الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول الثاني:
لا يشترط لصحة الوقف أن يكون مملوكًا وقت الوقف، فلو علق وقفه على ملكه له، كأن قال: إن ملكت دار فلان فهي وقف، ثم ملكه فيلزمه ما التزمه، ولا يحتاج لإنشاء وقف لذلك، وهذا مذهب المالكية
(1)
.
جاء في الشرح الكبير في تعريف الوقف: «وقفُ مملوكٍ، ولو بالتعليق، كإن ملكت دار فلان فهي وقف»
(2)
.
وعلق الدسوقي في حاشيته على قوله (إن ملكت دار فلان فهي وقف) قال الدسوقي: «من ذلك ما كتبه شيخنا: أن الشيخ زين الجيزي أفتى، بأن من التزم أن ما يبنيه في المحل الفلاني فهو وقف، ثم بنى فيه فيلزمه ما التزمه، ولا يحتاج لإنشاء وقف»
(3)
.
وجاء في الفواكه الدواني: في تعريف الحبس: «إعطاء منفعة شيء مدة وجوده لازمًا بقاؤه في ملك معطيه ولو تقديرًا
…
قوله: (ولو تقديرًا) إلى صحة وقف غير المملوك على تقدير ملكه، كقوله: إن ملكت هذا فهو وقف»
(4)
.
°
الراجح:
أرى أن مذهب الجمهور أرجح، وأنه لا يجوز تقديم الوقف على الملك؛ لأن الملك إن كان شرطًا أو سببًا في نفاذ الوقف لم يجز تقديم الوقف على
(1)
. الشرح الكبير (4/ 75 - 76)، الخرشي (7/ 78)، الفواكه الدواني (2/ 150).
(2)
. الشرح الكبير (4/ 75 - 76).
(3)
. حاشية الدسوقي (4/ 76).
(4)
. الفواكه الدواني (2/ 150).
شرطه أو على سببه، كما لا يجوز تقديم الكفارة قبل عقد اليمين، ولا تقديم الزكاة قبل ملك النصاب، فالشروط رتبتها التقدم، وكذا الأسباب تتقدم مسبباتها، والله أعلم.
ويتفرع على الخلاف في هذه المسألة الخلاف في عدة مسائل:
[م-1569] الأولى: أن من اشترى أرضًا، وشرط في العقد الخيار للبائع، فوقفها المشتري، ثم أمضى البائع البيع، لم ينعقد الوقف؛ لأن وقت الوقف لم يلزم البيع، لأن الملك زمن الخيار إن قلنا: إنه للبائع فقد وقف ما لا يملك، وإن قلنا: إن الملك للمشتري فهو ممنوع زمن الخيار من التصرف تصرفًا يسقط حق البائع بالخيار، بخلاف ما لو أوقفها البائع فإن وقفه صحيح، وكان هذا عدولًا منه عن إمضاء البيع.
وقد يقال: إنه ينعقد، ولكنه لا يلزم، والله أعلم
[م-1570] المسألة الثانية: إذا أوقف الموهوب له العين الموهوبة قبل أن يقبضها فهل يصح وقفه؟ على الخلاف في اشتراط الملك وقت الوقف، فمن اشترط الملك وقت الوقف لم يصحح الوقف؛ لأن الموهوب لم يدخل في ملك الموهوب له إلا بعد أن يقبضه قبضًا صحيحًا خلافًا لمن لم يشترط الملك وقت الوقف.
[م-1571] المسألة الثالثة: الوصية لا يملكها الموصى له إلا بعد موت الموصي، فلو أوقفها الموصى له قبل موت الموصى؛ فهل يصح وقفه إذا مات الموصى، ثم دخلت ملكه، على الخلاف بين المالكية والجمهور.
(1)
.
* * *
(1)
. فتح القدير (6/ 230).