الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول الثاني:
ليس للواقف حق العزل مطلقًا، وهذا قول محمد بن الحسن من الحنفية.
جاء في الأشباه والنظائر: «الواقف إذا عزل الناظر؛ فإن شرط له العزل حال الوقف صح اتفاقًا، وإلا لا عند محمد رحمه الله. ويصح عند أبي يوسف رحمه الله.
ومشايخ بلخ اختاروا القول الثاني، والصدر اختار قول محمد رحمه الله، وعلى هذا الاختلاف لو مات الواقف فلا ولاية للناظر لكونه وكيلًا عنه فيملك عزله بلا شرط وتبطل ولايته بموته.
وعند محمد رحمه الله ليس بوكيل، فلا يملك عزله ولا تبطل بموته والخلاف فيما إذا لم يشترط له الولاية في حياته وبعد مماته وأما لو شرط ذلك لم تبطل بموته اتفاقًا، هذا حاصل ما في الخلاصة، والبزازية، والفتوى على قول أبي يوسف رحمه الله
…
»
(1)
.
القول الثالث:
للواقف عزله إن كان قد اشترط النظر لنفسه، ثم أسند النظر إلى غيره، فإن شرط نظره حال الوقف كما لو قال: وقفت أرضي هذه بشرط أن فلانًا ناظرها، فليس له عزله، لأنه لا نظر له بعد شرطه النظر لغيره، فلو مات الناظر أو عزل لم ينصب الواقف بدله، وإنما ذلك للحاكم. وهذا مذهب الشافعية، وقريب منه قول الحنابلة
(2)
.
(1)
. الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص: 164).
(2)
. حاشيتا قليوبي وعميرة (3/ 111)، أسنى المطالب (2/ 472)، نهاية المحتاج (5/ 403)، إعانة الطالبين (3/ 219 - 220)، الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: 277)، الإقناع في فقه الإمام أحمد (3/ 16).
جاء في فتاوى ابن الصلاح: «جعل الواقف النظر فيه إلى رجل عدل أجنبي، ثم أراد الواقف أن يعزل الناظر ويستبدل به غيره، هل له ذلك أم لا؟
أجاب رضي الله عنه له ذلك إن ولاه بعد تمام الوقف حيث يملك تولية غيره لكونه شرط النظر لنفسه عند إنشاء الوقف، أو فيما إذا أطلق وحكمنا بكون النظر للواقف، وأما إذا كان قد شرط النظر للأجنبي المذكور في نفس عقد الوقف، فلا ينعزل بعزله على الرأي الأقوى، وكان كسائر ما يشترط في الوقف فلا يجوز تغييره والله أعلم»
(1)
.
وجاء في أسنى المطالب: «للواقف أن يعزل من ولاه وينصب غيره حيث كان النظر له، كما يعزل الموكل وكيله وينصب غيره
…
لا من شرط نظره، أو تدريسه
…
حال الوقف فليس له عزله، ولو لمصلحة، كما لو وقف على أولاده الفقراء لا يجوز تبديلهم بالأغنياء»
(2)
.
ومذهب الحنابلة قريب من مذهب الشافعية:
فإن الناظر إما أن يكون الواقف وإما أن يكون غيره، وإذا كان غير الواقف إما أن يثبت له النظر أصالة، وإما أن يثبت له النظر بالشرط.
فإن كان الناظر هو الواقف، ثم أسنده لغيره فإنه يملك عزله، واستبداله.
وإن كان الناظر غير الواقف فإن ثبت له النظر أصالة كالحاكم والموقوف عليه المعين إذا لم يعين الواقف ناظرًا فهذا له حق العزل والاستبدال.
وإن ثبت له بالشرط، فإن شرط له النظر حال الوقف لم يملك الواقف عزله
(1)
. فتاوى ابن الصلاح (ص: 1/ 376).
(2)
. أسنى المطالب (2/ 472).
إلا أن يشترطه، وإن لم يشترط له النظر حال الوقف كان للواقف عزله، هذا ملخص مذهب الحنابلة.
(1)
.
جاء في الفروع: «ومن شرط نظره له لم يعزله بلا شرط، وإن شرطه لنفسه، ثم لغيره، أو فوضه إليه، أو أسنده فوجهان»
(2)
.
«أحدهما: له عزله، وهو الصحيح والصواب، قدمه في الرعاية الكبرى، فقال: فإن قال وقفت كذا بشرط أن ينظر فيه زيد، أو على أن ينظر فيه، أو قال عقبه: وجعلته ناظرًا فيه، أو جعل النظر له، صح، ولم يملك عزله، وإن شرطه لنفسه، ثم جعله لزيد فقال: جعلت نظري له أو فوضت إليه ما أملكه من النظر، أو أسندته إليه، فله عزله، ويحتمل عدمه انتهى.
وقال الحارثي: إذا كان الوقف على جهة لا تنحصر، كالفقراء والمساكين، أو على مسجد، أو مدرسة، أو قنطرة، أو رباط ونحو ذلك، فالنظر للحاكم، وجهًا واحدًا.
وللشافعية: وجه أنه للواقف، وبه قال هلال الرأي من الحنفية. قال الحارثي: وهو الأقوى، فعليه له نصب ناظر من جهته، ويكون نائبًا عنه، يملك
(1)
. الإقناع في فقه الإمام أحمد (3/ 16).
(2)
. الفروع (4/ 591).