الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني
في الرجل يقف بشرط الخيار
الوقف عقد يرد عليه الفسخ إذا قام سببه، فصح شرط الخيار فيه.
[م-1562] اختلف العلماء في الرجل يقف بشرط الخيار:
القول الأول:
يصح الوقف والشرط، وهذا قول أبي يوسف من الحنفية، واختاره ابن عبد السلام من المالكية
(1)
.
جاء في الهداية: «لو شرط الخيار لنفسه في الوقف ثلاثة جاز الوقف والشرط عند أبي يوسف»
(2)
.
وقال ابن عابدين: «ومحل الخلاف في غير وقف المسجد، حتى لو اتخذ مسجدًا على أنه بالخيار جاز، والشرط باطل»
(3)
.
القول الثاني:
يبطل الوقف والشرط، وهذا قول محمد بن الحسن وهلال من الحنفية، ومذهب الشافعية، والحنابلة
(4)
.
(1)
. المبسوط (12/ 42)، البناية شرح الهداية (7/ 450)، الهداية شرح البداية (3/ 18)، فتح القدير (6/ 229)، البحر الرائق (5/ 204)، حاشية الدسوقي (4/ 75).
(2)
. الهداية شرح البداية (3/ 18)،
(3)
. حاشية ابن عابدين (4/ 342)، وانظر المبسوط (12/ 42).
(4)
. الهداية شرح البداية (3/ 18)، المبسوط (12/ 42)، روضة الطالبين (5/ 329)، المهذب (2/ 324)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (8/ 80)، أسنى المطالب (2/ 464)، المغني (5/ 353)، كشاف القناع (4/ 251)، مطالب أولي النهى (4/ 294)، الكافي (2/ 251)، شرح منتهى الإرادات (2/ 405).
جاء في الفتاوى الهندية: «لو وقف على أنه بالخيار لم يصح عند محمد رحمه الله تعالى، معلومًا كان الوقت أو مجهولًا، واختاره هلال»
(1)
.
وقال النووي: «لو وقف بشرط الخيار، أو قال: بشرط أني أبيعه، أو أرجع فيه متى شئت فباطل
…
»
(2)
.
القول الثالث:
يصح الوقف، ويبطل الشرط، وهو مذهب المالكية، وأحد القولين في مذهب الشافعية، وهو وجه في مذهب الحنابلة
(3)
.
جاء في الذخيرة: «لو شرط في الوقف الخيار في الرجوع بطل شرطه، ولزم الوقف»
(4)
.
وفي حاشية الدسوقي: «واعلم أنه يلزم، ولو قال الواقف: ولي الخيار»
(5)
.
(6)
.
(1)
. الفتاوى الهندية (2/ 356).
(2)
. روضة الطالبين (5/ 329).
(3)
. مغني المحتاج (2/ 385)، نهاية المحتاج (5/ 376)، المحرر (1/ 369).
(4)
. الذخيرة (6/ 326).
(5)
. حاشية الدسوقي (4/ 75).
(6)
. عقد الجواهر الثمينة (3/ 967).
قال في المحرر: «ولا يصح الوقف المشروط فيه الخيار، ويتخرج أن يصح ويلغو الشرط»
(1)
.
وقال في الإنصاف: «لو شرط الخيار في الوقف فسد. نص عليه. وهو المذهب. وخرج فساد الشرط وحده من البيع»
(2)
.
° وجه القول بأن الوقف والشرط باطل:
اشتراط الخيار في عقد الوقف ينافي مقتضى العقد، فالأصل في الوقف اللزوم، والخيار يمنعه، فلم يصح كما لو اشترط أن له بيعه متى شاء.
ولأنه إزالة ملك لله تعالى على وجه القربة فلم يصح اشتراط الخيار فيه كالعتق
(3)
.
° وجه القول بأن الوقف والشرط صحيح:
أن الوقف تمليك للمنافع، فجاز شرط الخيار فيه كالإجارة
(4)
.
ولأن الوقف عقد يرد عليه الفسخ إذا قام سببه، فصح شرط الخيار فيه.
وإذا جاز أن يستثني الواقف الغلة لنفسه ما دام حيًا، فكذلك يجوز أن يشترط الخيار لنفسه لتقليب النظر.
° وجه القول بأن الوقف صحيح والشرط باطل:
الشرط الفاسد لا ينبغي أن يفسد الوقف، ولأن الوقف إزالة ملك لا إلى
(1)
. المحرر (1/ 369)، الإنصاف (7/ 25).
(2)
. الإنصاف (7/ 25)، وانظر الفروع (4/ 589).
(3)
. انظر المغني (5/ 353).
(4)
. المرجع السابق.
مالك، فيكون بمنزلة العتق، واشتراط الخيار في العتق باطل، والعتق صحيح، فكذلك الوقف، وقياسًا على اشتراط الخيار في وقف المسجد، فإن الوقف يصح، ويبطل الشرط.
جاء في الفتاوى الهندية: «واتفقوا على أنه لو اتخذ مسجدًا على أنه بالخيار جاز المسجد والشرط باطل»
(1)
.
وأخشى أن تكون حكاية الاتفاق هذه يقصد بها اتفاق أصحاب أبي حنيفة، ولا يقصد بها الاتفاق بين أهل العلم؛ لأني لم أقف على هذا التفريق بين المسجد وغيره في شرط الخيار في كتب المذاهب الأخرى التي رجعت إليها، والله أعلم.
° الراجح:
لا أرى مانعًا من صحة اشتراط الخيار في عقد الوقف، ولا مفسدة شرعية في اشتراطه.
* * *
(1)
. الفتاوى الهندية (2/ 356).