الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ح-979) لما رواه مسلم من طريق العلاء، عن أبيه،
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له
(1)
.
الدليل الثاني:
أن الوقف على الأغنياء، أو على الفسقة، أو على اليهود والنصارى يعني أن يكون الفسق والكفر والغناء شرطًا لاستحقاق الوقف، فيكون حل تناوله مشروطًا بتكذيب الله ورسوله، أو ارتكاب المعاصي المقتضية للفسق، فمن آمن بالله ورسوله، أوالتزم الطاعات لم يحل له أن يتناول شيئًا من ذلك، وهذا من أضعف الأقوال.
بخلاف الوقف على المعين، ولو كان كافرًا أو فاسقًا فهذا لا يمنع الوقف عليه؛ ففرق بين كون وصف الذمة أو الفسق مانعًا من صحة الوقف، وبين كونه مقتضيًا.
°
دليل من قال: يصح الوقف على الفسقة، وعلى أهل الذمة دون كنائسهم:
لا يرى أكثر الشافعية أن الوقف على اليهود والنصارى والفساق أنه وقف على معصية؛ لأن الصدقة جائزة عليهم، ولأن الوقف تمليك، وهم أهل للتملك، بخلاف الوقف على الكنائس والبيع، وكتابة التوراة والإنجيل؛ فإن الصدقة عليها لا تجوز، لأنها موضوعة للاجتماع على معصية، ولأنها لا تملك.
ونوقش هذا:
غلظ ابن تيمية وابن القيم في ثبوت هذا القول، قال ابن القيم في أعلام
(1)
. صحيح مسلم (1631).
الموقعين:
«يقع الغلط من كثير من المنتسبين إليهم ـ يعني الأئمة ـ في فهم أقوالهم، كما وقع لبعض من نصب نفسه للفتوى من أهل عصرنا.
ما تقول السادة الفقهاء في رجل وقف وقفًا على أهل الذمة، هل يصح ويتقيد الاستحقاق بكونه منهم؟
فأجاب بصحة الوقف، وتقييد الاستحقاق بذلك الوصف، وقال: هكذا قال أصحابنا، ويصح الوقف على أهل الذمة، فأنكر ذلك شيخنا عليه غاية الإنكار، وقال: مقصود الفقهاء بذلك أن كونه من أهل الذمة ليس مانعًا من صحة الوقف عليه بالقرابة أو بالتعيين، وليس مقصودهم أن الكفر بالله ورسوله أو عبادة الصليب، وقولهم إن المسيح ابن الله شرط لاستحقاق الوقف، حتى إن من آمن بالله ورسوله واتبع دين الإسلام لم يحل له أن يتناول بعد ذلك من الوقف، فيكون حل تناوله مشروطًا بتكذيب الله ورسوله، والكفر بدين الإسلام، ففرق بين كون وصف الذمة مانعًا من صحة
الوقف، وبين كونه مقتضيا؛ فغلظ طبع هذا الفتى، وكثف فهمه، وغلظ حجابه عن ذلك ولم يميز.
ونظير هذا أن يقف على الأغنياء، فهذا يصح إذا كان الموقوف عليه غنيا أو ذا قرابة فلا يكون الغنى مانعا، ولا يصح أن يكون جهة الاستحقاق هو الغنى، فيستحق ما دام غنيا، فإذا افتقر واضطر إلى ما يقيم أوده حرم عليه تناول الوقف، فهذا لا يقوله إلا من حرم التوفيق وصحبه الخذلان، ولو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدًا من الأئمة يفعل ذلك لاشتد إنكاره وغضبه عليه، ولما أقره ألبتة، وكذلك لو رأى رجلًا من أمته قد وقف على من يكون من الرجال عزبًا غير متأهل، فإذا