الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحنابلة
(1)
.
القول الثاني:
يجوز بيع الدين مطلقاً، وهو رواية عن أحمد، اختارها ابن تيمية
(2)
.
القول الثالث:
يجوز بيع الدين بالعين بشروط، وهو مذهب المالكية
(3)
، والراجح عند
(1)
. الإنصاف (5/ 112)، المحرر (1/ 338)، شرح منتهى الإرادات (2/ 72).
(2)
. المبدع (4/ 199)، مجموع الفتاوى (29/ 506)، الإنصاف (5/ 112)، وقال في الاختيارات (ص:131): «يجوز بيع الدين بالذمة من الغريم وغيره، ولا فرق بين دين السلم وغيره، وهو رواية عن أحمد» .
(3)
. حاشية الدسوقي (3/ 63)، الخرشي (5/ 77 - 78)، الشرح الصغير (3/ 98 - 99).
والشروط التي ذكرها المالكية لصحة هذا البيع، هي:
الأول: أن يكون المدين حاضراً، ويعلم حاله من غنى وفقر.
الثاني: أن يكون الدين مما يجوز بيعه قبل قبضه، فإن كان مما لا يجوز بيعه قبل قبضه كالطعام لم يجز بيعه.
الثالث: أن يكون المدين مقراً بالدين، فلا يكفي ثبوته بالبينة.
الرابع: أن يقبض الثمن؛ لأنه إذا لم يقبض الثمن كان من بيع الدين بالدين. قلت: هذا الشرط لا حاجة لاشتراطه في مسألتنا هذه لأنها مفروضة في بيع الدين بالعين.
الخامس: أن يكون الثمن من غير جنس الدين، أو من جنسه مع التساوي حذراً من الوقوع في الربا.
السادس: أن لا يكون ذهباً بفضة، ولا عكسه؛ لئلا يؤدي إلى صرف مؤخر، لاشتراط تقابض العوضين بالصرف.
هذه مجمل الشروط التي ذكروها، وكان الغرض من هذه القيود إما دفع الغرر، وإما مخافة الوقوع في الربا، أو الوقوع في الضرر.
السابع: أن لا يكون بين المشتري والمدين عداوة؛ لئلا يتسلط عليه لإضراره.
الشافعية
(1)
.
وقد سبق أن بحثت المسألة في عقد البيع في المجلد الثالث، وذكرت أدلة الأقوال في المسألة، وقد تبين لي أن القول بالجواز هو القول الراجح، وإذا كنا منعنا في بيع الدين على من هو عليه ألا يربح فيه؛ لأن الدين ليس من ضمان البائع، فإنه لا مانع في بيع الدين على غير من هو عليه من أن يربح فيه البائع، فيجوز له أن يبيعه بمثل ثمنه أو أقل أو أكثر؛ لأن البائع إذا باع شيئًا موصوفًا في الذمة كانت ذمته مشغولة بالضمان، وإذا كان ضامنًا لم يمنع من الربح فيه، ولا مانع أن يكون المتعهد بالضمان المدين الأول والمدين الثاني.
وكون الشيء مضمونًا على شخص بجهة، ومضمونًا له بجهة أخرى غير ممتنع
(1)
. قال العمراني: في البيان (5/ 71): «وأما الدين في الذمة، فعلى ثلاثة أضرب:
الأول: دين مستقر، لا يخاف انتقاصه
…
فهذا يجوز بيعه ممن عليه، وهل يجوز بيعه من غيره؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز؛ لأنه ربما جحده.
والثاني: يجوز، وهو الأصح، كما يجوز بيعه ممن عليه
…
».
ورجحه الشيرازي في المهذب (1/ 263)، والشروط التي ذكرها الشافعية للجواز:
ـ كون المدين مليئاً.
ـ كونه مقراً بما عليه، أو عليه بينة.
ـ كون الدين مستقراً، أي مأموناً من سقوطه.
ـ يشترط القبض للعوضين في المجلس. انظر حاشية البجيرمي (2/ 274)، المجموع (9/ 332).
نستطيع أن نقول إن ما اشترطه فقهاء الشافعية داخل فيما اشترطه المالكية، وذلك كون المدين غنياً مقراً بما عليه، وكون الدين حالاً، وأما باقي الشروط فلا حاجة للتنصيص عليها، والله اعلم
شرعًا ولا عقلًا، ويكفي في رده أنه لا دليل على امتناعه، فهذا المستأجر يجوز له إجارة ما استأجره، والمنفعة مضمونة له على المؤجر، وهي مضمونة عليه للمستأجر الثاني
(1)
.
(2)
، والله أعلم.
نعم لو قال البائع: أبيع عليك ما في ذمة فلان على أني لا أضمن لك تسلمه لو صح مثل هذا الشرط يصح أن يقال: لا يجوز أن يربح فيه؛ لأنه قد ربح فيما لم يضمن، أما إذا باع موصوفًا في الذمة فهو قد باع غير معين، فلا مانع من الربح فيه.
* * *
(1)
. انظر تهذيب السنن (5/ 136).
(2)
. المدونة (4/ 87).