الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
في تخصيص المسجد لأهل مذهب معين
[م-1565] إذا وقف المسجد على أنه لا يصلي فيه إلا أهل مذهب معين، كالشافعية، والحنابلة، فهل يختص بهم؟ فيه خلاف على قولين:
القول الأول:
يختص بهم، وهذا هو الأصح في مذهب الشافعية، واختاره صاحب التلخيص من الحنابلة
(1)
.
جاء في تحفة المحتاج: «والأصح أنه إذا شرط في وقف المسجد اختصاصه بطائفة كالشافعية .... اختص بهم، فلا يصلي ولا يعتكف فيه غيرهم، رعاية لغرضه، وإن كره هذا الشرط»
(2)
.
القول الثاني:
لا يختص، وهو مذهب الحنابلة، والشافعية في مقابل الأصح، ورجحه إمام الحرمين.
جاء في روضة الطالبين: «ولو شرط في الوقف اختصاص المسجد بأصحاب الحديث، أو الرأي، أو طائفة معلومين، فوجهان:
أحدهما: لا يتبع شرطه، فعلى هذا قال المتولي: يفسد الوقف لفساد الشرط.
(1)
. روضة الطالبين (5/ 330)، مغني المحتاج (2/ 385)، حاشيتا قليوبي وعميرة (3/ 104).
(2)
. تحفة المحتاج (6/ 257).
والثاني: يتبع ويختص بهم رعاية للشرط
…
قلت ـ القائل النووي ـ الأصح اتباع شرطه، وصححه الرافعي في المحرر»
(1)
.
وقال إمام الحرمين: «ولو قال: لا يدخل المسجد إلا عصبة خصصهم، فهذا الشرط باطل؛ فإن مبنى الحكم في المساجد التعميم.
ولو شرط ألا يقام في المسجد إلاّ شعارُ مذهبٍ خصَّصه بالذكر، فالمذهب والقياس أن ذلك التخصيص باطل؛ لما حققناه من أن أمور المساجد لا تقبل التخصيص.
وذهب طائفة من الأصحاب إلى وجوب اتباع شرط الواقف في تعيين ذلك الشعار، وهذا قاله من قاله على جهة المصلحة؛ فإن التنافس بين أهل المذاهب ليس بالخفي»
(2)
.
وفصل بعض الشافعية بأن المسجد إن كان موقوفًا على أشخاص بعينهم كزيد وعمرو اختص بهم، فإن أذنوا للصلاة لغيرهم فيه صح ذلك.
وإن كان المسجد موقوفًا على طائفة معينة كالشافعية، أو الحنفية، أو الصوفية، لم يجز لغير هذه الطائفة الصلاة فيه، ولو أذن الموقوف عليهم
(3)
.
وهذا القول قد لا يكون قولًا مستقلًا، وإنما هو تفصيل على القول الراجح في مذهب الشافعية، والله أعلم.
وإذا كنا قد صححنا أن اشتراط تخصيص الوقف بمذهب معين تجوز مخالفته، فالصلاة في المسجد من باب أولى، والله أعلم.
* * *
(1)
. روضة الطالبين (5/ 330).
(2)
. نهاية المطالب (3/ 398).
(3)
. حاشية الجمل (3/ 583 - 584).