل في نفي الحكم وإثباته بالعلة الجامعة بينهما:
فالفرع في مسألتنا هذه: قول المحبس حبست على ولدي وولد ولدي.
والحكم المطلوب هو نفي دخول ولد الأنثى من ولد المحبس وولد ولده تحت اللفظ الذي لفظ به المحبس.