الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثامن
في دفع أجرة الوقف للمستحق
[م-1529] سبق لنا في وقف الإجارة خلاف العلماء متى يستحق المؤجر الأجرة؟ هل يستحقها بالعقد، أو يستحقها بتسليم العين وقبل انقضاء المدة، أو بعد استيفاء المنفعة؟
وهذه المسألة مبنية عليها، مع أن المستحق في إجارة الوقف قد يموت في أثناء مدة الإجارة، فلا يستحق كامل الإجارة حيث ينتقل الاستحقاق إلى غيره.
فإذا أجر الناظر الوقف سنوات، وقلنا: إن الأجرة تستحق بمجرد العقد، فهل يدفعها للمستحق، أو لا يدفعها إلا بمضي المدة خوفًا من أن يدركه الموت في أثناء مدة الإجارة، وإذا دفعها الناظر، ومات المستحق، فهل يضمن الناظر حق المستحق التالي، أو لا يضمن؟
في ذلك خلاف بين العلماء:
فمن قال: بأن الأجرة لا تملك بالعقد، بل بمضي المدة، فمن الواضح أنه لا يستحق الموقوف عليه الأجرة بمجرد العقد، وبالتالي لا تدفع الأجرة له حتى تستوفى المنفعة، وهذا مذهب الحنفية وابن حزم من الظاهرية
(1)
.
(1)
. العناية شرح الهداية (9/ 66)، الفتاوى الهندية (4/ 413)، البحر الرائق (5/ 5)، تبيين الحقائق (5/ 106).
وقال ابن حزم في المحلى، مسألة (1299):«كل ما عمل الأجير شيئاً مما استؤجر لعمله استحق من الأجرة بقدر ما عمل، فله طلب ذلك وأخذه، وله تأخيره بغير شرط حتى يتم عمله أو يتم منه جملة ما; لأن الأجرة إنما هي على العمل فلكل جزء من العمل جزء من الأجرة. وكذلك كلما استغل المستأجر الشيء الذي استأجر فعليه من الإجارة بقدر ذلك أيضاً» ..
وقد وافقهم المالكية في إجارة العين دون إجارة الذمة
(1)
، ومعلوم أن الوقف من إجارة العين.
جاء في العناية: «ومن استأجر داراً فللمؤجر أن يطالبه بأجرة كل يوم؛ لأنه استوفى منفعة مقصودة» .
وقال ابن شاس المالكي: «لا يقسم الكراء عليهم قبل كمال سكنى المكتري؛ لأنه إنما يقسم على من يحضر القسم، فمن ولد قبل القسم ثبت حقه، ومن مات قبله سقط»
(2)
.
وأما الذين قالوا: إن الأجرة تملك بالعقد، وتستحق بتسليم العين كالحنابلة
(3)
.
ووافقهم الشافعية في إجارة العين دون إجارة الذمة، ومعلوم أن الوقف من
(1)
. انظر التاج والإكليل (5/ 393)، الشرح الكبير (4/ 4)، مواهب الجليل (5/ 394).
(2)
. عقد الجواهر الثمينة (3/ 975)، وانظر الخرشي (7/ 99)، منح الجليل (8/ 168).
(3)
. المغني (5/ 257)، كشاف القناع (4/ 40)، الفروع لابن مفلح (4/ 424 - 425)، الإنصاف (6/ 81).