الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول الثاني:
لا يصح اشتراط الإدخال والإخراج في غير أهل الوقف، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة
(1)
.
جاء في مغني المحتاج: «ولو وقف بشرط الخيار
…
أو شرط أن يدخل من شاء، ويخرج من شاء بطل على الصحيح»
(2)
.
وقال ابن قدامة: «وإن شرط في الوقف أن يخرج من شاء من أهل الوقف، ويدخل من شاء من غيرهم لم يصح»
(3)
.
وأما إذا كان الإدخال والإخراج في أهل الوقف فهذا يصح، وهو على طريقتين:
الأول: أن يرتب الإدخال والإخراج على صفة معينة.
ومعنى ذلك: أن يجعل الاستحقاق والحرمان مرتبًا على وصف مشترط، فمن اتصف بصفة من صفات الاستحقاق استحق ما شرط له، فإن زالت تلك الصفة زال استحقاقه، فإن عادت الصفة عاد استحقاقه، كأن يقول: وقفت هذا على أولادي الأرامل، أو أولادي الفقراء، فلا تدخل المتزوجة، ولا يدخل الغني، فلو عادت أرملة، أو عاد فقيرًا عاد الاستحقاق. وهذا صحيح عند الشافعية والحنابلة.
(1)
. المهذب (1/ 441)، مغني المحتاج (2/ 385)، نهاية المحتاج (5/ 376)، إعانة الطالبين (3/ 200)، المغني (5/ 353)، الإنصاف (7/ 54).
(2)
. مغني المحتاج (2/ 385)، وانظر نهاية المحتاج (5/ 376)، إعانة الطالبين (3/ 200).
(3)
. المغني (5/ 353).
قال في الإنصاف: «ومعنى الإخراج بصفة والإدخال بصفة: جعل الاستحقاق والحرمان مرتبًا على وصف مشترط:
فترتب الاستحقاق: كالوقف على قوم بشرط كونهم فقراء، أو صلحاء.
وترتب الحرمان: أن يقول: ومن فسق منهم، أو استغنى فلا شيء له»
(1)
.
قال الإمام أحمد كما في كتاب الوقوف للخلال:
(2)
.
وهذه قد نص المالكية على جواز هذه الصورة كما لو وقف على أولاده على أن من تزوج منهن فلا حق لها إلا أن يردها طلاق، أو موت زوج فهي على حقها من الحبس، فهذا فيه إدخال وإخراج بالوصف
(3)
.
الطريقة الثانية:
أن يدخل فيها من يشاء من أهل الوقف باختياره، ويخرج من يشاء منهم باختياره، فهذا فيها خلاف:
فقيل: لا يصح، وهو الأصح في مذهب الشافعية
(4)
.
(1)
. الإنصاف (7/ 54).
(2)
. كتاب الوقوف للخلال (1/ 262).
(3)
. انظر البيان والتحصيل (12/ 258، 262، 293)، الذخيرة للقرافي (6/ 304)، الشرح الكبير (4/ 79).
(4)
. الحاوي الكبير (7/ 531).
وقيل: يصح، وهو المشهور من مذهب الحنابلة، ووجه في مذهب الشافعية.
واختار ابن تيمية من الحنابلة بأن الاختيار اختيار مصلحة، فيدخل من تقتضي المصلحة إدخاله، ويخرج من تقتضي المصلحة إخراجه.
جاء في المغني: «وإن شرط في الوقف أن يخرج من شاء من أهل الوقف، ويدخل من شاء من غيرهم لم يصح؛ لأنه شرط ينافي مقتضى الوقف فأفسده، كما لو شرط ألا ينتفع.
وإن شرط للناظر أن يعطي من شاء من أهل الوقف، ويحرم من شاء جاز؛ لأن ذلك ليس بإخراج للموقوف عليه من الوقف، وإنما علق استحقاق الوقف بصفة، فكأنه جعل له حقًا في الوقف إذا اتصف بإرادة الوالي لعطيته، ولم يجعل له حقًا إذا انتفت تلك الصفة»
(1)
.
والحقيقة أن إرادة الناظر ليست صفة في الموقوف عليه، بل هي جهة منفكة.
وقال في الحاوي: «الضرب الثاني: أن يخرج من أخرج منها باختياره ويدخل من أدخل فيها باختياره، كأنه قال: قد وقفت داري هذه على من شئت، على أن أدخل في الوقف من أشاء، وأخرج منه من أشاء ففيه وجهان:
أحدهما: جائز كما لو أدخله بصفة وأخرجه بصفة.
والثاني: هو أصح؛ أنه لا يجوز، ويكون الوقف باطلًا؛ لأنه لا يكون على موصوف ولا معين»
(2)
.
(1)
. المغني (5/ 353).
(2)
. الحاوي الكبير (7/ 531).
وقيل: إذا اشترط الواقف الإدخال والإخراج والزيادة والنقص في أهل الوقف، كان ذلك راجعًا للمصلحة، وليس لهوى الواقف والناظر، وهو اختيار ابن تيمية، قال في مختصر الفتاوى:«وإذا جعل الواقف للناظر أن يخرج من شاء، ويدخل من شاء، ويزيد وينقص، فذلك راجع إلى المصلحة الشرعية، لا إلى شرط الواقف وشهوته، وهواه، بل يفعل من الأمور المخير فيها ما كان أرضى لله ورسوله، وهذا في كل من تصرف لغيره بالولاية كالإمام والحاكم، والواقف، وناظر الوقف»
(1)
.
وهذا القول من ابن تيمية رحمه الله جاء متسقًا مع أصله في عدم اعتبار الشروط الجعلية إلا ما كان منها على وجه القربة، أما من قال بصحة الشروط المباحة واعتبارها فينبغي أن يقول بجواز هذا الشرط، ولو كان الشرط تبعًا لشهوته وهواه، فالمال ماله، وقد أخرجه بشرطه، فكان الأولى اعتباره، وهو الصحيح.
* * *
(1)
. مختصر الفتاوى المصرية (ص: 390)، وانظر مجموع الفتاوى (31/ 67)، الإنصاف (7/ 57).