الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرط الرابع
أن يكون الموقوف عليه أهلًا للتملك
[م-1549] يشترط في الواقف أن يكون أهلًا للتمليك أي ممن يصح تبرعه، وهذا مما لا خلاف فيه. وأما الموقوف عليه فيشترط فيه أن يكون أهلًا للتملك، فلا يصح وقف المصحف على كافر؛ لأنه ليس أهلًا لتملك المصحف.
وقد نص أكثر المالكية على أن أهلية التملك في الموقوف عليه قد تكون حقيقة كما في الوقف على الفقراء والمساكين، وقد تكون حكمًا كما في الوقف على مسجد ورباط، وسبيل؛ لأن الوقف على المساجد ونحوها يعتبر وقفًا على عامة المسلمين إلا أنه تعين في نفع خاص لهم.
جاء في الشرح الكبير: «ذكر الثالث: وهو الموقوف عليه بقوله: (على أهل التملك) حقيقة كزيد والفقراء، أو حكمًا كمسجد، ورباط، وسبيل»
(1)
.
وجاء في شرح الخرشي: قوله: «(على أهل للتملك) يشير بهذا إلى أن الموقوف عليه يشترط فيه أن يكون أهلا للتملك حكمًا كالمسجد، أو حسًا كالآدمي، ولذا قال ابن عرفة: المحبس عليه ما جاز صرف منفعة الحبس له أو فيه اهـ. فقوله على أهل للتملك هو الموقوف عليه وهو الموصوف بالتملك، والواقف يتصف بالتمليك
…
وكلام المؤلف يشمل الموجود والمعدوم، كالأعقاب، ويشمل العاقل وغيره، والمسلم والكافر»
(2)
.
(1)
. الشرح الكبير (4/ 77)، وانظر منح الجليل (8/ 113).
(2)
. مواهب الجليل (7/ 80).
وعلق على هذا الحطاب في مواهب الجليل، فقال:«قوله: (على أهل للتملك) هذا الضابط ليس بشامل لخروج نحو المسجد والقنطرة منه، والصواب ما قاله ابن عرفة: المحبس عليه: ما جاز صرف المنفعة له أو فيه»
(1)
.
وأما الحنابلة والشافعية فلهم تفصيل:
إن كان الوقف على معين فيشترط فيه إمكان تمليكه، وإن كان على جهة لم يشترط كما لو وقف على مسجد، ورباط، ونحوهما.
جاء في منهاج الطالبين: «فإن وقف على معين واحد أو جمع اشترط إمكان تمليكه»
(2)
قال في إعانة الطالبين: «خرج به ما إذا وقف على جهة، فيصح الوقف بدون هذا الشرط، أعني إمكان تمليكه»
(3)
.
(4)
.
(1)
. مواهب الجليل (6/ 22).
(2)
. منهاج الطالبين (ص: 80)، وانظر مغني المحتاج (2/ 379)، نهاية المحتاج (5/ 364)، حاشية الجمل (3/ 579)، أسنى المطالب (2/ 459).
(3)
. إعانة الطالبين (3/ 162).
(4)
. أسنى المطالب (2/ 459).
وقوله (موجودًا حال الوقف) هذا فيمن وقف عليه أصالة، أما من دخل تبعًا فيصح الوقف عليه، ولو لم يكن موجودًا حال الوقف.
جاء في البيان للعمراني: «فإن قيل: أليس لو وقف على أولاده وعقبهم .. جاز، وإن كان العقب لم يخلق؟
قلنا: إنما جاز ذلك على سبيل التبع للموقوف عليه الموجود»
(1)
.
وجاء في زاد المستقنع: «ويشترط في غير المسجد ونحوه أن يكون على معين يملك»
(2)
.
ومع اتفاق أكثرهم على هذا الشرط إلا أنهم قد اختلفوا، هل يشترط وجود أهلية التمليك وقت الوقف؟ أو يصح الوقف ولو كانت الأهلية ستوجد، كالوقف أصالة على من سيولد، والوقف على مكان هيئ لبناء مسجد أو مدرسة، والوقف على الجنين، والوقف على الحيوان، والوقف على الذمي، ونحو ذلك من المسائل التي تدخل في أهلية التملك، مما سوف نكشف عنه إن شاء الله تعالى في المباحث التالية، أسأل الله العون والتوفيق.
* * *
(1)
. البيان للعمراني (8/ 64).
(2)
. زاد المسنقع (ص: 141)، حاشية الروض المربع (5/ 541)