الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: (إرفاقًا) قال ابن القيم عن القرض: هو من باب الإرفاق، والتبرع، والصدقة، وإن كان المقرض قد ينتفع أيضا بالقرض، كما في مسألة السفتجة، ولهذا كرهها من كرهها، والصحيح أنها لا تكره؛ لأن المنفعة لا تخص المقرض، بل ينتفعان بها جميعًا»
(1)
.
العلاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاح:
إذا كان الأصل في القرض من حيث اللغة: هو القطع، والمجازاة: فيظهر القطع في المعنى الاصطلاحي عندما يقطع المقرض شيئًا من ماله ليعطيه المقترض.
وتظهر المجازاة في القرض اصطلاحًا، عندما يرد المقترض مثل ما أخذه من المقرض
(2)
.
العلاقة بين الدين والقرض:
الدين له معنيان: عام، وخاص:
فالدين بمعناه العام: قال ابن نجيم في تعريفه: «لزوم حق في الذمة»
(3)
.
وكان هذا التعريف عاماً؛ لأنه يشمل كل ما يشغل ذمة الإنسان، سواء أكان حقاً لله، أم للعبد، ودَيْن الله: حقوقه التي ثبتت في الذمة، ولا مطالب لها من جهة العباد، كالنذور، والكفارات، وصدقة الفطر
…
(4)
(1)
. إعلام الموقعين (1/ 295).
(2)
. انظر النظم المستعذب لابن بطال (1/ 302).
(3)
. فتح الغفار بشرح المنار (3/ 20)، وانظر شرح التلويح على التوضيح (2/ 132 - 133).
(4)
. الموسوعة الكويتية (21/ 142).
وأما تعريف الدين بمعناه الخاص: (أي في الأموال):
فقد عرفه ابن عابدين بقوله: «الدين: ما وجب في الذمة بعقد، أو استهلاك، وما صار في ذمته ديناً باستقراضه»
(1)
.
فجعل الدين ينشأ في ذمة الإنسان بثلاثة أسباب:
الأول: ما وجب في ذمة الإنسان بسبب البيع والشراء، كالمعاوضة عن طريق البيع بالتأجيل، سواء كان التأجيل للمبيع وحده كالسلم، أو كان التأجيل للثمن وحده كبيع التقسيط.
وقولنا: ما وجب في ذمة الإنسان ليخرج المؤجل إذا كان معينًا، فإنه لا يسمى دينًا، كما لو باع دارًا، واشترط سكناها مدة معينة، أو باع حيوانًا واشترط ظهره إلى مكان معين، فإن المبيع هنا مؤجل، ولا يسمى دينًا؛ لأن الحق تعلق بشيء معين، أما دين السلم فهو دين ومؤجل؛ لأن الحق لم يتعلق بشيء معين، وإنما تعلق بشيء موصوف في الذمة، غير معين، وقد بينا ذلك في عقد البيع، وفي عقد السلم.
الثاني: ما ثبت عن طريق الاستهلاك، كالإتلاف الذي يوجب ضمانًا في ذمة المتلف.
السبب الثالث: الدين بسبب القرض.
فالقرض عقد يوجب دينًا في ذمة المقترض، فهو سبب من أسباب الدين، والدين أعم من القرض، فكل قرض دين، وليس العكس.
* * *
(1)
. حاشية ابن عابدين (5/ 157).