الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث
في أحكام الموقوف
الفصل الأول
في شروط الموقوف
الشرط الأول
في اشتراط أن يكون الموقوف مالًا
يصح وقف كل ما يباح الانتفاع به مع بقاء أصله
(1)
.
[م-1493] يشترط في الموقوف أن يكون مالًا، زاد الحنفية: متقومًا
(2)
.
وهذه الزيادة عند الحنفية راجعة إلى الخلاف بين الحنفية والجمهور في
تعريف المال في الاصطلاح:
فالجمهور يشترطون في الشيء حتى يكون مالًا أن يكون الانتفاع به مباحًا، فالشيء إذا لم يكن مما يباح الانتفاع به شرعًا فليس بمال أصلًا.
(1)
حاشية ابن عابدين (4/ 340)، إعانة الطالبين (3/ 158)، المهذب (1/ 440)، الوسيط (4/ 239)، روضة الطالبين (5/ 314)، مغني المحتاج (2/ 377)، الحاوي الكبير (7/ 517)، الإنصاف (7/ 9)، الكافي في فقه الإمام أحمد (2/ 449)، شرح منتهى الإرادات (2/ 399)، كشاف القناع (4/ 243).
(2)
البحر الرائق (5/ 202)، حاشية ابن عابدين (4/ 340)، بدائع الصنائع (6/ 220)، تبيين الحقائق (3/ 326 - 327).
جاء في الأوسط: «كل ما لا ينتفع به فليس بمال، سواء كان ذلك لتحريمه كالخمر، أو لقلته كحبة الأرز، أو لخسته كبعض الحشرات»
(1)
.
وقال ابن عبد البر: كل ما تملك وتمول فهو مال
(2)
.
وأما الحنفية فلا يشترطون في المالية إباحة الانتفاع، وهذا الذي دفعهم إلى تقسيم المال إلى متقوم وغير متقوم، ليخرجوا المال غير المتقوم أن يكون محلًا للوقف، أو للتعاقد، نظرًا لعدم تقويمه.
يقول ابن عابدين في حاشيته: «المال أعم من المتقوم
(3)
; لأن المال ما يمكن ادخاره، ولو غير مباح كالخمر والمتقوم ما يمكن ادخاره مع الإباحة فالخمر مال لا متقوم
…
»
(4)
.
(5)
.
وعلى هذا يشترط عند الجمهور فيما يصح وقفه أن يكون مالًا.
وعند الحنفية يشترط أن يكون متمولًا مع إباحة الانتفاع، فإذا تمول كان مالًا، وإذا أبيح انتفاعه كان متقومًا، ولهذا قالوا: يشترط أن يكون مالًا متقومًا: وهو معنى قولنا: أن يكون متمولًا يباح الانتفاع به.
(1)
انظر الوسيط (3/ 20)
(2)
التمهيد (2/ 5 - 6).
(3)
في المطبوع (المتمول) وهو خطأ.
(4)
حاشية ابن عابدين (4/ 501).
(5)
المرجع السابق، الصفحة نفسها.
ولم ير الجمهور حاجة إلى اشتراط أن يكون متقومًا؛ لأن ما ليس بمتقوم لا يعتبر مالًا.
والخلاف خلاف اصطلاحي، ولا مشاحاة في الاصطلاح، مع أنني أرى أن قول الجمهور أقرب للصواب، فلا حاجة إلى القول بأن الخمر مال غير متقوم، فإذا فقد قيمته شرعًا فقد ماليته، وسبق الكلام عن ذلك في عقد البيع عند الكلام على تعريف المال.
وعلى هذا فإن القدر الذي لا يختلف الفقهاء في صحة وقفه أن يكون الموقوف معلومًا، مملوكًا، يباح الانتفاع به، مع بقاء أصله
(1)
، على خلاف بينهم في صحة وقف المنفعة، والمشاع، والمرهون، والمنقول من الأعيان كالسلاح، والنقود، والكلاب المعلمة، وسوف نتعرض لهذه المسائل إن شاء الله تعالى بالبحث في مباحث مستقلة، أسأل الله وحده عونه وتوفيقه.
* * *
(1)
حاشية ابن عابدين (4/ 340)، إعانة الطالبين (3/ 158)، المهذب (1/ 440)، روضة الطالبين (5/ 314)، مغني المحتاج (2/ 377)، الحاوي الكبير (7/ 517)، الإنصاف (7/ 9)، الكافي لابن قدامة (2/ 449).