الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرط الثامن
في اشتراط إخراج الموقوف من يد الواقف
الوقف إسقاط لا يفتقر إلى القبض كالعتق.
[م-1510] هل يشترط إخراج الموقوف من يد الواقف، وحيازة الموقوف عليه للوقف؟ أو يصح الوقف ولو كان الموقوف في يد الواقف؟
اختلف الفقهاء في ذلك، وسبب الخلاف، هل يلحق الوقف بالهبة، والصدقة، فلا يلزم إلا بالقبض؟
أو يلحق الوقف بالإعتاق، فيحصل بمجرد اللفظ، وللعلماء في ذلك قولان:
القول الأول:
لا يتم الوقف حتى يخرجه الواقف من يده، ويحوزه غيره.
اختار هذا القول محمد بن الحسن، وابن أبي ليلى من الحنفية، وبه يفتي مشايخ بخارى،
(1)
،
(1)
يعبر محمد بن الحسن عن القبض بالتسليم، وتسليم كل شيء بما يليق به، ففي المقبرة يحصل بدفن واحد فصاعدًا، وفي المسجد بالإفراز، والصلاة فيه، وفي الخان بنزول واحد من المارة، وفي السقاية بشرب واحد، لكن السقاية التي تحتاج إلى صب الماء فيها، والخان الذي ينزله الحجاج بمكة والغزاة بالثغر لا بد فيهما من التسليم إلى المتولي؛ لأن نزولهم يكون في السنة مرة فيحتاج إلى من يقوم بمصالحه، وإلى من يصب الماء فيها، ولا يعتبر التسليم للمشرف؛ لأنه حافظ لا غير.
وأما إذا اشترط الواقف أن يكون نفسه قيمًا على غير المسجد من الأعيان، كالخان، والسقاية، والمقبرة، ونحوها، فعن محمد بالحسن روايتان:
أحدهما: أن التسليم ليس بشرط، وحكى الزيلعي الإجماع عليه.
وفي رواية أخرى عنه: أنه لا يصح تولية الواقف نفسه. انظر: عمدة القارئ (14/ 49 - 50)، اللباب في شرح الكتاب (3/ 452)، تبيين الحقائق (3/ 326)، حاشية ابن عابدين (4/ 348)، الدر المختار (4/ 348)، البحر الرائق (5/ 212)، شرح مختصر الطحاوي للجصاص (4/ 17).
وهو مذهب المالكية
(1)
، والشافعي في قول، وإحدى الروايتين عن الإمام
(1)
يعبر المالكية عن المسألة باشتراط الحوز، فإذا كان الوقف على كبير، ولم يحزه قبل موت الواقف، أو قبل فلسه، أو قبل مرضه الذي مات فيه، فإن الحبس يبطل.
والحوز المعتبر عندهم: هو حوز المتولي، وإذا حازه المتولي، ثم عاد إلى الواقف قبل عام من تاريخ الوقف، وكان من الأشياء ذوات الغلة، كالدار، والحانوت، والأراضي الزراعية، كان حكمه حكم ما لم يحز، وأما إذا عاد إلى الواقف بعد تمام الحول فلا يبطل الوقف بحال من الأحوال.
ويقسم المالكية الحوز إلى حسي، وحكمي.
فالحيازة الحسية: أن يكون ذلك بقبض الموقوف عليه.
والحيازة الحكمية: أن تكون بتخلية الواقف للموقف عليه، ورفع يده عنه، ومثله أن يقف شخص على ولده الصغير، أو السفيه، فلا يشترط في حوز الوقف الحوز الحسي، بل يكفي فيه الحوز الحكمي، أي من الأب، ومثل الأب الوصي، والمقام من قبل القاضي بشروط ثلاثة:
الأول: أن يشهد الواقف على الحبس.
الثاني: أن يصرف الواقف الغلة كلها، أو جلها في مصارف المحجور عليه، فلو صرفها في مصالح نفسه بطل الوقف.
الثالث: ألا تكون العين الموقوفة مشغولة بسكن الواقف، فإن سكن بعضها دون بعض، فإن سكن أكثرها بطل الوقف، وإن سكن أقلها لم تبطل الحيازة، وإن سكن النصف بطلت الحيازة في النصف، وصحت في النصف الآخر.
انظر الذخيرة (6/ 318)، الشرح الكبير (4/ 81، 82)، حاشية الدسوقي (4/ 82)، الخرشي (7/ 84، 85).