الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث
في أقسام الصيغة
المبحث الأول
الوقف بالصيغة القولية
[م-1482] ينعقد الوقف بأحد أمرين:
الأول: الوقف بالصيغة الفعلية، كأن يبني مسجدًا، ويترك الناس يصلون فيه.
وقد اختلف الفقهاء في صحة الوقف عن طريق الفعل، وسوف أفرد له مبحثًا خاصًا إن شاء الله تعالى.
الثاني: الوقف بالصيغة القولية، كأن يقول: وقفت أرضي، أو حبست أرضي، أو سبلت أرضي.
ولم يختلف الفقهاء أن الوقف ينعقد بالقول، إلا أن جمهورهم قسموا ألفاظ الوقف إلى قسمين:
صريح: وهو الذي لا يفتقر في دلالته على الوقف إلى شيء آخر.
وكناية: وهو اللفظ الذي يحتمل معنى الوقف ويحتمل غيره، كقول الرجل: تصدقت، وحرمت، وأبدت، ويفتقر إلى نية الوقف لانعقاده وقفًا.
وقسم بعض الفقهاء الصريح إلى قسمين:
صريح بنفسه، وصريح بغيره، كأن يقترن بالكناية لفظ من ألفاظ الصريح، كان يقول: صدقة موقوفة، أو محبسة، أو مسبلة.
أو يقترن بالكناية حكم من أحكام الوقف، كأن يقول: تصدقت بها صدقة لا تباع، ولا توهب، ولا تورث، فإن الكناية تصبح صريحة، فلا تفتقر إلى نية
(1)
.
(2)
.
(3)
.
فقوله: (انصرف إلى الوقف، وانقطع الاحتمال) هذا دليل على أنه ملحق بالصريح، لأن ألفاظ الكناية: هي الألفاظ التي تحتمل الوقف، وتحتمل غيره، وتفتقر في التعيين إلى النية.
وقال ابن تيمية: «لا نسلم أن الكناية تفتقر إلى النية مطلقًا، بل إذا قرن بها لفظ من ألفاظ الصريح أو حكم من أحكام العقد كانت صريحة»
(4)
.
(1)
الشرح الكبير للدردير (4/ 84)، مغني المحتاج (2/ 382)، الكافي في فقه الإمام أحمد (2/ 250).
(2)
الخرشي (7/ 89)، وانظر مواهب الجليل (6/ 28).
(3)
الحاوي الكبير (7/ 518).
(4)
مجموع الفتاوى (32/ 16).
وقال أيضًا: «إذا قرن بالكناية بعض أحكامه صارت كالصريح»
(1)
.
فقول ابن تيمية رحمه الله: لا نسلم أن الكناية تفتقر إلى النية، بل إذا قرن بها لفظ من ألفاظ الصريح كانت صريحة، هذا الكلام آخره يناقض أوله؛ فأول الكلام يقول (لا نسلم أن الكناية تفتقر إلى نية) إذاً الكلام عن الكنايات، وقوله:(كانت صريحة) وإذا كانت صريحة كيف تكون كناية لا تفتقر إلى نية؛ لأن الفرق بين الكناية والصريح، أن الصريح لا يحتمل غير الوقف، والكناية تحتمل الوقف وغيره، ومتى كان اللفظ لا يفتقر إلى نية، ولا يحتمل إلا الوقف لم يكن كناية.
يقول القرافي: «قد يصير الصريح كناية يفتقر إلى نية، وقد يصير الكناية صريحًا مستغنيًا عن النية»
(2)
.
* * *
(1)
الفتاوى الكبرى (5/ 491).
(2)
القرافي (1/ 177).