الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعليه الأصحاب؛ لأنه لا يصح بيعه»
(1)
.
ويناقش:
بأن الوقف ليس فيه تملك للرقبة حتى يقال إنه بمعنى البيع، وإنما فيه نقل للمنفعة من الواقف للموقوف عليه، ومنفعة الكلب المعلم مباحة بلا خلاف، ونقلها تبرعًا بلا عوض يشبه الهبة، والعارية، فلا يصح القياس على البيع.
القول الثاني:
يصح وقف المعلم دون غيره، وهو مذهب المالكية، وقول مرجوح في مذهب الشافعية، وقول في مذهب الحنابلة، ورجحه ابن تيمية، على خلاف بينهم في وجه القول بالصحة
(2)
.
فقيل: يصح وقف الكلب المعلم؛ لأنه يصح بيعه، وقد قال الحارثي الحنبلي كما في كتاب الإنصاف: «والصحيح اختصاص النهي عن البيع بما عدا كلب الصيد بدليل رواية حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله عليه السلام عن ثمن الكلب والسنور إلا كلب صيد، والإسناد جيد
(3)
،
قال: فيصح وقف المعلم؛ لأن بيعه
(1)
الإنصاف (7/ 10).
(2)
سبق بحث هذه المسألة في عقد البيع، فأغنى ذلك عن توثيق الأقوال هنا.
(3)
قلت: بل الاستثناء شاذ غير محفوظ، فإن هذا الحديث رواه النسائي (7/ 190) من طريق حجاج بن محمد، عن حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن جابر، أن النبي عليه السلام نهى عن ثمن السنور، والكلب، إلا كلب صيد.
قال النسائي: حديث حجاج، عن حماد بن سلمة ليس هو بصحيح، وقال مرة: هذا منكر.
وأعله ابن رجب في جامع العلوم والحكم برواية حماد، عن أبي الزبير، وسيأتي نقل عبارته بعد قليل إن شاء الله تعالى. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فالحديث أخرجه النسائي (4668) من طريق حجاج بن محمد كما في حديث الباب.
والطحاوي (4/ 58) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين.
والدارقطني (3/ 73) من طريق عبيد الله بن موسى، والهيثم بن جميل، وسويد بن عمرو.
والبيهقي (6/ 6) من طريق عبد الواحد بن غياث، كلهم عن حماد بن سلمة، عن أبي الزبير به.
وتابع الحسن بن أبي جعفر حماد بن سلمة، ولكن الحسن ضعيف، فقد أخرجه أحمد (3/ 317)، وأبو يعلى (1919)، والدارقطني (3/ 73) عن عباد بن العوام، عن الحسن ابن أبي جعفر، عن أبي الزبير.
قال الحافظ في الفتح (2238): «أخرجه النسائي بإسناد رجاله كلهم ثقات، إلا أنه طعن في صحته» .
وقال أحمد: لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم رخصة في كلب الصيد. انظر جامع العلوم والحكم (1/ 417).
وقال ابن رجب: «حماد بن سلمة في رواياته عن أبي الزبير ليس بالقوي، ومن قال: إن هذا الحديث على شرط مسلم كما ظنه طائفة من المتأخرين فقد أخطأ؛ لأن مسلمًا لم يخرج لحماد بن سلمة عن أبي الزبير شيئًا، وقد بين في كتاب التمييز أن رواياته عن كثير من شيوخه أو أكثرهم غير قوية» . جامع العلوم والحكم (1/ 417).
فالحديث شاذ، والله أعلم.
فقد رواه ابن أبي شيبة (4/ 348) رقم 20910 حدثنا وكيع، عن حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن جابر أنه كره ثمن الكلب إلا كلب صيد.
وهذا موقوف صريح على جابر، وليس مرفوعًا.
قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (1/ 417): «ذكر الدارقطني أن الصحيح وقفه على جابر» .
وفي كتاب التحقيق لابن الجوزي (2/ 191): «وأما حديث جابر، فقال الدارقطني في الطريق الأول: رواه سويد بن عمرو، عن حماد بن سلمة موقوفًا على جابر، ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أصح» .
وفي سنن الدارقطني (3/ 73) قال الدارقطني: «لم يذكر حماد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا أصح من الذي قبله .. » . يعني: الذي ذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= هذا من جهة الاختلاف في رفعه ووقفه، وفيه اختلاف آخر في متنه، حيث اختلف الرواة في ذكر الاستثناء.
فقد رواه مسلم (1569) من طريق معقل بن عبيد الله.
ورواه أحمد (3/ 339، 349)، وابن ماجه (2161)، والطحاوي (4/ 52)، من طريق ابن لهيعة، كلاهما عن أبي الزبير، عن جابر، وليس فيه الاستثناء.
كما رواه غير أبي الزبير عن جابر، ولم يرد فيه الاستنثاء، فقد رواه أبو سفيان طلحة بن نافع، واختلف عليه فيه:
فرواه أبو داود (3479)، والترمذي (1279) وابن الجارود في المنتقى (563)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 52)، والطبراني في الأوسط (3201)، والدارقطني في السنن (3/ 72)، والحاكم في المستدرك (2/ 34)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 10)، من طريق الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب والسنور.
ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده (2275) من طريق وكيع، عن الأعمش، قال: قال جابر
…
وذكر الحديث، ثم قال: قال الأعمش: أظن أبا سفيان ذكره.
رواه ابن أبي شيبة (4/ 348) من طريق وكيع، عن الأعمش، عن أبي سفيان طلحة بن نافع، عن جابر، وليس فيه ذكر السنور.
قال ابن عبد البر في التمهيد (8/ 402 - 403): «وروى الأعمش عن أبي سفيان، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب والسنور. وحديث أبي سفيان عن جابر لا يصح؛ لأنها صحيفة، ورواية الأعمش في ذلك عندهم ضعيفة» .
ورواه خير بن نعيم، واختلف عليه فيه:
وأخرجه أحمد (3/ 339) من طريق ابن لهيعة، عن خير بن نعيم، عن عطاء، عن جابر. وفي هذا الإسناد ابن لهيعة، وقد اختلف عليه فيه كما سبق.
وأخرجه الطبراني في الأوسط (1259)، والدارقطني (3/ 72) من طريق وهب الله بن راشد أبي زرعة الحجري، أخبرنا حيوة بن شريح، أخبرنا خير بن نعيم، عن أبي الزبير به، بالنهي عن ثمن السنور، دون ذكر الكلب. وجعل بدلًا من عطاء أبا الزبير كما هو رواية الأكثر. =
جائز»
(1)
.
وقد ناقشنا دليلهم في عقد البيع.
= ووهب الله بن راشد قال فيه أبو حاتم: محله الصدق. الجرح والتعديل (9/ 27).
وقال أحمد بن سعيد بن أبي مريم: أردت أن أكتب عنه، فنهاني عمي أن أكتب عنه. الضعفاء للعقيلي (4/ 323).
ورواه أحمد (3/ 353) من طريق أبي أويس، حدثنا شرحبيل، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن ثمن الكلب، وقال: طعمة جاهلية.
وشرحبيل بن سعد ضعيف، وأبو أويس: قال عنه يحيى بن معين: ضعيف الحديث، كما في رواية محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ورواية عثمان بن سعيد الدارمي، ورواية إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد عنه. تاريخ بغداد (10/ 6).
وقال علي بن المديني: كان عند أصحابنا ضعيفًا. المرجع السابق.
وقال النسائي: ليس بالقوي. المرجع السابق.
وقال أحمد: ليس به بأس، أو قال: ثقة. المرجع السابق.
وقال أبو داود: صالح الحديث. تهذيب التهذيب (5/ 281).
وفي التقريب: صدوق يهم.
ملاحظة: حاول البيهقي أن يلفت الانتباه إلى أن الرواة قد اختلفوا في نسبة النهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قال البيهقي في السنن (6/ 6) بعد ما أخرج الحديث من طريق عبد الواحد بن غياث، عن حماد، عن أبي الزبير، عن جابر بلفظ:(نهي عن ثمن الكلب والسنور إلا كلب صيد) بالبناء للمجهول، قال:«هكذا رواه عبد الواحد، وكذلك رواه سويد بن عمرو، عن حماد .... ثم قال: ولم يذكر حماد النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه عبيد الله بن موسى، عن حماد بالشك في ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيه، ورواه الهيثم بن جميع عن حماد، فقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورواه الحسن بن أبي جعفر، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس بالقوي» .
قلت: ورواية حجاج بن محمد عن حماد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1)
الإنصاف (4/ 280).