الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن تيمية: «أما اشتراط عمل محرم ـ يعني في الوقف ـ فلا يصح باتفاق المسلمين»
(1)
.
والشروط المعتبرة من الطاعات والقرب فهي نافذة بالاتفاق.
وأما اشتراط القربة في شروط الواقف فهذا محل خلاف بين الفقهاء، كما اختلفوا في أصل الوقف، هل يشترط فيه القربة، أو لا يشترط؟
القول الأول:
لا تعتبر القربة في شروط الواقف، بل يكفي أنها لا تخالف الشرع، ولا تنافي الوقف وهذا مذهب المالكية والشافعية.
لأنهم إذا كانوا لا يشترطون القربة في أصل الوقف، كما سبق في مسألة سابقة، لم يشترطوا القربة في شرطه، بل صرح المالكية أنه يجب اتباع شرطه، ولو كان مكروهًا متفقًا على كراهته، وأما المختلف فيه فلا يجوز الإقدام عليه، فإذا وقع مضى.
جاء في الشرح الكبير «واتبع وجوبًا شرطه أي الواقف إن جاز شرعًا، ومراده بالجواز ما قابل المنع، فيشمل المكروه، ولو متفقًا على كراهته، فإن لم يجز لم يتبع»
(2)
.
وجاء في الشرح الصغير: «(فإن لم يجز لم يتبع): أي إن كان ممنوعا باتفاق.
(1)
. مختصر الفتاوى المصرية (ص: 391).
(2)
. الشرح الكبير (4/ 88)، وانظر الفواكه الدواني (2/ 161).
وأما المختلف فيه كاشتراط إخراج البنات من وقفه إذا تزوجن فهذا لا يجوز الإقدام عليه، فإذا وقع مضى»
(1)
.
وقال الخرشي: «الواقف إذا شرط في كتاب وقفه شروطًا فإنه يجب اتباعها حسب الإمكان إن كانت تلك الشروط جائزة؛ لأن ألفاظ الواقف كألفاظ الشارع في وجوب الاتباع، فإن شرط شروطًا غير جائزة فإنه لا يتبع
…
فمثال ما هو جائز كتخصيصه مذهبًا بعينه أو مدرسةً بعينها، أو ناظرًا بعينه، فلا يجوز العدول عنه إلى غيره»
(2)
.
وقال النووي: «شروط الواقف مرعية ما لم يكن فيها ما ينافي الوقف»
(3)
.
وقال ابن حجر الهيتمي: «تصح شروط الواقف ويعمل بها ما لم تخالف الشرع»
(4)
.
ووافقهم الحنفية والحنابلة في المشهور، وإن كانوا يشترطون القربة في أصل الوقف إذا كان على جهة، كما سبق بحثه في مسألة سابقة.
فقد نص الحنفية في إجارة الوقف أن الواقف إذا اشترط مدة معينة في إجارة الوقف فهو على ما شرط، طالت أو قصرت؛ لأن شروط الواقف تراعى كالنصوص
(5)
.
(1)
. الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (4/ 119).
(2)
. الخرشي (7/ 92)، وانظر مواهب الجليل (6/ 33).
(3)
. روضة الطالبين (5/ 334)، وانظر أسنى المطالب (2/ 466).
(4)
. الفتاوى الفقهية الكبرى (3/ 238).
(5)
. تبيين الحقائق (5/ 106).